”يا سلّاك الواحلين..”

91

حياة بن يادم

ارتفع نسق المشاورات بخصوص تكوين الحكومة التي تجريها حركة النهضة، المتصدرة لنتائج الانتخابات التشريعية 2019، المتحصلة على 52 مقعدا من مجمل 217. تم استثناء حزب قلب تونس و الحزب الدستوري الحر من هذه المشاورات. في ظل شروط تعجيزية من طرف بقية الأحزاب المكونة للمشهد البرلماني.

إذ أن حزب تحيا تونس متحصل على 14 مقعدا يقترح تشكيل “حكومة مصلحة وطنية” و يذكر بأنه غير معني بالمشاركة في الحكومة.

في المقابل نجد كل من التيار الديمقراطي المتحصل على 22 مقعدا، و حركة الشعب المتحصلة على 16 مقعدا، بعد ما كانوا بصحبة حزب حركة النهضة، على قلب رجل واحد في التوّحد لدعم قيس سعيد، و الوصول به للتربع على عرش قرطاج، أصبحوا اليوم فرادى و في تنافس للوصول الى عرش القصبة.

إذ أن حزب التيار متمسكا برفضه ترؤس حركة النهضة رئاسة الحكومة، مع تمسكهم بوزارة الداخلية و العدل و الاصلاح الإداري.

أما حزب حركة الشعب فاشترطت حسب تصريح القيادي سالم الابيض: “حركة الشعب مستعدة للمشاركة في حكومة وطنية ذات كفاءات مستقلة يشرف على تشكيلها الرئيس المنتخب”.يتضح ان النهضة تواجه أحزابا إقصائية من طرف “السيستام” و حتى من طرف الجناح المحسوب على الثورة.

و حتى لو قبل حزب قلب تونس المتحصل على 38 مقعدا المشاركة في الحكومة، الرافض حاليا للدخول في أي شراكة مع حزب حركة النهضة، فإن مسيري النهضة هذه المرّة، لا يستطيعون تجاوز قواعدهم الرافضة بصفة قطعية لمنظومة نبيل، مدركين ان عملية التجاوز ثمنها باهضا جدّا ربما تصل الى تقويض أركان الحركة.

في ظل هذا “البلوكاج” يقف حزب حركة النهضة في المشهد وحيدا، لغياب حزب وازن من ندّه يكون قد التقط اللحظة التاريخية و المتمثلة في التصحر الحزبي، بتأسيس مبادئه ليس على عداوة النهضة، بل على التنافس معها، و ليس على الخلافات بل على أساس الاختلافات في البرامج و الرؤى لواقع و مستقبل تونس، يكون سقفه الوطن للجميع.

لكل ما سبق، تجد حركة النهضة نفسها في حيرة وهي تجري اتصالات تحسيسية و أخرى مع كل مكونات المجلس النيابي الجديد باستثناء الحزبين المذكورين سابقا، و في جو مشحون و تحت وقع ضغط القواعد الذي يتعالى صوتها، رافضا الابتزاز و منطق التخوين، داعين المرور الى انتخابات مبكرة تعيد من جديد و بصفة مختلفة تشكيل المشهد السياسي.

تحصّل النهضة على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية 2019، أشبّهه بحصوله على بقية أقرانه من نفس المعهد بالمرتبة الأولى في نتائج الباكالوريا بمعدل 10 من 20، التي لا تسعفه للدخول إلى المدرسة الوطنية للإدارة.

في انتظار ما سيحدث، تتساءلون ما الحل؟ إذا لم تستطع النهضة تكريس تحالف نيابي مريح يضمن تمرير القوانين، التي تمثل رئة المواطن التونسي، والذي بها يستطيع تدوير عجلة الاقتصاد، و على تكوين حكومة تحفظ الحدّ الأدنى من اجتناب انهيار الدولة؟.

أجيب الحل حسب رأيي ليس في إعادة الانتخابات التشريعية، لأنها ستفرز تقريبا نفس المشهد، لأن الشعب هو نفسه و لم نستورد شعبا ثانيا من المريخ لتغيير الخارطة النيابية، إلا في حصول معجزة يقودها الشباب الذي ضرب موعدا مع التاريخ في الانتخابات الرئاسية 2019 السابقة لأوانها، و الذي حدد ملامح ساكن قرطاج الجديد.

و بذلك يطرح بشكل استعجالي ضرورة التنبيه لخوض معركة الوعي، التي طال انتظارها بتقصير من الجميع، و التي يجب تدشينها على الفور.

تتساءلون ما هذا التناقض؟ وأنت التي صدّعت رؤوسنا في مقالاتك السابقة، عن الشباب الواعي الثائر بمناسبة الدور الأول و الثاني للانتخابات الرئاسية 2019 السابقة لأوانها؟، أقول أن عزوف الشباب على الانتخابات التشريعية 2019، جعلني أدرك أن هذا الشباب يعرض وعيه حسب مزاجه فكان وعيا بمعاقبة الرمز و لم يكن وعيا ببناء الوطن.

تصرون على مسائلتي كيف الوصول إلى حل لتجاوز هذه المعادلة الصعبة التي عنوانها: “النهضة فوز في الرتبة .. و هزيمة في نتيجة الوطن ؟”.

أقول كيف؟.. و كيفاش؟.. و لماذا؟.. و علاش؟ … هذه بضاعتكم قرائي الكرام ردّت إليكم، لأن الثمانية و العشرون حرفا الذي يتنفس منهم قلمي عاجزين على فك شفرات هذا اللغز، و لا أملك إلا أن أقول “يا سلّاك الواحلين..”.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here