آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. نظّم البرلمان التونسي جلسة مساءلة مع وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، عز الدين بالشيخ. وكشف النائب حسن جربوعي، في حواره مع “أفريقيا برس”، أنّ أزمة نقص المياه الصالحة للشرب ومشاكل قطاع الحبوب كانت من أبرز الملفات المطروحة خلال الجلسة، لافتًا إلى أنّ “الحلول الترقيعية لا تكفي لمعالجة مشكلة شحّ المياه في تونس، وأنّ الوقت قد حان لتحقيق أمن فلاحي من خلال تضافر جهود جميع الوزارات لمراقبة وتسيير هذا القطاع.”
ورأى أنّ “وزارة الداخلية مطالبة بالتدخل في أزمة المياه، من خلال مراقبة عملية ربط الماء بين الجهات بشكل متكافئ، خاصّة في ظلّ وجود سوء استغلال وتصرف في المياه بمناطق مختلفة من البلاد.”
ولمواجهة أزمة الشحّ والندرة المائية، اعتبر أنّ “الحل يكمن في بناء استراتيجية مرحلية تراعي التغيرات المناخية ومسألة التساقطات”، مشدّدًا على أنّ “الحكومة مطالبة بتغيير طريقة تعاطيها مع هذه الأزمة، وأن تضع القطاع الفلاحي على رأس أولوياتها نظراً لأهميته في تحقيق السيادة الغذائية.” كما دعا إلى “الاعتماد على السدود الجوفية وعدم الاكتفاء بالسدود الكلاسيكية، والسعي نحو زيادة طاقة تخزين الحبوب”، معربًا عن أسفه “لتفويت فرصة تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا القطاع.”
وحسن جربوعي هو نائب في البرلمان التونسي وعضو بلجنة الفلاحة والأمن الغذائي والمائي والصيد البحري.
ماهي أبرز الملفات التي وقع طرحها على وزير الفلاحة خلال الجلسة البرلمانية المنعقدة الثلاثاء؟
تقريبا أغلب الملفات التي طرحناها على وزير الفلاحة تتعلق بمشكلة انقطاع الماء الصالح للشراب في أغلب الولايات التونسية. وكذلك كل ما يخص قطاع زيت الزيتون والتحضيرات للموسم الفلاحي الجديد، كذلك تناولنا إشكاليات قطاع الحبوب باعتبار أن طاقة التجميع أكبر من طاقة الخزن حيث أن عمليات التجميع مازالت منقوصة كذلك الإشكال المطروح اليوم أمام ديوان الحبوب مع التمديد في موسم الحصاد الحالي وانعاكسات ذلك على الفلاح، كذلك تطرقتا إلى الضائقة المالية التي يتعرض لها ديوان الأراضي الدولية، أيضا مشكلة الأوبئة التي تهدد القطاع الفلاحي، كما تطرقنا إلى تسعيرة الحليب،التي ألقت بظلالها سلبا على القطاع حيث لم يقع مراجعتها منذ قرابة العشر سنوات، على غرار المشاكل المحلية والجهوية.
برأيك لماذا تفاقمت أزمة شح المياه في تونس، وكيف يمكن تحسين واقع القطاع الفلاحي في البلاد؟
مشكلة المياه هي من أولويات وزارة الفلاحة، وبرأيي الوزارة مطالبة بوضع إستراتيجية كاملة وواضحة، وقد بان بالكاشف أن مشكلة المياه لا يمكن حلها بالاعتماد فقط على وزارة الفلاحة، ونعتقد أنه الوقت قد حان حتى تدخل وزارة الداخلية على خط هذه الأزمة، يجب أن تتحرك وتقوم بما يجب أن تقوم به لمعالجة نقص واقتطاع المياه في عدة مناطق بالبلاد، هناك مناطق لا يوجد فيها ماء، وأخرى تعاني من سوء التصرف في المياه حيث هناك من يقوم باستغلال الماء في غير محله، كما يجب أن تراقب الوزارة عملية ربط الماء بين الجهات بشكل متكافئ وعادل.
برأيي نحن نحتاج إلى تحقيق الأمن الفلاحي، بنفس مقدار حاجتنا لأمن سياحي واقتصادي واجتماعي، لذلك علينا التنسيق مع وزارة الداخلية حتى تقوم بمراقبة تسيير القطاع الفلاحي، كما يجب أن تكون هناك إستراتيجية مبنية على مرحلية بحكم التغيرات المناخية وتغير التساقطات، يجب أن تكون هناك أحواض وبحيرات مائية، فرغم الجفاف مازلنا نستعمل السدود الكلاسيكية، لذلك يجب أن نغير طريقة إدارتنا لأزمة المياه والجفاف في تونس، يجب التوعية بقيمة الماء خاصة لدى الأجيال الناشئة، يجب أن تداخل جميع الوزارات لأجل الخروج من هذه الأزمة، كما الأجيال القادمة عليها أن تعي بقيمة هذه الثروة، أما الطريقة التي نتهجها في الوقت الحالي لن تمكننا من حل هذه المشكل، حيث مازالنا إلى الآن لا نحسن استغلال المياه والتسقاطات.
كيف تقيم الأداء الحكومي في التعامل خاصة مع مشكلة المياه؟
للأسف لا يوجد وعي حكومي بأزمة المياه في تونس، حاليا لا يوجد غير الحلول الترقيعية، لكن دون إستراتيجية مبنية على مرحلية كما ذكرت، لا نعتقد أن الحكومة تضع القطاع الفلاحي كأولوية، ومشاكل قطاع الألبان والأعلاف المستمرة إلى اليوم خير دليل على ذلك، كذلك أزمة قطاع الحبوب الذي يمثل الأمن الغذائي للتونسيين لكن مع ذلك عاجزين على تجميع الحبوب، وللأسف فوتنا على أنفسنا فرصة تحقيق الاكتفاء ذاتي في قطاع الحبوب، لذلك نأمل اليوم أن يكون هناك توجه سياسي وإستراتيجية أمنية لدعم القطاع الفلاحي والحفاظ على السيادة الغذائية، وهذا الهدف لن يتحقق برفع الشعارات بل باستراتيجيات حقيقية.
هل الضائقة الاقتصادية السبب الرئيسي وراء نقص المباه في تونس؟
صحيح أن الأزمة الاقتصادية ألقت بضلالها على القطاع الفلاحي وكذلك على ملف المياه، لكننا نلاحظ أن هناك غياب الوعي بعمق وحجم هذه الأزمة، حيث لا ننتبه إلى مشكلة المياه إلا خلال فترة الندرة، رغم أن تونس مصنفة من الدول التي تعاني ندرة من المياه، وليس من المقبول اليوم أن نتصرف بطريقة عشوائية في تعاطينا مع هذه الأزمة، ليس هناك وعي بتداعيات التغير المناخي والاحتباس الحراري رغم سنوات الجفاف التي مرت بالبلاد، كما لم نحسن استغلال التساقطات، ولم ندعم المواطن حتى يجد الطريقة المناسبة لتخزين المياه في الآبار كأحد الحلول لمواجهة شح المياه في المستقبل.
حسب تقديرك، كيف يمكن مواجهة مشكلة المياه وتداعيات التغيير في المناخ؟
رغم ما تشهده البلاد اليوم من ارتفاع غير مسبوق لدرجات الحرارة، لكن مع ذلك مازلنا نلتجئ إلى خيار السدود الكلاسيكية،في وقت تتجه فيه أغلب دول العالم إلى استعمال السدود الجوفية والبحيرات ودعم المواطن والفلاح حتى يحافظ على الماء ويحسن استغلال التساقطات وتوجهات مياه الصرف الصحي والمياه المخصصة لسقي الزيتون.برأيي الحل في مراقبة تصرف المياه ومتابعة مستمرة لهذه العملية، وأن نبني إستراتيجية محكمة لمعالجة هذه الأزمة، والتي سنلمس نتائجها ولو على مدى بعيد.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس