مختار بن نصر لـ”أفريقيا برس”: قيس سعيد المترشح الأوفر حظا، وتونس نجحت في مواجهة الإرهاب

53
مختار بن نصر لـ
مختار بن نصر لـ"أفريقيا برس": قيس سعيد المترشح الأوفر حظا، وتونس نجحت في مواجهة الإرهاب

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. اعتبر مختار بن نصر العميد المتقاعد من الجيش التونسي في حواره مع “أفريقيا برس” أن “الرئيس قيس سعيد هو المترشح الأوفر حظا في السباق الرئاسي المرتقب وذلك بسبب قناعة التونسيين بضرورة الحفاظ على الاستقرار في البلد”، مستبعدا حدوث أي مفاجأة انتخابية كما استبعد أي تشكيك في شفافية ومصداقية الانتخابات”.

وأشاد بن نصر “بالأداء الجيد لقوات الجيش الوطني والدفاع وكل العناصر الحاملة للسلاح في مهمة دفاعها على أمن البلاد على مدى السنوات الأخيرة”، لافتا أن “تونس نجحت في السيطرة على الإرهاب غير أن اليقظة الأمنية مستمرة بسبب الأوضاع الإقليمية والدولية والحروب الدائرة على أكثر من جبهة”.

ومختار بن نصر هو عميد متقاعد من الجيش التونسي والرئيس السابق للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب.

ما هو تقييمك للأداء الأمني في تونس مع نهاية الفترة الرئاسية للرئيس قيس سعيد؟

الوضع الأمني في تونس بصفة عامة هو وضع متميز، هناك عمل دؤوب لقوات الأمن بالاشتراك مع قوات الجيش الوطني وقوات الدفاع الوطني، وهو عمل كبير ينفذ وينجز للتصدي للجريمة وللإرهاب والترهيب وكذلك للهجرة الغير نظامية، وبصفة عامة ومقارنة بعديد الدول الأخرى يمكن اعتبار أن الوضع الأمني جيد في بلدنا والأداء الأمني يتم بشكل متميز وحرفية، وأعتقد أن قواتنا الأمنية والعسكرية وعناصر الديوانة والسجون وكل القوات الحاملة للسلاح تحمل مسؤولية ثقيلة على عاتقها كل في مجاله للقيام بمهامه للحفاظ على هذه المسيرة خاصة في فرض النظام والحفاظ على أمن واستقرار البلاد.

هل تعتقد أن الانتخابات الرئاسية ستحظى بالشفافية والمصداقية في ظل رفض ملفات مترشحين جديين؟

سبق وأن قمنا بانتخابات في عدة مرات سواء كانت تشريعية أو رئاسية وتأكدنا خلالها أن الهيئة المشرفة على الانتخابات هي هيئة مستقلة تقوم بواجبها بحرفية وهي قادرة على أداء هذا الواجب في كنف القانون وبالشفافية الضرورية، لا أعتقد هذه المرة أنها ستحيد عن مهامها أو سيكون هناك خلل فيما يتعلق بالشفافية أو بالوضوح أو بالمصداقية.

وعندما نتحدث عن رفض ملفات مترشحين جديين، هذا في الواقع موضوع يستحق النظر وعلينا التساؤل؛ هل تم رفض هذه الترشحات لأسباب موضوعية أو رفضت بدون أي سبب، هناك قانون وهناك شروط ومن لا تتوفر فيه هذه الشروط يتم رفض ملفه سواء كان المترشح جديا أو غير جدي، وبالتالي لا أعتقد جدية البعض من المترشحين ستشوه عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أو ستضرب مصداقية أو شفافية هذا الاستحقاق الذي يترقبه كل التونسيين حتى تنطلق المسيرة لتثبيت الدولة أو كما يقول الرئيس” لأجل ضبط نظام جديد” من شأنه أن يخرج تونس من أزماتها المتتالية والمركبة على امتداد العشر سنوات الأخيرة.

من تتوقع فوزه بالسباق الرئاسي؟ هل تتوقع مفاجأة انتخابية أم سينجح الرئيس قيس سعيد في الحصول على ولاية جديدة؟

الموضوع هام جدا وهذا السؤال يستحق النظر حيث أن هناك ثلاث مترشحين، وهناك وضع سياسي سائد في البلاد، وهناك وضع اجتماعي ووطني وشعبي من خلاله نستشف أن التونسيين ضاقوا ذرعا بالفوضى وضاقوا ذرعا بما أحدثته الثورة من فوضى واضطراب ومن أزمات متتالية مازالت تداعياتها إلى اليوم.

أعتقد أن الفرصة سانحة لليوم للاستقرار وكل التونسيين العقلاء الذين تهمهم مصلحة الدولة قبل مصلحة الأشخاص والأحزاب سيلجئون لانتخاب الرئيس الحالي نظرا وأنه برهن في هذه السنوات على الجدية وهو رجل نظيف كما أنه يسعى للنأي بتونس عن التجاذبات وعلى فرض السيادة الوطنية وعلى الخروج من المأزق الاقتصادي والاجتماعي بأخف الأضرار، وكل التونسيين على قناعة بأن تغيير الرئيس من شأنه أن يضرب الاستقرار وسيضعنا في اتجاه جديد، وبالتالي أعتقد أن تونس في حاجة إلى استقرار وفي حاجة إلى النظر إلى الأمام، واستبعد حدوث مفاجأة في الانتخابات لأنه لا توجد أحزاب منظمة والتونسيون ضاقوا ذرعا كما ذكرت بالفوضى وبأشخاص يدعون مصلحة الشعب لكن في الحقيقة لا يخدمون إلا مصالحهم فقط، وقد رأينا ذلك خلال الحكومات المتعاقبة، وأرى أن الرئيس ستكون له الفرصة لتجديد ولايته وهو ما سيمسح بتقدم وتحسن الأوضاع مع ضرورة الإقدام على الإصلاحات الضرورية.

ما رأيك في الانتقادات التي توجهها المعارضة للرئاسة التونسية بسبب التضييقات المستمرة ضد منافسيها حيث باتت الحريات وهي أهم مكاسب ثورة جانفي/يناير مهددة؟

التضييقات ليست خارج إطار القانون بل هي تضييقات قانونية والقانون في كل بلدان العالم هو بذاته تضييق على الحرية فهو يأتي لرسم خطوط معينة أمامنا لا يجب أن نتجاوزها، كل قانون هو تضييق وليس توسيع في الإرادة أو الحرية.

هذه التضييقات جاءت لأنها رغبة تونسية بالأساس، نحن رأينا كيف أن التوسيع في هذه الحريات ذهبت بنا إلى الانفلات وإلى الفوضى الاجتماعية، وكل التونسيين شهدوا على ذلك وهي فوضى هدامة لا تمد للحرية بأي صلة، عندما تكون هناك حرية بدون ضوابط نسقط في فخ الفوضى، إذن لا أعتقد أنه هناك تضييقات كما يقول البعض بل هناك قوانين ويجب علينا احترامها، نحن نرى في المقابل أصوات تنقد الرئيس وأدائه لكن لا ترقى إلى مستوى الثلب والاعتداء على الغير، ما يقال أنها تضييقات هي موجودة في كل الدول العالم بسبب ما يضبطه القانون ولا يمكن تخطيها ولا يجب تجاوز الخطوط الحمراء، نحن نريد تنظيم الشأن العام وهو ما يتحقق إلا بالقانون.

هل تؤيد تعديل المرسوم 54 المثير للجدل حماية لحرية التعبير؟

هنا السؤال المطروح لماذا جاء المرسوم 54 بالأساس؟ لقد جاء لينظم مسألة على غاية من التعقيد وهي مسألة حرية التعبير، لأنه كما سبق وشرحت أننا عشنا مرحلة كان فيها الثلب والسباب والاعتداء على الأعراض والتشكيك في أداء المؤسسات مستشريا وهو مخالف تماما للقانون، وبالتالي جاء هذا المرسوم لكي يضبط بعض المسائل، من يعبر عن رأيه بكنف الحرية وبدون المساس بهذه النقاط الهامة يكون في منع من هذه المتابعة لكن في المقابل يضبط بعض الحدود في حرية التعبير حتى لا تكون الحرية منفلتة، لأن كل حرية منفلتة تؤول إلى الفوضى والفوضى لا يمكن أن تعتمد كنظام في مجتمع يريد أن يتقدم وأن يبني غدا أفضل.

كيف بإمكان الحكومة التونسية تجنب تداعيات الفوضى الأمنية المستمرة في ليبيا خاصة على الحدود؟

لقد نجحت تونس على امتداد سنوات في حماية حدودها، واليوم نحن في وضع أمني أفضل بكثير من السنوات الأولى للثورة، اليوم الجيش والأمن وكل القوى الحاملة للسلاح تقوم بواجبها على أحسن وجه، واستطعنا في ظروف أصعب بكثير من هذه أن نحمي حدودنا وأن نتصدى لأي تسلل أو أي أعمال خطيرة على الحدود، أعتقد أننا قادرون اليوم على تجنب أي تداعيات فوضى أمنية في ليبيا أو غيرها على الحدود أو المعابر، ووحداتنا الأمنية تقوم بهذا الواجب المقدس على أفضل وأحسن وجه وليس هناك ما يمكن أن يخيف التونسيين على أمن بلادهم.

هل نجحت تونس في طي صفحة الإرهاب؟ أم مازالت هناك مخاوف بسبب الحروب الإقليمية والدولية المستمرة؟

فعلا تونس نجحت في السيطرة على الإرهاب بشكل كامل وذلك انطلاقا من السنوات 2016، حيث أصبحت لنا إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف وهذه الإستراتيجية أتت أكلها بشكل طيب، لقد قامت وحدات الجيش والأمن بدور هام سواء في جمع المعلومات أو في التصدي لهذه الظاهرة، هناك عمل كبير أيضا للتصدي للتطرف من خلال البرامج التعليمية والثقافية والعمل الجمعياتي وهو عمل كبير ينجز على كامل تراب الجمهورية كما أنه عمل متقن.

كما يجب الإشارة أنه أعددنا إستراتيجية جديدة تنطلق قريبا وتأخذ في الاعتبار كل نقاط ضعف الإستراتيجية السابقة، وفي تقديري تونس سيطرت بشكل كبير على هذا الموضوع، لكن يبقى التهديد قائما نظرا لأن الإرهاب فكرة والفكرة تقاوم بالفكرة، وهناك عمل كبير لتركيز خطاب بديل بهدف تحسيس الشباب على ضرورة النأي بأنفسهم عن عملية الاستقطاب والاستمالة التي تقوم بها المجموعات الإرهابية من خلال وسائط التواصل الاجتماعي أو من خلال وسائط أخرى، وأعتقد أن المجتمع التونسي اليوم متيقظ لهذه المسالة خاصة أنها مازلت متواصلة مع تواجد بؤر التوتر ومع تواصل الفوضى العارمة في بلدان الصحراء الكبرى والشرق الأوسط، اليقظة متواصلة رغم نجاح تونس في اجتثاث بذور الإرهاب في البلد.

يقول بعض الخبراء إن القوات المسلحة التونسية هي المؤسسة العسكرية العربية الوحيدة التي لم تتدخل في الشؤون السياسية أو الاقتصادية، لكن بعد 25 جويلية 2021 قام الرئيس قيس سعيّد بتسييس الجيش بشكل متزايد، من خلال ترقية بعض المسؤولين العسكريين إلى مناصب في الشؤون المدنية، وخرج الجيش عن حياده لدعم سعيّد في السلطة. كيف ترى هذا الموقف وأنت ابن هذه المؤسسة؟

هذا في الواقع خطأ فادح، لأن تسييس الجيش لا يتم بالترقيات باعتبار أن الترقيات تتم كل سنة خلال الاحتفاء بعيد الجيش لأن هناك إطارات عسكرية من ضباط جيش وجنود يبلغون مرحلة معينة تستوجب ترقيتهم، ثم إن المناصب العسكرية هي من الأمور العادية جدا لأن الجيش هو قوة الوطن وهو حامل للسلاح، لذلك يقتضي الأمر في كثير المرات أن يقع تعيين عسكريين في خطط معينة وهذا معمول به في كل دول العالم، وكفانا من فكرة العسكرة لأنها فكرة خاطئة يتشدق بها البعض للتشكيك في المسيرة الوطنية بصفة عامة.

الجيش الوطني هو جيش الشعب التونسي وله كفاءات عليا متكونة في أعلى المدارس المرموقة سواء في الداخل أو في الخارج، وبالإمكان الاستفادة من خبراتها، وحين عين رئيس الدولة بعض الضباط السامين في رتب معينة لا يعني ذلك توددا للجيش أو عسكرة المجتمع ولا يعني أن الجيش خرج عن حياده، ونرى ذلك في تجارب كثيرة في العالم مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، يمكن للدولة أن تعين في مناصب مدنية من بين الكفاءات العسكرية كما الكفاءات الطبية والهندسية وغيرهم. الجيش يبقى مؤسسة وطنية يمكن للدولة أن تعين وان تستفيد من إطاراتها وخبراتها وقد رأينا ذلك في الأنظمة السابقة التي مرت على تونس ولا أعتقد أن ذلك يخرج الجيش عن حياده.

كانت سياسة تونس العسكرية في السابق أن يظل الإنفاق العسكري محدوداً للغاية، لكن المؤسسة العسكرية قامت خلال السنوات الأخيرة بزيادة عدد المجندين بشكل لافت، وتم رفع ميزانية وزارة الدفاع لتصل إلى أكثر من الضعف على حساب وزارة التعليم ومشاريع التنمية، وشراء أسلحة وتجهيزات، ألا يؤكد ذلك أن الجيش غيّر من عقيدته وبدأ يلعب دورا سياسيا وإقتصاديا وأمنيا يتجاوز دوره التقليدي؟

مسالة الميزانيات حسب الوضع سياسي والوضع الأمني بالبلد، حين كان هنالك استقرار في مرحلة معينة لم يكن الجيش في حاجة لعدد كبير من الأسلحة، كان فقط في حاجة للأسلحة الضرورية للقيام بمهامه للدفاع عن الوطن وحماية حدود البلاد البحرية والجوية والبرية، في وقت ما حين تعرضنا لهجمة في قفصة في فترة حكم بورقيبة وساءت العلاقات مع ليبيا كان على الجيش أن يتم تجهيزه بشكل جيد حيث كان لا بد من تعزيز إنفاق المؤسسة العسكرية كذاك الأمر نفسه في عهد بن علي كان لا بد من الرفع في القدرات العسكرية في مراحل معينة.

أما بعد الثورة دخلنا في مرحلة فوضى أمنية وتهديدات إرهابية من دول الجوار وكان لا بد للمؤسسة الأمنية والعسكرية أن يكون لها من المال ما يكفي للعناية بالتدريب بشكل جيد ثم اقتناء الأسلحة والمعدات التي تعتبر باهظة جدا، فتمت مضاعفة ميزانية الدفاع الوطني كما تمت مضاعفة ميزانية وزارة الداخلية وقد تم إنشاء مؤسسات جديدة وتم التوجه نحو أساليب جديدة من التدريب كما تم فتح باب التعاون العسكري في أطر معينة، وهذا من شأنه أن يسير بالتوازي مع تطور المجتمع وأيضا مع تطور التهديدات الموجودة على الساحة، إذن مسالة الإنفاق العسكري والرفع من ميزانية وزارة الدفاع لتصل إلى أكثر من الضعف ليست على حساب وزارات أخرى بل هي ضرورة اجتماعية وضرورة لأمن المجتمع والدولة، فشراء الأسلحة والتجهيزات هو ضروري، لكن يبقى في تونس الحد الأدنى الضروري لكي يقوم الجيش بمهامه ونحن اليوم في منطقة تعيش العديد من الاضطرابات، ولا بد للجيش أن يكون قادرا على حماية البلاد، الذين يسوقون لمثل هذه الأفكار عليهم فتح بعض المقارنات مع جيوش الدول الأخرى، سترون أن الجيش التونسي معتدل جدا في نفقاته وفي عدد أفراده، كما أن الدفاع على الأمن لا يتم فقط بقوة السلاح لكن أيضا عبر الجانب الدبلوماسي الذي يلعب دورا كبيرا كذلك الجانب الاقتصادي والاجتماعي له دور في مهمة الدفاع على أمن واستقرار البلاد.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here