فخر الدين فضلون: إلغاء عقود المناولة ثورة ضد العبودية

2
فخر الدين فضلون: إلغاء عقود المناولة ثورة ضد العبودية
فخر الدين فضلون: إلغاء عقود المناولة ثورة ضد العبودية

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. اعتبر فخرالدين فضلون، النائب بالبرلمان التونسي، في حواره مع “أفريقيا برس”، أن “مصادقة البرلمان مؤخرًا على قانون لتنظيم عقود الشغل وإلغاء المناولة، تُعدّ إجراءً ثوريًا وتاريخيًا، حيث يقطع مع العبودية المقنّنة التي عانت منها القطاعات الهشّة في البلاد، وهو بمثابة تجسيد لشعار الدولة الاجتماعية على أرض الواقع”.

وأوضح أن “البرلمان سيعمل على إنهاء آليات العمل الهشّة في مختلف القطاعات، وستكون الأولوية في هذه الفترة لملف الدكاترة المعطّلين عن العمل، خاصة بعد صدور قرار رئاسي منذ فترة بانتداب قرابة 5000 دكتور عاطل”، لافتًا إلى “ضرورة تحفيز الشباب على الاستثمار وخلق الفرص، وإدماجه اقتصاديًا حتى نعيد له الأمل في قدرة الدولة على تحقيق تطلعاته”.

وبيّن أن “مشروع ميناء المياه العميقة بالنفيضة قادر على تغيير واجهة تونس وتحسين واقعها الاقتصادي، لما سيوفره للبلاد من مبادلات تجارية، كما سيعزز تموقعها الدولي”، داعيًا إلى “ضرورة تنفيذ هذا المشروع، فهو بمثابة حلم ومنفذ أساسي للنهوض بتونس، وإيجاد مورد نمو جديد من شأنه تحسين الاقتصاد وتوفير يد عاملة مهمة”، وفق تقديره.

وفخرالدين فضلون هو نائب بالبرلمان التونسي عن دائرة “قصر هلال – قصيبة المديوني”، وهو عضو بلجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة.

بعد مصادقة البرلمان على منع العمل بعقود المناولة، هل سيساهم ذلك في تحقيق استقرار اجتماعي خاصة أنك وصفت هذه الخطوة بمثابة إلغاء للعبودية في تونس؟

برأيي هذا الإجراء هو إجراء تاريخي بأتم معنى الكلمة، وهو إجراء تشريعي ثوري على اعتبار أنه قطع مع إحدى الآليات التي رسخت منذ سنوات طويلة مبدأ العبودية، وإن كانت مقننة، من حيث استغلال العملة بشكل فاحش دون مراعاة الجانب الإنساني، وقد تواصلنا مع كثير من العملة الذين حدثونا عن معاناتهم مع أجور هشة وزهيدة وغير متكافئة مع عدد ساعات العمل الشاقة ومع ما يبذلوه من مجهود، كما لا يلبي هذا الأجر أبسط المتطلبات الحياتية، مثل أجور أعوان الحراسة التي لا يتجاوز 500 دينار، في حين تتقاضى هذه الشركات مقابل هذا العمل أضعاف هذا الأجر مرات ومرات، ومع إلغاء العمل بعقود المناولة نستطيع أن نقول أننا ألغينا العبودية التي تعرضت لها هذه الفئة الكادحة من المجتمع، ونحن نفند أي تأثير سلبي لهذه الخطوة كما يروج البعض لذلك، وعلى العكس عند منع المناولة سيصبح التواصل مع العامل بشكل مباشر، ما يعني أقل تكلفة مالية لهذه الشركات.

أي إجراءات أخرى سيعمل البرلمان على الدفاع عنها فيما يخص ملف تشغيل المعطلين وتسوية وضعيات ما تبقى من آليات العمل الهشة في تونس؟

نأمل في نفس السياق أن تكتمل بقية الإجراءات الاجتماعية الخاصة بالوضعيات المهنية الهشة، ونتحدث هنا تحديدا على ما تبقى من هذه الآليات مثل ملف الأساتذة والمدرسين النواب، وبينما وقع الاتجار بهذا الملف سياسيا في السابق، لكن رأينا حلحلة لهذا الملف في الفترة الأخيرة، بعد صدور أمر رئاسي بالرائد الرسمي لتسوية وضعية أكثر من 22 ألف أستاذ ومدرس على دفعتين، وأيضا تسوية وضعية عمال الحضائر مؤخرا الخاصة بعمال هذه الفئة الأقل من 45 عاما، وبالتالي لم يعد حديثنا اليوم عن الدولة اجتماعية مجرد شعار يرفع بل مررنا إلى تنفيذه وتطبيقه على أرض الواقع، ونتمنى تسوية ما تبقى من هذه الآليات في إطار تجسيد لشعار الدولة الاجتماعية الراعية.

