أفريقيا برس – تونس. حمل النائب التونسي محمد علي فنيرة في حواره مع “أفريقيا برس” مسؤولية ضعف المشاركة الشعبية في الانتخابات المحلية الأخيرة إلى” البرلمانات السابقة التي أدارت الحكم طيلة العشرية الأخيرة والتي قادت سياستها الفاشلة وما حققته من نتائج كارثية إلى نفور الشارع من السياسة والشأن العام”، حسب وصفه.
وبين فنيرة أن “المجالس المحلية المنتخبة ستعمل على تحقيق تنمية عادلة بين الجهات، كما ستعمل الدولة على تحفيز الإنتاج والإصلاح رغم التركة الاقتصادية الثقيلة”، مشيرا أن “الدولة تحاول التعافي والإصلاح ولو بخطوات بطيئة في ظل ما تواجهه من صعوبات وتحديات”.
ومحمد علي فنيرة هو سياسي ونائب تونسي عن الكتلة المستقلة، وهوعضو لجنة الصّناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة بالبرلمان.
حوار آمنة جبران
كنائب بالبرلمان التونسي ماهي قراءتك لنتائج الانتخابات المحلية في ظل المشاركة الشعبية الضعيفة؟
بالنسبة للانتخابات المحلية هي انتخابات جديدة على التونسيين حيث لم يقع تفسير وشرح دورها بشكل كاف، رأينا كثيرا من الفيديوهات التفسيرية فيما يخص هذه الانتخابات لكن مع ذلك مازالت غير واضحة للرأي العام، لكن أعتقد بعد مرور خمس سنوات سيفهم التونسيون قيمة الانتخابات المحلية أكثر لأنها تركز بالأساس على التنمية وعلى المشاكل التي تمس المدن، أما فيما يخص نسبة الانتخاب والمشاركة وهي تقريبا 11 بالمئة في تقديري هي نسبة مرضية رغم أن التونسيين كما ذكرت لم يقع تشجيعهم على المشاركة لأنهم يجهلوها بالأساس.
وللإشارة حتى المرشحين لهذه الانتخابات والمسؤولين عنها مثل هيئة العليا المستقلة للانتخابات غير مسؤولين على هذه النتائج، المسؤول الأول عن هذه النتائج هي البرلمانات السابقة وهي وراء نفور الناس من السياسة والشأن العام حيث نقلت العشرية الماضية صورة سيئة عن البرلمانيين وعلى ممثلي الشعب لذلك نرى اليوم عزوفا على التصويت.
وبرأيي النتائج الضعيفة لا تعكس فشل النظام على العكس من ذلك فإن النظام يشتغل والدولة تتعافى بعد أن قامت باستخلاص نسبة 80 بالمئة من ديونها، صحيح النسق بطيء لكن الدولة بصدد التعافي.
ما الذي يمكن أن تحققه الانتخابات المحلية بنظامها الانتخابي الجديد للتونسيين فيما تغرق تونس في أزمة اقتصادية خانقة؟
الانتخابات المحلية تمس المواطن بالأساس وهي ترتكز على التنمية، وقد رصدت ميزانية الدولة 5000 مليار للتنمية وستخصص البرامج خلال السنوات الخمس المقبلة لمخططات التنمية، كما سيقع التركيز هذه الفترة على بناء مؤسسات الدولة التي تضع على قائمة أولوياتها تحقيق تنمية عادلة في الجهات، نحن نقر أن هناك مناطق لا تصلها التنمية كما أن هناك مناطق أخرى تضررت رغم بند التمييز الايجابي الذي نص عليه دستور 2014 لكن لم يقع الاشتغال عليه بشكل متكافئ بين الجهات.
وسنعمل بعد الانتخابات المحلية الأخيرة على أن تكون هناك تنمية عادلة بين المناطق والجهات والعمادات لأن المرشحين انطلقوا بالأساس من العمادات وهو ما يساعد على وصول التنمية إليها.
ماهو تقييمك لقانون الميزانية الخاص بسنة 2024 في ظل تعرضه لانتقادات لتكريسه عدم التعويل على الذات؟
ميزانية 2024 هي ميزانية مرتكزة على أمران: المداخيل الجبائية واستخلاص الديون..نحن نريد أن يعود نسق الإنتاج بشكل مكثف خاصة إلى الفسفاط وهو ما سنعمل عليه. في سنة 2010 كان فسفاط قفصة ينتج 8 مليون طن، اليوم بتنا ننتج 2 مليون طن فقط، نحن نريد أن نعود بلد منتج وله مداخيل.
وحتى نتجاوز كل مشاكلنا الاقتصادية علينا استخلاص بقية القروض والمصاريف وهي واضحة للعيان بعد أن غرقت البلد في الديون طيلة العشرية الأخيرة، كنا نقوم بالاستخلاص دون استثمار ودون تنمية لكن اليوم نسعى لاستثمار الديون في الاستثمار، هذا ما نريده اليوم أن تتغير العقليات وتعمل الدولة على تحسين الإنتاج في فسفاط قفصة والنقل وتوفير كل الإمكانيات اللازمة، أيضا وزارة البيئة تشتغل على منظومة نقل جديدة تحد من التلوث البيئي، يعني هناك برامج جديدة تعمل الدولة على بلورتها وتطبيقها على جميع المستويات، نستطيع أن نقول أننا اليوم بدأنا الإصلاح بالفعل بعد عشرية غرقت فيها الطبقة السياسية في الخصومات والحسابات.
كيف يمكن الحفاظ على الدور الاجتماعي للدولة في ظل قانون مالية صارم وعجز الحكومة عن السيطرة على غلاء المعيشة وتوفير المواد الغذائية؟
بالنسبة للدور الاجتماعي فقد حافظنا عليه في قانون المالية ليس هناك زيادات مثلا في المحروقات وفي المواد الأساسية، كما وقع الترفيع في المنح الاجتماعية للعائلات ضعيفة الدخل، نحن نحاول القيام بالدور الاجتماعي أكثر ما يمكن.
وفيما يخص الغلاء ونقص المواد الغذائية فقد تضاعفت الأزمة أيضا بسبب المخاوف من فقدان المواد من الأسواق في حين كل المواد موجودة وبدل المخاوف يجب الترشيد في الاستهلاك، ومرد هذا النقص بالأساس هو سياساتنا الفاشلة السابقة وقد توقعنا مثل هذه النتائج، صحيح النتائج كارثية لكن واجب الإصلاح محمول علينا كبرلمانيين وحكومة وسلطة تنفيذية.
المعارضة تقول أن الرئيس قيس سعيد يريد استكمال مشروعه السياسي وبناء جمهورية ثالثة بنهج فردي ودون إصغاء لبقية الأطراف الفاعلة من أحزاب ومنظمات، هل فعلا يرفض الرئيس الحوار والتشاركية مع القوى السياسية والمدنية لمواجهة الأزمات؟
لا أعتقد أن الرئاسة تتجنب الحوار مع بقية الأطراف.. حين نقول الرئاسة فإننا نتحدث على دولة وهي تتحاور مع الحكومة والمجلس النيابي ومع كل المؤسسات يعني مؤسسات الدولة تتحاور فيما بينها.
أما عن دعوة اتحاد الشغل إلى مصالحة وطنية نحن نستحسن اختياره التهدئة حيث أن دعوات المصالحة التي وقع إطلاقها سابقا هي دعوات لمصالحة مزيفة حين تتوقف مصالح الدولة خلال الاحتجاجات والاضربات، كثير من المصانع والفنادق توقفت عن العمل واليوم نسب التشغيل الكارثية ومرد ذلك سياسات التصعيد السابقة لاتحاد الشغل.
وفي تقديري حين يتحدث اتحاد الشغل عن مصالحة فعليه المصالحة مع نفسه قبل كل شيء وتصحيح أخطاءه ومراجعتها والمساهمة في تطوير اقتصاد البلاد حينها نتحدث بالفعل عن مصالحة حقيقية، وفيما يخص الرئيس سعيد كما ذكرت هو بصدد التحاور مع مؤسسات الدولة وهو ماهو المطلوب اليوم.
ما رأيكم في المخاوف من تراجع حرية الرأي والتعبير والتعددية في البلاد في ظل تواصل سياسة التضييق على المعارضة وتواصل إيقاف قيادات وناشطين سياسيين؟
في هذه النقطة أود الحديث عن مرسوم 54 أعتقد أنه من أحسن القوانين التي وقع سنها حيث أن عديد الأصدقاء ممن وقع تشويههم على صفحات التواصل الاجتماعي دافعوا عن حقهم عبر هذا المرسوم، لكن لا يعني ذلك أنه لم يقع إساءة استعمال هذا الفصل من قبل بعض السلط، لكن في المقابل هو فصل يحمي الشعب والسياسيين ويحمي الصحفيين على صفحات التواصل الاجتماعي.
علينا اليوم عدم المس من حرية الآخر هذا لا شك فيه، لكن في المقابل نحن نعيش في دولة تحترم نفسها لذلك علينا أن نتبادل الاحترام حتى من خلال تصريحاتنا، ولذلك أركز على ضرورة الإصلاح بكل وعي.
وفيما يخص المعارضة لا أرى أنه لدينا معارضة في تونس اليوم بل هذه الأطراف سبق وأن شاركت في الحكم وكانت تتقاسم الكعكة فيما بينها وما نعيشه من تردي للأوضاع بسبب سياساتها الفاشلة، ومع ذلك نحن نريد الإصلاح ونسعى إليه بكل جهد..
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس