افريقيا برس – تونس. كتبه / توفيق زعفوري.. أريد أن أبدا مقالي هذا بتصدير مبدئي، للإمام علي ابن أبي طالب يقول فيه ” لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه” ، حتى و إن بقيت وحدك، فلابد أن يظهر الحق ولو بعد حين، و من الموضوعي بمكان، أن نتعاطف و نساند شخصا، بكل قوة و بكل شجاعة لكن عندما ينحرف أو يخطئ، فلابد أن نقول و بنفس القوة و نفس الشجاعة أن هذا خطأ، و أن هذا غير معقول و غير منطقي، و ذاك من قوة الشخصية و موضوعيتها و معقوليتها..
أخطاء الرئيس كثيرة و هي ليست فقط مجرد أخطاء لكن بعضها إن لم نقل أغلبها إنتهت إلى فضيحة، و ماكان يجب أن يفعله، تغاظى عنه أو ابتعد عنه، كنت من داعمي الرئيس و المصوّتين له كغيري، كان خياري واضحا و لم أفكر طويلا أما وقد اعتلى السلطة، و كمراقب للشان العام و لما يحدث في مؤسسات بلدي فإنه لابد أن أشير إلى ما يلي :
أولا : الإنسحاب المسكوت عنه لأغلب المستشارين ممن ساند سعيد من ديوانه بطريقة مريبة يطرح اكثر من سؤال عمن يدير دفة القصر و كيفية العمل فيه، و الانسحاب المر للجنرال الحامدي له أكثر من معنى و يمثل أقوى ثغرة في مطبخ قرطاج، أما عن وزير خارجيه الأسبق “الرّي” فقد كان الرجل و لازال محكوما بواجب التحفظ و لولاه لصدمنا أكثر
ثانيا: من الواضح جدا لدى كل التونسيين، أن خطاب الرئيس في كل مرة يحتاج إلى خبراء في فك الطلاسم و الرموز، دون الحديث و لو مرة بوضوح عن مشاغلنا الضيقة و الحياتية..
ثالثا: ليس هناك ما يوحي بالإنسجام بين الرئيس و شعبه، و لا بينه و بين المؤسسات، لا هو يتكلم كما نتكلم و لا هو يعيش معنا على نفس الكوكب، فجوة عميقة بيننا يصعب جسرها للأسف..و تخىيجات من عمق الأدب العربي لا علاقة لها بالواقع أصلا كابن القارح و المتنبي و بغلة العراق و زقفونة و ما إلى ذلك!!!..
رابعا: مسألة الطرد المسموم، أضرت كثيرا بصورة مؤسسة الرئاسة و بهيبتها و ما كان فيها من تخبط و تلاعب يبين للأسف قيمة من يديرون الدفة و مدى تأثيرهم في القصر و خارج القصر..
خامسا: الهبة الإماراتية الأخيرة أسقطت كما يقال ورقة التوت الأخيرة عن هيبة المؤسسة الأولى في البلاد فرغم وجودها منذ ما يزيد عن الشهرين، فإن إخفاء أمرها خلق جوّا من عدم الثقة و من الإستبلاه و من الخيبة لدى التونسيين، و كان من الأفضل ردها لأهلها، أو على الأقل إستدعاء السفير الإماراتي و الإحتجاج لديه على إهانة تونس و التونسيين من خلال ما ورد في موقع العين الإماراتية القريب جدا من النظام و الناطق الرسمي بإسمه، من تقزيم للتونسيين و المنّ عليهم و كأننا شعب من المنكوبين و الجياع، و ما يعنيه ذلك من إمتهان لكرامة التونسيين،
سادسا: كان بالإمكان في إطار التواصل و الشفافية ، إعلام التونسيين بهذه الهبة تفاديا للخلط و اللخبطة التي طالت عديد الأطراف من الصحة العسكرية إلى القصبة..
أخيرا، واضح جدا، إصطفاف الرئيس مع مجموعة أحزاب ضد مجموعة أخرى، إذن هو ليس رئيس كل التونسيين و ليس على مسافة واحدة منهم و لا يمكنه بهذا أن بقوم بدور المجمّع و الضامن لعلوية الدستور الذي إحتكر لنفسه تأويله و تطويعه، و لازالت حالة الإنسداد تلقي بضلالها على الأوظاع المتأزمة أصلا
نخشى ألا يكون الرئيس يدفع إلى خلط جميع الأوراق و إعادة ترتيب الأمور و تركيز كل السلطات لديه دون الرجوع إلى الآليات الدستورية أو الإنقلاب على المسار الديمقراطي برمته…