وبالنسبة لبقية الإجراءات التي سيواصل البرلمان متابعتها في إطار مساعيه إنهاء كل آليات العمل الهشة في آجال قريبة، منها بالخصوص ملف الدكاترة المعطلين عن العمل، خاصة أنه هناك قرار صادر عن رئيس الجمهورية منذ فترة لانتداب قرابة 5000 دكتور عاطل، وهو بمثابة إنصاف لهذه الفئة التي تعد أعلى مرتبة علمية في البلاد، وما ننتظره هو انتدابهم في أقرب وقت، وسيبقى النواب في متابعة الوضعيات الاجتماعية التي تستوجب التدخل والتسوية، نحن نرى أن الإجراءات الثورية تتجسد على أرض الواقع وهو يعطينا الأمل للتحرك وإنصاف بقية الفئات الهشة.

كعضو للجنة الشباب والرياضة بالبرلمان، كيف يمكن إعادة الثقة للشباب في الدولة وفي قدرتها على تحقيق تطلعاته في ظل تواصل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية؟

لقد نادينا في عديد المرات وطالبنا بتشجيع الشباب على الاندماج في المشهد الاقتصادي بتشجيعه على الاستثمار ومرافقته وتوفير كل الآليات اللازمة لذلك، وقد تضمنت موازنة سنة 2024 و2025 إجراءات مهمة لتحفيز الشباب على الاستثمار من خلال تمتعه بالعفو من الجباية لفترة مؤقتة، مع ذلك يبقى هذا غير كاف، وحتى نعيد الأمل للشباب التونسي ليس أمامنا، كما ذكرت، سوى تشجيعه على الاستثمار وتقديم الدفع اللازم والمساهمة في تطوير الواقع الاقتصادي وتحسين وضعيته المهنية والاجتماعية، ولا يمكن تحقيق كل هذا إلا بالإجراءات المشجعة وبالمرافقة وبفتح الآفاق.

كيف يمكن الحد من نزيف هجرة الكفاءات التونسية وفق تقديرك؟

موضوع هجرة الكفاءات هو موضوع حارق ومهم وقد تطرقنا إليه في عديد المرات، وهو هدر حقيقي لثروة بشرية هامة باعتبار أن كفاءاتنا العلمية تستفيد منها أقطار أخرى، برأيي لا بد اليوم من التفكير بشكل مجدي في كيفية المحافظة على هذه الكفاءات من خلال توفير أرضية ملائمة تحفزها على البقاء في بلدها من خلال تحسين الدخل ومناخ العمل، كما يجب أن يكون هناك هيكل وطني ينظم عملية الهجرة حتى يحفظ حقوق هذه الكفاءات في المهجر، وحتى يتسنى لهذا الهيكل أن يسترجع من الدول المستقطبة نسبة من تكلفة التكوين لهذه الكفاءات مقابل توظيفهم في بلدانهم.

هل يمكن أن تحدثنا على المشروع الاقتصادي الذي يحمل اسم “ميناء المياه العميقة بالنفيضة”، ماهي أبرز مضامينه وأهدافه؟

برأيي من أهم المشاريع التي يجب أن نسعى لتحقيقها اليوم، وأهم مشروع قادر على تغيير واجهة تونس وتحسين واقعها الاقتصادي هو مشروع “ميناء المياه العميقة بالنفيضة”، الجميع يعلم أن موقع تونس الاستراتيجي من أهم المواقع في العالم، وقد تم توظيفه واستغلاله من مختلف الحضارات التي مرت بها البلاد، لكن للأسف الشديد نشاهد اليوم مثلا عدم القدرة على الاستفادة من مضيق صقلية، رغم أهميته العالمية لما يوفره من مبادلات تجارية وحراك اقتصادي دولي.

لكن مع انجاز هذا المشروع، أي ميناء المياه العميقة بالنفيضة، من شأنه أن يمنح تونس نصيب في الحركة التجارية العالمية في هذا المضيق، حيث أن هذا الميناء قادر على أن يربط دول الشمال بالجنوب، إضافة إلى أهميته على الصعيد الأفريقي، كما سيسمح هذا المشروع ببناء عاصمة اقتصادية في منطقة النفيضة، وهو مشروع بمثابة حلم ومنفذ أساسي للنهوض ببلدنا وإيجاد مورد نمو جديد من شأنه تحسين الاقتصاد وتوفير يد عاملة مهمة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here