كمال فراح لـ”أفريقيا برس”: الدبلوماسية الاقتصادية أفضل الحلول لأزمات تونس

46
كمال فراح لـ
كمال فراح لـ"أفريقيا برس": الدبلوماسية الاقتصادية أفضل الحلول لأزمات تونس

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. اعتبر النائب التونسي كمال فراح في حواره مع “أفريقيا برس” أن “الدبلوماسية الاقتصادية أفضل الحلول لأزمات البلاد حيث يستوجب على الحكومة الابتعاد عن الدبلوماسية الكلاسيكية، والتوجه نحو محركات الاقتصاد لخلق الثروة مثل زيادة معدل الاستهلاك والتصدير والنهوض بقطاع السياحة على خطى الاقتصادات الصاعدة بالعالم”، وفق تقديره.

ورأى أن “قانون الموازنة الجديد ذو بعد إنساني لتركيزه على دعم الطبقات الهشة غير أن اعتماد موارده على الضرائب قد يعيق مؤشر النمو وجهود التنمية”، لافتا إلى أن “جهود الرئاسة في معركتها ضد الفساد ستأتي أكلها وثمارها على صعيد اقتصادي واجتماعي وستساهم في تخفيض من حجم هذه الظاهرة التي تغلغلت في البلد في العشرية الأخيرة”.

وكمال فراح نائب بالبرلمان التونسي عن دائرة “بومهل البساتين”، وينتمي إلى كتلة الأمانة والعمل.

مع افتتاح مجلس الأقاليم والجهات مؤخرا، أي إضافة سيقدمها هذا المجلس لتونس حسب تقديركم، وهل هناك تداخل بين دوره ودور البرلمان؟

في الواقع المجلس الوطني للأقاليم والجهات وهو الغرفة الثانية بالبرلمان، ليس بدعة في تونس إنما نجد في عديد الدول ثنائية المجالس النيابية مثل الولايات المتحدة، وحتى تونس كان لديها في السابق مجلسا للمستشارين، وقد نظم الدستور العلاقة والمهام الموكلة للمجلسين وفق الفصل 84 و85 و86، ونفس الشيء من خلال المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس النواب ومجلس الأقاليم والجهات.

وفي تقديري هي تجربة جديدة ولا يوجد تداخلا في مهامها، لكن شيئا فشيئا سنفهم أدوار كل منهما، حاليا لا توجد أي إشكالية بين المجلسين ونحن نعمل معا ونتشاور ونسأل الوزراء في الجلسات المشتركة، لذلك لا يوجد أي تداخل بل على العكس هناك تكاملا في الأداء بين المجلسين.

ما هو تقييمكم لقانون الميزانية للعام الجديد وأنتم بصدد مناقشته حاليا بالبرلمان، هل تعتقد أنه قادر على تحسين الوضع المالي للبلاد، وهل تؤيد الإبقاء على استقلالية البنك المركزي أم لا؟

نحن نأمل أن يحسن قانون المالية الجديد الأوضاع الاقتصادية، وقد ناقشنا القانون مع رئيس الحكومة وشخصيا كانت لدي ملاحظات كنت قد طرحتها عليه حيث أن القانون الجديد ذو بعد إنساني ويحتوي على كثير من الإجراءات التي تخص الطبقة الكادحة خاصة العمال في القطاع الفلاحي إذ يمتعهم بتغطية اجتماعية، كذلك تم منح بقية الطبقات الهشة والمتوسطة العديد من الامتيازات في إطار دعم برامج التمكين الاقتصادي من خلال خطوط التمويل.

كما لاحظنا أن موارد الميزانية التي تقدر في حدود 78 مليار قائمة على الضرائب وهو ما سيعيق عملية التنمية والنمو، ومع ذلك أعتقد أنه بالإمكان خلق ثروة من خلال ما يسمى بالمحركات الاقتصادية والتي تتمثل في دفع الاستثمار، ثم التشجيع على الاستهلاك من خلال منح شرائح المجتمع تخفيضات جبائية وبالتالي زيادة معدل الاستهلاك، ثم التشجيع على التصدير وغزو الأسواق الخارجية من خلال الترويج للمنتوج المحلي، وقد تحدث مع رئيس الحكومة عما يسمى بـ “الدبلوماسية الاقتصادية” انطلاقا من نموذج اندونيسيا التي حققت نجاحا اقتصاديا من خلال زيادة مؤشر التصدير والسياحة لديها، وعلينا أن نخطو على خطاها بانتهاج هذه الدبلوماسية والابتعاد عن الدبلوماسية الكلاسيكية، وهي في تقديري من بين الحلول لمعالجة أزمات البلاد.

وفيما يخص البنك المركزي، فأنني أؤيد استقلاليته لكن في المقابل لا يجب عليه التخلي عن دوره الاقتصادي، وعليه المساهمة في تقديم قروض للميزانية، هو عادة يضخ الأموال للبنوك التجارية وهي من تقرض الدولة لتمويل الميزانية بفوائد مرتفعة لكن الاقتراض يجب أن يرتبط بمبلغ محدد وبنسبة فائدة وآجال محددة حتى لا يكون اقتراضا سلبيا قد يؤدي إلى الزيادة في نسبة التضخم، وفي اعتقادي يجب أن يحافظ البنك المركزي على استقلاليته لكن ضمن منظومة الدولة.

