أفريقيا برس – تونس. كشف حسام الحامي منسق ائتلاف صمود في تونس في حواره مع”أفريقيا برس” أن “الائتلاف يعمل على توحيد صفوف القوى الديمقراطية والمدنية للاتفاق على مرشح موحد لخوض السباق الرئاسي المرتقب تجنبا لسيناريو 2019 حيث ساهم العدد الكبير من المرشحين في تشتيت أصوات الناخبين وبالتالي خسارة المنافسة”.
وبين الحامي أن “هذه الانتخابات قد تشكل آخر محطة أو فرصة للعائلة الديمقراطية في تغيير واقع البلاد وإقناع الشارع بما تقدمه من بدائل وتصورات لتحسين الأوضاع في ظل المخاوف من مزيد التضييق على الحريات”، لافتا أن “المساعي نحو تعديل القانون 88 الخاص بالمجتمع المدني هدفه تضييق الخناق على الأجسام الوسطية التي تعد بمثابة سلطة مضادة وذلك لمزيد فرض السلطة سطوتها على المشهد وتأبيد حكمها،” حسب وصفه.
وحسام الحامي هو المنسق العام لائتلاف صمود الذي يضم مجموعة من تكتلات المجتمع المدني والقوى السياسية الديمقراطية في تونس.
ماهو موقف ائتلاف صمود من الانتخابات الرئاسية المرتقبة، وهل سيكون للمعارضة التونسية مرشح موحد للسباق الرئاسي؟
لقد أعلننا منذ 20 جوان 2022 أن ائتلاف صمود معني بالانتخابات الرئاسية دون أن تكون لنا نية لتقديم مرشحين لهذا السباق، فدورنا يقتصر على الدفع نحو توحيد صفوف القوى الديمقراطية والاتفاق على مرشح موحد لكل القوى الديمقراطية في الانتخابات القادمة والهدف من ذلك هو عدم إعادة سيناريو 2019 بتقديم عدد كبير من المرشحين وتشتيت الأصوات وهو ما أوصلنا إلى دور ثان فيه كل من المرشحين نبيل القروي وقيس سعيد وحدث ما حدث وذهبنا اليوم نحو تراجع مهم لمسار الانتقال الديمقراطي وعودة نحو الاستبداد وانغلاق مجالات الحرية مع فشل ذريع في إدارة الشأن الاقتصادي والاجتماعي.
وبالتالي لا نريد تكرار مثل هذا السيناريو اليوم ونحن نعيش في آخر فترات انفتاح مجال الحريات إلى حد ما وفضاءات الاختلاف والتنوع لذلك الانتخابات القادمة تشكل محطة مفصلية رغم المناخ الصعب التي تعيشه البلاد من ناحية اقتصادية وأيضا من ناحية سياسية بوجود معتقلين سياسيين من بينهم مرشحين للانتخابات القادمة وصحفيين ومدونين حيث أن فضاء الحريات ينغلق يوما بعد يوم ومن الممكن أن تكون الانتخابات القادمة آخر محطة يتسنى للقوى الديمقراطية فيها تغيير واقع البلاد عن طريق الوسائل الديمقراطية وصندوق الاقتراع.
بالتالي الإعداد لهذا الموعد مهم جدا بالنسبة لنا كائتلاف صمود، وقد انطلقنا في عدد من المشاورات مع عدد من الشخصيات الوطنية من المعنيين بهذه الانتخابات سواء ترشحا أو لاهتمامهم بمسألة إصلاح المنظومة السياسية وإعادة النظر في الدستور 2022 والقوانين الانتخابية والقمعية الزاجرة للحريات، ونحن ندفع أو نسعى كائتلاف صمود على إيجاد آلية تسمح بالاختيار من بين هذه الشخصيات من هي الأوفر حظا للعب دور مهم في هذه الانتخابات، هذا هو موقفنا فيما يخص الانتخابات وسيتبلور موقفنا أكثر في الأيام والأشهر القادمة، وحاليا نتحفظ على ذكر الأسماء المعنية بالترشح حتى تنضج هذه المشاورات.
في ظل تواصل إيقاف قيادات معارضة بارزة وفي ظل التشتت الحزبي والأيديولوجي بين مكوناتها، أي حظوظ للمعارضة في الرئاسيات حسب تقديرك؟
نحن لا نرى تشتتا بين المعارضة بل على العكس نحن في ائتلاف صمود سعينا بعد 25 جويلية إلى توحيد الصف الديمقراطي، وقد تجسد ذلك من خلال عملنا المشترك مع عدد من الأحزاب والمنظمات في منتدى القوى الديمقراطية على خلق بدائل في المجال سياسي من خلال تصورنا لإصلاحات سياسية وقانونية وأيضا من خلال اقتراح إصلاحات اقتصادية واجتماعية عبر لجان دعم وغير ذلك..
ثم أيضا قمنا بالتقارب مع رباعي تنسيقية القوى الديمقراطية وقمنا بالعديد من الأعمال المشتركة، وفي رأيي القوى الديمقراطية ليست مشتتة بل تسعى لتوحيد صفوفها، في المقابل نحن لا نتقاسم الرأي مع من يدفع نحو تجميع كل المعارضة على أساس الموقف من السلطة، نعم نحن نريد إصلاح وتغيير المنظومة السياسية والقانونية ولكن مع قوى تحمل نفس المبادئ والقيم التي نحملها لأن ما حدث في السابق من تحالفات بين الإسلام السياسي والقوى المدنية هو ما أنتج امتعاض جانب كبير من الشعب التونسي من القوى الديمقراطية ومن أداء الإسلاميين وهو ما دفع أو يسر صعود الشعبوية في تونس بسبب هذا الإحباط الناجم عن هذه التحالفات، نرى اليوم أن هناك فرصة للقوى الديمقراطية لكي تقدم نفسها كبديل ديمقراطي ومدني يقدم بدائل ورؤى قادرة على إقناع الشارع بإدارة الشأن العام دون التحالف مع من نعتبرهم من أسباب الأزمة التي نعيشها اليوم.
برأيك هل سيحظى السباق الرئاسي بالشفافية والمصداقية في ظل غياب أبرز منافسي الرئيس قيس سعيد؟
في الواقع المناخ السياسي اليوم هو مناخ متشنج وصعب، وأستغل الفرصة في هذا الحوار لتجديد دعمي لكل المعتقلين السياسيين ولكل سجناء الرأي ونطالب بإطلاق سراحهم..
في تقديري هناك عدد من الشروط الموضوعية التي يجب أن تتوفر حتى تكون الانتخابات نزيهة وشفافة من ذلك وجود هيئة انتخابات مستقلة ودستورية حيث أن هيئة الانتخابات أصبحت اليوم طرفا فاعلا في المشهد السياسي، ثم من ناحية أخرى القانون الانتخابي لا يجب المساس به إلا في النقطتين التي وقعا ذكرهما مؤخرا، بالتالي هذه من المطالب التي يجب أن تتوفر لاستكمال المسار، ونحن سنشارك في الانتخابات ونشترط أن يقع تنقية المناخ الانتخابي إذا كان لرئيس الجمهورية النية في الذهاب إلى انتخابات نزيهة وشفافة وأن يضع نفسه كمنافس مع بقية المنافسين ويقبل اللعبة الديمقراطية وفكرة التداول السلمي على السلطة، لكن إذا لم يتم الاستجابة لهذه المطالب في نهاية المطاف حينها لكل حادث حديث وسوف نتفاعل كقوى ديمقراطية بعد التشاور مع الوضع في ذلك الوقت.
لماذا لم تنجح المعارضة إلى الآن في حشد الشارع حيث نلاحظ تراجع المؤيدين وعدم النزول إلى الشارع كما السابق، هل بسبب النفور من الشأن السياسي ككل أم الإشكالية في خطاب المعارضة نفسه؟
مع الأسف هناك تراجع كبير في الحماس الذي كان موجود في الشارع إبان السنوات الأولى من الثورة، لكن لا أظن أن المسألة تخص المعارضة فقط، نلاحظ حتى السلطة نفسها اليوم غير قادرة على التعبئة وهو ما تجسد في نتائج الانتخابات الأخيرة الهزيلة وغير المسبوقة، وهو ما رأيناه مع دعوات نزول الشارع من قبل أنصار الرئيس وأيضا فيما يخص التفاعل مع القضية الفلسطينية رغم موقعها الخاص لدى كل تونسي مع ذلك لا توجد أي تعبئة.
بالتالي أظن أن الشعب التونسي في ظل ما يعيشه من وضع اقتصادي واجتماعي مأساوي أصبح الخلاص الفردي هو ما يشغله، حيث بات مكتفيا بالاهتمام بشؤونه وظروفه الخاصة ومشاكله اليومية ولا يعبأ بما يحدث في الساحة السياسية سواء من قبل السلطة أو من المعارضة.
هناك جدل بخصوص تعديل القانون 88 الخاص بالمجتمع المدني ماهو موقفكم من هذا التعديل في ظل المخاوف من مزيد التضييق على الحريات في البلد؟
طبعا مثل ما رأينا فإن القوانين والمراسيم السابقة تذهب كلها في سياق واحد وهو التضييق على الحريات وحرية الرأي وحرية الأجسام الوسيطة حيث وقع حرمان الأحزاب من المشاركة بصفتها في الانتخابات، أما بالنسبة للمجتمع المدني الذي يلعب اليوم دور مهم في المراقبة كسلطة مضادة في كل ما يخص مجال الحريات ومراقبة الانتخابات والمعطيات الشخصية إضافة إلى العمل الكبير الذي يقوم به في الجانب الاقتصادي والاجتماعي مثل دعم المدارس والمرأة الريفية والنساء ضحايا العنف أي أنه يقوم بأدوار متعددة.
أعتقد أن الهدف من تعديل هذا القانون هو تجفيف المنابع على المجتمع المدني بسبب دوره الرقابي الذي يقوم به كسلطة مضادة وحتى يمنح السلطة الحالية المزيد من المجالات وأن تكون لها أكثر سطوة على المشهد العام بمعنى تصحير المشهد السياسي والمدني لا لشيء إلا لتركيز هذه المنظومة الاستبدادية التي تجثم يوما بعد يوم على بلادنا لتأبيد حكم هذه السلطة وإبقائها كحال النظام القديم.
لماذا برأيك لم يقع تمرير قانون تجريم التطبيع في البرلمان التونسي؟
لقد تحول هذا القانون إلى “مسلسل” يتابعه التونسيون وحتى الخارج، رأينا الخطاب الرسمي يتحدث على التطبيع كخيانة ورأينا في الحملة الانتخابية كيف استعمل الرئيس هذا المحور لحشد الشارع، لكن للأسف حين تعرض الشعب الفلسطيني إلى التنكيل والإبادة الجماعية منذ 7 أكتوبر لم نرى إلا الخطابات الرنانة، وحين وصل الأمر إلى البرلمان للمصادقة على هذا القانون طالب أعلى هرم في السلطة وهو رئيس البرلمان بالتراجع والعدول عن هذا النص، للأسف أصبح من الواضح بعد التأخيرات المتتالية أن السلطة لا ترغب في تمرير هذا القانون ربما لضغوطات خارجية وأسباب أخرى، في كل الحالات هناك ماهو واضح هو التباين بين الخطاب والممارسة في قضية مهمة بالنسبة لكل التونسيين وهي القضية الفلسطينية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس