فوزي الشرفي لـ”أفريقيا برس”: حزب المسار يسعى لتشكيل جبهة تقدمية مضادة للشعبوية

64
فوزي الشرفي لـ
فوزي الشرفي لـ"أفريقيا برس": حزب المسار يسعى لتشكيل جبهة تقدمية مضادة للشعبوية

أفريقيا برس – تونس. كشف فوزي الشرفي أمين عام حزب المسار في حواره مع” أفريقيا برس” إلى أن حزبه بصدد التشاور مع أحزاب من العائلة التقدمية المدنية لتكوين جبهة سياسية مدنية تقطع مع منظومة الحكم السابقة، كما تكون مضادة للشعبوية والحكم الفردي الذي ينتهجه الرئيس قيس سعيد منذ 25 جويلية، حسب توضيحه.

ولفت الشرفي إلى أن عدم تفاعل حزب المسار ايجابيا مع جبهة الخلاص والانزواء تحت ظلها كجبهة موحدة للمعارضة التونسية، يأتي ضمن موقف حزبه من الإسلام السياسي حيث يرفض حزب المسار كحزب مدني التحالف مع حزب النهضة، وبذلك يصعب الاختلاف في الإيديولوجيات فرص التقاء والتوحد.

حوار آمنة جبران
ذكرت مؤخرا أن البرلمان الجديد مواصلة لسياسة الأمر الواقع، لماذا ترفض المعارضة أن تمنح فرصة لمسار الرئيس؟

نحن نريد أن نمنح فرصة للبلاد قبل كل شيء، مصلحة تونس قبل الأشخاص والمشاريع الفردية والشخصية، وجميع قوى المعارضة ومن أبرزها حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، كانت يديها ممدودة للرئاسة بعد لحظة 25 جويلية، حين رأينا كيف استطاع رئيس الجمهورية القطع مع المنظومة التي وضعت البلاد في طريق الخطأ واعتبرناها خطوة ايجابية، خاصة في ظل الظروف الصعبة آنذاك مع أزمة صحية واقتصادية خانقة، قلنا حينها أن هذه اللحظة هي نقطة فاصلة لإعادة تصحيح المسار التي انحرفت به حركة النهضة وشركائها في الحكم حتى نسترجع الديمقراطية والمصلحة الوطنية، لكن الرئيس قيس سعيد انفرد بالرأي منذ أن سن المرسوم 117 ومنذ ذلك الوقت قررنا الدخول في معارضة لمشروع فردي لا يوجد فيه أي تشاركية على عكس ما كان ينتظره التونسيون.

وقد طلبنا من رئيس الجمهورية أكثر من مرة العودة إلى المنحى التشاركي وفتح حوار مع كل الأجسام الوسيطة من أحزاب سياسية ومن منظمات وطنية ومجتمع مدني وهو الجسم الحي النابض بهذا البلد، لكن الرئيس لم يصغي إلى هذه الرسالة ورفض كل محاولات الحوار وكل فكرة حوار في إطار مسار فردي تسلطي انطلق باستشارة وطنية هزيلة وبكتابة فردية للدستور وهو ما لم يقع في أي بلد، وبمشاركة ضعيفة في الاستفتاء وختاما بانتخابات تشريعية التي انفرد فيه بالنظام الانتخابي كما غير هيئة الانتخابات في إطار مخطط كامل، وكانت بذلك انتخابات على المقاس ليفرز برلمان ليس له أي قيمة لمراقبة العمل الحكومي و لا سن القوانين، حيث سيكون مجرد غرفة تسجيل لقرارات الرئيس تحت نظام رئاسوي سلطوي أكثر منه نظام رئاسي ديمقراطي.

لذلك هو برلمان فرض علينا بسياسة أمر الواقع وبسبب تمشي الرئيس الفردي، ودستوريا فقد أفرغ من صلاحياته ، كل السلط القديمة باتت وظيفية تخضع للسلطة التنفيذية وهو مخالف لمبدأ الفصل بين السلطات والديمقراطية والتعددية، لقد وقع انحراف كبير على المسار الديمقراطي في العشرية الأخيرة لكن الرئيس سعيد قضى مع ما تبقى من بوادر الديمقراطية في البلد بتحكمه في كل أجهزة الدولة.

انطلقتم مؤخرا مع ائتلاف صمود والحزب الاشتراكي في تشكيل بديل جمهوري لإنقاذ البلاد، أين وصلت جهودكم في هذا الصدد؟

بدأنا في هذا التمشي انطلاقا من فشل كل محاولات تجميع القوى السياسية في البلاد عبر تجارب سابقة عديدة وقديمة، حيث سعى حزب المسار منذ سنة2014 لتجميع العائلة التقدمية الاجتماعية الجمهورية وقمنا بكثير من المحاولات في إطار ائتلافات انتخابية، وحظي هذا التمشي بالفشل، لكننا توصلنا إلى أن تونس اليوم في حاجة أمام تشتت الأحزاب وابتعاد المجتمع المدني والكفاءات عن العمل السياسي وعجزها عن إيصال صوتها بشكل ناجع، إلى ضرورة أن نفكر بطريقة أخرى وهي تجميع قوى من أحزاب ومجتمع مدني وشخصيات وطنية ليس في إطار حوار مسبق ومسقط، بل من خلال خلق فضاء تشاركي للحوار ينطلق من ورقة بيضاء لنقترح برنامجا تشاركيا يكون بديل لما قبل 25 جويلية ويكون أيضا مضاد للشعبوية في مرحلة ما بعد 25 جويلية.

هذه الجبهة بصدد التشكل حاليا وهو فضاء للحوار أكثر منه جبهة حتى يتقاسم معنا الجميع الحس المدني والجمهوري ومدنية الدولة والحس الاجتماعي ومناقشة الإمكانيات المشتركة للخروج بحلول مقنعة للشعب التونسي ويكون مشروعا ايجابيا، حيث توصلنا إلى أنه ما بين منظومة الحكم السابقة التي أشرفت عليها النهضة وما بين الشعبوية والتمشي الرجعي الحالي، أنه علينا البحث على بديل وبدأنا العمل من خلال تشكيلنا في جانفي/يناير الماضي، لجنة اقتصادية تقترح حلولا عاجلة للأزمة الاقتصادية ولجنة سياسية قانونية لتقديم حلول للخروج من الأزمة بطريقة سلمية تحترم القوانين وتعيد تونس إلى مسارها الديمقراطي.

يرفض حزب المسار التفاعل مع جبهة الخلاص المعارضة، في حين انقسمت المعارضة في جبهات وبدائل متنوعة، ألا يعكس ذلك ارتباكا وضعفا لا يخلدم صورتها أمام الشارع؟

لماذا نريد حصر المعارضة على لون ومنوال واحد؟ المعارضة هي تمشي لمعارضة السلطة الموجودة، لكن كيفية المعارضة تختلف، هناك معارضة اليوم تدعي أنها ضد قيس سعيد فقط لرغبتها العودة للحكم التي تمثل جبهة الخلاص المبنية خاصة على كيان سياسي لحركة النهضة وائتلاف الكرامة الذين يعدون فاعلين بارزين فيها مدعومين بشخصيات سياسية بارزة، لكن بالنسبة لنا كحزب مسار لدينا مشكل مع الإسلام السياسي ولا نستطيع التفاعل ايجابيا معه لأننا كحزب لطالما دعونا إلى الفصل بين الدين والسياسة والمحافظة على الفكر التقدمي ومدنية الدولة وهو لا يتماشي مع برنامج جبهة الخلاص، ومعارضتنا لقيس سعيد بقدر ماهي معارضة جدية وهامة لكن لا يعني أننا نحمل ذات المشروع مع جبهة الخلاص، نحن مشروعنا تقدمي مدني ولا نرى في جبهة الخلاص هذه المواصفات حتى نتقاسم معها العمل المشترك.

أبديتم تضامنكم مع اتحاد الشغل وأيضا رفضكم للتضييق على ملف الحريات، لماذا لا يتجاوب الرئيس مع الانتقادات التي تطاله بتمشيه نهج انفرادي؟

تضامننا مع اتحاد الشغل منبثق من كون الاتحاد منظمة عريقة بالبلاد وقامت بدور وطني سياسي اجتماعي مهم منذ عقود ونتقاسم معه الحس الاجتماعي والحس التقدمي وهو ركيزة هامة للاستقرار الاجتماعي في بلدنا، خاصة في ظروف العمل السياسي حيث الأحزاب غير قادرة على فرض مواقفها، ومازال عملها هشا من حيث التعبئة الشعبية والإمكانيات المالية والقدرة على التنظم.

ولهذا الاتحاد يعد ركيزة مهمة ونحن نتقاطع معه في التمشي في الدفاع عن الدولة المدنية الاجتماعية وفي هذا الإطار دائما في اتصال معه على أساس أننا نريد أن يعود للمربع الاجتماعي، وفي غياب حكومة قوية ورؤية سياسية واجتماعية واضحة على مدار الحكومات المتعاقبة بعد الثروة، لم يجد الاتحاد شريكا مناسبا لمحاورته لمناقشة المشاكل الاقتصادية، ونعلم أن تراكم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وضعف وهشاشة الأحزاب التونسية سمع لاتحاد الشغل بمساحة أكبر في العمل السياسي، وهو ما وقع سنة 2013 حيث أدار الاتحاد الحوار الوطني أمام إخفاق الأحزاب السياسية. لكن حين تكون منظومة الحكم مستقرة وقوية ولديها المشروعية سيعود الاتحاد لمربعه الاجتماعي بالدفاع عن منظوريه، كما أن الاتحاد قادر على تجميع الأحزاب وتخفيف الضغط في المشهد السياسي.

بالنسبة لعدم تجاوب الرئيس هو سؤال مطالبا بالرد عليه: لماذا لا يتجاوب مع كل مقترحات الحوار والتشاركية، نتذكر كيف قدم الاتحاد مبادرة حوار منذ نوفمبر 2020 ولم يتفاعل معه ثم رفضه وأغلق الباب أمام كل المحاولات مع جميع الأطراف الأخرى، وهذا الموقف من الحوار مندرج ضمن تجسيم مشروع فردي مبني على فرضيات خاطئة لا يحقق مطالب الثورة ولا يحسن من أوضاع التونسيين بينما بلدنا بحاجة إلى مشروع وطني ورجة كبيرة وتشريك للشباب والنساء لأجل بناء مستقبل أفضل.

ماهي مآخذكم على الشركات الأهلية التي اقترحها الرئيس كحل لمشاكل الاقتصاد؟

الشركات الأهلية والصلح الجزائي تأتي في إطار مشروع هلامي لإعادة الثروات للشعب، وهي ليست بدعة لقيس سعيد بل وقع الالتجاء إليها في تجارب سابقة، حيث جرب النظام الاقتصادي لهذه الشركات في بعض الأماكن وتاريخيا في أوائل القرن الفائت إثر الثورة اللينينية وقد أخفق، ولا تستطيع أن تكون حلا لمشاكلنا، بوسع الحلول أن تكون موجودة ليس بالضرورة في الشركات الأهلية بل في تشريك الشباب في الأراضي الفلاحية والانفتاح وتشجيع المبادرة الفردية للتحفيز على الاستثمار ضمن منوال تنموي ناجع.

كما يجب الإشارة إلى أن الشركات الأهلية مشكوك فيها للتفويت في الأراضي الفلاحية لقوى خارجية للاستثمار في الأراضي التونسية وهذا ما نراه غير مقبول.

إلى أين سيتجه المشهد السياسي التونسي وهل بالإمكان تحقيق تهدئة بين الرئاسة والمعارضة؟

أعتقد أن تونس في مفترق طرقات خطير لأنه يوجد انزلاق سياسي لحكم فردي تسلطي شعبوي، والشعبوية عادة تنزلق لأنظمة فاشية ويخبرنا التاريخ كيف كان مصير مثل هذه الأنظمة.كما تسير البلد نحو تأزم اقتصادي ومالي وقد يؤدي ذلك إلى انفجار اجتماعي لا يحمد عقباه، وعلينا تجنب كل هذه الانزلاقات خاصة في ظل الصعوبة في الحصول على قرض من الصندوق النقد الدولي والتعهد بشروطه وصعوبة إعادة آليات الإنتاج وهي من مسؤوليات الرئاسة بالأساس، فجميع المفاتيح بيده.

ويعد غياب الحوار وتشاركية وإصرار الرئيس على خطاب متشنج وخطاب تقسيمي وليس توحيدي مؤشرا غير ايجابي للعيش المشترك ويمس قدرتنا على التعايش. في الحقيقة هناك عديد التساؤلات بشأن مستقبل المشهد التونسي في ظل التأزم السياسي وضبابية الوضع الاقتصادي.

لكن لا يوجد حلا غير انفتاح رئيس الجمهورية الذي لديه الشرعية الانتخابية لحدود 2024 على الجميع وأن يكف عن خطاب التخوين لإعادة الإنتاج بالبلد وإعادة الأمل للشباب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here