تونس تحتفي بعيد العمال وسط اتهام السلطات بتجاهل النقابات

7
تونس تحتفي بعيد العمال وسط اتهام السلطات بتجاهل النقابات
تونس تحتفي بعيد العمال وسط اتهام السلطات بتجاهل النقابات

عادل الثابتي

أفريقيا برس – تونس. تحيي تونس، الخميس، الأول من مايو/ أيار يوم العمال العالمي وسط اتهامات من أكبر نقابة في البلاد للسلطات بـ”تجاهل النقابات”، لاسيما المواضيع المتعلقة بالعمال مثل قانون العمل.

وفي 14 مارس/ آذار 2025 أحال الرئيس التونسي قيس سعيد إلى مجلس نواب الشعب، مشروع قانون يتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، في إطار إصلاحات تشريعية تستهدف تعزيز استقرار العلاقة الشغلية والتصدي لمظاهر التشغيل.

والاثنين، أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل بيانا أدان بشدة ما اعتبره “سياسة إقصاء متعمدة تنتهجها الحكومة وكل الأجهزة التي ناقشت مشروع تنقيح مجلة الشغل (قانون العمل)”، معبرا عن “رفضه عن كل ما يترتب عنها”.

واعتبر الاتحاد أن “تعمد دوائر القرار الأخذ برأي ممثلي الأعراف (الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية) في تنقيح فصول (مواد) مجلة الشغل وإقصاء اتحاد الشغل الذي يمثل العمال، انحياز لطرف واحد من أطراف الإنتاج”.

وأضاف أن ذلك “يؤكد سيطرة جهات متنفذة تريد أن تواصل التحكم في مصائر ملايين العمال وتغييب رأيهم وموقفهم من قضية هم المعنيون بها أكثر من غيرهم”، مشيرا إلى انه “استحواذ غريب على شرعية تمثيلهم”.

وشدد الاتحاد أن “عملية تنقيح مجلة الشغل يجب أن تكون شاملة لكل الفصول وأن تنسحب أيضا على كل منظومة التشريعات الشغلية”.

ولفت إلى أن “تنقيح الفصول المتعلقة بالعقود والمناولة، على أهميته، لا يحل الإشكاليات الموجودة في مجلة الشغل وخاصة ما تضمنته من حيف واختلال بخصوص حقوق العمال ويبقى معالجة جزئية وانتقائية”.

كما أكد الاتحاد أن “تنقيح مجلة الشغل وسائر تشريعات العمل كان دوما مطلبا نقابيا وعماليا رفعه الاتحاد في كل مناسبة وفاوض من أجله جميع الأطراف الاجتماعية”.

واعتبر أن “تنقيح مجلة الشغل دون استشارة الاتحاد العام التونسي للشغل هو ضرب للحوار الاجتماعي وتجاوز للقانون المتعلق بإحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي (بين الدولة والنقابات) وضبط مشمولاته وكيفية تسييره والقاضي بالاستشارة الوجوبية للمجلس في كل مشاريع القوانين ومشاريع الأوامر الحكومية ذات العلاقة بالشغل والعلاقات المهنية والتكوين المهني والحماية الاجتماعية”.

وأضاف الاتحاد أن “ذلك الإقصاء هو تخل من الحكومة عن تطبيق الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها والتي تلزمها بالتشاور مع ممثلي العمال”.

وحتى اليوم الخميس، لم يصدر تعليق من جانب السلطات التونسية على بيان الاتحاد العام للشغل.

ومنذ إجراءات 25 يوليو/ تموز 2021 يعتبر الرئيس التونسي قيس سعيد أن للاتحاد العام التونسي للشغل دورا نقابيا فقط.

وخلال زيارة لثكنة الحرس الوطني بالعوينة في العاصمة نهاية يناير/ كانون الثاني 2023 كان سعيد واضحا في هذه المسألة بالقول “:إن الحقّ النقابي، مضمون بالدستور، ولكن لا يمكن أن يتحوّل إلى غطاء لمآرب سياسيّة لم تعد تخفى على أحد”.

وفي يوليو 2021، شرع سعيد في إجراءات استثنائية، بينها حل مجلسي القضاء والنواب وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإقرار دستور جديد عبر استفتاء وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، ومن المقرر إجراء انتخابات رئاسية في وقت لاحق من العام الجاري.

وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات “انقلابا على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد “تصحيحا لمسار ثورة 2011.

أكبر النقابات التونسية

وخلال عشرية كاملة ( 2011-2025) تصدر الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر النقابات التونسية) المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد حتى أنه تدخل في تشكيل الحكومات، وفق متابعين.

وقال سامي الطاهري الناطق باسم اتحاد الشغل في حوار سابق مع وكالة “الأناضول” إن “الاتحاد سيلعب دوره في توضيح الأزمة التي تعيشها البلاد وطرق حلها ومن أهم السبل هو الحوار الوطني والتشاركية بين كل مكونات المجتمع؛ فهذه أزمة داخلية وإقليمية وعالمية لا يمكن الخروج منها برأي واحد وفكر واحد”.

ومشددا على أهمية الاتحاد، أردف الطاهري: “جاء الوقت ليعي الجميع أن هذه الأزمة لابد أن نخرج منها مشتركين، وهنا يأتي دور الاتحاد في أن يقنع ويؤثر كي تحاول السلطة والمعارضة ومكونات المجتمع المدني أن تجد حلولا للأزمة”.

وبشأن ما يعتبره مراقبون تراجعا لدور ونفوذ الاتحاد بعد إجراءات سعيد الاستثنائية، قال الطاهري إن “الحديث عن صمت الاتحاد فيه ما يمكن أن يكون صحيحا”.

وأوضح أن “الاتحاد اتخذ استراتيجية تجنب التصادم، ليس خوفا أو كما يُقال أن هناك ملفات (بيد السلطة تدينه)؛ لأنه لو كان للسلطة أي ملف لما ترددت في استخدامه ورقة ضد الاتحاد.. نحن نتجنب التصادم؛ لأن البلاد غير قادرة على تحمل أي تصادم”.

ولكن هذا الموقف ليس نهائيا من جانب الاتحاد، إذ قال الطاهري: “الوضع لا يحتاج إلى مثل هذا الخيار (التصادم)، وإن اضطررنا إلى ذلك لن نتردد، دفاعا على النفس وعن تونس”.

وتابع: “لا نقبل أن تتواصل هذه الشعبوية وتدمير وتفكيك الدولة، بدعوى البناء القاعدي والشركات الأهلية، وبدعوى رؤى حتى أصحابها لا يفهمون منها شيئا.”

و”نأمل أن تكون أزمة وتمر وقوس ويغلق في هذا البلد دون أضرار كثيرة ودون تبعات وارتدادات قد تؤدي إلى احتراب أردنا تجنبه”، كما أردف الطاهري.

وقال الطاهري، في أبريل/ نيسان الماضي إن الاتحاد خلال تجمع وطني سيؤكد على المطالب الاجتماعية ومواصلة المفاوضات مع الحكومة حول الأجور وتنقيح مجلة الشغل (قانون ينظم علاقات العمل في تونس).

والاتحاد هو أقوى منظمة مدنية تونسية، ويضم ما لا يقل عن 80 في المائة من موظفي الدولة، وتأسس قبل 10 سنوات من استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي.

ميزات ونواقص

وفي تعقيبه على تنقيح قانون الشغل قال حاتم قطران الاستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية في جامعة قرطاج بتونس، إنه يتضمّن العديد من الميزات ونجح في بابه الأول بنسبة 80 بالمائة.

وأضاف قطران، وفق ما نقل عنه راديو “موزاييك” (خاص) أنه “رغم الميزات، هناك بعض النقائص في مشروع القانون في علاقة بالعقود ذات المدة المعينة، حيث كان من الأجدر توسيع هذا المجال وعدم حصره في الأعمال الموسمية والحالات المرضية والزيادة في حجم الإنتاج، وأن يشمل مثلا أعمال البناء والمقاولات العامة إضافة إلى استغلال القانون لتشغيل من طالت بطالتهم”.

أما بخصوص الباب الثاني من القانون المتعلق بمنع المناولة، قال قطران، إنّ قانون 1996 يمنع بدوره المناولة لكنه غير مؤطر، ما دفع بعض الشركات إلى استغلال هذه النقطة وتاجرت في اليد العاملة”.

وتابع أن “مؤسسات عمومية بدورها استغلت اليد العاملة الثانوية بصفة غير قانونية”.

وتعتبر مناولة اليد العاملة بحسب قانون الشغل “كل العقود والاتفاقيات المبرمة بين مؤسسة مؤجرة لليد العاملة ومؤسسة مستفيدة يتم بمقتضاها إجارة اليد العاملة ووضعها من المؤسسة المؤجرة على ذمة المؤسسة المستفيدة”.

أما بخصوص العقوبات الجزائية بخصوص المناولة قال قطران: “كان بالإمكان الاستغناء عنها والاكتفاء بالعقوبات المالية والترفيع فيها، لأنه يجب التعامل مع المؤجر كشريك اجتماعي لا كمذنب محتمل”، وفق تقديره.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here