حوار آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أشار ياسين مامي النائب بالبرلمان التونسي في حواره مع “أفريقيا برس” أنه هناك إرادة كبير من قبل النواب لتمرير قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني خلال جلسة مرتقبة في الأيام القادمة، غير أن رأي سلطة الإشراف والتي تمثل المجلس الأعلى للقضاء سيكون حاسما في هذا الموضوع.
وبين مامي أن أهمية هذا القانون تكمن في مساهمته في كسر حلقة التطبيع بالمنطقة العربية كما سيساهم في عزل هذا الكيان دوليا، لافتا أن الاستثناءات التي يشملها القانون لن يستفيد منها المطبعون، كما سيقع النقاش في الجلسة كل التعديلات والتنقيحات المقترحة قبل تمريره والمصادقة عليه رسميا.
وياسين مامي هو عضو بمجلس نواب الشعب في تونس عن دائرة الحمامات، ويترأس لجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية في البرلمان.
إلى أين وصل مشروع قانون تجريم التطبيع في البرلمان التونسي، هل بالفعل سيتم إقراره قريبا أم سيواجه انتكاسة مثل السابق؟
هناك إرادة كبيرة من قبل النواب لتمرير القانون أو المبادرة التشريعية التي كانت بطلب من نواب الشعب وقد تم عرضها على لجنة الحقوق والحريات التي قامت بالمصادقة عليه، لكن يوجد إلى حد الآن إشكال بسيط حيث لم تتفاعل معنا سلطة الإشراف وتحديدا المجلس الأعلى للقضاء بخصوص رأيه فيما تم إقراره من عقوبات لمرتكبي جريمة التطبيع وأيضا رأي وزارة الخارجية في الموضوع، بمعنى أن لجنة الحقوق والحريات برمجت جلسات استماع مع من يشملهم هذا الموضوع لكن لم يكن هناك تفاعل إلى حد الآن، وللإشارة مشروع القانون وقع برمجته منذ شهر جويلية الماضي، لكن مع تسارع وتواتر الأحداث اليوم في قطاع غزة، طلب عديد النواب استعجال النظر في مشروع القانون ليعبر عن إرادة الشعب ووقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني وحتى يكون موقف البرلمان متماهيا مع الموقف الشعبي والسياسي الرسمي التونسي.
ماهي أبرز تفاصيل مشروع تجريم التطبيع وأشكال التطبيع حسب القانون؟
فيما يخص الاسم والعنوان الذي يحمله القانون فهو تحديدا تجريم وعدم اعتراف والتعامل مع الكيان الصهيوني، ويتحدث مقترح القانون على العلاقة المباشرة فقط مع هذا الكيان، هو قانون هدفه عزل هذا الكيان وعدم الاعتراف به ويتعلق بالعلاقات المباشرة التي تشمل جميع المستويات سواء التجارية أو الأكاديمية أو الدعاية وغيرها، وهي محددة لحاملي الجنسية التونسية فقط ويخص التعامل والتعاطي المباشر مع هذا الكيان يعني نقصد النية القصدية والعمدية في هذه الجريمة.
ماهي أهمية هذا القانون حسب تقديرك في دعم الملف الفلسطيني والمقاومة؟
في الواقع هدفنا من هذا القانون هو عزل هذا الكيان وليس عزل تونس، ويوجه رسائل سياسية أبرزها هو أن الشعب التونسي مناهض لكل أشكال الاستبعاد التي يقوم بها هذا الكيان في فلسطين المحتلة،أما الرسالة السياسية الثانية هو عدم توسع دائرة التطبيع في العالم العربي لذلك هو يسعى لكسر حلقة التطبيع بالمنطقة العربية.
