هالة جاب الله لـ”أفريقيا برس”: لسنا في صراع مع الحكومة والبرلمان يسعى لاستعادة ثقة الشارع

55
هالة جاب الله: لسنا في صراع مع الحكومة والبرلمان يسعى لاستعادة ثقة الشارع
هالة جاب الله: لسنا في صراع مع الحكومة والبرلمان يسعى لاستعادة ثقة الشارع

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أشارت النائبة في البرلمان التونسي هالة جاب الله في حوارها مع “أفريقيا برس” إلى أن “البرلمان بدأ يسترجع مكانته تدريجيا في المشهد السياسي ويعمل على استعادة ثقة الشارع من جديد رغم حالة النفور والعزوف الواسع عن الشأن العام، وذلك من خلال العمل على استكمال القوانين التي تمنح فائدة للمواطن وتساهم في حلحلة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”.

وأقرت بـ”وجود صعوبات في العلاقة مع السلطة التنفيذية في ظل الصلاحيات الضيقة للبرلمان مقابل الأولوية التي يمنحها الدستور للحكومة في اقتراح مشاريع القوانين، وهو ما قاد إلى تعطل المبادرات التشريعية التي طرحها النواب”، مؤكدة أن “الوظيفتان التشريعية والتنفيذية، متكاملتان لأجل رسم التوجهات العامة للدولة وإصلاح مختلف مجالات”.

وهالة جاب الله هي نائبة بالبرلمان التونسي عن دائرة “سوسة”، وتترأس لجنة الحقوق والحريات بالمجلس.

ما هي قراءتك للمشهد السياسي التونسي بعد نجاح قيس سعيد في الفوز بولاية ثانية، هل ستنجح عهدته الجديدة في تحقيق استقرار سياسي واقتصادي؟

في قراءة أولية للمشهد السياسي، أعتقد أن المشهد قد حسم والاستقرار وارد جدا في تونس، ونحن نعلم أن الشعب التونسي هو شعب متقبل، وشعب تعلم الديمقراطية وحتى المسؤوليين والسياسيين متقبلين للواقع والمشهد الجديد، وفي تقديري ليس مهما اليوم العمل السياسي للرئيس قيس سعيد بل الأولوية لضمان وتحقيق التحسن في القطاعين الاقتصادي والإجتماعي، يعني أن المرحلة ليست سياسية بل هي اقتصادية واجتماعية بإمتياز.

وهناك تحفظات بخصوص مدى قدرتنا على تحقيق الاستقرار الاقتصادي، فمع إطلاعنا على مشروع قانون الموازنة للعام الجديد لم نرى على سبيل المثال توجها كبيرا نحو الاستثمار حيث أن الموازنة المخصصة للاستثمار محتشمة جدا والإجراءات المخصصة لهذا المجال ضعيفة، بالتالي مازال الاقتصاد الوطني يواجه وضعية دقيقة وحساسة، مع ذلك نأمل أن يتحسن في السنوات القليلة القادمة.

في خطاب تنصيب الرئيس قيس سعيد، تحدث فيها عن ضرورة القيام بثورة تشريعية، هل تمهد هذه الثورة إلى تعديلات دستورية يتغير فيها عدد حكم ولايات الرئيس، أم أنها تخص الجانب الاقتصادي والاجتماعي بالأساس؟

لا أستطيع القول أن ما يقصد به الرئيس من خلال حديثه عن ثورة تشريعية هي التعديلات الدستورية وتعدد ولايات حكمه أو لا، لا نستطيع معرفة ذلك في الوقت الحالي حيث لا توجد مؤشرات أو تلميحات عن ذلك، حين تحدث الرئيس عن ثورة تشريعية يقصد بذلك كامل المجالات ولا تخص الدستور أو الترشح للانتخابات مهما كان نوعها، وقد ركز في خطابه على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي ونأمل أن تحظى هذه القطاعات بالاهتمام الكاف مثلما أكده في خطابه يوم التنصيب.

هل تعتقدين أن السلطة التنفيذية تقف حجر عثرة أمام المبادرات التشريعية للنواب، وأن تضييق الصلاحيات يصعب مهام البرلمان ويضعف حضوره في المشهد السياسي؟

بالنسبة للمبادرات التشريعية والعلاقة مع السلطة التنفيذية، فقد لاحظنا في بعض الأحيان تعطيل الجهاز التنفيذي لبعض المبادرات دون معرفة وتوضيح الأسباب، كما أن جلسات الاستماع المخصصة مع الوزارات لا تلاقي الاهتمام والتفاعل الكافي، هناك وزارات تبدي استعدادها للتفاعل معنا والحضور لنقاش المبادرات وأخرى لا، مثلا فيما يخص قانون تنظيم الجمعيات إلى حد الآن نترقب حضور وزارة العدل لأجل السماع وأيضا رئاسة الحكومة بمختلف مصالحها ومؤسساتها التي تعني بموضوع الجمعيات حيث أن رأيها مهم في هذا الصدد.

في نفس الوقت نعلم أن الحكومة تعمل لأجل صياغة مشاريع قوانين وربما يكون هذا السبب وراء انشغالها وعدم تفاعلها السريع معنا كنواب، نحن نتفهم كذلك أن الدستور يمنحها الأولوية، مثلا بعد أن استكملنا العمل على قانون المسؤولية الطبية، قدمت الوزارة مشروعها حتى تكون لها أسبقية على النواب وكذلك هو الحال مع مشروع عطلة حيث كانت الأولوية للنظر في المشروع الذي تقدمت به وزارة المرأة والأسرة رغم أننا اشتغلنا على ثلاث مبادرات تخص هذا القانون.

الفكرة أننا كنواب لسنا في صراع مع السلطة التنفيذية حول أسبقية سن القوانين، المهم بالنسبة إلينا أن نقوم بإنجاز قوانين لفائدة الشعب التونسي، ونأمل من الوزارات أن يستوعبوا هذه الرسالة وهي أن الوظيفتان، التشريعية والتنفيذية، يجب أن يكونا متكاملتان لأجل رسم التوجهات العامة للدولة وإصلاح عدة مجالات.

وبالطبع تضييق الصلاحيات على البرلمان يصعب مهامه خاصة أن المواطن مازال لم يفهم بعد طبيعة الصورة الجديدة للبرلمان ولم يفهم كذلك طبيعة عمل مجلس الأقاليم والجهات، صحيح أنه خلال تعاملنا مع السلطة التنفيذية وجدنا في البداية بعض الصعوبات لكنها بدأت تتقلص تدريجيا ونلاحظ عودة للثقة في البرلمان من جديد واسترجاع مكانته شيئا فشيئا.

ما هي مقترحاتكم كنائبة لإيجاد حلول اقتصادية واجتماعية ترضي التونسيين وتعيد ثقتهم في نخبهم السياسية؟

حتى نجد حلولا اقتصادية اجتماعية ونعيد ثقة الشارع في نخبه السياسية، علينا قبل كل شيء استكمال القوانين المهمة والضرورية بالنسبة للمواطن خاصة المتعلقة بالجانب الاقتصادي من خلال مراجعة القوانين المتعلقة في مجال الصرف والاستثمار، وأن نقوم ببلورة تصور متجانس بين البرلمان والدولة حتى يتسنى لنا الحديث عن إصلاح اقتصادي حقيقي، كذلك من المهم جدا استكمال القانون الخاص بالجمعيات حتى نضمن حماية واحترام لحريات التعبير ومؤسسات المجتمع المدني ويسمح بالتعامل والعمل في تشاركية مع كل الوظائف الأخرى في الدولة التونسية، ويعيد الثقة كذلك لآراء ومبادرات النخبة السياسية.

ذكرتِ في تصريح أن تعديل المرسوم 54 يعد أولوية، لماذا يتردد البرلمان في تعديله إلى الآن؟

بالطبع تعديل المرسوم 54 هو من الأولويات التشريعية، أولا إيمانا منا بضرورة ملائمة النصوص التشريعية التونسية مع المعاهدات والمواثيق الدولية التي أمضت عليها تونس، نلاحظ أن المرسوم فيه بعض الاختلافات مع العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، وللإشارة لم يقع توجيه أو عرض مشروع تعديله على اللجنة المختصة بعد، وبانتظار استئناف العمل داخل اللجان للعمل على مختلف القوانين الأخرى بعد النظر في قانون المالية.

هناك مخاوف من مواصلة مسار 25 جويلية من تقييد الحريات واستمراره في سياسة التضييق والإقصاء، كيف يمكن حماية المسار الحقوقي في البلد وفق تقديرك؟

لا يمكن حماية المسار الحقوقي في الدولة التونسية إلا باحترام الدستور الذي ينص على الحقوق والحريات وحرية التعبير والممارسة السياسية، كما أن التنظيم في جمعيات وأحزاب مهم جدا لضمان وحماية المسار الحقوقي، ولدينا عدة نصوص قانونية تضمن ذلك، ونعتقد أن النخبة السياسية مطالبة بإعادة العمل حول برامج سياسية واضحة لاكتساب ثقة المواطن من جديد وحتى تكون لها رؤية إصلاحية وبذلك نستطيع أن نضمن التعددية في بلدنا، كما نعتقد أن استكمال وتركيز المحكمة الدستورية خطوة مهمة جدا في المشهد الحقوقي والقانوني فهي الضامنة لدستورية القوانين والقرارات المتخذة داخل البلاد.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here