المهندس أمل تونس، المهندس أمل الأمّة …

49
المهندس أمل تونس، المهندس أمل الأمّة ...
المهندس أمل تونس، المهندس أمل الأمّة ...

افريقيا برستونس. بقلم المهندس شكري عسلوج – بتاريخ 2 أوت 2012، ألقي المهندس محمد مرسي، أوّل رئيس مصري مُنتَخَب، خطابا أمام قادة الجيش الميداني الثاني بالإسماعيليّة، سيبقي ولا شك محفورا في التاريخ كوصيّة للأجيال القادمة، وقد قال فيه بالخصوص :” إنّنا إذا أردنا أن نمتلك إرادتنا، فعلينا أن نُنتج غذاءنا ودواءنا وسلاحنا”. كثير من المتابعين، اعتبروا أنّ الرئيس الشهيد كان بذلك قد تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها قوى الاستكبار والاحتلال الفجّ والمتخفّي على حدّ سواء لكي تبقى الأمّة والأوطان مكبّلين ومسلوبي الإرادة، يتداول عليها الاستبداد والتخلّف والفقر والفساد والخيانة والعمالة، وكان بذلك أمضى بنفسه على قرار الانقلاب على حكمه قبل الزّجبه في غياهب السجون بتهمة التخابر مع حماس. من الواضح أن هذه التهمة لا يمكن أن تكون صادرة إلا عن الكيان الصهيوني بنفسه وليس عمن دُفع به على ظهر دبّابة، يدوس بها على أشلاء شهداء رابعة لبلوغ سدّة الحكم.

نعيش هاته الأيام على وقع حرب غزّة، أرض العزّة وعلى أخبار ضربات المقاومة التي دكّت كلّ أساطير الجيش الذي لا يُقهر وعلى الملاحم التي يخوضها شعب الجبّارين بصدور عارية أمام آلة القمع الصهيونيّة ونسمع ونرى ولا نكاد نصدّق بأن المقاومة التي تقبع تحت الحصار المفروض عليها لما يزيد عن خمس عشر سنة من العدوّ والشقيق على حدّ السّواء، طوّرت سلاحها بقدراتها الذاتيّة وصارت تملك في ترسانتها طائرات بدون طيار، قادرة على التحليق فوق أكثر المواقع حساسيّة في الكيان الصهيوني وضربها قبل الرجوع إلى مواقعها سالمة، كما تملك غواصات ذاتيّة القيادة، قادرة على تهديد البوارج الحربية ومنصّات التنقيب عن الغاز والنفط في عرض البحر. أطلقت كتائب عزّ الدين القسّام، إسم المهندس الشهيد محمد الزواري على هذه الأسلحة النوعيّة، تيمّنا به واعترافا بدوره في تطوير سلاح المقاومة الذي ساهم في إحداث توازن الرعب منذ حرب العصف المأكول سنة 2014.

ما يجري في أرض فلسطين المحتلّة، ولّد حالة استقطاب غير مسبوقة على الصعيد العالمي بين مؤيد للمقاومة ومُنتصر للاحتلال، كما جعل المطبّعين والعملاء من بين ظهرانينا، يعيشون في حالة تخبّط عشوائي، ويهرولون لتسجيل المواقف ولتصدّر بيانات المساندة للمقاومة وإصدار وعود المساعدة السخيّة لحماس، التي كانوا يعتبرونها بال القريب منظمة إرهابيّة وشرذمة متطرّفة تُعرّض شعبها للتهلكة وتطلق صواريخ عبثيّة وتحفر الأنفاق حتى في جبل الشعانبي. المسيرات التي سُيّرت والتي في ظاهرها لمساندة فلسطين، لم تسلم حتّى هي، من المتاجرة الرخيصة بعذابات الشعب المكلوم ومن التوظيف السياسي لضرب الخصوم ووصمهم هذه المرّة بالتطبيع بعد اتهامهم بالإرهاب والتسفير.

يخوض المهندسون التونسيون إضرابا مفتوحا للشهر الثاني على التوالي، احتجاجا على خضوع الحكومة للضغوطات التي مورست عليها لدفعها للتنكّر للإتفاق الذي أبرمته مع عمادة المهندسين حول تعميم المنحة الخصوصية على مهندسي القطاع العام على غرار زملائهم في الوظيفة العموميّة. المنحة الخصوصية هذه، تمّ إقرارها في إطار مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس السّابق الباجي قائد السبسي، للحدّ من هجرة الكفاءات الهندسيّة والطبيّة والجامعيّة بعد تدهور الحالة الماديّة والمعنويّة للنّخب، حتى صار مرتّب عامل النظافة يفوق مرتب المهندس في شركة الخطوط الجويّة التونسيّة وفي غيرها من الشركات العموميّة.

المهندس هو قاطرة التنمية وصانع الثروة وهو المعني أساسا بإنتاج الغذاء والدواء والسلاح، الذي هو عنوان تملّك الإرادة والسّيادة على الأوطان والتحرّر من التبعيّة والاحتلال. غزّة تضرب لنا الأمثال بأن المستحيل ليس هندسيّا متى توفّرت القيادة المنحازة لهموم شعبها والمشروع الوطني الجامع وتحرير الطاقات المبدعة والمتمكّنة من العلوم والتكنولوجيا. من يقف اليوم حجرة عثرة أمام المهندس التونسي ويعمل جاهدا على منعه من لعب الدور المنوط به في النهوض بالوطن وعلى الحيلولة دون نيله لحقوقه وعلى دفعه للهجرة بعد إقناعه بأن لا مكان ولا حظ له في بلاده، فإنّما هو بذلك يكرّس مصالح مستعمر ال ويمهّد لبني صهيون ليكونوا أوصياء الغد حتى ولا نظّم ألف مسيرة احتجاجيّة وردّد ألف شعار رنّان وألقى ألف خطبة عصماء وأصدر ألف بيان تنديد وسنّ ألف قانون تجريم التطبيع.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here