آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. عقد حزب التكتل من أجل العمل والحريات مؤخرا مؤتمره الرابع، تحت شعار”مواطنون، لا رعايا”، والذي شكل فرصة لإعادة ترتيب بيته الداخلي وتجديد هياكله وقيادته، وقد أفرز المؤتمر أعادة انتخاب خليل الزاوية أمينا عاما له.
وأوضحت هالة بن يوسف القيادية بحزب التكتل في حوارها مع “أفريقيا برس” أن “هدف الحزب أعقاب نهاية مؤتمره الرابع، هو استعادة المبادرة السياسية لقوى التقدّم والدفاع عن دولة القانون والمؤسسات، حيث يراهن الحزب على وحدة صف العائلة التقدمية والديمقراطية لمواجهة المد التسلطي والشعبوي، وقد باتت هذه الوحدة ضرورة وليس ترفا.” وفق تعبيرها.
ورغم تراجع تأثير الأحزاب في مرحلة ما بعد 25 جويلية، أكدت أن “التكتل لا يسعى للعودة فقط، بل للبناء من جديد وبروح جديدة، بهدف تقديم حلول وبدائل عن المنظومة القائمة، حيث يطرح الحزب رؤية عقلانية وجريئة في آن، والتي تنطلق من وضع الكرامة الاجتماعية في صلب المعادلة السياسية، من خلال اقتراح سياسات عمومية عادلة توازن بين جميع الفئات الهشة وتدعم المقدرة الشرائية، كما يدعو إلى إصلاحات شاملة ترتكز على الشفافية والديمقراطية.”
وهالة بن يوسف هي سياسية وناشطة مدنية تونسية، وهي نائب رئيس حزب التكتل من أجل العمل والحريات، ونائبة رئيسة المنظمة الاشتراكية الدولية للنساء عن منطقة البحر الأبيض المتوسط.
عقد حزب التكتل مؤخراً مؤتمره الرابع تحت شعار “مواطنون لا رعايا”، وانتهى بإعادة انتخاب خليل الزاوية كأمين عام، ماهي أهم مخرجات المؤتمر؟
المؤتمر لم يكن مجرّد لقاء تنظيمي، بل لحظة سياسية بامتياز في منعرج وطني حساس. أفرز إعادة انتخاب الدكتور خليل الزاوية على رأس الحزب، وانتخاب مجلس وطني جديد يضم طاقات شبابية ونسائية، وصادق على نظام داخلي يُكرّس الشفافية والنجاعة الميدانية. كما كان المؤتمر مناسبة لتجديد الرؤية، والانفتاح على قوى مدنية وسياسية وشبابية، محلية ودولية.
وقد التأم المؤتمر الرابع للحزر في مناخ سياسي دقيقي تمر به البلاد، تحت شعار لافت وجريء “مواطنون أحرار… لا رعايا”، برئاسة الرفيق المناضل منجي صواب. هذا الشعار لم يكن مجرد عنوان، بل كان روحاً فعليّة وجّهت أعمال المؤتمر، الذي مثّل بالنسبة لعديد المتابعين “مؤتمر الثبات والصمود والعودة”. فبعد مرور خمسة عشر عاماً على الثورة، كان من المفترض أن يكون الحق في المواطنة مكسبا لا نقاش فيه ولا حياد عنه، لكن مع الأسف لازال هذا الحقّ في مقدّمة المطالب التي نرفعها في ظلّ الانتكاسة الحقيقية وتراجع الحريات، وتآكل المؤسسات وعودة مناخ الخوف والرقابة الممنهجة والذاتية.
وفي تقديري فقد نجح المؤتمر في جمع مناضلي الحزب من مختلف الجهات، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات الوطنية الحقوقية والسياسية والنقابية، وبحضور فلسطيني وأفريقي مشرّف. لقد عبّر الحضور في حد ذاته عن موقف سياسي ورسالة مضمونة الوصول إلى مختلف الفاعلين السياسيين.
ماهي أهداف حزب التكتل في المرحة القادمة بعد أن أعاد ترتيب بيته الداخلي؟
انطلاقًا من مخرجات مؤتمره الرابع، يضع حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات جملة من الأهداف المحورية للمرحلة القادمة، تتنزل في سياق إعادة بناء مشروعه السياسي والاجتماعي على أسس صلبة تتماشى مع تحوّلات الواقع التونسي والإقليمي.
أوّل هذه الأهداف هو استعادة المبادرة السياسية لقوى التقدّم والدفاع عن دولة القانون والمؤسسات، في ظلّ ما تشهده تونس من تراجع على مستوى الحريات والديمقراطية. كما يسعى الحزب إلى توحيد العائلة الديمقراطية الاجتماعية وبناء تحالفات إستراتيجية مع قوى المجتمع المدني والقوى الحية، بهدف صياغة بدائل واقعية للمنظومة القائمة.
ومن بين الأهداف المركزية أيضًا: تعزيز المشاركة السياسية للشباب والنساء، وإرساء هياكل حزبية أكثر انفتاحًا وديناميكية، قادرة على العمل القاعدي والتأطير والتعبئة. أما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، فيتمسّك التكتل بخطاب اجتماعي واضح يدافع عن العدالة الجبائية، الحماية الاجتماعية، السيادة الغذائية والطاقية، ومقاومة الفقر والتهميش. في المجمل، يهدف التكتل إلى تجديد أدوات النضال السياسي، والانخراط بفاعلية في معركة الدفاع عن كرامة المواطن وحقه في مستقبل عادل وآمن.
هل قام الحزب في مؤتمره الرابع بقراءة نقدية لأدائه خلال فترتي الحكم والمعارضة؟
نعم، كان هناك وعي جماعي بضرورة تقييم المسار، ليس من باب جلد الذات بل بهدف التعلم والبناء. الحزب اعترف بأخطائه منذ 2016، دون التنازل عن ثوابته، وخلص إلى أن الوفاء للمبادئ لا يعني الجمود، بل يتطلب تجديدًا في الخطاب، الأدوات، والارتباط اليومي بقضايا المواطنين و المواطنات.
يراهن الحزب على منح المرأة موقعًا رياديًا داخل هياكله. كيف تقيمين حضور المرأة في المشهد السياسي عمومًا؟
للأسف، السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا واضحًا لحضور النساء في الفضاء السياسي، نتيجة مناخ الإقصاء والتضييق. لكن التكتل اتخذ موقفًا واضحًا في مؤتمره، كما عودناكم من خلال تعزيز تمثيلية النساء في المجلس الوطني وفي القيادة، و أيضا في منتصف الشهر المقبل إثر انتخابات المكتب السياسي، إيمانًا منه أن لا ديمقراطية دون مساواة حقيقية وتمكين فعلي للنساء.
المؤتمر انعقد في ظرف اقتصادي واجتماعي صعب. ما هي الحلول التي يقترحها الحزب للخروج من الأزمة؟
الحزب يطرح رؤية عقلانية وجريئة في آن، تنطلق من وضع الكرامة الاجتماعية في صلب المعادلة السياسية. نحن نقترح سياسات عمومية عادلة، حماية الفئات الهشة، دعم القدرة الشرائية، وخلق مناخ استثماري منتج بعيد عن منطق الريع. كما ندعو إلى إصلاحات شاملة ترتكز على الشفافية والمسؤولية.
ما هو موقفكم من الدعوات المطروحة بشأن حوار وطني شامل؟
نرحّب بكل مبادرة جادة لحوار جامع، على أساس الدستور، احترام الحريات، ورفض الإقصاء. نعتبر أن مستقبل تونس لا يُبنى إلا بتوافق وطني بين القوى الديمقراطية والاجتماعية، بعيدًا عن الإملاءات والمقايضات السياسية.
لماذا تعجز القوى التي قادت الانتقال الديمقراطي عن التوحد؟
لأن الحسابات الظرفية طغت في لحظات كثيرة على الرؤية الإستراتيجية. لكننا في التكتل نؤمن أن اللحظة الراهنة تفرض وحدة الصف بين القوى التقدمية والديمقراطية. الوحدة ليست ترفًا بل ضرورة لمواجهة المدّ التسلطي والشعبوي.
في ظل تراجع تأثير الأحزاب، كيف يمكن للتكتل أن يستعيد موقعه ودوره السياسي؟
بالعودة إلى الميدان، إلى الناس، إلى جوهر السياسة كممارسة يومية مرتبطة بحياة المواطن. نراهن على طاقات جديدة، على الجيل الشاب، على المرأة، على كل من لم يفقد الأمل في إمكانية التغيير. التكتل لا يسعى للعودة فقط، بل للبناء من جديد، على أسس أكثر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس