آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أكد بشير السحباني، القيادي بالاتحاد العام التونسي للشغل، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن “الاتحاد يرفض التضييق على الحريات النقابية وضرب حق التفاوض بشأن الملفات الاجتماعية، وهو ما نجح في التعبير عنه وإيصاله إلى السلطة خلال التحرك الاحتجاجي الأخير، الذي حظي بمشاركة شعبية ونقابية واسعة”.
وأشار إلى أن “الاعتداء على مقر الاتحاد هو ناقوس خطر أيقظ النقابيات والنقابيين من طواحين الخلافات الداخلية”، مضيفًا أن “الأجسام الوسيطة مهددة جميعًا بالمشروع السياسي للبناء القاعدي الذي سيصحر الساحة السياسية والمنظماتية والطيف المدني”، وفق تقديره.
وبرأيه، فإن “فتح باب الحوار مع الاتحاد خطوة هامة وضرورية للسلطة والمنظمة معًا، حيث إن شعارات السلطة حول الدولة المدنية والاجتماعية تستوجب هذا الحوار، وكذلك الوضع الدولي والداخلي”.
يُذكر أن بشير السحباني هو الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بولاية بنزرت.
ما هي الرسالة التي وجهها اتحاد الشغل إلى السلطة، من خلال التجمع العمالي الواسع وتحركه الاحتجاجي؟
من خلال التجمع العمالي أراد الاتحاد العام التونسي للشغل أن يثبت أنه فعلاً خيمة التونسيات والتونسيين، ويخرج من حالة الوهن التي طبعت ردوده على التعدي على الحريات الفردية والجماعية، وإزاء جملة من القضايا مثل المحكمة الدستورية، واستقلالية القضاء، ورفض تلفيق القضايا وشيطنة الخصوم وتخوينهم، وتوظيف الأنصار، وضرب منظمات المجتمع المدني. كما أراد أن يرسل موقفاً حاسماً حول التضييق على الحريات النقابية وضرب الحق في التفاوض والمفاوضات الجماعية وتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي في غياب رؤية واضحة وغياب التشاركية. الاتحاد يدرك أن مسألة الدولة الاجتماعية مجرد شعار أجوف، وأن التضييق على الاتحاد والمجتمع المدني مقدمة لإصلاحات ليبرالية متوحشة قد تكون استجابة لشروط الرأسمالية والمستثمرين، حيث إن الحملات التي سبقت الاحتجاج وصاحبت أحداث 7 أوت/أغسطس، والتي دعت لحل الاتحاد والتدخل في استقلالية المنظمة، توحي بأن هذه المطالب تستهدف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وربما استغلال الخلافات الداخلية للمنظمة.
هل نجح الاتحاد، برأيك، في الدفاع عن حقه النقابي؟
أعتقد أن التحرك الاحتجاجي قد نجح نسبياً في ذلك، لأنه جمع المنظمات التي تتقاطع مع الاتحاد، إذ لا تقدر على الدفاع بمفردها، ولأن المشاركة الشعبية كانت كبيرة وجمعت تنوعاً لا يجمعه إلا الاتحاد.
هل أن المشاركة الشعبية الواسعة جددت الثقة في أن الاتحاد ما زال له وزن وثقل في المشهد، كما لا يمكن إلغاء وتهميش دور الأجسام الوسطية في المشهد التونسي؟
هذه المنظمات مهددة جميعها بالمشروع السياسي للبناء القاعدي الذي سيصحر الساحة السياسية والمنظماتية والطيف المدني. لذلك يعد التحرك الاحتجاجي الخطوة الأولى للدفاع عن حضور وتواجد ودور هذه الأجسام في المشهد.
هل، برأيك، الاعتداء على مقر الاتحاد ساهم في إيقاظ الاتحاد من غفوته وأثبت أن له دوراً كبيراً وعليه تدارك أخطائه؟
الاعتداء على الاتحاد هو ناقوس الخطر الذي أيقظ النقابيات والنقابيين، وجمع كل ذلك الطيف من المشاركين، وذكّر التونسيات والتونسيين بأحداث 4 ديسمبر 2012، التي سبقت الاغتيالات السياسية والعمليات الإرهابية التي طالت خيرة أبنائنا من الأمن والجيش الوطني. وبالفعل، فقد ساهم هذا الاعتداء في إيقاظ الاتحاد من طواحين الخلافات الداخلية.
كيف يمكن أن تتجنب تونس تداعيات التصعيد بين السلطة والاتحاد وفق تقديرك؟
تونس هي بلد الحوار وقد نجحت فيه في مراحل متعددة. أعتقد أن الوضع الدولي والإقليمي والوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي كلها تحديات تستوجب حواراً مع الأطياف المدنية لإنقاذ البلاد وتحصين الوضع الداخلي.
هل، برأيك، إقالة الطبوبي من منصبه ستدفع إلى فتح صفحة جديدة من المصالحة مع السلطة، كما تعد الحل لتجاوز الاتحاد خلافاته الداخلية؟
الخلافات في الاتحاد مسألة ثانوية سيستمر فيها الصراع، وهي نقطة قوة للمنظمة إذا أُحسن إدارتها. وبالنسبة لنا: تونس أولاً، والمنظمة ثانياً. وبرأيي، طبيعة المنظمة الجامعة تجعل هذا الصراع مستمراً، وهي مسألة تاريخية بين خط مناضل ومستقل وخط مهادن.
وأعتقد أن المنظمة تحتاج إلى إصلاحات لتستمر، ويجب أن تشمل هذه الإصلاحات مجالات مثل الحوكمة والشفافية المالية، على غرار ترسيخ الديمقراطية والتداول. وللإشارة، فإن المسؤولين النقابيين صرحوا بأملاكهم لدى هيئة مكافحة الفساد، وأي تجاوز يحسم فيه القضاء المستقل ولا يلزم المنظمة.
وفيما يخص بقاء الطبوبي على رأس المنظمة من عدمه كحل لتجاوز الخلافات، فلا أعتقد أن انسحاب الأمين العام هو الحل، ولو استقال الأمين العام بمحض إرادته فهو حر. وفي كل الحالات لم يبق إلا أشهر قليلة على موعد المؤتمر العام المقرر في مارس القادم، والذي من شأنه أن يحسم هذا الجدل.
كيف يمكن، برأيك، إنقاذ اتحاد الشغل من أزمته والعودة إلى طاولة التفاوض والحوار مع السلطة؟
فتح باب الحوار مع الاتحاد خطوة هامة وضرورية للسلطة والمنظمة معاً. شعارات السلطة حول الدولة المدنية والاجتماعية تستوجب هذا الحوار، وكذلك الوضع الدولي والداخلي.
هل تتوقع خطوات تصعيدية أخرى من قبل الاتحاد في حال تمسكت السلطة برفضها للحوار؟
نعم، أتوقع ذلك. وللإشارة، فإن قرار الإضراب العام اتخذه الاتحاد في المجلس الوطني الأخير في سبتمبر 2024، وأوكل للهيئة الإدارية الوطنية والمكتب التنفيذي تحديد تاريخه. والمجلس الوطني هو سلطة القرار الثانية للاتحاد بعد المؤتمر العام، وهذا القرار نافذ وتم تأجيله بهدف فتح باب الحوار مع الاتحاد وإنجاح المفاوضات الجماعية. لكن سمعة الاتحاد على المستوى الوطني وعلى مستوى الحركة النقابية العالمية لا تسمح له بالصمت إزاء ما يتعرض له من تضييق وتهميش. ومع ذلك، فإن وطنية النقابيات والنقابيين تجبرهم على التحلي بالحكمة ومراعاة مصلحة الوطن حتى لا نعطي الفرصة لأعداء تونس للتدخل في شأننا الداخلي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس