هذا ما تحتاجه تونس في اليوم التالي للرئاسة

99
عبد الفتاح مورو الانتخابات الرئاسية

بقلم: نصرالدين السويلمي

لا شك ان الاستاذ عبد الفتاح مورو من المحسوبين على ثورة الحرية والكرامة بحكم الوراثة، ومن القريبين من السيستام بحكم العلاقة”1″، لا شك أيضا أنه من المحسوبين على الهوية اللينة التي لا تجنح إلى استعمال الشحن العقدي لفض الخلافات او حتى لرد المظالم وانتزاع الحقوق “2”، ثم لا شك أن الرجل ينحدر من نسيج بلْدي غمره الكبر الموروث وشرق بحب الصدارة ولديه ريبة متفاقمة من حركة مكثفة وغير عادية لشخصيات وقوى ما وراء البلاكات تجاه منصات السلطة وساحات النفوذ، وإن كان مرور في شخصه أبعد ما يكون عن سلوك الغطرسة على شرط النقاء العنصري المتخيل، بحكم التربية الدينية والاحتكاك السياسي وكذا ما تقتضيه مهمة المحاماة وما يتاتى من علاقة رجل القانون بالمجتمع”3″، كما لا شك ان الرجل يحسن يلين في غير خضوع ويحسن يحب في غير عشق ممنوع ويحسن يرد في غير ابتذال ويحسن يفحم في غير استفزاز، سياسي يمرر بلسانه ما يريد ثم يرسل شخصيته المرحة فتسوي ما خلّف لسانه من تداعيات”4″.

1- إذا نحن بصدد شخصية سياسية قادرة وببساطة على صناعة الجسر المطلوب بين أدوات الثورة وخاماتها وبين منظومة قديمة ترفض الانسحاب بسلام وتقايض امنها بامن الانتقال الديمقراطي، وتصر على ان تشارك بل وتقود دولة الثورة ، وقررت ان لا تتخلى عن وظيفتها التي ورثتها الى ان تنتهي بطريقة آلية او يدركها الموت الكلينيكي، وهي تحذر وتوصي بأنها تحبذ الوفاة الطبيعية “موتة ربي”واي محاولة لقتلها قبل ان تتحلل بشكل ذاتي، ستضغط مباشرة على زر حزامها الناسف، ترحل وترحّل من حولها وما حولها.

2- نحن ايضا بصدد أكثر الشخصيات الاسلامية التي أثارت الإسلاميين بمواقفها المصادمة للثابت الإسلامي”الحركي”، وهو المحامي الإسلامي الذي اجتث الأسلاك الفاصلة بين الإسلامي والعلماني وقدم مقاربات تربوية أقرب الى الموروث الديني الشعبي التقليدي منها الى المورث التجديدي المشدود بثقافة الصحوة الاسلامية، وعليه وإذا ما نجحت حاضنته الشعبية في تصعيده الى منصب الرئاسة، فسيكون الأقدر على اذابة ما تبقى من جليد وتجريف بقية العالق، بين الإسلامي والعلماني، شخصية بهكذا مواصفات وبمنصب في رمزية قرطاج يمكنها فض الاشتباك بشكل نهائي ، من خلال تحرير الدين من معسكر الكره، كما تحريره من معسكر الحب الاستعراضي الأهوج المستفز الذي يصنع الكره أو يغذيه فينمو.

3- بدورها السلالة الاجتماعية التي ينحدر منها مورو ستسهم في تقريب الهوة بين طبقة حاكمة دوما وطبقة محكومة دوما، بين طبقة برجوازية وطبقة شعبية، وقد يتسنى لهذا الرجل ما لا يتسنى لغيره، فقد ولد في رحم الطبقة البلْدية ثم نزح تجاه الطبقة الشعبية التي تشكل اكثر من 70% من نسيج حركته، ولد هناك ونزل الى المحاكم يدافع عن هنا، فهو الذي يستأنس له هذا الفريق وذاك، وتحتاجه تونس الى المراوحة بين بعض شرائحها المتباينة في انتظار أن تفعل الثورة فعلتها، وتفكك بلا رجعة هذه التصنيفات المبطلة لدولة القانون والمؤسسات واحد اكبر نواقض دولة الحرية والعدالة والمساواة.

4- هي المرونة حين تكتنف شخصية الرجل فتخفض له المرتفع وتذلل له الصعب، من يستطيع التنقل بين فرقاء الصف المصري، من يمكنه النزول على وائل الابراشي وبرنامج العاشرة مساءا علي قناة دريم 2 ، ثم ينتقل الى خالد جعفر على قناة مكملين ، وثم لمعتز ومنه الى قناة الشروق الأكثر مشاهدة في الجزائر على مدى حلقات طويلة وفي أوقات الذروة “شهر رمضان”،من الذي ينزل في لقاء خاصة على العربية ثم في لقاء خاص آخر على غريمتها الجزيرة، ومنها الى الميادين ليرحل الى شبيبة الحزب الحاكم في المغرب ثم الجالية العربية في المانيا ومنها الى ايطاليا،ويمرق من اوروبا الى امريكا، شخصية تتجول على موائد الفرقاء ثم هي تجمع اليها التونسي كما تجمع كل اللسان العربي..

5- تحتاج تونس إلى من يجفف التباغض ويمزق حواجز التباعد، تحتاج تونس الى شخصية مرنة تقنع الكل بان الكل لا يستهدف الكل وان البعض لا يستهدف الكل وان الكل لا يستهدف البعض، وانه على كل تونس ان توقع على وثيقة انتهاء أشغال المرحلة الانتقالية في بعدها السياسي، وأن تشرع فورا في اطلاق المرحلة الانتقالية في بعدها الاجتماعي.. تحتاج تونس إلى رجل إذا خطب أقنع وإذا توسط جمع واذا اعتلى تواضع…. تحتاج تونس إلى كل ذلك، فقط لا تحتاج تونس إلى دور ثان يغذي التوتر في ساحة متوترة ويعمق التجاذبات..

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here