
آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أشار رئيس الإتحاد العام لطلبة تونس منتصر سالم في حواره مع “أفريقيا برس” إلى أن” النشاط السياسي والنقابي في الجامعات التونسية يواجه تضييقات بسبب المرسوم 54 المقيد لحرية الرأي والتعبير والنقد”، لافتا إلى”ضرورة إسقاط هذا المرسوم الذي نجم عنه عديد من الاعتقالات والإيقافات السياسية في جميع القطاعات”.
ورأى أن” إعادة الأمل للشباب في الحياة السياسية لن يكون إلا عبر عمل مشترك للقوى التقدمية والثورية في التوعية وتشجيع الشباب على خوض تجارب ريادية لتحقيق أهداف الثورة”، كما أنه “من المهم استنهاض الحركة الطلابية والحراك الشعبي وبناء بديل تقدمي ديمقراطي لإكمال بناء المسار الثوري الذي يعيش تراجعا وضبابية غير مشهودة من قبل”، حسب تقديره.
ومنتصر سالم هو ناشط سياسي وحقوقي ورئيس الإتحاد العام لطلبة تونس بالمكتب التنفيذي المنبثق عن المؤتمر 30، وحاصل على شهادة الإجازة في القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس.
كيف كان المناخ الداخلي للمؤتمر الوطني 30 للاتحاد العام لطلبة تونس “عدد المؤتمرين، عدد اللوائح.”؟
أتى مسار إعداد مؤتمر الإتحاد العام لطلبة تونس في “انتصار جديد للإنسان على حساب الظلم والبطش والاستعباد”، منحتنا إياه المقاومة الفلسطينية الباسلة ونضالات شعوب العالم منذ بداية طوفان الأقصى. كما يمثل المناخ الداخلي للمؤتمر 30 للاتحاد العام لطلبة تونس تطورا إيجابيا على المستوى التنظيمي والفكري، والإشعاع وعيا بوجوب إسقاط كل الحسابات الضيقة لتكريس شعارات حركة 5 فيفري المجيدة التي تمثل بوصلة لكل خطوات المنظمة منذ المؤتمر 18 خارق للعادة وصولا لليوم وفق برامج لاستنهاض الحركة الطلابية نظرا لوضع الجامعة التونسية والوضع الوطني الصعب، وهنا يستوجب شكرا لكل القوى التقدمية والثورية بالمنظمة على مسؤوليتها السياسية ونضجها السياسي بهذه المحطة وخاصة المكتب التنفيذي السابق الذي لم يدخر أي جهد في الحفاظ على الوحدة واستمرارية المنظمة.
أتى المؤتمر الوطني للاتحاد العام لطلبة تونس بعد عدة محطات داخلية وطنية على غرار الندوة الوطنية للاتحاد العام لطلبة تونس بتاريخ 5 فيفري2024 والتي انبثقت عنها اللجنة الوطنية لإعداد المؤتمر حيث أشرفت على تسيير مسار المؤتمر وتنظيم محطاته، وفي هذا الإطار يجب شكر الرفيقات والرفاق باللجنة الوطنية لإعداد المؤتمر على جهودهم الجبارة لإنجاح المحطات الموكولة لهم، فبعد توزيع الإنخراطات بالكليات والمعاهد العليا والتي كان تصميمها ومحورها حول القضية الفلسطينية كجزء من المساندة للمقاومة الفلسطينية الباسلة.
وبعد تشكيل المكاتب الفيدرالية تم تثبيت 73 مكتب فيدرالي بالهيئة الإدارية الوطنية بتاريخ 19 ماي 2024 أي بمعدل 675 مؤتمر مع استكمال مكاتب فيدرالية أخرى بعد الهيئة الإدارية وفق قرار مكتب رئاسة الهيئة الإدارية ليثبت في الأخير107 مكتبا فيدراليا كان أغلب عضواتها وأعضائها جاهزين لخوض المؤتمر الوطني رغم عديد الصعوبات الظرفية على غرار توازي تاريخ المؤتمر مع فترة اجتياز الاختبارات ببعض الكليات ليحضر بذلك 963 مؤتمر و267 ملاحظ أي ما يعادل 14 بالمئة فقط كنسبة للغيابات و86 بالمئة نسبة للحضور من عدد المؤتمرين، خاضت غمار المؤتمر الوطني بتاريخ 25 و26 ماي 2024 بكلية العلوم بتونس حيث تم انتخاب مكتب رئاسة المؤتمر وتنظيم 5 ورشات لنقاش اللوائح وتحينها تضمنت اللائحة السياسية، لائحة النظام الداخلي، لائحة القضية الفلسطينية، لائحة العمل الثقافي والإعلامي، لائحة العمل النقابي، وتمت بلورة النقاشات وصياغتها ومن ثم تقديمها للجلسة العامة بتاريخ 26 فيفري 2024، والمصادقة على الـ5 لوائح بالإجماع ومن ثم تشكيل تركيبة المكتب التنفيذي المنبثق عن المؤتمر الوطني والذي لا يتجاوز معدل الأعمار فيه 22.5 سنة وهو ما يوضح جديتنا في خلق قيادة نقابية جماعية من قلب الحراك الطلابي عبر رفيقات ورفاق في أوج تجربتهم الطلابية كممثل حقيقي لطلبة وطالبات من كامل التراب التونسي.
ما هي أولويات المكتب التنفيذي الحالي المنبثق عن المؤتمر الوطني 30؟
الوضع في الجامعة التونسية متردي في تضييق واضح لا غبار عليه على حرية الرأي والتعبير عبر تطبيق المرسوم 54 سيء الذكر وقمع حرية العمل النقابي والحق في الإضراب حيث يواجه رفاقنا تضييقا واضحا من قبل سلط الإشراف في النشاط النقابي والسياسي داخل أسوار الجامعة وهو ما وجهناه في التحركات داخل الجامعة وتمت إحالة رفاقنا ورفيقاتنا في عديد المرات على مجالس التأديب على غرار مجالس التأديب الأخيرة.
المرحلة تستوجب رص الصفوف وإعادة إشعاع الإتحاد العام لطلبة تونس ولعب دوره الرئيسي تجاه منظوريه وتجاه الشعب عامة من أجل الجامعة الشعبية والتعليم الديمقراطي والثقافة الوطنية.
إن منظومة التعليم العالي بتونس (إمد) لها الجزء الأكبر في تراجع الدور التثقيفي والتأطيري للاتحاد العام لطلبة تونس حيث إن الطالب اليوم يعيش نسقا عاليا ومتصاعدا ومكثفا في دراسته وذلك لضخامة حجم البرامج ولضيق وقت تنفيذها، ليجد الطالب نفسه مشرذما ما بين العطل السنوية والامتحانات، وبعملية حسابية لا يعيش الطالب حياة جامعية بنسق عادي سوى أربعة أشهر تقريبا في كل سنة جامعية (من نصف نوفمبر إلى عطلة ديسمبر امتحانات، شهر جانفي كله امتحانات، نصف مارس عطلة، بداية الامتحانات في شهر ماي في أغلب الأحيان) والتي ينجر عنها عند التخرج صعوبات كبرى تشغيلية نظرا لإيقاف باب الانتدابات في الوظيفة العمومية وعدم دورية المناظرات وعدم تطابق الاختصاصات العلمية مع خصوصيات سوق الشغل التونسية ما يساهم سنة بعد سنة في مزيد تفشي البطالة في صفوف أصحاب الشهادات العليا على غرار طلبة الدكتوراه.
فنحن الطالبات والطلبة بين التهميش والبطالة لا خيار مبدئي لنا سوى مواجهة السياسات التعليمية القائمة لإصلاح المنظومة التعليمية، إضافة إلى الصعوبات الاجتماعية اليومية وعدم تحمل البنية التحتية لمؤسسات التعليم العالي التي تحمل الحدود الدنيا للأدوات التكوينية الأكاديمية مع محدودية الموظفين وأزمة محدودية العملة ومؤسسات الإيواء الجامعية (المبيتات الجامعية)التي طاقة استيعابها تتعاظم كل سنة، فحسب الأرقام الرسمية لمركز الدراسات لوزارة التعليم العالي فقد تطوّرت بعض المؤسّسات الجامعيّة بين سنوات 2011 و2017 بنسبة 27.37 بالمئة، إلا أن نسبة الإيواء لم تتطوّر خلال نفس الفترة سوى بنسبة 2.6 بالمئة، مما أفرز نسبة للإيواء لم تتجاوز 20 بالمئة من مجموع الطلبة المحتاجين للسكن الجامعيّ، كما أنّ نسبة الأعوان المختصصين في الطبخ بالمطاعم الجامعیة لم تتجاوز سقف 40 بالمئة في حين بلغ عدد المطاعم الجامعيّة المطابقة للمواصفات والمعايير 14 مطعما من إجماليّ 74 مؤسسة ضمن منظومة الإطعام الجامعي أي بنسبة لا تتجاوز 18.91 بالمئة، والتّي تخضع لإشراف دواوين الخدمات الجامعيّة. كل تلك الظروف إضافة إلى عوامل أخرى عديدة ومتعددة (مراكز الصحة صلب المبيتات، النقل..) وكذلك النقل الجامعي الذي لا تتوافق فيه خطوط النقل الجامعي مع عدد المؤسسات الجامعية في كل منطقة أو جهة والمنح الجامعية ذات الشروط التعجيزية التي لا تراعي واقع تدهور المقدرة الشرائية في تونس اليوم كما لا يتمتع بها سوى عدد ضئيل من الطلبة ما يساهم بشكل مباشر في تعميق أزمة الجامعة دون تدخلات مباشرة لسلط الإشراف سوى عبر شعارات لا أساس لها من الصحة في الجانب الممارساتي السياسي والإداري.
وعليه فإن للمكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس المنبثق عن المؤتمر الوطني 30 طرح عدة ملفات ملحة على غرار خلق مزيد من الإشعاع للمنظمة وفق خطط إعلامية وبرنامج نقابي شامل منبثق عن النقاط المضمنة بلوائح المؤتمر والتي سيتم تفصيلها وتنظيمها عبر “الملتقى الوطني لإطارات الإتحاد العام لطلبة تونس” في الشهر القادم حيث سيتضمن نقاط تكوينية وأخرى للبرمجة لتحقيق استعدادنا الذاتي تحضيرا لعودة جامعية ناجحة والتي أولى محطاته التوجيه الجامعي للطالبات والطلبة والمطالبة عبر جلسات رسمية لحل الملفات العالقة في علاقة بالخدمات الجامعية، الإشكاليات الأكاديمية، النقابية على غرار التضييق عن الحق في العمل النقابي والتنظم والإضراب والتعبير، إذ قد تمت إحالة عديد من الرفيقات والرفاق على مجالس التأديب جراء عملهم النقابي في السنة الجامعية الفارطة وهو ما يستوجب وفق كل هذه العوامل الانطلاق في تحركاتنا الاحتجاجية بداية من انطلاق السنة الجامعية.
شعار المؤتمر كان “حركة طلابية مناضلة منتصرة للمقاومة الفلسطينية”، فأي دور للاتحاد العام لطلبة تونس في ظل ما يعيشه الشعب الفلسطيني منذ أكثر من تسعة أشهر من حرب إبادة جماعية؟
نحن في الإتحاد العام لطلبة تونس ومنذ سنوات ما قبل الثورة نعتبر أن موفقنا المبدئي الذي لن يتغير هو مساندة كل قضايا التحرر الوطني في العالم وعلى رأسها القضية الفلسطينية، بالنسبة لنا فإن دور الإتحاد العام لطلبة تونس مكرس منذ أجيال مهما كانت وتيرة التطورات في فلسطين المحتلة على غرار إحياء يوم الأرض والتحركات الاحتجاجية في كل سنة.
على المستوى الوطني فإن الإتحاد العام قد لعب دوره في السنوات الماضية ويكمل حاليا تطوير طرق مساندته، منذ 7 أكتوبر وإلى الآن يشارك الإتحاد العام لطلبة تونس سواء بمفرده أو عبر مجموعات تنسيق وعمل تضم شركائنا من القوى التقدمية والثورية في تحركات احتجاجية دورية ضد حرب الإبادة في غزة تنادي بتجريم التطبيع وإيقاف التطبيع الأكاديمي بالكليات والمعاهد العليا.
أما على المستوى الإقليمي فإن الإتحاد العام لطلبة تونس يشارك بفاعلية في الجبهة الطلابية الشبابية والعربية والمغاربية لمناهضة التطبيع حيث نظمنا مع شركائنا بالجبهة طرق إسناد إعلامية وميدانية على غرار ندوات على مواقع التواصل الاجتماعي وتحركات احتجاجية ذات بعد إقليمي ودولي. وبالطبع نحن نعمل على مزيد برمجة وتخطيط أنشطة قادمة بما يتماشى مع التطورات الموجودة.
أي دور للاتحاد العام لطلبة تونس في ظل الواقع السياسي المحلي بتونس اليوم والبلاد مقدمة على انتخابات رئاسية؟
محليا، فإن الوضع السياسي العام معقد وضبابي، توضح تطوراته التراجع غير المسبوق إلى الوراء على مطالب ومكاسب الثورة في الشغل والحرية والكرامة الوطنية التي ساهم الاتحاد العام لطلبة تونس عبر نضاله المشترك مع القوى التقدمية والثورية منذ ما قبل الثورة وما بعدها فيه، وهو ما يعكس اليوم إشكالات الجامعة التونسية الأكاديمية والخدماتية والحقوقية والنقابية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
فالحرية لا تكرس بالتضييق على حرية التعبير والصحافة والتنظم والحق النقابي وحق الإضراب، والشغل لا يوفر في ظل مواصلة نفس السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي أنتجت ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي 2011 من بطالة وتفقير وضرب كل المرافق العمومية عبر تدميرها الممنهج والسعي اليوم لخصخصتها وفق إملاءات الدوائر المالية العالمية، والكرامة الوطنية لا تكرس دون ثوابت قائمة على الدفاع عن السيادة الوطنية وتحقيق العدالة الاجتماعية ومقاومة التطبيع وتجريمه مع العدو الصهيوني.
وعليه فإن الإتحاد العام لطلبة تونس من أحد أدوره الأساسية هو إسناد الحراك الشعبي باعتبار أن الحركة الطلابية جزء لا يتجزأ من الحراك الشعبي عبر التنديد بالسياسات غير الوطنية والدفاع عن مكتسبات الثورة للبناء عليها نحو تحقيق دولة القانون والديمقراطية والعدالة الاجتماعية للكادحات والكادحين، فبالنسبة لنا كمنظمة مستقلة سيادية في قراراتها نتعامل ضد كل المنظومات بصرامة وحزم في كل قرارات مسقطة أو لا شعبية، ديكتاتورية، أو عنصرية. نحن جزء لا يتجزأ من الحركة الوطنية والتقدمية وما يهمنا هو إيقاف أي سياسات تمثل خطرا أو تأثر سلبا على حاضر ومستقبل تونس والشعب التونسي والجامعة والطالبات والطلبة.
نحن لا نعتبر محطة الانتخابات الرئاسية محطة تستحق المتابعة باعتبارها لا توفر أي شكل من أشكال الانتخاب الديمقراطي في دولة قانون تفي بحقوق وحريات المواطنين والمواطنات وتبنى على مشاريع حقيقية داعمة للفئات المفقرة والهوامش بل سيزداد الوضع تعقيدا شيئا فشيء بما أن الانتخابات هي مجرد مسرحية سيئة الإخراج تذكرنا بسنوات ما قبل الثورة في وضع ديكتاتوري فاشي.
المهم هو استنهاض الحركة الطلابية والحراك الشعبي وبناء بديل تقدمي ديمقراطي لإكمال بناء المسار الثوري الذي يعيش تراجعا وضبابية غير مشهودة من قبل.
كيف يمكن إعادة الأمل للشارع التونسي وتحديد الشباب في الحياة السياسية وتحفيزه على المشاركة في الشأن العام وإدارة البلاد؟
إعادة الأمل للشارع التونسي وتحديدا الشباب في الحياة السياسية وتحفيزه على المشاركة في الشأن العام وإدارة البلاد في رأيي لن يكون سوى عبر عمل مشترك للقوى التقدمية والثورية في التوعية وتشجيع الشباب على خوض تجارب وتحديات ريادية من أجل تحقيق أهداف الثورة والرقابة الفعلية والمشاركة في اتخاذ القرارت السياسية.
المجتمع المدني والمعارضة في تونس تضغطان لأجل مراجعة وسحب المرسوم 54 المثير للجدل، هل تتوقع استجابة السلطات لذلك تجنبا للانتقادات التي تطالها في مجال الحريات؟
من مخرجات اللائحة السياسية للاتحاد العام لطلبة تونس؛ نطالب بإسقاط المرسوم 54 سيئ الذكر والذي شهدنا عديد الإيقافات بموجبه في كل القطاعات بما فيها بالنسبة للطلبة، الصحفيين، المحاميين، والمواطنات والمواطنين عموما، ما يعكس بشكل مباشر سياسات الدولة القمعية التي تحد من الحق في الرأي والتعبير بما ينافي المواثيق والمعاهدات الدولية.
إن منظومة حقوق الإنسان هي منظومة كونية وشمولية إذ تم انتهاك حق ما فهو يؤثر في انتهاك عديد الحقوق والحريات، والدولة حاليا لا تبالي بالانتقادات وإنما قد خاضت بوتيرة تصاعدية سلوكات خطيرة في انتهاك الحريات.
في رأيي فأن المرسوم 54 يمثل شكلا من أشكال آليات دفاع السلطة الحالية المنفردة بالحكم على نفسها عبر تطبيق ديكتاتورية الحكم وسلطوية على بقية السلطات بما فيها السلطة التشريعية والتي قد تدخل في عملها عديد المرات على غرار إيقاف مشروع تجريم التطبيع وعليه أعتبر أن لا وجود لسلطات وإنما لسلطة واحدة هي أساسا من خلقت هذه التشريعات ولن توقف تطبيقها إلا برص الصفوف وإقامة تغيير جذري وشامل على كل المقاييس السياسية والإقتصادية والإجتماعية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس