آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. حذر في البرلمان التونسي طارق مهدي في حواره مع “أفريقيا برس” من أن “التركيبة الديموغرافية لتونس باتت مهددة بسبب تدفق المهاجرين الأفارقة وتزايد عددهم في مختلف جهات البلاد خاصة في ولاية صفاقس”، داعيا السلطات إلى “التحرك الفوري في مواجهة تفشي هذه الظاهرة”.
وكشف أن “المهاجرين نجحوا في تكوين شبكة مجتمعية غير رسمية في مدينة صفاقس من خلال تطوير تنظميات وشبكات تساعدهم على تنظيم حياتهم في مختلف المجالات وباتوا بمثابة (دولة داخل الدولة) بسبب هذه الإستقلالية التنظيمية” وفق وصفه، لافتا إلى أن “توافد المهاجرين أثّر سلبا على حياة السكان المحليين على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي”.
وطارق مهدي هو نائب بالبرلمان عن دائرة محافظة “صفاقس”، وعضو لجنة التخطيط الإستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بالبرلمان.
كيف أصبح المهاجرون الأفارقة “دولة داخل الدولة” في ولاية صفاقس وفق ما ذكرت مؤخرا في تصريحات صحافية؟
نعم، يبدو أن المجتمعات الإفريقية في بعض المناطق التونسية، وخاصة في مدينة صفاقس التي شهدت تزايداً في توافد المهاجرين من دول جنوب الصحراء، قد طورت تنظيمات وشبكات تساعدها على إدارة شؤونها اليومية بشكل مستقل إلى حد ما. هذا التطور جاء نتيجة عدة عوامل، من بينها حاجتهم إلى التضامن والتعاون فيما بينهم للتغلب على التحديات اليومية من ناحية الإقامة والعمل والتكيف مع بيئة جديدة في ظل ظروف قاسية مع ترسانة القوانين التي تمنعهم من العمل وتمنعهم من تجاوز الحدود نحو السواحل الأوروبية.
ومن أبرز مظاهر هذه “الاستقلالية التنظيمية”؛ هو تكوينهم لهيئات مجتمعية غير رسمية، تعمل على توفير السكن، وتقديم المساعدات المالية، وتقديم الرعاية الصحية وأيضا تقديم حصص دراسية، وتنظيم الأنشطة الرياضية والثقافية والدينية، وحتى تنظيم الأمن الداخلي أحياناً لتقليل المشاكل والاحتكاكات داخلهم بدرجة أولى ومع المجتمع المضيف بدرجة ثانية.
أي خطورة يشكلها الإرتفاع اللافت لعدد المهاجرين الأفارقة في صفاقس وتونس بشكل عام؟
لقد قضى المهاجرون الأفارقة مدة زمنية طويلة في صفاقس، وهذه المدة سمحت لهم بالتأقلم والعيش والانتظام وفق ما ذكرته سابقا في مختلف جهات الولاية خاصة في منطقتي “جبنيانة” و”العامرة”.
واللافت مؤخرا تزايد عدد الولادات في صفوفهم ومطالبة السلطات بمنحهم الجنسية التونسية، وأعتقد أنه على الجميع التحرك في مواجهة تدفق المهاجرين، ومن الضروري أن يكون هناك تفاعل مع دعواتنا، لقد وصل عدد المهاجرين إلى الآلاف، وفي الواقع تكمن مخاوفي من تغيير كلي للديمغرافيا في تونس، ونحذر أنه بعد عقدين من الزمن سيكون هناك تغيير كبير في تركيبة البلد السكانية وهذا مقلق ومخيف، وطبعا حين أدعوا إلى تحرك في مواجهة هذه الظاهرة لا أقصد التعامل بأي ميز عنصري.
هل تعتقد أن المقاربة التونسية في التعاطي مع ملف الهجرة كافية لإيجاد حل لهذه الظاهرة؟
نحن رجال دولة وتهمنا دولتنا قبل كل شيء ونرفض أن نكون شهود زور على ما يحدث، علينا التحرك في كل الحالات لتقليص عدد المهاجرين، ونحن نؤيد السلطة التنفيذية في أي إجراء أو تحرك تتخذه في هذا الصدد، كما نرى أنه على الاتحاد الأوروبي التدخل وإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، صحيح أن السياسية التي انتهجتها تونس في هذا الملف مكنتها من احتواء المهاجرين في أماكن معينة في الغابات الزيتونية، لكن إلى متى نصمت على تزايد عددهم في بلدنا، نحن على وشك انفجار اجتماعي وديمغرافي كبير بسبب هذه الأزمة.
أين يتموقع المهاجرون الأفارقة في ولاية صفاقس تحديدا؟
هناك تقريبا 17 مخيم في العامرة فقط موجودين خاصة في “ذراع بن زياد” وفي “الحمايزية وفي العامرة وفي المساترية” والمساحات الأخطر بين هذه المناطق تنظيميا وعدديا هي مخيم “القياسات في ذراع بن زياد” و مخيم “هنشير بن فرحات” في “المساترية” و “مخيم الحمايزية” وتقريبا نفس العدد في جهة جبنيانة، وقد تم تسميتهم حسب المسافة الكيلومترية من النقطة صفر من وسط مدينة صفاقس إلى النقطة الكيلومترية المخيمين فيها مثلا “هنشير بن فرحات” يسموه” مخيم31 “و”القياسات” يسموه “مخيم “25 و “رفح” في منطقة “الحمايزية” يسموه مخيم 17 هذا في ما يخص التسميات.
ما هو تأثير المهاجرين على الحياة الاجتماعية والاقتصادية التونسية حسب تقديركم؟
الوجود المكثف للمهاجرين من دول جنوب الصحراء في منطقة العامرة بصفاقس قد أثار بعض التحديات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من التحديات التي تؤثر على حياة السكان المحليين، ومن أبرز هذه التأثيرات:
– التأثير على فرص العمل: في ظل وجود عدد كبير من المهاجرين المستعدين للعمل بأجور منخفضة، قد يشعر بعض التونسيين بأن فرص العمل، خاصة في القطاعات التي تتطلب عمالة غير ماهرة مثل الزراعة والبناء والخدمات، أنها أصبحت أقل. وهذا قد يؤدي إلى مزيد من التوتر الاجتماعي.
– زيادة تكاليف الخدمات: الضغط على الموارد والخدمات العامة، مثل الإسكان، والمياه، والنقل، والصحة قد يؤدي إلى زيادة التكاليف أو انخفاض مستوى الخدمات المتاحة، خاصة في ظل التزايد السريع لأعدادهم والمستوى العالي لنسبة الولادات دون رقابة، هذا قد يشكل عبئاً على البنية التحتية خاصة في المدن ويؤدي إلى نقص الموارد.
– التوترات الاجتماعية: تنامي عدد المهاجرين بشكل سريع في منطقة محددة قد يسبب نوعاً من الاحتكاك الثقافي والاجتماعي بين المهاجرين والسكان المحليين. اختلاف العادات والتقاليد، وصعوبة التفاهم أحياناً، سيؤدي لاحقا إلى تصاعد التوترات الاجتماعية ربما تصل بنا لا قدر الله إلى نزاع عصابات.
– التحديات الأمنية: يؤدي التواجد الكثيف لأشخاص من خلفيات وظروف مختلفة إلى ظهور بعض المشاكل الأمنية، خاصة في ظل عدم توفر فرص اقتصادية كافية للجميع. ومع ضعف الرقابة أحياناً على هذه التجمعات، قد تزداد المخاوف الأمنية لدى السكان المحليين، خاصة في ظل استحواذ الوافدين على مساحات شاسعة من أراضيهم والاعتداء بالتخريب على مساحات أخرى مثل المساحات السقوية وتخريب شبكة الري قطرة قطرة وتخريب البيوت المُكيفة.
– زيادة الإيجارات وتكاليف السكن: تزايد الطلب على السكن نتيجة تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين قد يدفع بأسعار الإيجار إلى الارتفاع، مما يثقل كاهل الأسر المحلية، خاصة في المناطق ذات الدخل المحدود. هذه التحديات تتطلب إستراتيجية شاملة من الدولة لتحسين قدرتها على الحد من تدفقات الهجرة غير الشرعية وتخفيف الضغط على المجتمع المضيف، وذلك من خلال تحسين الأطر القانونية، ودعم المبادرات المحلية وتشريكها في استنباط الحلول لتخفيف حدة التوتر والإحساس بالأمان من كل الأطراف لتقبل إستراتيجية تتبناها الدولة تراعي مصلحة الجميع وتنسجم مع ضوابط الحفاظ على الأمن القومي والسيادة الوطنية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس