آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. اعتبر الناشط السياسي التونسي مصطفى بن أحمد في حواره مع “أفريقيا برس” أن “دعوات الحوار والتهدئة التي أطلقتها الدوائر المقربة من السلطة أعقاب انتهاء السباق الرئاسي وفوز الرئيس قيس سعيد بولاية جديدة، مجرد محاولة لإدخالها بيت الطاعة وتسليمها بنهج الحكم الفردي المطلق”، وفق تعبيره.
ورأى أن “اختفاء التيارات السياسية المعتدلة من المشهد السياسي سينجم عنه تداعيات وخيمة وعودة للظواهر المتشددة”، لافتا إلى أنه “لا يمكن إيجاد حلول إقتصادية إلا بعودة الحياة السياسية الطبيعية وعودة الشراكة المجتمعية وعودة الحياة الديمقراطية بالبلد”.
ومصطفى بن أحمد هو ناشط سياسي تونسي ونائب سابق بالبرلمان المنحل عن حركة تحيا تونس.
ما هي قراءتك للمشهد السياسي التونسي بعد انتخاب الرئيس قيس سعيد لولاية جديدة، وهل تعتقد أنه قادر على الإيفاء بوعوده الإنتخابية؟
أين سمعتوه يقدم حملة انتخابية، في الأصل لم تكن هناك حملة انتخابية، لم تكن هناك لا حوارات ولا مناظرة بين المترشحين قضينا خلال ما تسمى بفترة “حملة” في متابعة مسلسل محاكمات الزمال الذي طافوا به محاكم البلاد وفي تعديل قانون اللعبة أثناء اللعبة وبعض مظاهر الحشد والتجييش على الطريقة النوفمبرية في ظل غياب النقاشات الموضوعاتية حول جميع المسائل تقريبا.
أي مستقبل للأحزاب والأجسام الوسيطة في ظل تواصل نفور الشارع من الحياة السياسية ونجاح النظام السياسي الجديد في تهميشها؟
بالطبع عندما تضع عشرات القيادات السياسية في السجن من قوى مختلفة فإنك تنجح في أن تحتكر الميدان لوحدك وتفرض لعبك لوحدك لكن المهم أي نوع من اللعب ذلك الذي تقدمه للجمهور، والسؤال الذي يطرح ليس حول مستقبل الأحزاب والأجسام الوسيطة كما تسمونها بل أي مستقبل للحياة السياسية في ظل هذه الأوضاع، الجواب جاءنا منذ أسابيع خلت عندما خرجت في قلب العاصمة مجموعة من حزب التحرير “تدعو إلى الخلافة” ضد الدولة المدنية وهذا يعطينا عينة للظواهر التي قد تخرج علينا عند اختفاء التيارات السياسية المعتدلة والمؤمنة بالقانون وبقواعد اللعبة الديمقراطية وإذا استمر هذا الإتجاه الحاد ضد الديمقراطية التعددية فستتعدد ظواهر مثل حزب التحرير لأن الحدية تستدعي الحدية والطبيعة تأبى الفراغ.
كشفت الانتخابات الأخيرة حالة الوهن التي تعيشها المعارضة، لماذا تبدو المعارضة عاجزة عن التطور والتوحد وتجاوز اختلافاتها؟
السؤال الحقيقي هل توجد معارضة بالمعنى المتعارف عليه في الأنظمة الديمقراطية، يعني وجود أحزاب وقوى سياسية تعترض على سياسة السلطة من خلال تقديم برامج وتصورات مضادة، لا توجد، فمعظم الأحزاب هي عبارة عن مقاولات انتخابية لا تتحرك إلا في المواسم الإنتخابية، وفي جانب آخر يمكن تفسير حالة الوهن التي تعيشها اليوم هذه الأحزاب بتخليها عن العمل القاعدي المستمر لخلق قواعد ثابتة واتجاهها لسياسة “الزبونية”، هل يمكن تصور أن هذه الأحزاب بكل ما تعرضت له من نكسة لا أحد منها قام بتقييم شامل لوضعه الداخلي وقدم نقده الذاتي؟!.
هل تتوقع أن تشهد العلاقة بين السلطة والمعارضة انفراجة وعودة للحوار خاصة بعد تصريح شقيق الرئيس نوفل سعيد بأنه على “القوى الوطنية الالتقاء على قاعدة 25 جويلية”؟
لو يتكرم علينا شقيق الرئيس أو أحدهم ليبين لنا معنى “25 جويلية” لأنه على أرض الواقع لا وجود لأي مضمون أو تصور سياسي أو مجتمعي، 25 جويلية هو يوم كل الذي حدث فيه أن الرئيس جمد البرلمان، وحل الحكومة ومسك بجميع السلطات واختلف التونسيون حوله هنالك من اعتبره انقلابا وهنالك من اعتبره عملية إصلاحية لكن ليس هذا المهم…المهم هو أنه منذ ذلك اليوم ونحن نعيش خبطا عشوائيا في جميع المجالات ولم نتقدم خطوة واحدة في أي اتجاه، لذلك أرى أن دعوة شقيق الرئيس لا تعدو أن تكون سوى دعوة للتسليم بالحكم الفردي المطلق ودخول الجميع إلى بيت الطاعة.
ما تقييمكم لأداء البرلمان الجديد وفق تصريحات بعض نوابه بتضييقات على صلاحياته وتعطيل السلطة التنفيذية لدوره التشريعي؟
التمثلية الضعيفة للبرلمان جعلته لا يقوى على أن يكون شريكا وله دور في تسطير سياسة البلاد.
ذكرت في تصريح لك أن المنظومة الحالية تعاني حالة انسداد، برأيكم ما هي الحلول التي تحتاجها البلاد لتجاوز أزمتها السياسية وأيضا الاقتصادية والاجتماعية؟
ليس من اختصاصي تقديم وصفات العلاج، لكن كل ما أقوله هو أنه لا يمكن إيجاد حلول إقتصادية إلا بعودة الحياة السياسية الطبيعية بمعنى عودة الشراكة المجتمعية وعودة الحياة الديمقراطية حيث أن الإصرار على المضي قدما في هذا النهج لا يزيد إلا في إنتاج المزيد من الأزمات والوضع سيكون أكثر انسدادا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس