لماذا غابت تونس عن جلسة الاعتراف الأممي بدولة فلسطين

5
لماذا غابت تونس عن جلسة الاعتراف الأممي بدولة فلسطين
لماذا غابت تونس عن جلسة الاعتراف الأممي بدولة فلسطين

أفريقيا برس – تونس. أثار غياب تونس عن الجلسة الأممية الخاصة بتسوية القضية الفلسطينية جدلا سياسيا ودبلوماسيا في البلاد.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت، الجمعة، مشروع قرار يؤيد “إعلان نيويورك” بشأن تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وأيد القرار 142 دولة، فيما عارضته 10 دول، وامتنعت 12 دولة عن التصويت، وتغيبت عن الجلسة 29 دولة، بينها تونس.

وتغيبت دول عربية وإسلامية، مثل العراق وتونس وإيران، والكاميرون وألبانيا عن التصويت.

وأثار موقف تونس جدلا واسعا في البلاد، وخاصة أن البعض اعتبر أنه يتعارض مع الموقف الرسمي الداعم لفلسطين.

وكتب عبد الوهاب الهاني الخبير الأممي السابق ورئيس حزب المجد تحت عنوان “دبلوماسية الغياب والفرار والانسحاب والتولي يوم الزحف”: “هذا الغياب في تصويت مصيري في الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة ذات السيادة ضمن حل الدولتين، سيبقى وصمة في في جبين الدبلوماسية التونسية”.

وأضاف: “تونس التي احتضنت الثورة الفلسطينية، وكانت منطلق العودة لأرض التكوين الأول لبناء الدولة الفلسطينية على كل شبر يسترد أو يحرر من أرض فلسطين، تونس لا يمكن أن تغيب ولا أن تتوارى ولا أن تنسحب من ساحة الوغى الدبلوماسية”.

وكتب الدبلوماسي السابق إلياس القصري “الحمد لله على التقاعد من الوظيفة العموميًة والدبلوماسية كي لا أُجابه الامتحان العسير بتفسير الموقف الرسمي التونسي تجاه القضيًة الفلسطينيًة في المنتظم الدولي”.

وأضاف: “أربعون سنة خدمة في الدبلوماسية وفي مناصب عليا تجعلني أتساءل عن مآل الضوابط التاريخيًة للدبلوماسيًة التونسيًة التي جعلت غولدا مائير تضع الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في صدارة أعداء إسرائيل بتعلًقه بالشرعيًة الدوليًة ومنهجيًة التفاوض ومرحليًة المكاسب”.

ودونت البرلمانية سيربن مرابط: “تونس تكتب التاريخ كالعادة في موقفها من القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني”.

وأوضحت بالقول: “تونس تتمسّك بموقف شعبها من حقّ الشّعب الفلسطيني في استرجاع فلسطين كلّ فلسطين وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشّريف، وتمتنع عن التّصويت عن مشروع ما يسمّى بـ”حل الدولتين” في الجمعيّة العامة للأمم المتّحدة”.

وختمت بالقول: “تونس لا تعترف بالكيان الصهيوني كدولة وتقولها اليوم أمام العالم. لنا شرف المواقف سياسيا ودبلوماسيا”.

يذكر أن تونس أعلنت تحفظها على بعض النقاط الواردة في بيان القمة العربية في المنامة العام الماضي والتي تتعلق أساساً بـ”حل الدولتين” وحدود 1967، على اعتبار أنه يتعارض مع موقف تونس الداعم لقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس على كامل الأراضي المحتلة.

ويرى مراقبون أن غياب تونس عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، انطلاقًا من موقف مبدئي يعكس رفضها للمساواة بين المعتدي والمعتدى عليه. وفقًا لتصريحات المندوب التونسي طارق الأدب، فإن مشروع القرار أغفل الإدانة الصريحة لجرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، ولم يتضمن المطالبة بمحاسبة المحتل أو الدعوة الواضحة لوقف العدوان.

كما اعتبرت تونس أن القرار يفتقر إلى سقف سياسي وأخلاقي كافٍ يتناسب مع حجم المأساة الإنسانية في غزة، خاصة في ظل استهداف المستشفيات ودور العبادة وقتل المدنيين، وهي جرائم لا يمكن تبريرها تحت ذريعة الدفاع عن النفس. الموقف التونسي يعكس تمسكًا بثوابت وطنية وقومية، حيث شدد المندوب على أن مقاومة الاحتلال ورفض سياسات التمييز العنصري ليست إرهابًا، بل حق مشروع. تونس، رغم امتناعها عن التصويت، أكدت دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتقادم، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة. هذا الامتناع لا يعني حيادًا، بل هو تعبير عن رفض أنصاف الحلول والمواقف الرمادية التي تشرعن العدوان وتغيب العدالة الدولية.

وأكدت تونس في عدة مناسبات أن موقفها من القضية الفلسطينية لا يقوم على حل الدولتين التقليدي، بل على رؤية تعتبر أن فلسطين هي الأرض التاريخية التي يجب أن تكون دولة واحدة تشمل جميع سكانها الأصليين من المسلمين والمسيحيين واليهود، دون الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني الذي تعتبره كيان احتلال.

في بيان رسمي لوزارة الخارجية التونسية، ورد أن تونس “لن تنضمّ لأي دعوى تقدم ضد الكيان المحتل أمام محكمة العدل الدولية، لما في ذلك من اعتراف ضمني بهذا الكيان”. كما تحفظت تونس على صياغات في بيانات القمم العربية والدولية تشير إلى “حل الدولتين” أو “حدود 1967″، معتبرة أن هذه الصياغات لا تعبّر عن موقفها الثابت الذي يدعو إلى تحرير كامل الأرض الفلسطينية من البحر إلى النهر.

الرئيس التونسي قيس سعيّد عبّر مرارًا عن رفضه لأي شكل من أشكال التطبيع، وأكد أن فلسطين “ليست قضية حدود، بل قضية وجود”، في إشارة إلى رفضه الاعتراف بإسرائيل ككيان شرعي. هذا الموقف يعكس رؤية سياسية تعتبر أن الحل العادل لا يكون بتقسيم الأرض، بل بإزالة الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية واحدة على كامل التراب الوطني، تضمن الحقوق لجميع سكانها الأصليين دون تمييز ديني أو عرقي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here