خليل الزاوية: المشاركة في الانتخابات رهينة احترام الديمقراطية

13
خليل الزاوية: المشاركة في الانتخابات رهينة احترام الديمقراطية
خليل الزاوية: المشاركة في الانتخابات رهينة احترام الديمقراطية

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. كشف رئيس حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، خليل الزاوية، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن الحزب مستعد للمشاركة في الانتخابات البلدية المرتقبة في حال احترامها للقواعد الديمقراطية.

وأوضح أن المشاركة ستكون وفق أطر ديمقراطية واضحة، وقد تكون عبر قائمات مستقلة أو قائمة تشاركية مع أحزاب وجمعيات، بحسب ما تقتضيه مصلحة المواطنين وحاجة البلديات إلى برامج متكاملة وكفاءات فعالة، وفق تقديره.

وبيّن الزاوية أنه لا يوجد أي تنسيق أو علاقة مع السلطة الحالية، حيث يتموقع الحزب بوضوح في صف المعارضة. وأضاف أن ما يطرحه الحزب من أفكار وحلول ومقترحات هو علني ومتاح للعموم، مؤكداً أن غايته إنقاذ البلاد مما تعانيه من أزمات، وليس خدمة طرف سياسي بعينه.

وعن تجربته السابقة في الحكم بصفته وزيراً للشؤون الاجتماعية خلال العشرية الماضية، لفت الزاوية إلى أن عملية اتخاذ القرار في تلك الفترة لم تكن سهلة إطلاقاً، مرجعاً ذلك إلى تنوع الائتلاف الحاكم آنذاك وتباين الرؤى الاقتصادية والاجتماعية بين مكوّناته. واعتبر أن التموقع في قلب الصراع مع الدفاع عن خيارات اجتماعية واضحة يمكن أن يعطي نتائج ملموسة لفائدة المواطنين.

يُذكر أن خليل الزاوية هو سياسي وطبيب ونقابي تونسي، يتولى حالياً رئاسة حزب التكتل الديمقراطي، ويُعد من أبرز قياداته، كما تولى منصب وزير الشؤون الاجتماعية في الحكومة الانتقالية بين سنتي 2011 و2012.

هناك من يلاحظ أنّ عددا من المقترحات والأفكار التي ينشرها حزب التكتل على صفحته الرسمية تُترجم لاحقا إلى مشاريع مراسيم لدى رئاسة الحكومة. هل هناك تنسيق أو تعاون مباشر بينكم وبين السلطة الحالية؟

ليس هناك أي تنسيق أو تشاور أو علاقة مع السلطة الحالية. حزب التكتل يتموقع بوضوح في صفّ المعارضة لسياسات السلطة القائمة. ما يطرحه الحزب من أفكار ومقترحات هو علني ومتاح للعموم، والغاية منها ليست خدمة طرف سياسي بعينه بل المساهمة في إيجاد حلول حقيقية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد.

بصفتك وزيرا سابقا للشؤون الاجتماعية، كيف كان اتخاذ القرار في فترة الصراع السياسي؟ هل كان ذلك سهلا أم معقدا؟

بصفتي وزيرا سابقا للشؤون الاجتماعية، أؤكد أنّ عملية اتخاذ القرار في تلك الفترة لم تكن سهلة إطلاقا. السبب الرئيسي هو تنوّع الائتلاف الحاكم آنذاك وتباين الرؤى الاقتصادية والاجتماعية بين مكوّناته. كانت النقاشات في مجلس الوزراء طويلة ومعمّقة، وكنا نحرص دائما على الدفاع عن رؤيتنا الاجتماعية بالاعتماد على الإقناع والمقارعة بالحجة.

وفي بعض الملفات الكبرى، كنّا نلجأ إلى التصويت داخل مجلس الوزراء، ولم يكن التصويت دائما في صالح حركة النهضة رغم ثقلها السياسي، وهو ما يعكس توازنات داخل الحكومة آنذاك.

-من الأمثلة الإيجابية التي تمكّنا من إنجازها:

– إقرار الترفيع في المنحة المسندة للعائلات المعوزة رغم وجود اعتراضات على كلفتها المالية، وقد أثبتت التجربة أنّها ساهمت في دعم الفئات الهشة.

– إطلاق برنامج السكن الاجتماعي لفائدة العائلات محدودة الدخل، وهو برنامج استمر لاحقا وأصبح أحد أهم السياسات العمومية في المجال السكني.

– تحسين خدمات التغطية الاجتماعية لفائدة عدد من الفئات المهنية غير المنتفعة سابقا، وهو ما ساعد على تقليص نسب التهميش.

هذه القرارات لم تكن نتيجة توافق سهل بل ثمرة نقاشات حادّة وصراع سياسي داخلي، لكنّها برهنت أنّ التموقع في قلب الصراع مع الدفاع عن خيارات اجتماعية واضحة يمكن أن يعطي نتائج ملموسة لفائدة المواطنين.

اليوم يحمّل جزء من الرأي العام التعددية الحزبية مسؤولية تعطيل القرارات المصيرية، في مقابل صعود فكرة القرارات الأحادية كحلّ. كيف ترون مستقبل التعددية السياسية في تونس؟ وهل يمكن أن تعود كقيمة مع ضمان الحسم في القرارات الأساسية؟

الإشكال في التجربة التونسية لم يكن في التعددية السياسية في حد ذاتها، بل في طبيعة الائتلافات التي تشكّلت. فقد كانت في أغلبها ائتلافات بلا برنامج موحّد أو رؤية متكاملة، وغلب عليها الطابع الارتجالي وتهميش الأحزاب السياسية داخل الحكومة، وهو ما ولّد تجاذبات حزبية في البرلمان وأضعف القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة.

لكن التعددية، إذا كانت قائمة على برامج واضحة ومؤسسات قوية، فإنها في الواقع تُقلّص من نسبة الخطأ، لأن تعدّد وجهات النظر يسمح بمراجعة المقترحات وتنقيحها قبل المرور إلى التنفيذ. على العكس من ذلك، الحكم الفردي قد يبدو في البداية أسرع في اتخاذ القرار، لكنه عندما يخطئ لا يجد من يردعه أو يصحّح مساره، فتتفاقم الأزمات وتُصبح كلفة الإصلاح مضاعفة.

لذلك، مستقبل التعددية في تونس يظلّ ضروريا كقيمة ديمقراطية وآلية لضمان التوازن، مع الحاجة إلى تطوير الثقافة السياسية نحو بناء ائتلافات على أساس برامج واقعية لا مجرد محاصصات. هكذا فقط يمكن الجمع بين الحسم في القرارات الأساسية وبين ضمان مشاركة واسعة تقلّل من المخاطر والأخطاء.

ملف رقمنة الإدارة يتأجل منذ سنوات رغم تكرار الوعود الحكومية، برأيكم: هل السبب هو غياب الكفاءات، مع العلم أن تونس تخرّج سنويا نحو 9000 شاب في اختصاص الإعلامية، أم أن هناك تعطيلًا مقصودًا؟

الحقيقة أن ملف رقمنة الإدارة لا يتوقف على الجانب التقني أو على وجود الكفاءات، فتونس تخرّج سنويا آلاف الشبان في اختصاص الإعلامية ولدينا ما يكفي من الخبرات لإنجاز مشاريع رقمية متطورة. المشكل الأساسي يكمن في غياب إرادة سياسية حقيقية لدفع هذا الملف.

الإرادة السياسية تعني أوّلا أن تكون لدى الدولة رؤية واضحة تعتبر الرقمنة خيارا استراتيجيا لا مجرد شعار يُرفع في الخطابات. تعني أيضا أن تضع الحكومة الرقمنة ضمن أولوياتها، بتخصيص الموارد المالية والبشرية الكافية، ووضع آجال دقيقة للمشاريع، وربط المسؤولية بالمحاسبة عند التأخير أو الفشل.

للأسف، ما رأيناه في السنوات الماضية هو العكس:

– تأجيل متكرر بسبب مقاومة بعض المصالح الإدارية التي تستفيد من الوضع الحالي القائم على الورق والتعطيلات.

– توظيف سياسي للملف، حيث يُستعمل كموضوع للدعاية أكثر من كونه مسارا جدّيا للإصلاح.

– غياب التنسيق بين مختلف الوزارات والهيئات مما يُفرغ الوعود من محتواها.

بالتالي، لا يمكن القول إنّ الإشكال هو نقص كفاءات، بل هو غياب قرار سياسي شجاع يقطع مع ثقافة البيروقراطية والمحسوبية ويعتبر الرقمنة أداة للشفافية وتسهيل حياة المواطن.

في عديد التشريعات مثل ملف الدروس الخصوصية، يقع اللجوء عادة إلى المنع أو الردع. هل ترون أن هذا هو الحلّ، أم أن الإدماج هو الخيار الأجدى، كما حدث مع المدرسين الخصوصيين والمؤثرين؟

الخيار الأساسي لا يكمن في المنع أو الردع فحسب، بل في معالجة جذور المشكلة. أولا يجب الاستثمار في الرفع من مستوى التعليم العمومي وتحسين ظروف عمل المدرّسين وجودة تكوينهم، لأن أي إصلاح حقيقي يبدأ من المدرسة العمومية.

بعد ذلك يمكن التفكير في إدماج الدروس الخصوصية ضمن الإطار المؤسسي للتعليم، أي أن تكون مراقبة ومنظمة بما يحافظ على مصلحة التلميذ ويضمن العدالة بين جميع العائلات. الزجر يظلّ ضروريا فقط في الحالات غير المقبولة، مثل أن يدرّس الأستاذ تلاميذه المباشرين داخل المدرسة مقابل مقابل مادي.

الإدماج يمكن أن يكون أكثر نجاعة إذا ترافق مع تسهيل الإجراءات عبر الرقمنة، سواء في خلاص الأساتذة أو في متابعة الدروس، حتى تكون العملية شفافة وواضحة وتحمي التلميذ من أي استغلال. الهدف في النهاية هو المحافظة على مصلحة أبنائنا وضمان تكافؤ الفرص، مع إعطاء قيمة حقيقية للعمل التربوي الذي يقوم به المربون.

كيف تعامل قطاع الصحة مع قرار منع المناولة؟

إلى حدّ الآن لم يتمّ التقدّم فعليا في تنفيذ قرار منع المناولة داخل القطاع الصحي. فـ إدماج الأعوان الذين كانوا يشتغلون عبر شركات المناولة لم يحصل بعد على أرض الواقع، وإدارات المستشفيات ما زالت تنتظر صدور منشور رسمي يوضّح آليات الإدماج من رئاسة الحكومة ووزارة الصحة.

هذا التعطيل لم ينعكس فقط على سير العمل بالمؤسسات الصحية، بل أثّر مباشرة على الوضع الاجتماعي للأعوان، حيث أنّ الكثير منهم لم يتقاضوا أجورهم منذ أكثر من أربعة أشهر، في انتظار تفعيل عملية الدمج.

النتيجة هي حالة من الارتباك والضبابية: الأعوان في وضعية هشّة، المستشفيات تعاني من نقص في الموارد البشرية الضرورية، والدولة لم توضح بعد خطتها العملية لتسوية الملف. وهو ما يطرح تساؤلات جدّية حول مدى جدّية القرار وقدرة السلطة التنفيذية على متابعة الإصلاحات الاجتماعية الكبرى إلى آخرها.

شاهدنا مؤخرا تعزيز أسطول الحافلات، مع وعود بوصول دفعات جديدة. برأيكم، هل يكفي الترفيع في عدد الحافلات لحلّ أزمة النقل والاكتظاظ، أم أن الحل يتطلب مقاربة أشمل؟

تعزيز أسطول الحافلات خطوة إيجابية، لكنه ليس كافياً بمفرده لحل أزمة النقل والاكتظاظ في المدن الكبرى، خصوصاً في تونس العاصمة والمناطق المحيطة بها، حيث الطلب على النقل مرتفع جداً ويشمل المواطنين والطلبة على حد سواء. الحل يحتاج إلى مقاربة شاملة ومتعددة الأبعاد تشمل:

زيادة عدد الحافلات والقطارات بشكل ملحوظ لمضاعفة الطاقة الاستيعابية الحالية، مع توسيع خطوط السير لتغطية كل الأحياء والمناطق التي تشهد ضغطاً كبيراً.

توظيف أعوان إضافيين لسياقة الحافلات وضمان خدمة منتظمة، مع تحسين ظروف العمل لجذب كفاءات مؤهلة.

تطوير البنية التحتية للنقل، بما في ذلك محطات انتظار مريحة وآمنة، مواقف الحافلات، وأولوية للشوارع الرئيسية لتخفيف الازدحام.

برنامج صيانة دوري ومنتظم للحافلات والقطارات لضمان استمرار الخدمة وعدم تكرار الأعطال التي تؤدي إلى توقفات طويلة.

الرقمنة والإدارة الذكية لمسارات الحافلات والقطارات، وتقديم تطبيقات للمواطنين لتتبع مواعيد النقل وتقليل وقت الانتظار.

باختصار، الترفيع في عدد الحافلات مهم، لكنه جزء من إستراتيجية متكاملة تتضمن البنية التحتية، الصيانة، الكفاءات البشرية، وإدارة ذكية للنقل لضمان حل مستدام لأزمة الاكتظاظ وتحسين تجربة التنقل للجميع.

هل أنتم مستعدون لخوض الانتخابات البلدية المقبلة؟ وهل ستكونون في قائمات مستقلة أم في إطار قائمات تشاركية؟

حتى الآن، لم تتضح الصورة النهائية للانتخابات البلدية المقبلة، سواء من حيث الإطار القانوني أو المناخ الانتخابي العام. لذلك لم نُحدد بعد موقفنا النهائي بشأن المشاركة.

لكن بصفة عامة، حزب التكتل مستعد للمشاركة إذا توفرت الشروط الانتخابية العادلة والشفافة، والتي تضمن تنافسية حقيقية واحترام قواعد الديمقراطية. المشاركة ستكون وفق أطر ديمقراطية واضحة، وقد تكون عبر قائمات مستقلة أو قائمة تشاركية مع أحزاب وجمعيات تشاركية، بحسب ما تقتضيه مصلحة المواطنين وحاجة البلديات إلى برامج متكاملة وكفاءات فعالة.

المعيار الأساسي هو أن تكون العملية الانتخابية نزيهة وشفافة وتسمح للمواطنين باختيار ممثليهم بحرية، مع التركيز على تقديم برامج واضحة لحل مشاكل المدن والمجالات المحلية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here