منيرة بن صالح: على الحكومة الاعتراف بمهنة العاملة الفلاحية

2
منيرة بن صالح: على الحكومة الاعتراف بمهنة العاملة الفلاحية
منيرة بن صالح: على الحكومة الاعتراف بمهنة العاملة الفلاحية

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. تعالت أصوات عاملات الفلاحة، الأربعاء، في قلب العاصمة التونسية، للتعبير عن معاناتهن بسبب ظروف عملهن الهشة والصعبة، وسط إصرارهن على الدفاع عن حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية.

وشاركت مئات من العاملات في القطاع الفلاحي في مسيرة احتجاجية، تكريماً لأرواح شهيدات “الكميونة”، ضحايا حوادث شاحنات النقل العشوائي. وبعد انتهاء المسيرة، تم افتتاح المؤتمر الثاني لحراك “أصوات عاملات الفلاحة”، الذي رفع شعار “الاعتراف بمهنة عاملة في القطاع الفلاحي”.

وأشارت منيرة بن صالح، عضوة حراك “أصوات عاملات الفلاحة”، في حوارها مع “أفريقيا برس” إلى أنه “على الحكومة الاعتراف بمهنة العاملة الفلاحية، حيث ليس من المنطقي تجاهل ما يتعرضن له هؤلاء النساء من متاعب ومعاناة وتهميش، ورغم دورهن الاقتصادي في توفير السيادة الغذائية، لا يوجد اعتراف رسمي بمهنتهن حتى الآن.”

وشددت على “ضرورة منح العاملات في القطاع الفلاحي التغطية الاجتماعية والصحية الشاملة، وتوفير وسائل نقل آمنة للتوقي من خطر شاحنات الموت التي حصدت أرواح العديد من العاملات في السنوات الأخيرة”، لافتة إلى “ضرورة تفعيل المرسوم عدد 4 على أرض الواقع، على غرار بقية القوانين والبرامج الخاصة بهذا القطاع التي مازالت إلى الآن مجرد حبر على ورق.”

منيرة بن صالح هي ناشطة مدنية تونسية بارزة، تشغل منصب رئيسة فرع الاتحاد الجهوي للمرأة بمعتمدية جبنيانة التابعة لولاية صفاقس، وعضوة بجمعية حراك “أصوات عاملات الفلاحة” وتُعد من أبرز المدافعات عن حقوق العاملات في القطاع الفلاحي.

تُعتبر بن صالح منسقة النقابة الأساسية الأولى للعاملات الفلاحيات في جبنيانة، التي تأسست في 20 مارس 2022، وتضم أكثر من 300 عاملة. تسعى هذه النقابة إلى تأسيس جامعة عامة للعاملات الفلاحيات، بهدف تحسين أوضاعهن المهنية والاجتماعية. من أبرز مطالبها: الاعتراف الرسمي بمهنة العاملة الفلاحية، ضمان التغطية الاجتماعية والصحية، توفير وسائل نقل آمنة، والمساواة في الأجور مع العمال الرجال.

تُعد بن صالح شخصية محورية في حراك “أصوات عاملات الفلاحة”، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على معاناة العاملات في القطاع الفلاحي، خاصة فيما يتعلق بظروف العمل والنقل. وقد قادت العديد من التحركات الاحتجاجية، مثل حملة “سالمة تعيش”، التي طالبت بتوفير وسائل نقل آمنة للعاملات، بعد سلسلة من الحوادث المأساوية التي أودت بحياة العديد منهن.

بالإضافة إلى نشاطها النقابي، تُشارك بن صالح في العديد من اللقاءات الإعلامية والفعاليات المجتمعية، حيث تُعبّر عن معاناة العاملات وتُطالب بتحسين أوضاعهن. من خلال نشاطها المستمر، تُسهم منيرة بن صالح في تعزيز الوعي بقضايا العاملات الفلاحيات، وتُسعى إلى تحقيق تغييرات إيجابية تُحسن من ظروفهن وتُعزز من مكانتهن في المجتمع.

ما هي أهم المطالب التي دعا إليها المؤتمر الثاني لأصوات عاملات الفلاحة؟

في الواقع، هي نفس المطالب التي كنا قد طالبنا بها في مؤتمرنا السابق سنة 2023، وهي النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للعاملات في القطاع الفلاحي، من خلال توفير وسائل نقل آمنة ولائقة، وضمان تغطية صحية واجتماعية شاملة، والمساواة في الأجور، بالإضافة إلى الاعتراف الحكومي بالمهنة.

حراك عاملات الفلاحة يطالب بالاعتراف بمهنة العاملة الفلاحية، هل يمكن توضيح هذا المطلب؟

نحن نطالب الحكومة بضرورة الاعتراف بمهنة العاملة الفلاحية، حيث لا توجد في بطاقة الهوية الوطنية لهذه العاملة ما يثبت ذلك. في خانة المهنة على البطاقة يُكتب “لا شيء”، على عكس العامل الرجل المعترف به. أما العاملات، اللاتي يشكلن 80% من نسبة اليد العاملة، ويقدر عددهن بـ 600 ألف عاملة، فيُحرمن من هذا الاعتراف.

نعتبر ذلك غير منطقي وغير مقبول، رغم دور هؤلاء النساء الكبير في توفير السيادة الغذائية. مع ذلك، يتعرضن للإقصاء والتهميش والتجاهل. وهنا نتساءل باستغراب: لماذا لا يتم الاعتراف بهن كعاملات في القطاع بشكل رسمي، حتى يتمكنّ من التمتع بالتغطية الصحية والاجتماعية، وهي أبسط حقوقهن؟ لماذا تحرم هذه المرأة من حقها في عطلة الأمومة؟ لماذا تُجبر على العودة إلى العمل بعد أسبوع فقط من الولادة؟ ولماذا تُجبر على العمل في ظروف قاسية مثل ارتفاع درجات الحرارة، وفي ظل مخاطر صحية وظروف عمل غير آمنة؟

هؤلاء النساء يعملن لساعات طويلة ومتواصلة وفي ظروف أقل ما يُقال عنها إنها مهينة، وبأجر زهيد جداً. مع الأسف، لا يتم احترام من يوفرن الغذاء للبلاد، ورغم ما يقدمنه من جهد وعمل في توفير السيادة الغذائية، إلا أنه لا يتم الاعتراف بعملهن رسمياً. لذلك، مطلبنا الأساسي هو اعتراف الحكومة بمهنة عاملات الفلاحة.

هل تتوقعين استجابة الحكومة لمطالبكم الاجتماعية في ظل ما تعيشه البلاد من ضغوط اقتصادية؟

لقد لمسنا تفاعلاً من السلطة مع مطالبنا خلال صدور المرسوم الرئاسي رقم 4، والذي يهدف إلى تعزيز حقوق العاملات الفلاحيات من خلال توفير نظام الحماية الاجتماعية. لكن لم يتم تفعيله حتى الآن. لقد بقي هذا المرسوم مبتوراً. كنا نتوقع أن يتم تفعيله مباشرة بعد صدوره، لكن ما حدث كان العكس. ونحن نشعر باستياء بسبب ذلك، فهؤلاء النساء هن ضحايا لعمل هش، وأوضاعهن المعيشية لا تحتمل مزيداً من المماطلة والانتظار. نأمل أن تعجل السلطة في تفعيل هذا المرسوم، الذي يعد بمثابة بصيص أمل لهن.

كيف تقيمين جهود الحكومة في التعاطي مع معضلة النقل التي تتسبب سنوياً في حصد أرواح النساء العاملات في القطاع الفلاحي؟

النقل يشكل معضلة حقيقية، وقد حصدت شاحنات الموت أرواح العديد من العاملات في حوادث مأساوية وقاتلة. وعلى إثر الحادثة الأخيرة في ولاية سيدي بوزيد، التي راح ضحيتها 15 عاملة فلاحية، أصدرت الحكومة قانوناً عاجلاً رقم 51، والذي يهدف إلى توفير نقل عمومي للعاملات الفلاحيات. لكن لم يتم تطبيقه حتى الآن، وبقي القانون مجرد واجهة لذر الرماد على العيون. في الواقع، هذا الملف هو ملف شائك ومعقد، ويستوجب تداخل جهود جميع الوزارات، كما يتطلب إرادة سياسية لتفعيل هذه المراسيم والقوانين الخاصة بهذا القطاع في أقرب الآجال، من أجل حماية هؤلاء العاملات.

حسب تقديرك، ما هي أبرز الحلول لتحسين أوضاع النساء في هذا القطاع؟

برأيي، حان الوقت لتغيير المنظومة الفلاحية ككل. يجب التوجه نحو استراتيجية ورؤية جديدة في علاقة بملف الفلاحة، لكن الأهم هو النهوض بالأوضاع الاقتصادية للعاملات في هذا القطاع، من خلال حقهن في تغطية صحية واجتماعية. على الإدارات والوزارات الانكباب على تطبيق الوعود الحكومية على أرض الواقع، فالأوضاع المعيشية الصعبة لم تعد تحتمل مزيداً من الانتظار.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here