آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. اعتبر الأمين العام لحزب المسار في تونس فوزي الشرفي في حواره مع “أفريقيا برس” أن “الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها أواخر العام الجاري فرصة لتغيير موازين القوى وإصلاح الأوضاع ووضع البلاد على السكة الصحيحة بالرغم أن المناخ السياسي الحالي غير سليم وغير تعددي وفيه تهميش للعمل الحزبي والحريات”، حسب تقديره.
وعلى الرغم مخاوف المعارضة من تنظيم انتخابات صورية لفائدة النظام الحالي، إلا أن” حزب المسار سيسعى لاختيار شخصية توافقية ضمن العائلة الديمقراطية التقدمية لخوض السباق تجنبا لتشتت الأصوات، وستكون هذه الشخصية من خارج الأحزاب وذات خبرة سياسية ولها وعي بمشاكل الشارع وبإدارة الأزمات”، وفق ما ذكره الشرفي.
وفوزي الشرفي هو سياسي تونسي وهو أمين عام حزب المسار الديمقراطي الذي يعد أحد الأحزاب المعارضة لمسار 25 جويلية في تونس.
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، هل ستختارون مرشحا من داخل الحزب أم سيكون مرشح العائلة الديمقراطية موحدا هذه المرة تجنبا لتشتيت الأصوات؟
فيما يخص الانتخابات الرئاسية علينا توضيح عدة مسائل، أولا: من الضروري أن تحدد الهيئة العليا للانتخابات الموعد النهائي للسباق الرئاسي. ثانيا: يجب توضيح مناخ هذا المسار الانتخابي هل سنذهب لانتخابات صورية أم سنقوم بتداول ديمقراطي وسلمي على السلطة في إطار منظم يضمن استمرارية مؤسساتنا مع العلم أن هذا المناخ غير متوفر في الوقت الحالي في ظل التقليص في الحريات وهي حرية التعبير والتحرك والتنقل، كما كان هناك استهدافا واضحا لكل الأجسام الوسيطة بما في ذلك الأحزاب السياسية حيت وقع تهميش العمل الحزبي، وأيضا هناك استهداف لكل صوت مخالف لصوت السلطة التنفيذية وهذا لا ينبئ بمناخ انتخابي سليم وتعددي.
أيضا هناك عدم تقبل للعمل السياسي في ظل وجود سياسيين وحقوقيين في السجون، كما أن الانتخابات يجب أن تبنى على منافسة وتبادل للبرامج في فضاءات حرة، لكن كيف يمكن تحقيق ذلك في ظل هيئة معطلة ومشلولة للإعلام السمعي والبصري وفي ظل غياب قانون ينظم استطلاعات الرأي، لم يقع استكمال كل هذا منذ سنة 2019 حيث وقع تعميق الخلاقات السياسية كما وقع التقليص في كل إمكانيات الرقابة والشفافية لهذه العملية الانتخابية، لذلك قبل الحديث عن المرشح يجب توضيح المناخ الانتخابي، بهذا الواقع لا يمكننا بناء ديمقراطية كباقي الديمقراطيات العريقة الغربية وسائر الديمقراطيات الموجودة في العالم والتي نريد الاقتداء بها، مناخنا الانتخابي غير سليم وستكون الانتخابات بذلك صورية لديها القوة القانونية الشرعية لكن دون أن تكون لها مشروعية بسبب افتقداها لدعم الشارع وعدم انخراطه كليا في هذا المسار الذي اقترحه رئيس الجمهورية.
وفيما يخص تشتيت الأصوات، كنا قد نددنا نحن في حزب المسار بالتشتت الذي وقع في انتخابات 2019، ونعتقد أن المشهد السياسي الذي نعيشه اليوم هو نتيجة لهذا التشتت وتلك الأخطاء، لذلك نندد بتشتت العائلة الديمقراطية الاجتماعية وعلى هذه الأصوات التوحد حول مرشح يحمل مشروعا تقدميا اجتماعيا ويعيد الأمل للتونسيين ويضع البلد على السكة الصحيحة لأننا نعتبر كحزب أنه وقع انحراف كبير للمسار، الانتقال الديمقراطي منذ 25 جويلية 2021، لذلك نريد تجنب تشتت الأصوات رغم أننا نفضل أن يكون المرشح من داخل حزبنا لكننا لم نحسم في ذلك بعد، المهم بالنسبة إلينا هو أن نتوحد كعائلة ديمقراطية تقدمية وأن نتفق على مرشح موحد، الأمر ليس سهلا لكن نسعى إلى ذلك في إطار “المنتدى الديمقراطي الاجتماعي” الذي نعمل عليه مع أحزاب أخرى ومنظمات المجتمع مدني ومع شخصيات وطنية اعتبارية وسنعلن في الأيام القادمة على تكوين ائتلاف الذي سيقدم جملة من المقترحات والحلول للنظام السياسي والقانون والدستور ومجموعة من المقترحات الاجتماعية والاقتصادية لإصلاح الوضع الاقتصادي المتردي في تونس، نحن نعمل على ذلك وسيكون المنتدى منفتحا على كل القوى التي تشاركنا وتوافقنا الرأي والمواقف، يجب الانتباه أننا للأسف نمضي نحو نظام استبدادي وعلينا التصدي لذلك.
هل تمتلك المعارضة التونسية حظوظا قوية في السباق الرئاسي خاصة مع تواجد أبرز مرشحيها في السجون، هل مازال بإمكانها إقناع الشارع برأيك؟
أولا يجب الإشارة أنه لا توجد معارضة واحدة فقط في البلد بل هناك معارضات، ونحن كحزب المسار ننتمي للعائلة الديمقراطية الاجتماعية ولا ننتمي للمعارضة التي تشكلها حركة النهضة وجبهة الخلاص، هناك معارضة أيضا من العائلة الدستورية وزعيمتها تقبع حاليا في السجن قد نختلف معها في الرأي والسياسة لكن ندافع على حقها في التعبير على مواقفها السياسية.
نحن ننتمي إلى العائلة اليسارية التقدمية الاجتماعية وهذه العائلة قامت بأخطاء عديدة في مراحل سابقة ونحن نقر بذلك، وإلى الآن لم نقم بقراءة نقدية كافية، لذلك علينا اختيار مرشح موحد الذي يجب أن يكون حاملا لمشروع وطني يضع من خلاله حدا لما يحدث اليوم والذي لا يراعي مصلحة البلاد، لذلك يجب أن يكون هناك مشروع للحكم يعالج مشاكل البطالة والفقر والاستثمار والركود الذي مازال مستمرا منذ تولي الرئيس قيس سعيد السلطة، مشاكلنا اليوم مالية واقتصادية بامتياز لذلك يجب أن يكون هناك بديل وحلول جديدة وحينية ومستقبلية للخروج من الأزمة وإعادة الثقة في الدولة، لا يوجد اليوم آمان جبائي أو قضائي أو اقتصادي، كما وضعت السلطة التنفيذية يدها على وسائل الإعلام العمومي وعلى الجهاز القضائي والأمني وهذا غير ملائم لحكم ديمقراطي كما كنا نتوقعه سنة 2011.
ماهي مواصفات المرشح الرئاسي الذي سيعمل حزب المسار الديمقراطي على دعمه لخوض السباق الانتخابي؟
بالنسبة لمواصفات مرشح العائلة اليسارية التقدمية الاجتماعية، فيجب أولا أن يكون المرشح أو المرشحة من خارج الأحزاب السياسية، لا نعتقد في الوقت الحالي أنه سيقع الاتفاق على مرشح من داخل الأحزاب السياسية حيث هناك خلافات في هذا الشأن، لذلك نفضل شخصية من خارج الأحزاب لكنها في المقابل قامت بدور سياسي وتعاطت بشكل ايجابي مع كل ما مرت به البلد من أزمات، وقادرة على مخاطبة الشارع ولها وعي بكل مشاكله، وأيضا ليس لها طموح بأن تواصل الحكم على مدى سنوات طويلة ولهذا عليها بالتعهد بالعمل على عهدة انتخابية واحدة وإعادة الأمور إلى نصابها واسترجاع حيثيات الانتقال الديمقراطي والعودة إلى العمل في إطار حزبي وفي إطار المجتمع المدني وفي إطار الروح التشاركية ودولة الحقوق والمؤسسات.
أخيرا، يجب على المرشح أن يكون نظيف اليدين وأن يحظى بالثقة لدى الرأي العام، هذه المواصفات التي نراها في حزب المسار وحين نتوصل إلى هذه الشخصية حينها نستطيع أن ندعمها ومساعدتها على الترشح ومساندتها في إطار برنامج اقتصادي مسبق وإصلاحات سياسية وقانونية ودستورية مسبقة وفي إطار مشروع وطني ونستطيع حينها الاصطفاف ورائه، لكن أن ندعم مرشحا لمجرد كونه مرشحا فهذا غير ممكن، وفي تقديرنا مازالت هناك شخصيات في تونس تتوفر فيها هذه المواصفات وبإمكانها مساعدة البلاد لتجاوز العقبات الصعبة التي تمر بها حتى تعود إلى الاستقرار والازدهار وأن تتمكن خاصة من إعادة الأمل والحلم للشباب التونسي.
هل تعتقد أن السلطات ستستجيب لضغوط المعارضة والحقوقيين لإطلاق سراح الموقوفين السياسيين تجنبا للتشكيك في مصداقية الانتخابات؟
بكل صراحة لا أتوقع ذلك من هذه السلطة، هذه السلطة أثبتت لنا في كل المحطات أنها ليست لها نية للروح التشاركية أو إعادة النظر في مواقفها أو أن يكون لها تقييم نقدي لعملها، السلطة التنفيذية الحالية لديها رؤية وبرنامج تذهب في تنفيذه بقوة من خلال استعمال كل وسائل الدولة والوسائل القانونية وباستعمال الشرعية الهزيلة الموجودة، لذلك لا أتوقع منها أن تستجيب لأي مطلب مخالف لرؤيتها وهو محل قلق حقيقي بالنسبة إلينا.
نحن نتوجس من غياب الروح التشاركية منذ انطلاق مسار 25 جويلية وقد دعونا رئيس الجمهورية إلى حوار تشاركي مع الأجسام الوسيطة ومع كل المنظمات التي أرادت القطع مع منظومة ما قبل 25 جويلية، لكنه لم يتجاوب مع ذلك كما لم يقم بإصلاح الأوضاع وإعادة الأمل للتونسيين، لذلك نجد اليوم كراهية للعمل السياسي وبات الشارع همه الوحيد مشاغله اليومية والاقتصادية ونعتقد أن هناك موجات رجعية لكل الثروات وهو ما يحصل ببلدنا بسبب النظام الشعبوي الموجود، فالشعبوية اليوم تضرب عديدا من دول العالم.
نحن نعتقد أن الانتخابات القادمة فرصة لتغيير موازين القوى والعمل على ما بعد هذه الانتخابات من خلال برنامج تشاركي جدي وواقعي ويبني على روح التشاركية والمواطنة والحقوق الاجتماعية والمدنية لكل التونسيين، نريد أن نشعر أننا مواطنين ولسنا رعايا، وعلى المرشح القادم قبول بهذا البرنامج وهذا المشروع وأن يعمل على تطبيقه وإعادة الثقة في العمل السياسي وهي بالفعل مهمة صعبة.
ما رأيكم في القمة الثلاثية التي عقدت مؤخرا في تونس، هل بالإمكان بناء تكتل مغاربي جديد بدون المغرب وموريتانيا؟
في الواقع الشؤون الخارجية هو مجال مخصص لرئاسة الجمهورية، ونحن في حزب المسار متمسكون بالوحدة المغاربية ويجب أن لا ننسى أن اتحاد المغرب العربي يترأسه تونسي وهو “الطيب البكوش” ومقر الاتحاد الرباط، كما أن الوحدة المغاربية لا يمكن أن تتحقق دون الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا وأيضا دون المغرب، لا يوجد وحدة مغاربية جديدة ثلاثية، وفي تقديرنا انخراط تونس في عمل تفريق وتفكيك الاتحاد المغاربي على أساس خلاف جوهري رئيسي بين الجزائر والمغرب هو أمر خطير للغاية، كما لا يجب أن تكون داعمة لطرف على حساب الطرف الآخر، وعلى تونس أن تحافظ على سياسة التوازن والحياد كما السابق، ولا يجب قطع الوصل أو إقصاء جزء من المغرب العربي، لذلك علينا أن نراعي كل الصعوبات لنحافظ على الوحدة المغاربية، كما يجب أن تلعب تونس دور الوسيط لإعادة قنوات الحوار بين البلدين والقيام بنشاط صلحي وأن تكون صاحبة مبادرة الصلح وإعادة الحوار بين الجزائر والمغرب وتنقية الأجواء بينها.
ما هو تقييمكم للدبلوماسية التونسية في الآونة الأخيرة في تعاطيها مع دول الجوار خاصة؟
بالنسبة لنا كحزب المسار فقد تخلت تونس عن سياسة الحياد في علاقتنا مع دول الجوار، لذلك علينا أن نتحرك بحذر شديد في مثل هذه الملفات لأنه لم يسبق لنا أن انخرطنا في سياسة المحاور، حيث أن دعم طرف على حساب آخر كما ذكرت لكم في السابق هو أمر خطير للغاية، علينا أن نحافظ على توازننا والقيام بدورنا في إعادة لم شمل المغرب العربي الكبير والاتحاد المغاربي بالرغم الصعوبات لأن هذا الفضاء يحتوي على طاقات بشرية كبيرة واقتصادية كبيرة وبإمكانه أن يكون قوة في المستقبل بقدم المساواة مع الاتحاد الأوروبي ومع منظمات دولية أخرى، لذلك لا يجب علينا تفكيك هذا التكتل حيث أن سياسة الانفصال والتفكيك تشكل خطرا حقيقيا على مستقبل شمال أفريقيا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس