حوار آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. اعتبر حبيب التيساوي القيادي بحركة البعث التونسية في حواره مع”أفريقيا برس” أن تأجيل أو تمديد الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها أواخر السنة الجارية يفتح الباب أمام مشككين في مصداقيتها، كما تتطلب هذه الخطوة عرض المبررات الكافية وتحديد للفترة الإضافية وشرح كل ذلك للمواطن، وفق تقديره.
ورأى التيساوي أن مسار 25 جويلية يعد نقطة تحول في تاريخ البلد وقد أوقف نزيف تردي الأوضاع بعد أن عجزت حكومات ما بعد 14 جانفي/يناير 2011 في إصلاحها وتحقيق تطلعات التونسيين، لكنه أقر في المقابل بوجود أخطاء في إدارة مرحلة ما بعد 25 جويلية خاصة على صعيد الاقتصادي والاجتماعي غير أن الفرصة مازالت سانحة لتداركها، حسب تعبيره.
وحبيب التيساوي هو أمين سر فرع جندوبة لحركة البعث ومن مؤسسي الطليعة الطلابية العربية بتونس سنة 1979 وهو أيضا نقابي معروف في الاتحاد العام التونسي للشغل منذ سنة 1980.
ما رأيكم في الدعوات التي أطلقها حزب تونسي مؤخرا بتأجيل الانتخابات الرئاسية، هل تمهد مثل هذه الدعوات للتمديد لولاية الرئيس؟
تعيش تونس مرحلة قد تظهر للكثير ممن تعودوا على الفهم المسطح على أن المجهول يحمل البلاد إلى نتائج تعودنا عليها في سلبياتها في العشرية الماضية ولكن ثقتي في جدية الساهرين على سير البلاد وبكل هدوء وثقة يعملون على الخروج من الصعوبات قد يتجاوز مخيلات ممن تعودنا على سيطرتهم على المشهد السياسي والذين لم يرتقوا لفهم متطلبات المرحلة بتعقيداتها ومتغيراتها الإقليمية والعالمية وهي في حركة دائمة لم تستقر بعد ارتباطها بقوى النزاع في العالم، وعليه فإن تونس في تعافيها الآن قد تتطلب مزيدا من الوقت لتتضح الرؤية ويطرح البرنامج المجدي والإيجابي لذا فالتمديد أو التأجيل يطلبه من يتحمل المسؤولية ولا بد من مبرر وتحديد الفترة وحتى لا يكون تسويفا يجب توضيح بصدقية تلامس وعي المتلقي وهو المواطن حتى لا نسقط في” ربح الوقت”. ولكن إذا لم يكن العائق فني (إداري أو مادي…) فلا داعي للتأجيل حتى لا نفتح بابا للمشككين.
كيف تقيم أداء حكومة الحناشي في التعاطي مع الملفين الاجتماعي والاقتصادي خاصة في ملفي البطالة والهجرة؟
ملف البطالة والهجرة ملف ضخم ومكلف يتطلب إمكانيات مادية هائلة تفتح مشاريع واستثمارات تفرض على الدولة أن تقوم بدور المنشط والمكون لحمل أصحاب الإستثمارات في الإنتشار في كل القطاعات وفي كل الجهات وتسهيل الطرق بتقديم التشجيعات مع مراقبة فنية وإدارية حتى لا تكون التسهيلات التي تقدمها الدولة موضوع ابتزاز. وهذا يتوجب تكوين اطارات فنية للغرض…
ماهي حلولكم كحركة البعث لتجاوز الأزمات وهل تعتقد أن حوار وطني جامع يجمع الأطراف المؤيدة والمعارضة لمسار 25 جويلية ضروري لتجاوز هذه المرحلة أم أن هذه الدعوات لم تعد مُجدية؟
25 جويلية هي نقطة تحول في تاريخ تونس أوقفت نزيف تردي الأوضاع في القطر بعد عجز كل الحكومات التي تعاقبت بعد 14 جانفي2011 وبعد تفاقم البطالة بشكل كبير وهجرة قوى العمل والعقول والكفاءات العلمية وتفريغ خزينة الدولة بنهب أموال مقروضة من أوساط مالية أجنبية ساهمت في تأزيم الاقتصاد التونسي وكثيرون من ساهموا في تأزيم الوضع وكثيرون من انتفعوا بشكل غير شرعي نهبوا أموال الدولة تحت طائلة دستور 2014 “دستور فالدمان”.
موضوع المعارضة يجب أن نوضح معنى، هناك المعارضة الوطنية والتي ناضلت وقدمت التضحيات بدون أن تساهم في الفساد التي عاشته تونس ورفض المشاركة في حكومات الفساد التي تداولت على البلاد وفي زاوية أخرى هناك من تعلقت بهم جرائم في حق الشعب والوطن لذا نفرق بين هذا وذاك…
وحقيقة الأشياء كل من له غيرة على هذا الوطن الأبواب مفتوحة ليقدم ما يراه صالحا وفي مصلحة الوطن والشعب بدون أن يبحث على تعجيز زيد أو عمرو أو تسجيل نقاط… العمل الجماعي مطلوب ومجدي ولابد من تظافر الجهود الوطنية والغير مرتبطة بالأجنبي ونحن في حركة البعث نرفض الإستقواء بالأجنبي وندافع على حرية قرارنا السياسي.
هل تتوقع استجابة للدعوات التي أطلقها اتحاد الشغل وأطراف سياسية وحقوقية بمراجعة المرسوم 54 المتهم بالتضييق على الحريات؟
منذ 14 جانفي تونس أطلقت العنان للحريات بكل أشكالها…فكانت تسير بعجلتين: عجلة الحريات التي تسير بسرعة خيالية وعجلة الإقتصاد التي تسير ببطئ أو متوقفة مما جعلنا نفقد بوصلة التقدم. نتج عن ذلك تردي الوضع الإجتماعي خاصة فقدان سلطة الدولة أو ضعفها لذا مرسوم 54 يتنزل في هذا الإطار وهو إرساء سلطة الدولة.
هل تعتقد هناك سوء إدارة لمرحلة ما بعد 25 جويلية وعلى هذا المسار معالجة الأمر حتى لا يفقد الرهان الشعبي حوله؟
الأخطاء موجودة من لا يخطئ هو الذي لا يمارس أو لا يعمل ولكن إمكانية التدارك ممكنة مفتوحة وأضيف أن هناك قوى إرباك متمترسة تحت قوى أجنبية نحن في مجابهتها بكل ما لدينا ولن نقبل بالتعامل معها..
كيف تقيم تعاطي الدبلوماسية التونسية مع الحرب الأخيرة في غزة، وهل برأيك قانون تجريم التطبيع وقع قبره كما وقع مع البرلمانات الأخرى؟
القضية الفلسطينية محورية في الصراع العربي الصهيوني والكيان الصهيوني نحن لا نعترف به كدولة بل هم عصابات أتت بهم القوى الإستعمارية وأساسا بريطانيا لتغرسهم في الوطن العربي قصد فصل جزئه الشرقي عن جزئه الغربي للحيلولة دون الوحدة العربية والتطبيع هو إقامة علاقات ديبلوماسية بين دولتين وحتى نبسط المفاهيم فلا يصح أن تقام علاقات مع كيان وبالتالي لغويا التعبير غير صحيح فالمسألة تتطلب توضيح في طرح الموضوع وحتى لا نناقض أنفسنا لا بد من توضيح..على مستوى الكواليس ليست هناك معطيات تفيد ما ذهب إليه الكثيرون في التخلي عن المطلب للتصدي لمن يقيم علاقات مع الكيان الصهيوني. معاداة الصهيونية واجب قومي عربي وإقامة علاقة مع الصهيونية معاداة للقومية العربية.
الدبلوماسية التونسية لم تظهر في مستوى التصدي البطولي للمقاومة الفلسطينية في حربها ضد الكيان الصهيوني وخيار الصمت لم يحجب تموقع تونس في التصدي للمشاريع الصهيونية..
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس