عثمان الحاج عمر لـ”أفريقيا برس”: نأمل أن تحسم الانتخابات الرئاسية الصراع السياسي في تونس

53
عثمان الحاج عمر لـ
عثمان الحاج عمر لـ"أفريقيا برس": نأمل أن تحسم الانتخابات الرئاسية الصراع السياسي في تونس

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أعرب أمين عام حزب البعث في تونس عثمان الحاج عمر في حواره مع “أفريقيا برس”، عن أمله في أن “تحسم الانتخابات الرئاسية المرتقبة الصراع السياسي في البلد، والالتفات إلى مشاغل الشارع ومعالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”. لافتا أن “حزبه سيختار من بين المترشحين الثلاثة للسباق بعد متابعة برامجهم التي سيعلنون عنها خلال حملاتهم الانتخابية”.

وفي معرض تعليقه عن الجدل القانوني بخصوص رفض هيئة الانتخابات قرار المحكمة الإدارية القاضي بقبول ملفات مترشحين بارزين، اعتبر أنه “كان من الأفضل أن يكون مجال الاختيار بين المترشحين أوسع ومناقشة فصول القانون الانتخابي بشكل أعمق”، مشيرا في ذات السياق إلى “استغلال المعارضة لموقف الهيئة بهدف الإطاحة بمسار 25 جويلية وتحقيق مكاسب سياسية تخدم مصالحها بالأساس”.

وعثمان الحاج عمر هو أمين عام حزب البعث في تونس وهو أحد أبرز الأحزاب المؤيدة لمسار 25 جويلية والداعمة للرئيس قيس سعيد.

ما هو موقف حزب البعث من الانتخابات الرئاسية خاصة وأنه لم تعلنون عنه بعد، وهل ستدعمون الرئيس قيس سعيد باعتبار تأييدكم لمسار 25 جويلية؟

نحن مع الإنتخابات، ومع التداول السلمي على السلطة ومع تحقيق الديمقراطية وإطلاق الحريات، فطبيعة شعبنا وانسجامه الإثني والديني والمذهبي ومستوى وعيه السياسي والإجتماعي، تجعل منه نموذجا عربيا وإفريقيا لنجاح مثل هذه الإستحقاقات، وبناء تجربته الديمقراطية التي مرجعيته الوحيدة فيها هي طموحه في تكريس المواطنة الحقيقية وصون الحرية وتحقيق الكرامة واحترام القانون وسلامة بلادنا واستقرارها وسيادة قرارها وترسيخ هويتها العربية الإسلامية، كجزء فاعل من المغرب العربي ومن الأمة العربية المجيدة.

أما عن الجانب الثاني من سؤالك، وهل سندعم الرئيس قيس سعيد، باعتبارنا أيدنا مسار 25 جويلية، أشير هنا، إننا أولا، لا نختزل مسار 25 جويلية في شخص الرئيس قيس سعيد، مع أنه صاحب المبادرة في ذلك، فمسار 25 جويلية بالنسبة لنا هو مسار كل القوى والأغلبية الغالبة من أبناء الشعب التونسي الذي قاوم ديكتاتورية بورقيبة/بن علي وقاوم كذلك المنظومة السابقة التي حكمت منذ سنة 2011، عبر التوافق المغشوش الذي ساد وتقاسم السلطة الذي طغى، حيث تم العبث بمؤسسات الدولة وأجهزتها، وهو كذلك مسار القطع مع تحالف الفساد وعقلية الغنيمة ومسار تفكيك شبكات الإرهاب ومسالك التهريب ورفع يد الاحتكار على العديد من القطاعات الإقتصادية المهمة، وهو مسار التعويل على الذات وبناء اقتصاد وطني أهدافه تحقيق الأمن الوطني وتحقيق الإكتفاء الذاتي في الغذاء والطاقة وتوفير الخدمات لعموم أبناء الشعب على قدم المساواة وهو كذلك مسار الفتح الحقيقي لملفات الفساد والتدليس ولملفات الإغتيالات والإفلات من المحاسبة والعقاب، مع احترام الحقوق الفردية وضمان المحاكمة العادلة التي تحترم حقوق الدفاع، وهو أخيرا مسار إعادة بناء نظام سياسي مستقر يقوم على المؤسسات وعلى تحمل المسؤولية وحماية استقلال البلاد وسيادتها ولأنه كذلك، فهذا يقودنا إلى الجواب على سؤالك من سيدعم حزبنا من المترشحين لهذه الإنتخابات؟

كنا نتمنى أن يكون هامش الإختيار أوسع من هذا المعروض علينا اليوم حتى تكون المشاركة الشعبية أوسع وحتى تكون المفاضلة بين هذا المرشح وذاك على أسس بيّنة، أما والحالة تلك فإننا سنتابع برامج المترشحين الثلاثة وسنجتمع في بداية الأسبوع الثالث من الحملة الإنتخابية لنرى من خلال ذلك، من هو الأقرب لتلك التطلعات والإنتظارات التي انتظرها الشعب منذ الثورة ثم منذ مسار 25 جويلية، ومن هو الأكثر جدية في تقييمنا، للإلتزام بها وتنفيذها، وهو بالتأكيد من سنمنحه ثقتنا وأصواتنا.

ما رأيك بالجدل القانوني التي تعيشه تونس والانقسام الحاد داخل النخبة السياسية بسبب رفض هيئة الانتخابات قرارات المحكمة الإدارية؟

نحن لسنا لا المحكمة الإدارية ولا الهيئة المستقلة للإنتخابات، ولسنا كذلك سلطة قضائية عليا لنحكم لفائدة هذا الطرف أو ذاك من الناحية القانونية الصرفة، وكنا نتمنى أن تكون المحكمة الدستورية قائمة وهي لم تقم لأن التوافق لم يتفق عليها منذ دستور 2014 المنقضي، ولكننا من وجهة نظر سياسية، نرى أن هذا الجدل أساسه أو خلفياته، هي أن “الدساترة/العائلة الدستورية”، ونتيجة إبعاد مرشحيهم، يكيلون تهما عديدة للهيئة المستقلة للإنتخابات، يتهمونها بالإقصاء وبخرق القانون وبأنها تخدم أجندة مرشح دون غيره هو الرئيس الحالي قيس سعيد ويدفعون بالجميع، إلى الإستنتاج بأن الانتخابات الرئاسية القادمة هي الأسوأ في تاريخ تونس، وذلك للتغطية على المهازل الانتخابية التي كان ينظمها الدساترة في عهد نظامي بورقيبة وبن علي، وتفننهم في إقصاء الخصوم خاصة زمن بن علي، لأن بورقيبة انتخب نفسه رئيسا مدى الحياة حتى أصبحنا وكأننا “نتحسر”عن الديمقراطية الدستورية المفقودة.

كذلك تروج النهضة وأنصارها/حلفائها، بعد نفس المصير الذي لقيه مرشحوهم بأن هذه الانتخابات هي “انتكاسة للمسار الديمقراطي بعد الثورة”، وذلك للتغطية عن الانتهاكات الفظيعة التي حصلت خلال انتخابات ما بعد الثورة، من سيطرة المال الفاسد على الانتخابات وتدليس التزكيات والتلاعب بأصوات الناخبين إلى ترذيل المنافسين قبل الإنتخابات وبعدها وإلى ذلك الكم الهائل من الوعود الاقتصادية والاجتماعية الذي بقي حبرا على ورق وحلت محله تلكم المشاهد المسرحية التي طغت على الحياة البرلمانية ورذلت السياسة والسياسيين وأسقطتهم في عيون الشعب، هذان الطرفان اللذان يتصدرا حاليا مشهد المعارضة التونسية، هم لا يعارضون مسار 25 جويلية في الأصل ولا يشككون في عمل الهيئة وربما في العملية الإنتخابية الجارية برمتها، من أجل إرساء نظام ديمقراطي، بل هدفهم هو إسقاطها من أجل العودة بنا إلى عهود الاستبداد وسياسة الاغتيالات التي جرت قبل الثورة وما قبل 25 جويلية، لذلك نحن لم نشارك في هذا الجدل وتمسكنا بإجراء الانتخابات في آجالها.

ورغم أننا كنا نتمنى كما أسلفنا الذكر أن يكون مجال الاختيار أوسع وكنا نعتقد ودون الدخول في الحيثيات القانونية والجدل بين الهيئة والمحكمة الإدارية، أنه كان بالإمكان تيسير الإجراءات أكثر، والتوسع في تأويل بعض فصول القانون الانتخابي بما يتيح مشاركة أوسع للترشح لمنصب رئيس الجمهورية لتضم القائمة النهائية أكثر من الثلاث مترشحين الحاليين ولكن الذي حصل قد حصل ولا يمكن تغييره الآن والحملة الانتخابية قد انطلقت.

الآن لم يبق إلا دعوة الناخبين إلى المشاركة المكثفة يوم التصويت. والاختيار الحر هو خيار الشعب ويجب أن يكون للأصلح والأنجع والأكفأ والأكثر صدقا ومسؤولية، ومن المؤكد، أن الانتخابات الرئاسية القادمة لن تكون مثالية كما هي في تطلعات الشعب التونسي، لكنها بكل تأكيد ليست أسوأ من الانتخابات قبل الثورة وبعدها وقد تكون مساهمة حاسمة للقطع مثلا مع بعض الانتهاكات التي حصلت في انتخابات سابقة، مثل التسويق الإعلامي، والمال الفاسد والرهانات الأجنبية.نحن نتمنى مشاركة شعبية مكثفة للناخبين، وأن تدور الحملة الانتخابية وأن تجري الانتخابات بما يضيف لبلادنا مزيدا من الاحترام.

هل تعتقد أن قرار هيئة الانتخابات القاضي بقبول ملفات ثلاث مترشحين للرئاسيات فقط يخدم مصلحة الرئيس سعيد؟ أم أنه يخدم مصلحة المعارضة أكثر حيث سمح لها هذا القرار بالتوحد بمختلف أطيافها ضد السلطة؟

أي مترشح من المترشحين الثلاثة لا بجب أن يعول في حملته وفي حساباته الإنتخابية على فشل المنافسين، أو ضعف العائلات السياسية التي ينحدر منها، وإنما عليه التعويل بالأساس على ما يمكن أن يحصل عليه من ثقة ومن تعاطف ومساندة من الشعب/الناخبين، ومدى استجابة برنامجه للإنتظارات المشار إليها أعلاه، وعلى صدقه وثقة الناخبين في قدرته على الإنجاز، ومثل القراءة الواردة في سؤالك أعتقد هي قراءة ذاتية وقاصرة، لأنها لا تنطلق مما يمثله كل مترشح من ثقل ذاتي محتمل، ومن خزان انتخابي مستقل عن إرادة الهيئة.

على الرغم من اقتراب موعد الانتخابات لكن نلاحظ عدم تركيز المترشحين على البرامج، وطغى الجدل القانوني على السباق، هل تعتقد أن ذلك سيؤثر على حظوظهم وعلى نسبة المشاركة؟

إن التوتر الذي يعيشه العالم اليوم وتفجر الحرب في أهم محاور العالم القديم وبالقرب من البوابات التقليدية لمرور الطاقة، أوكرانيا وفلسطين، وارتباط ذلك بتراجع النمو الإقتصادي وضعف الإستثمار والتمويل، أدى لتدهور المقدرة الشرائية في جميع بلدان العالم وفي بلادنا بالخصوص، كبلد يستورد جل حاجياته الصناعية ومن الطاقة، وجزء كبير من غذائه، وهذا جعل شعبنا غير مهتم عن قرب بالشأن السياسي وإن كان في وسطه، وكثر العزوف في الانتخابات وتقلص عدد المنخرطين في الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية، وفي إطار هذا الغياب استغلت بعض الجهات (الأجنبية في البداية)، ما حدث في بلادنا وروجت لما سمته انقلابا على الديمقراطية في محاولة لابتزاز بلادنا، واستمر هذا الجدال حتى أصبح من سوء الحظ يشبه البرنامج السياسي لدى بعض الأوساط السياسية والإعلامية، ولكن وكما أشرت في البداية كل ذلك لا قيمة ولا تأثير له وقد اصطدم وتراجع أمام وعي الشعب وتصميمه على المضي قدما في إعادة التأسيس لتونس الجديدة. ورأينا ذلك مثلا في الإستفتاء على الدستور حيث كانت نسبة المشاركة مقبولة وهذا المنتظر في الإنتخابات الرئاسية حتى تكون للعملية كلها ما يكفي من الشرعية والمصداقية.

هل من شأن خروج المعارضة للشارع مع اقتراب الانتخابات الرئاسية مع تأييد طيف لا بأس به من التونسيين أن يحرج الرئيس قيس سعيد ويختبر شعبيته في السباق المرتقب؟

بالعكس تماما، هذا دليل على حيوية شعبنا ونضج شرائح مهمة من أبنائه وهو في نفس الوقت تجسيد لإيمان شعبنا بالحرية وبالديمقراطية والدفاع عنهما في وجه كل من يحاول النيل منها، وشهادة على أن الحرية الحقيقية والديمقراطية الحقيقية هي الحرية والديمقراطية التي يدافع عنها الشعب وليس تلك التي يوظفها الأجنبي للابتزاز ولتحقيق بعض مآربه هنا أو هناك، ورأينا الأمريكان الذين احتلوا العراق بذريعة الدفاع عن الحرية الديمقراطية كيف انتهكوا كل الحقوق في العراق وأسسوا لعملية سياسية لصوصية طائفية وعنصرية لا علاقة لها بالديمقراطية أصلا.

هل تمهد عودة اتحاد الشغل إلى الواجهة من جديد وتلويحه بإضراب إلى صدام جديد مع السلطة؟

إتحاد الشغل لم يغب أصلا، هو منظمة وطنية عريقة وأصيلة في تاريخ بلادنا وفي وجدان جل التونسيين، يناضل من أجل حقوق منخرطيه المادية والمعنوية، ولكنه أيضا يناضل من أجل حماية الحقوق والحريات ومن أجل الديمقراطية، فالإتحاد يهتم باستقرار تونس وبمنعتها وتقدمها وازدهارها في جميع المجالات. ولا نعتقد إن الإتحاد يعمل على التصادم مع السلطة؛ أية سلطة كانت، وهو على كل حال الأدرى بتقييم علاقته مع السلطة، وأعتقد أن الإتحاد منشغل الآن بمعالجة بعض القضايا الداخلية، نتمنى أن تتوفق قيادة الإتحاد في حسمها بما يخدم تقوية وحدة صف النقابيين وقوة هياكلهم في الانتصار للديمقراطية داخل الإتحاد، كما أن الإتحاد والسلطة كلاهما يدركان أن كل المكاسب التي تحققت للشغيلة التونسية والإستقرار الذي عرفته بلادنا والنجاح في المؤسسات الاقتصادية إنما هو نتيجة توافق وتفاهم بين الطرفين وليس نتيجة تصادم بينهما، ومن هذا المنطلق فلا تعتبر نضالات مختلف القطاعات داخل الإتحاد تصادما مع السلطة حتى وإن اتخذت شكل الإضراب والإعتصام في بغض الأحيان.

ما هي مقترحاتكم كحركة بعث للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس؟

نحن نعول أن تحسم الإنتخابات الرئاسية القادمة في 6 أكتوبر، هذا الجدل والصراع السياسي، لينكب الرئيس الجديد هو وحكومته التي سيكلفها على معالجة كل المسائل المطروحة بما فيها بناء اقتصاد قوي ومرافق عمومية قوية وتعليم وصحة متطورين، وسنتقدم في الإبان بمقترحاتنا للإصلاح وإعادة البناء في جميع المجالات كما قمنا بذلك في الحوار الإقتصادي في جوان 2022.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here