آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. عبّر النائب بالبرلمان علاء غزواني، عن أمله الكبير في أن ينجح مسار 25 جويلية في تحقيق مطالب الشعب وإحداث تغيير جذري وإصلاحات حقيقية. وأكد في حواره مع “أفريقيا برس” أن التحديات والصعوبات التي يفرضها الواقع الاقتصادي والاجتماعي لا تقلل من أهمية هذا المسار وضرورته في المرحلة الراهنة.
وأوضح غزواني أن “المجلس الوطني للأقاليم والجهات يمثل نموذجًا جديدًا نحو تحقيق اللامركزية والتنمية الجهوية الفعالة في تونس”. وأشار إلى أن المجلس سيعمل على “وضع أسس المخطط التنموي 2026-2030 بما يتماشى مع احتياجات المناطق المختلفة”. كما أكد أن “فلسفة البناء القاعدي التي طرحها الرئيس قيس سعيد تضمن إشراك المواطنين في اتخاذ القرارات وتوجيه السياسات بما يتناسب مع تطلعاتهم واحتياجاتهم”.
وعلاء غزواني هو نائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم عن ولاية جندوبة، ومقرر لجنة المالية والميزانية، وهو متحصل على ماجستير فرنسية.
لماذا أصبحت ذكرى ثورة يناير في تونس حالة من الإحباط الشعبي والخمول السياسي؟
مع احتفال تونس بذكرى ثورة يناير، التي كانت تجسيدًا لمطالب الحرية، الشغل، والكرامة، باتت هذه الذكرى تعكس حالة من الإحباط الشعبي والخمول السياسي. فعلى مدى العقد الماضي، لم تتحقق هذه المطالب بشكل ملموس، مما أسهم في تفاقم الشعور بخيبة الأمل لدى الشعب.
الأزمات الاقتصادية المتراكمة، مثل البطالة وغلاء المعيشة، خاصة في المناطق الداخلية التي ما زالت تعاني من التهميش، زادت من حدة الإحباط. وعلى الصعيد السياسي، شهدت تونس تقلبات أثرت على استقرار البلاد وثقة الشعب في النخب الحاكمة.
ورغم ذلك، لا تزال نسبة كبيرة من التونسيين تأمل في تحسن الأوضاع، خصوصًا مع الإصلاحات التي تلت 25 يوليو 2021، والتي يعتبرها البعض فرصة للتغيير الجذري. هذه الإصلاحات، ورغم الجدل الدائر حولها، تحمل بصيص أمل لغدٍ أفضل.
ومع ذلك، يبقى الواقع الاجتماعي والاقتصادي تحديًا كبيرًا، مما يجعل الإحباط نسبيًا لدى بعض التونسيين، في حين يظل الأمل في التغيير حاضرًا لدى الكثيرين.
كنائب عن المجلس الوطني للأقاليم والجهات، هل ترى أنه نموذج فعّال لحل مشاكل التنمية الجهوية أم مجرد هيكل شكلي؟
المجلس الوطني للأقاليم والجهات يمثل نموذجًا جديدًا يسعى لتحقيق اللامركزية والتنمية الجهوية الفعّالة في تونس. فهو ليس مجرد هيكل شكلي، بل يُعد الغرفة التشريعية الثانية في البرلمان التونسي، متبنيًا فلسفة البناء القاعدي التي تهدف إلى إشراك المواطنين في صنع القرار التنموي على المستوى المحلي.
يمتلك المجلس صلاحيات تشريعية ورقابية تُمكّنه من التأثير المباشر في السياسات والموارد الخاصة بكل جهة. كما يُعرض عليه وجوبًا المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة والمخططات التنموية المحلية والجهوية والإقليمية، لضمان توزيع أكثر عدلاً وتوازنًا للتنمية بين المناطق.
ما يميز هذا النموذج هو الانتقال من المركزية التقليدية إلى نظام تنموي يعتمد على خصوصيات كل جهة واحتياجاتها. المجلس يُتيح لكل منطقة التعبير عن احتياجاتها التنموية الفعلية، والمساهمة في تحديد السياسات والموارد اللازمة لتحسين الوضعين الاجتماعي والاقتصادي.
من خلال إشراك المواطنين، يتحول المجلس إلى أداة فعّالة لتحقيق التنمية القاعدية التي تبدأ من أدنى مستويات المجتمع، مما يُعزز فاعلية المشاريع التنموية ويضمن استمراريتها.
ما هي مقترحاتكم كنواب بشأن المخطط التنموي الجديد؟ وهل يتطلب تحقيق نتائجه المرجوة وقتًا طويلًا؟
في المجلس الوطني للأقاليم والجهات، نسعى جاهدين إلى وضع أسس المخطط التنموي 2026-2030، بما يتماشى مع احتياجات المناطق المختلفة وخصوصياتها. يهدف المخطط إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة تأخذ بعين الاعتبار التفاوتات الجهوية وتعزز العدالة التنموية.
بالطبع، تحقيق النتائج المرجوة يتطلب وقتًا، ولكننا نأمل أن تؤدي الإصلاحات والتوجهات الجديدة إلى تأثير إيجابي تدريجي يظهر نتائجه على المدى المتوسط والطويل. رؤيتنا تعتمد على وضع سياسات عملية وتنفيذها بشكل فعال لضمان تحسين ملموس في مختلف الجوانب التنموية.
يرى بعض المراقبين أن المشاكل التنموية في تونس تستلزم برنامجًا وطنيًا شاملًا، وأنه من الصعب حصر هذه المهمة على المواطن وفقًا لمقاربة مجلس الأقاليم الجديدة. ما رأيكم في ذلك؟
أعتقد أن المقاربة الجديدة للمجلس الوطني للأقاليم والجهات تهدف إلى تعزيز اللامركزية وتمكين المواطن من المشاركة الفاعلة في القرارات التنموية التي تمسه مباشرة. ومع ذلك، لا يمكن الاكتفاء بهذه المقاربة وحدها. من الضروري وجود برنامج وطني شامل يتكامل معها لضمان التنسيق الفعّال بين الجهات المختلفة واستغلال الموارد المتاحة بشكل أمثل.
المسؤولية في تحقيق التنمية المستدامة لا تقع على المواطن فقط، بل هي مسؤولية مشتركة تشمل الحكومات والمؤسسات والمجتمع المدني، لضمان تنفيذ برامج تنموية ناجحة ومستدامة.
ما رأيكم في الانتقادات التي تقول إن صلاحيات المجلس غير واضحة وتتداخل مع البرلمان، خاصة في ظل غياب قانون ينظم اختصاصاته بشكل دقيق؟
صلاحيات المجلس الوطني للجهات والأقاليم واضحة ومحددة وفقًا للفصل 84 من دستور 25 جويلية، الذي ينص على أن المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية تُعرض وجوبًا على المجلس لضمان تحقيق التوازن بين الجهات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المرسوم عدد 1 لسنة 2024 ينظم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، مما يضمن وضوح الاختصاصات وتجنب أي تداخل بينهما.
بناءً على ذلك، يمكن التأكيد أن المجلس يتمتع بصلاحيات قانونية محددة ومؤطرة، ويعمل على تنفيذ دوره بكفاءة وشفافية، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية الشاملة.
كيف يمكن تطبيق الشعارات والوعود التي رفعها الرئيس قيس سعيد خلال حملته الانتخابية على أرض الواقع؟ وما هي أبرز الصعوبات والتحديات التي تواجه مسار 25 جويلية وقد تعيق استمراريته؟
الرئيس قيس سعيد لم يعتمد على الشعارات الفارغة في حملته الانتخابية، بل ركز على قضايا جوهرية مثل مكافحة الفساد، الذي يمثل أبرز عوائق التنمية في تونس، وأكد على ضرورة إجراء ثورة تشريعية لتحديث القوانين التي أصبحت غير صالحة للواقع الحالي.
تطبيق هذه الرؤية يعتمد على فلسفة البناء القاعدي، التي تهدف إلى إشراك المواطنين في اتخاذ القرارات ورسم السياسات بما يلبي احتياجاتهم الفعلية.
أما مسار 25 جويلية، فهو يسعى لتحقيق مطالب الشعب رغم التحديات الكبيرة التي تواجهه، مثل الفساد المستشري والاقتصاد الريعي، الذي يعرقل تحقيق التنمية المستدامة. ورغم صعوبة هذه التحديات، إلا أنها تشكل دافعًا قويًا للمضي قدمًا في تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة تتطلب وقتًا وجهدًا مشتركًا.
مسار 25 جويلية يهدف إلى إحداث تحول جذري وحقيقي، ومن خلال الإرادة السياسية وتضافر جهود الجميع، يمكن تجاوز العقبات وتحقيق أهداف الثورة الاقتصادية والاجتماعية المنشودة.
ما هي القوانين الضرورية التي يجب على البرلمان مناقشتها في أقرب وقت لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية؟
من القوانين الضرورية التي يجب على البرلمان الإسراع بمناقشتها هي مراجعة مجلة الصرف لتسهيل حركة الأموال وجذب الاستثمارات، بالإضافة إلى تعديل القوانين التي تعيق الاستثمار وتؤثر سلبًا على تحفيز الاقتصاد.
كما ينبغي التركيز على تشريعات تضمن توظيف أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل، بهدف توفير فرص عمل تقلل من نسب البطالة وتحسن الأوضاع الاجتماعية.
هذه القوانين تعد أساسية لتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي، وتساهم في مواجهة التحديات الراهنة والمضي قدمًا نحو تنمية شاملة ومستدامة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس