في الذكرى الـ70 لاغتيال فرحات حشّاد؛ دعوات لمحاسبة فرنسا على “جرائمها” في تونس

54
في الذكرى الـ70 لاغتيال فرحات حشّاد؛ دعوات لمحاسبة فرنسا على “جرائمها” في تونس
في الذكرى الـ70 لاغتيال فرحات حشّاد؛ دعوات لمحاسبة فرنسا على “جرائمها” في تونس

حسن سلمان

أفريقيا برس – تونس. شكلت الذكرى السبعين لاغتيال فرحات حشّاد مؤسس اتحاد الشغل مناسبة لدى القوى السياسية والنقابية لمطالبة فرنسا بالاعتذار عن “جرائمها” في تونس خلال فترة الاستعمار.

وخلال إشرافه، الإثنين، على موكب إحياء ذكرى اغتيال حشاد، قال الرئيس قيس سعيد “تونس ستبقى عظيمة وستبقى للأجيال القادمة أقوى، لأننا ثابتون على نفس المبادئ التي انطلق منها الوطنيون الصادقون الأحرار الذين أرادوا أن تبقى تونس لكل التونسيين، ولن نتنازل على سيادتها أبدا، وسنعمل إلى آخر رمق حتى تكون تونس في مستوى الأحلام وحتى تكون كما حلم بها هؤلاء الذين فدوا بلادهم بدمائهم الطاهرة”.

وكتب عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد “أحبّك يا شعب (عبارة حشاد المشهورة). رحم الله الزعيم الشهيد الخالد فرحات حشاد. سيبقى 5 ديسمبر (كانون الأول) 1952 يوما شاهدا إلى الأبد على بشاعة جرائم الاستعمار الفرنسي الغاشم وعلى بسالة المقاومة وأصالة الكفاح التحريري من أجل الحرية والاستقلال والكرامة. المجد والخلود للشهداء والتقدير للزعماء والمناضلين القادة العظماء، والعزة للوطن”.

وتحت عنوان “رسالة إلى البرزخ”، كتب الباحث والنقابي السابق منصف السلايمي “الأخ الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، الزعيم النقابي فرحات حشّاد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأرجو من الله العليّ القدير أن تكون في روضة الشهداء وأنا أكتب في ذكراك. منذ 70 سنة بالتمام، وفي مثل هذا اليوم 5 ديسمبر من سنة 1952 كنتَ في سيّارتك الصغيرة من نوع سيمكا حين جاوزتك سيّارة أمريكيّة كبيرة فيها أربعة مجرمين وأطلقوا عليك النار من مسدّس رشّاش”.

وأضاف “الإرهابيون الأربعة هم جان لوسياني، وروفينياك، ورويزي، وأوزيرات. من منتدبي قدماء الجيش الفرنسي في عصابة إرهابيّة اسمها (اليد الحمراء)، يقودها كلّ من النقيب فيّات والعقيد مرسيي. وتتمتّع بصلاحيات كبيرة في اختيار ضحاياها وجمع المعلومات عنهم واغتيالهم من خلال أذرعها الثلاث: مصلحة الدراسات والبحوث المكلفة بجمع المعلومات وتحديد الأهداف العامّة، ومصلحة التغطية على الجرائم، ومصلحة تنفيذ العمليات الإرهابيّة. ولكنّ هذه المنظمة مع استقلالها النسبي كانت تحت إمرة رئيس مجلس الوزراء الفرنسي وقتها أنطوان بيناي”.

وتابع السلامي، مخاطبا “روح” حشاد “أراك نزلت من السيّارة مثخنا بالجراح النازفة، تبحث عمّن يسعفك وينقلك إلى المستشفى، فقد كنت عاجزا عن السياقة بسبب رصاصة اخترقت ذراعك، فضلا عن تحوّل سيّارتك لغربال تحت وابل الطلقات. لم يكن بإمكانك أن تعرف أن السيارة الحمراء القادمة في تلك اللّحظة ليست سوى بقيّة العصابة. وحدة التغطية والتأكّد من نجاح العمليّة. وعوضا عن المستشفى، وجدت نفسك برصاصة في الرأس، ملقى في خندق على قارعة الطريق في ضاحية بن عروس”.

وأشار إلى أن الأمن التونسي أوقف القتلة، ولكن “العصابة كانت أكبر مما تتصوّر. فقد تدخّل كلّ من سفير فرنسا وقتها روجي سايدو ووزيرها للعدل فرانسوا متران لترحيلهم إلى فرنسا والإفلات من العقاب. لقد باعك الرفاق، بورقيبة ومن معه، ورفاق الرفاق، اليساري فرنسوا متران. هذه معلومات الأخ الأمين العام من أرشيفهم، وقد ترجمها عن أصلها أستاذ تونسي يدعى حمّادي الساحلي. ونشرها في مجلّة الصادقية العدد 28 أكتوبر 2002. لكنّ العدالة والقانون العالميّين لا يحكمان العصابة ودولتهم. لم ينل جزاءه منهم غير جان لوسياني الذي أردته رصاصة قنّاص تونسي حين كان يستعدّ لإطلاق رصاصته الثانية على تونسيين”.

وأضاف السلامي “لم يتغيّر شيء بعد 70 سنة، غير أنهم دمّروا تعليمنا وفلاحتنا ورجالنا ونساءنا وأخلاقنا. حقّقوا برفاق جهادك ما لم يحقّقوه بجيوشهم طيلة الاستعمار المباشر. اليد الحمراء لا زالت ترتع وتغتال، وقد أكون أنا الضحيّة القادمة، لا لأني زعيم مثلك ولكن لأنهم لا يسمحون بنبش ماضيهم الإرهابي وحاضرهم الذي لا يختلف”.

ونشرت صفحات اجتماعية مقطعا من كتاب “وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في فرنسا” للصحافي الاستقصائي الفرنسي فريديريك شاربيي، يقول فيه “في سنة 1956، كان في سجن في مدينة تونس قبيل الاستقلال ثلاثة أشخاص (بعد أن مات رابعهم المسمى لوسياني) هم روفينياك والرويسي وعويزرات، وقد أشرف وزير العدل الفرنسي حينها، فرنسوا ميتران (والذي أصبح رئيسا لاحقا)، بنفسه على عملية تهريبهم عبر طائرة عسكرية أقلعت من قاعدة سيدي أحمد في بنزرت لتحط بعد ثلاث ساعات في مطار مارينيان الفرنسي”.

ويضيف “لوسياني وروفينياك والرويسي وعويزرات هم المجموعة الإرهابية التي اغتالت الشهيد فرحات حشاد بـ108 رصاصات. أما التهمة التي كان يوجهها فرانسوا ميتران وأجهزة المخابرات الفرنسية ضد الشهيد فرحات حشاد وقتها، فكانت: تحريض حشاد على الثورة ضد فرنسا وعلاقته بالجاسوس الأمريكي إرفن براون المنتحل صفة المسؤول النقابي الأمريكي”.

من هي عصابة “اليد الحمراء”؟

و”اليد الحمراء” هي عصابة إرهابية شكلتها أجهزة الاستخبارات الفرنسية لتصفية رموز الحركات الوطنية في بلدان المغرب العربي خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

وجاء تأسيسها بعد فشل المساعي الدبلوماسية السلمية بين عامي 1949 و1952 في التوصل إلى تسوية بين قيادة الحركة الوطنية التونسية والحكومة الفرنسية، وإعلان الحركة الوطنية سقوط نظام الحماية واعتبار المستعمرين الفرنسيين جالية أجنبية.

وبدأت المخابرات الفرنسية حينها بتكوين عصابة إجرامية من المستعمرين الفرنسيين باسم اليد الحمراء، لملاحقة الوطنيين واغتيال قياداتهم تحت حماية الشرطة والجيش الفرنسيين، حيث قامت العصابة باغتيال عدد من الوطنيين التونسيين على غرار الزعيم النقابي فرحات حشاد والقيادي الدستوري الهادي شاكر والطبيب البارز عبد الرحمن مامي.

وفي عام 1957 تولى الجنرال بول غروسن قيادة الاستخبارات وقام بإعادة تفعيل عمل عصابة اليد الحمراء، وجعل أهدافها اغتيال رموز ومؤيدي جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وخاصة المثقفين الجزائريين في أوروبا.

وقامت هذه العصابة باغتيال أكثر من 200 شخص منهم 135 في سنة 1960، وشملت أنشطة الوحدة أكثر من خمس دول أوروبية، بالإضافة لدول المغرب العربي، وتنوعت عملياتها بين التسميم، والرمي بالرصاص، والسيارات المفخخة، والقنابل الموقوتة، والرمي بالسهام.

كما قامت بتنفيذ عمليات داخل الأراضي الفرنسية، تنوعت بين الاغتيال بالرصاص، والطرود المفخخة، كما قامت بإرسال رسائل تهديد للعديد من الشخصيات الفرنسية ومن ضمنهم المحامي الفرنسي/ الجزائري، جاك فرجاس، بسبب تعاطفه مع حركة التحرير الجزائرية بحسب ويكيبيديا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here