هل هناك لوبيات ضغط داخلية أو خارجية يمكن أن تمنع إقرار هذا القانون؟
البرلمان اليوم هو ممثل للشعب التونسي فقط وقد تحرر من قيود الأحزاب حيث في السابق كانت الأحزاب لديها أجندات أخرى مرتبطة بتمويلها ومرتبطة بمصالحها وهو ما جعلها تقوض عمل البرلمان، اليوم النواب أسياد أنفسهم وممثلين حقيقيين للشعب وتم اختيارهم في مناطقهم على أشخاصهم ولمدى الثقة والمصداقية التي يتمتعون بها وعلى هذا الأساس وقع اختيارهم من قبل الشعب، وحتى لو كانت هناك لوبيات فهي غير قادرة على كسر إرادة البرلمان المتماهي مع الإرادة الشعبية، وقد تجلى الضغط مؤخرا في الحملة المسعورة التي وقع شنها ضد النواب بخصوص ما راج حول حصولهم عن منحة مالية وغير ذلك وهي فرصة وقع استغلالها من قبل بعض وسائل الإعلام ومن عديد الأطراف لمحاولة التشويش على عمل المجلس والضغط عليه وهي محاولة فاشلة لضرب مصداقيته ويمكن أن تكون في هذه الإطار.
هل يمكن أن يفقد القانون تأثيره الردعي ويفرغ من محتواه بإضافة مقترحات واستثناءات يمكن أن يستفيد منها المطبعون؟
سيكون هناك نقاشا عاما صلب المجلس حول مشروع القانون ورأي المجلس الأعلى للقضاء مهم جدا والاستثناءات لايمكن أن يستفيد منها المطبعون حين نتحدث عن استثناءات تشمل فلسطيني الداخل فهذا لا يمكن أن يستفيد منه المطبعون، يمكن أن تكون هناك بعض الاستثناءات تتعلق بدواع دينية ومعتقدات لكن إجمالا سيتم نقاش كل ذلك في الجلسة العامة ومن المهم جدا رأي المجلس الأعلى للقضاء بخصوص هذا القانون.
لماذا تعثر قانون تجريم التطبيع خلال العقد الأخير رغم أنه كان ضمن شعارات الثورة؟
هذا القانون ظل حبيس الشعارات لأنه كان محل مساومة وسط محاولات لتوظيفه لأجل التموقع وكسب التعاطف الشعبي أو لمحاولة تسجيل بعض النقاط السياسية أمام الخصوم فقط، لم يكن موضوعا مأخوذا على محمل الجد وما يؤكد ذلك هو عدم تمريره في البرلمان السابق وبقي حبيس الرفوف ومحل مزايدة من قبل بعض الأحزاب المحسوبة على الثورة.
كيف تقيم أداء الدبلوماسية التونسية في دعم الملف الفلسطيني؟
موقف الدبلوماسية التونسية مشرف في الجامعة العربية التي لم تعبر مواقفها عن إرادة الشعوب العربية وكنا ننتظر أن تكون القضية الفلسطينية هي البوصلة وهي الأم لكن في المقابل جامعة الدول العربية عومت القضية واعتبرتها حرب بين طرفين، في حين كان موقف تونس واضحا ومشرفا أيضا الموقف الرسمي التونسي كان واضحا وصريحا ويعد الموقف الوحيد في الدول العربية الذي اتسم بالوضوح كما لم يكن شكليا فقط ذهبنا أكثر نحو الفعل السياسي وكنا أول دولة تقوم باجتماع على أعلى مستوى وتقرر على إثره إقرار مساعدات اجتماعية لقطاع غزة بقطع النظر عن الصعوبات التي كانت في معبر رفح من جانب آخر، وعلى كل حال كنا سباقين في هذا المجال وهو ما يحسب لتونس، وما نلاحظه أن الدبلوماسية التونسية تشهد تطورا في تعاطيها مع هذه القضية ولم تقتصر على بيانات للتعبير على القلق أو الشجب أو الدعوة للتهدئة والحوار فقط.
هل يشكل برأيك الموقف الشعبي من أحداث غزة ورقة ضغط لمطالبة الحكام العرب بدعم القضية الفلسطينية؟
يجب الإشارة وتوضيح أمرين وهو حتى لو كانت هناك دول مطبعة فإن الحكام هم من كانوا مطبعين وليست الشعوب ، فالشعوب لم تكن مطبعة وقد رأينا في مختلف الدول العربية وحتى الأوروبية المسيرات الضخمة والعارمة في مساندة هذا الحق الفلسطيني، ثم المسألة الثانية هو أن المسيرات أكدت أن الحق الفلسطيني لا يموت بمعنى أن طوفان الأقصى أعاد الحق الفلسطيني إلى صدارة القضايا العربية والكونية فالاعتراف بالحق الفلسطيني هو اعتراف بحق الإنسانية جمعاء.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس