فريد العليبي لـ”أفريقيا برس”: من مصلحة الرئاسة التونسية الإصغاء إلى النقد

60
فريد العليبي لـ
فريد العليبي لـ"أفريقيا برس" : من مصلحة الرئاسة التونسية الإصغاء إلى النقد

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. اعتبر المحلل السياسي التونسي فريد العليبي في حواره مع” أفريقيا برس” أنه من مصلحة الرئيس قيس سعيد، الإصغاء إلى النقد المحلي و الدولي الناجم عن رفضه للحوار مع المعارضة التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات التشريعية المرتقبة، كما تطاله انتقادات بسبب سياسة التضييق على الحريات، وهو ما ينفيه. وبرأي العليبي فإن التحديات الحقيقية التي تواجه سعيد ليست ضغوط جبهة المعارضة رغم تحركاتها ومحاولاتها المتكررة لحشد الشارع ضده، إنما من داخل جبهة 25 جويلية – تموز نفسها حيث أن توسع الانقسام داخلها يشكل مشكلا حقيقيا أمامه.

هل انحرف الرئيس قيس سعيد عن مسار 25 جويلية بانشغاله بمشروعه السياسي واعتماده نهجا فرديا كما تتهمه المعارضة؟

يعرف رئيس الجمهورية بثباته على المبادئ التي نحتت صورته في أذهان الشعب وهو يطبق ما يقوله قدر مستطاعه، لذلك أعتقد أن الانحراف غريب عنه هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن اتهامه باعتماد نهج فردي لا معنى له فهو اتهام صادر عن خصومه الذين كانوا هم أنفسهم في الحكم واتهموا بما هو أخطر من ذلك حتى أننا عشنا دكتاتورية رئاسة البرلمان ودكتاتورية الحكومات التي أطلقت الرش على المتظاهرين في سليانة واعتقلت مئات الشبان وسحلت أحدهم عاريا في الشوارع وهناك شهداء قدموا دمهم ومن بينهم سياسيين الخ .. كما أن اتهام الرئيس بخدمة مشروع سياسي شخصي لا صدق فيه وإلا لرأيناه يؤسس حزبا أو جماعة، فالأمر يتعلق بصراع سياسي بين قوتين متضادتين وفي ذلك الصراع هناك تهم متبادلة منها وقائع عنيدة ومنها شبهات والأهم من ذلك تحديد أين يقف كل طرف وماذا يمثل سياسيا بالنسبة إلى الشعب والوطن، لقد جاء قيس سعيد من عمق الشعب وانتفاضته التي يعتبرها لا سابق لها ولكن ما ينقصه ليس الديمقراطية وإنما فتح المزيد من الأبواب أمام الانتفاضة وهبة 25 جويلية لتحقق مهامهما المؤجلة خاصة في مجالات إستراتيجية مثل الاقتصاد والإعلام والثقافة .

هل تتوقع أن يراجع الرئيس حساباته ويقبل بالحوار مع الأحزاب والمجتمع المدني لتهدئة غضب الشارع خاصة أن قاعدة المعارضة في ارتفاع؟

الحوار بين الرئيس والأحزاب والمجتمع المدني لم ينقطع ولكن يجب معرفة من هي تلك الأحزاب فمن ألحق منها الضرر بالوطن والشعب لا يرى الرئيس فائدة الآن من الحوار معه، بينما هناك أحزاب أخرى استقبل قياداتها وهو ما يصح أيضا على منظمات المجتمع المدني مثل اتحاد الشغل والأعراف والفلاحين ورابطة حقوق الإنسان وهيئة المحامين الخ .. وهو في حاجة الى تمتين هذا الحوار وتوسيعه أكثر فأكثر وتجسيد ثماره واقعيا.

هل يهدد تعنت الرئيس مستقبله ومشروعه السياسي في تونس، لماذا لا تصغي الرئاسة لمنتقديها؟

من المبالغة القول أن الرئيس متعنت ولا يصغي لمنتقديه يصورة مطلقة ففي أحيان كثيرة غير مواقفه أو عدلها على ضوء الانتقادات مثلما كان عليه الحال بالنسبة الى الدستور فقد اصغى الى النقد الموجه إلى لجنة الصادق بلعيد، وحتى القانون الانتخابي كان مستعدا لتنقيح بعض فصوله، ولكن موانع قانونية حالت دون ذلك على ما يبدو وبالتأكيد فإن من صالحه وصالح تونس اصغاؤه الى النقد الذي تحركه مصلحة الشعب والوطن وتجاوز أي خطأ يقع فيه، فالسياسة مجال اجتهاد وتعديل المواقف محمود عندما يفرض الوضع ذلك.

برأيك هل سيقبل المواطن على الانتخابات التشريعية المرتقبة وسط توسع دعوات المقاطعة وانتقاد المسار السياسي بالبلاد؟

لا يزال الرئيس يتمتع بشعبية كبيرة مثلما تؤكده مؤسسات سبر الآراء رغم التنكيل بالشعب من خلال المضاربة والاحتكار الخ.. وهناك فكرة رائجة على نطاق واسع وهي أن ما يقع هو غالبا من فعل جبهة 25 جويلية، لذلك لم يصغ الشعب الى دعوات التظاهر المتكررة وكان الإقبال على التزكيات كبيرا في الجهات وانخرطت فيه جموع واسعة ومن هنا استنتاج أن الإقبال على الانتخابات سيكون محترما.

هل ستکون هناك مراقبة دولية للانتخابات؟

على الأرجح نعم وقد استقبل رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات وفدا ممثلا للاتحاد الأوربي لهذا الغرض على ما يبدو وسوف تكون هناك مراقبة عربية وأفريقية أيضا الخ …

هل ستقبل الدول الغربية انتخابات رفضت المعارضة المشاركة فيها.؟

الدول الغربية وخاصة تلك المنضوية ضمن الاتحاد الأوربي تريد مصالحها ولا ترغب في أن ترى توترات في تونس فهي إحدى بواباتها الهامة بما سينعكس سلبا على أمنها، لذلك هي لا تهتم بالديمقراطية إلا من هذه الزاوية أما أميركا، فقد سبق وصرحت بعد مغادرتها أفغانستان أنها لم تذهب إلى ذلك البلد دفاعا عن الديمقراطية وإنما دفاعا عن مصالحها وعندما تحققت غادرت هذا من ناحية ومن ناحية ثانية تعرف تلك البلدان أن المعارضة المنتمية إلى جبهة 25جويلية قد ملها الشعب، وهنا تدرك أيضا أن أكبر المنظمات الاجتماعية مثل اتحاد الشغل لا تزال تناصر مسار 25 جويلية وفي وقت ما سئل سفير هولندا السابق عن أكبر حزب في تونس فأجاب أنه اتحاد الشغل .

إلى أين يسير المشهد السياسي في تونس حسب تقديرك نحو انفراجة مع اقتراب الانتخابات أو مزيد من التأزم؟

المعارضة الحالية جربها الشعب طيلة عشرية كاملة وكان الفشل عنوانها الأكبر، ولكنها تحاول الآن الاستقواء بالخارج ضد جبهة 25 جويلية لا الرئيس وحده، وستكون لها بعض التحركات هنا وهناك لخلق أزمة حكم بما يسمح لانقلاب عسكري آو انتفاض شعبي أو الاثنين معا بتغيير الحكم، ولكنها محكومة بالفشل فالشعب غير مستعد لتجريب المجرب الذي فشل. وإذا كان قيس سعيد سيواجه مشكلة حقيقية فلن يكون ذلك على يد تلك المعارضة وإنما جراء انقسام جبهة 25 جويلية نفسها خاصة في علاقة بالملفات الاجتماعية، واليوم هناك محاولات مكثفة لدق إسفين بين قصر قرطاج وساحة محمد على الحامي، ويبدو أن الاتحاد والرئاسة منتبهان الى ذلك وما سيقوى وحدتهما ويقود الى الانفراج هو تذليل المصاعب الاقتصادية والاجتماعية وهذه مهمتهما المشتركة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here