هناك حديث عن ضرورة القيام بثورة تشريعية في تونس، هل تمهد هذه الثورة إلى تعديلات دستورية تخص فترات ولايات الرئيس أم تعني الجانب الاقتصادي والاجتماعي بالأساس؟

الثورة التشريعية التي نعنيها ليست سياسية وقد باشر فيها البرلمان منذ العام الماضي، وهي تخص المجال الاقتصادي بهدف خلق الثروة وتوزيعها بشكل عادل بين سائر المجتمع باعتبار أنه مازلنا نتبع نصوصا تشريعية قديمة جدا وقد تجاوزها الزمن ولم تعد تتلائم والتطورات المتلاحقة في العالم.

وفي هذا الصدد علينا مراجعة مجلة الاستثمار حيث لا يمكننا المواصلة في اعتماد مجلة قديمة، نفس الشيء بالنسبة لمجلة الصرف، كذلك نحن مطالبون بمراجعة مجلة المياه والمناجم والغابات بهدف تسريع الإجراءات وتسهيلها أمام المستثمرين، كما نطالب بضرورة اعتماد الرقمنة في المعاملات الاقتصادية لتشجيع المستثمرين وهي في تقديرنا عنصرا أساسيا لتطوير الاقتصاد الوطني.

نلاحظ تواصل زيارات الرئيس قيس سعيد إلى المدن الداخلية التونسية، هل بوسع المسؤولين الجهويين التقاط الرسالة والقيام بأدوارهم كما يحب؟

أعتقد أن المسؤولين الجهويين لديهم من الذكاء الكافي لالتقاط مثل هذه الرسالة ومراقبة مناطق الإنتاج حيث لا يخفى على أحد أن الفساد بضاعة إنسانية وهو موجود منذ زمن طويل، لكننا لاحظنا كيف استشرى في السنوات الأخيرة بشكل واسع جدا وهذا ما خلق فوارق كبيرة بين الطبقات الاجتماعية، وقد مست زيارات الرئيس إلى المدن الداخلية ملفات كبيرة جدا خاصة ملفات الأراضي الفلاحية، ونأمل من الولاة على مستوى جهاتهم أن يسيروا على نفس خطى رئيس الدولة في هذا المجال، ومع ذلك نرى أن مجهود الرئيس غير كاف في مواجهة هذه المعضلة، ومن جهتنا ندعمه من خلال تشريعاتنا حتى نكتسب نوعا من التكامل بين الوظيفة التشريعية والتنفيذية وهو ما يصب صالح بلادنا.

ما تقييمكم لجهود الرئاسة في المعركة ضد الفساد خاصة مع إثارة ملفات فساد في القطاع الفلاحي مؤخرا، هل يمكن لهذه المعركة أن تكون لها نتائج على الواقع الاقتصادي التونسي ويكون لها أثرا ملموسا؟

بطبيعة الحال يجب أن نخوض هذه المعركة بلا هوادة خاصة أنها على حساب مقدرات الشعب التونسي، وذلك من خلال المحاسبة وتتبع الملفات خاصة أن الفساد قد استشرى عبر شبكات في البلد، وسيكون لهذه المعركة التي يشنها الرئيس أكلها في القريب العاجل على مستوى الاقتصادي وستنعكس إيجابا على الناحية الاجتماعية، صحيح أننا لن نقضي على الفساد بصورة نهائية لكننا على الأقل سنخفض قدر الإمكان من حجمه بعد أن تغلغل في البلاد التونسية في العشرية الأخيرة.

هل تعتقد أن الحكومة الحالية قادرة على معالجة ملف التشغيل والبطالة، هل بوسعها فتح طرق عمل جديدة أمام المعطلين عن العمل؟

نحن نتوسم كل الخير في رئيس الحكومة كمال المدوري من خلال جهوده لمعالجة أزمات البلاد وخاصة معضلة البطالة وهي ظاهرة تمس كل دول العالم،وتقدر نسبة البطالة في بلدنا بـ16 بالمئة وترتفع في الجهات الداخلية، وفي تقديري على الحكومة مساعدتنا كنواب لأجل تسريع وتيرة اقتراح مشاريع القوانين للمساهمة في حلول لهذه المشكلة، فالدولة لا تلعب دور مشغل فقط، ليست الراعية بالمفهوم القديم، لكن في المقابل عليها المساهمة وتسهيل الحلول مثل العمل على فتح الباب للمستثمرين سواء من داخل تونس أو خارجها وهم من بوسعهم التخفيض من نسبة البطالة من خلال القيام بالمشاريع الخاصة واستقطاب اليد العاملة، فدول العالم تتسابق اليوم لأجل جلب المستثمرين إليها.

هل تعتقد أن الحكومة تدعم البرلمان في مهمته التشريعية أم لا؟

في الواقع نسق إرسال مشاريع القوانين إلى البرلمان بطيء، وقد تحدثنا مع الحكومة وأشرنا إلى أن أوضاع البلد لا تحتمل الانتظار أكثر، خاصة أن هناك مشاريع يجب أن تسن وأخرى يجب أن تعدل، لكن الحكومة تختار أن تتريث وتدرس مشاريع القوانين بشكل أعمق وهو ما قد لا يصب في صالح أوضاعنا الاقتصادية ولا يشجع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في بلدنا، وحاليا نحن نتحاور مع الحكومة ونلمس استعدادها لدعمنا ومد يد المساعدة، وفي النهاية غايتنا خلق علاقة تكامل بين السلطة التنفيذية والوظيفة التشريعية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here