اجماع في البرلمان التونسي على تجريم المناولة

5
اجماع في البرلمان التونسي على تجريم المناولة
اجماع في البرلمان التونسي على تجريم المناولة

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. شدّد عدد من النواب في البرلمان التونسي على أهمية مشروع قانون منع المناولة الذي يهدف إلى تنظيم عقود الشغل والقضاء على كل أشكال التشغيل الهش واستغلال الموظفين والعملة. وأكّدوا في تصريحات لـ”أفريقيا برس”، على أن التعديلات التي ستشهدها بعض فصول مجلة الشغل ستعزز حقوق العمال وستأتي الأجير حقه كاملا بعيدا عن كل أشكال الاستغلال والتحايل على القانون.

وقال فتحي معالي، نائب بمجلس الأقاليم والجهات، إن “تجريم المناولة توجه اجتماعي للدولة هو قرار اتخذ ولا رجعة فيه”، لافتا في تصريحاته لـ”أفريقيا برس” إلى أنه “عند مناقشة نواب الشعب لميزانية 2025 كان هذا القرار واضحا في العديد من الفصول وهو يصب في مصلحة فائدة شرائح اجتماعية وقطاعية كثيرة”.

وعشية اجتماع لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة الانعقاد ووزير الشؤون الاجتماعية بصفته جهة المبادرة، جدّد الرئيس التونسي خلال لقائه برئيسية الحكومة سارة الزعفراني الزنزري الحديث عن “معركة التحرير الوطني” التي تقتضي “ثورة تشريعية”.

ويؤكّد المتابعون أن مشروع القانون عدد 016/2025 المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة وشركات الوساطة غير القانونية بشكل خاص يعدّ ثورة اجتماعية وحقوقية وحتى اقتصادية. وقد وصف النائب في مجلس نواب الشعب الطاهر بن منصور هذه التعديلات بأنها “مكسب تاريخي لصالح العمال الذين تعرضوا لأبشع أنواع الاستغلال منذ أوائل التسعينات إلى حد يقترب من العبودية”.

والمناولة هي شركات وسيطة، تقوم شركة ما بتأجيرها، وأحيانا شركات وهمية، تؤسسها شركة موجودة للتحايل على القانون خاصة فيما يتعلق بقوانين الترسيم والتغطية الاجتماعية والصحية. وأغلب العقود في شركات المناولة هي عقود محددة المدة بين 3 و6 أشهر تتجدّد إذا لم يطرأ ما يفسد العلاقة بين المؤسسة والأجير الذي يحرم بهذا العقد من فرص الترسيم والعمل المستقر ولا يتمتع بأي امتيازات.

وقال بن منصور، في تصريحاته لـ”أفريقيا برس”، “أعتقد أن هذا القانون سيقع التصويت عليه في الجلسة العامة بدرجة تقارب الإجماع وذلك استجابة للرأي العام الذي مارس ضغطا إيجابيا لصالح تمرير هذا القانون رغم محاولة الكثير من الأطراف المستفيدة من نظام المناولة ممارسة نفوذها من أجل إفشال هذا المكسب”.

ويذهب في ذات التأكيد، فتحي معالي لافتا بدروه إلى أن “مجلس النواب سيصادق قطعا على إلغاء عقود المناولة، هذه العبودية الحديثة، رغم الضغوطات.. والهدف من إلغاء هذه العقود هو دعم للدور الاجتماعي للدولة والقضاء على كل أشكال العمل الهش خيار لا رجعة فيه.. وتحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين والجهات هو مسار البناء والتشييد.

ويقدّم النائب محمد بن حسين، في تصريحات لـ”أفريقيا برس”، شهادته كشاب تونسي خاض تجربة العمل في القطاع الخاص حيث أمضيت فيه أكثر من ثلاثة عشر عاما وعاش ما عاشه عمال المناولة في تونس، قائلا: “انتظرت وصول مشروع القانون للنقاش داخل اللجنة بشغف كبير فأنا ذلك الشخص الذي رأى وعايش أوجاع ودموع العديد من المشمولين بهذه العقود الهشة التي مثلت ثغرة قانونية وجدت عن قصد لتمكين بعض رؤوس الأموال من المتاجرة بعرق العمال واستعباد أجيال عديدة بطريقة قانونية، إذ ماذا يفسر أن تنتدب إحدى الشركات الكبرى شابا حالما وتستغل مجهوده وعرقه وعقله طيلة ثلاث سنوات وعند بلوغ العام الرابع يقع فصله وتعويضه بشاب آخر حتى لا يقع ترسيم هذا الأخير وتمتيعه بحقوقه كاملة”.

ووفق التعديلات المقترحة، سيتم إلغاء عقود العمل محددة المدة، وفي حال استمرار العلاقة الشغلية لمدة أربع سنوات أو أكثر يعتبر الأجير مرسما بطريقة آلية. وإذا خالفت المؤسسة القانون فإنها ستواجه عقوبات وغرامات مالية.

وتعقيبا على ذلك قال محمد بن حسين: “إن قانون منع المناولة في اعتقادي هو انتصار للدولة الاجتماعية التي تحمي الطبقات الضعيفة والفئات الهشة من تغول وظلم أصحاب المال وأرباب العمل وهي خطوة أولى لا بد أن تليها عدة خطوات لنظمن لكل التونسيين شغلا بكرامة وحياة حرة كريم.

وأضاف بن حسين: “من المتوقع أن تحدد جلسة عامة بتاريخ 20 ماي للنظر في قانون منع المناولة ومن المنتظر أن يحظى هذا القانون بمصادقة أغلبية مطلقة من السادة نواب الشعب الذين يقف أغلبهم صفا واحدا إلى جانب كل العمال والشغالين والطبقات المستضعفة”.

وحتى تتحقق العدالة المنشودة، يؤكّد الطاهر بن منصور أن “هذا القانون، وحتى يكون فعلا مكسبا هاما لصالح الدولة الاجتماعية، فإنه في حاجة إلى وضعه ضمن سياسة اجتماعية شاملة تشمل الوظيفة العمومية والقطاع العام وتسوية كل أشكال التشغيل الهش داخلهما ولا يكون ذلك إلا بخلق اقتصاد منتج ومستدام منفتح على مقاربات تنموية مبتكرة تخلق وتراكم الثروة…حتى لا يبقى هذا المكسب مجرد إجراء جزئي معزول”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here