آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. كشفت هند يحي، المنسقة العامة لشبكة “كلنا غزة كلنا فلسطين”، في حوارها مع “أفريقيا برس”، أن “الشبكة نفذت يوم 23 سبتمبر الجاري وقفة احتجاجية أمام مبنى الأمم المتحدة في تونس للمطالبة بتجريم استعمالات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الإبادة الجماعية وجرائم قتل المدنيين، وأيضًا للمطالبة بتصنيف الكيان الصهيوني كيانًا عنصريًا إرهابيًا، والمطالبة بإيقاف التهجير.”
واعتبرت أن “أول منجز كبير للشبكة في إطار دعمها لسكان القطاع هو مؤسسة ناصرون، فهذه المؤسسة، التي تُدار الآن من أستراليا عن طريق فريق من المتطوعين المنتمين للشبكة، تمكنت من جمع التبرعات وإيصال المساعدات يوميًا إلى غزة عن طريق منظمات إغاثة موجودة على عين المكان.”
ولمواجهة جرائم الاحتلال المستمرة، أشارت إلى أن الحلول تكمن في “قدرة المقاومة وقوتها وثباتها، صمود الشعب الفلسطيني وصبره، دعم الشعوب واستنفارهم الدائم، الحراك العالمي والضغط المتواصل على الحكومات، والتحرك في اتجاه عزل الكيان ومحاصرته إلى حد الاختناق، اقتصاديًا وسياسيًا وشعبيًا وإعلاميًا وثقافيًا، حتى يدخل في حالة تحلل داخلي، وهو شيء حاصل الآن.” وفق تقديرها.
وهند يحي هي عضو بمنتدى سيف القدس، والمنسقة العامة للشبكة العالمية “كلنا غزة كلنا فلسطين” في تونس.
في البداية هل يمكن التعريف بشبكة “كلنا غزة-كلنا فلسطين”، متى بدأ نشاطها في تونس، وما أبرز أهدافها؟
شبكة “كلنا غزة كلنا فلسطين” هي شبكة عالمية، وُلدت من رحم منتدى سيف القدس ومنتدى شباب سيف القدس، ويدار المنتديان من طرف المفكر العربي والنائب السابق في البرلمان اللبناني ورئيس جريدة البناء الأستاذ ناصر قنديل. ويجمع المنتدى نخبة من المثقفين العرب والشخصيات البارزة مثل الدكتور زياد الحافظ، والأستاذ ميشال شحادة، والدكتور عصام حجاوي، وغيرهم. وللشبكة ميثاق يمثل قاعدة الارتباط بين جميع مكوناتها.
شبكة “كلنا غزة-كلنا فلسطين” ممتدة في القارات الخمس عبر تشبيك في أوساط الناشطين والجمعيات والمنظمات المدنية والسياسية المناصرة لفلسطين وللقضايا العربية العادلة. وهي فوق الانتماءات السياسية والعقائدية والدينية والإثنية والعرقية، وتجمع من كل الأعمار: شبابًا وكهولًا، نساءً ورجالًا. هيكلتها أفقية، وتضم لجانًا مختصة مثل لجنة المقاومة القانونية، لجنة المقاومة الأكاديمية، لجنة المقاومة الإعلامية، لجنة مدرسين من أجل فلسطين، لجنة أطباء من أجل فلسطين، ولجنة برلمانيين من أجل فلسطين. وبالتالي، فهي شبكة متعددة المجالات، ممتدة جغرافيًا على مستوى العالم.
وللشبكة أهداف متعددة منها التحرك الدوري في مناسبات تستدعي التواجد في الميدان، بالإضافة إلى الانخراط في المعركة القانونية والحقوقية من أجل غزة وفلسطين ولمواجهة جرائم الحرب وجرائم الإبادة التي يرتكبها العدو الصهيوني، فضلًا عن مختلف مجالات عملها عبر اللجان المذكورة.
أما تنسيقية تونس فقد نشأت في هذه البيئة على يد أعضاء منتمين أصلًا للمنتديين ومساهمين في تأسيس الشبكة. وقد بادرت بتنظيم يوم الإضراب يوم الثلاثاء 16 سبتمبر في ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، وتعد الآن ليوم الثلاثاء 23 سبتمبر لوقفة احتجاجية أمام مبنى الأمم المتحدة للمطالبة بتجريم استعمالات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الإبادة الجماعية وجرائم قتل المدنيين، وأيضًا للمطالبة بتصنيف الكيان الصهيوني كيانًا عنصريًا إرهابيًا، والمطالبة بإيقاف التهجير.
تنسيقية تونس هي فرع من الفروع الموجودة في الولايات المتحدة، وأمريكا اللاتينية، وأستراليا، وكندا، وأوروبا، والبلاد العربية، وهي متفرعة عن الشبكة ومركزيتها.
نظمتم مؤخرًا إضراب جوع تضامنًا مع غزة، كما أشرفتم على إضراب الجوع العالمي يوم 23 سبتمبر. هل لمستم تفاعلًا مع هذا الإضراب؟ ومن هي أبرز الأطراف التي شاركت فيه؟
إضراب الجوع، الذي نظمناه يوم 16 سبتمبر، شاركت فيه عديد المدن التونسية. وبالمناسبة وجب التذكير بشعار الشبكة في هذا الحراك، وهو “100 مدينة نصرة لغزة”، إذ نتحدث هنا عن مدن لا عن أشخاص. وبالنسبة لتونس، ساهمت ثماني مدن في هذا الإضراب، وهي: سوسة، صفاقس، قفصة، القيروان، بنزرت، الكاف، والعاصمة تونس. أما الأطراف المشاركة في تونس، فإن التيار الشعبي كان الشريك في هذا التحرك، وقد وفر مقره لفعاليات إضراب الجوع المنفذ يوم 16 سبتمبر.
ما هي المبادرات التي ستطرحونها في الفترة القادمة في إطار دعمكم لغزة وللمقاومة الفلسطينية؟
عدا تحرك يوم 23 سبتمبر، الذي تزامن مع تحرك مهندسين منتمين للشبكة قدموا استقالاتهم من شركة “أمازون” احتجاجًا على استعمال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الإبادة الجماعية، وهم متواجدون الآن في نيويورك وسيعتصمون أمام مبنى المنظمة الدولية للمطالبة بسن قوانين تجرم استعمالات الذكاء الاصطناعي في جرائم الإبادة، وعلى رأسهم المهندسة أسماء درجة، فإن المدن المشاركة يوم 16 سبتمبر حضرت بنفس المطالب يوم 23، بما فيها تونس.
إلى جانب ذلك، هناك تحرك يوم السابع من أكتوبر في ذكرى الطوفان، ولا يزال محتواه غير معلن، لكن المؤكد أنه سيضم دائمًا مدن العالم بعدد لا يقل عن مائة، إذ إن إضراب 16 سبتمبر جمع حوله 131 مدينة في العالم. كما تشمل المبادرات النشاطات الخاصة باللجان المكونة للشبكة، بما فيها التشبيك البرلماني، حيث تعتزم الشبكة تجميع برلمانيين عرب وبرلمانيين من غير الجنسيات العربية.
هل لديكم تنسيق مع تنسيقيات عربية أو دولية أخرى لتحويل التضامن إلى تحركات سياسية أو شعبية ذات أثر ملموس؟
التنسيق موجود وعلى أعلى مستوى، ليس فقط مع العرب بل أيضًا مع الأجانب والشخصيات الغربية المعتبرة، من مفكرين وأصوات حرة. فالشبكة تضم الآن رئيس تنسيقية إيطالي مثلًا. إذن الشبكة، مثلما ذكرت، عابرة لكل التصنيفات، سواء كان لها علاقة بالجنسية أو بالدين أو باللون أو العمر أو الجنس. ومفتاح الانتماء هو عنوانها: “كلنا غزة كلنا فلسطين”.
أي أهمية لمبادرات التضامن مع فلسطين في تغيير المعادلة السياسية لصالح غزة، والأهم إغاثة سكان القطاع وإيصال المساعدات الإنسانية إليهم؟
هذا ما يحملني للحديث عن أول منجز كبير للشبكة وهو مؤسسة “ناصرون”. هذه المؤسسة، التي تُدار الآن من أستراليا عن طريق فريق من المتطوعين المنتمين للشبكة، تُعنى بجمع التبرعات وإيصال المساعدات يوميًا إلى غزة عن طريق تشبيك “تكايا” في غزة ومنظمات إغاثة على عين المكان. وقد فوجئنا في أول نشاطها بكرم المتبرعين وشعورهم بالمسؤولية تجاه أهلنا في غزة وتعاطفهم الفياض، إلى حد جعل مؤسسة “ناصرون” تعيد النظر في هيكلتها، لأنها ستحتاج إلى فريق أكبر وقنوات إمداد لغزة أكثر تأمينًا وتنوعًا.
التضامن في كامل أوجهه ومستوياته ضروري رغم بشاعة المشهد وتعقيده ورغم هول ما يحصل وجبروت المعتدين:
أولًا: يشعر أهل غزة الصامدون أنهم ليسوا وحدهم، وأننا معهم ونبذل كل ما بوسعنا من أجلهم، مما يقوي صمودهم وثباتهم.
ثانيًا: يجعل الرأي العام العالمي دائمًا في حالة استنفار ووعي بوجود جريمة على مرأى ومسمع منهم.
ثالثًا: يوفر فرص الضغط على الحكومات في أوروبا ويؤثر في القرار السياسي بالقدر الممكن.
رابعًا: يساعد في عزل الكيان وجعله محاصرًا سياسيًا وشعبيًا.
خامسًا: يخلق ديناميات دعم وتضامن في بيئات مختلفة وبعيدة عن القضية. فمثلًا، حين يتضامن عمال الموانئ في جنوة مع أسطول الصمود ويهددون بوقف أي عمل يتعلق بالسفن التجارية المتجهة نحو أوروبا، فإن ذلك نتيجة لحركة التضامن العالمية.
ما رأيكم في مبادرة أسطول الصمود لكسر الحصار؟ وهل تتوقعون نجاحها في مهمتها الإنسانية أم أن الكيان الصهيوني سيحبطها كما أحبط المبادرات السابقة؟
أسطول الصمود نجح قبل أن ينطلق في استنفار العالم حوله، وجعل الشعوب تتطلع نحوه ونحو هذه المسيرة البحرية الرائعة، التي تحمل معها المحبة والإخاء والوفاء قبل أن تحمل المساعدات. ونجح أيضًا في ضم شخصيات معروفة ومؤثرة يصل صوتها أحيانًا إلى مواقع القرار.
لا نستطيع أن نتوقع ما يمكن أن يحدث، ونتمنى السلامة للجميع، لكن لا ننتظر خيرًا من الكيان. ففي أقل التوقعات يمكن اعتقال الجميع من طرف سلطات الاحتلال، وربما قصف بعض السفن، كما حصل مع سفينة “مرمرة” سابقًا، حيث ارتقى شهداء في تلك الرحلة المشهودة.
كيف ترون مستقبل وقف الحرب على غزة في ظل استمرار العدوان وصمت المجتمع الدولي؟ وهل تعولون على مبادرات الشعوب أكثر من الحكومات لدعم القضية الفلسطينية؟
لن تتوقف الحرب على غزة، لأن المعركة هذه المرة هي معركة وجود. لقد سمعنا مباشرة بعد الطوفان وبعد العدوان الهمجي على غزة شعار: “من النهر إلى البحر”، في شوارع الغرب قبل العرب. إذاً مسألة حل الدولتين وسلام الشجعان، وكل هذه الترهات، دفنت مع أطفال غزة بعد حرقهم.
المعركة الآن مفتوحة، وقد تعرف منعرجات أو تراجعات أو هدوءًا، لكنها لن تهدأ حتى زوال الكيان. فالعيش في مجال يحضنه الكيان أصبح أمرًا مستحيلًا. هذا مسار طويل المدى لا يُعرف له آخر إلا بانتصار الحق وأصحاب الأرض.
أسباب الانتصار معروفة: أولًا قدرة المقاومة وقوتها وثباتها، ثانيًا صمود الشعب الفلسطيني وصبره، ثالثًا دعم الشعوب واستنفارهم الدائم، رابعًا الحراك العالمي والضغط المستمر على الحكومات، خامسًا التحرك لعزل الكيان ومحاصرته حتى يدخل في حالة تحلل داخلي، وهو ما يحدث الآن وإن لم يصل بعد إلى مستوى الزوال.
ومع الدعم الأمريكي، يبقى هذا هو السبيل الوحيد في ظل تخاذل عربي مرعب، ونظام رسمي عربي أصبح وصمة عار في وجه الإنسانية قبل أن يكون في وجه العرب.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس