بأي حال عدت يا عيد الثورة.. الأرض تتكلّم ”الإجابة تونس”

حياة بن يادم

بأي حال عدت يا عيد ثورة 17 ديسمبر العظيمة؟، و نحن على أعتاب السنة الأخيرة للعقد الأوّل، و حالنا غير مدركة لقيمتها، ومن دون إيلاء الاهتمام بالاحتفال بها. على عكس زمن قبل الثورة، حيث تعقد الندوات و تقام المعارض و النشاطات الثقافية و الرياضية، و تنتصب الأفراح و الليالي الملاح، و تكسى المدن بشتى أنواع الزينة، قبل موعد الانقلاب و بعده بعدة أسابيع. و تبوّب الاحتفالات في مصاريف مختلف الميزانيات، علاوة على إجبار المواطن إظهار فرحه بالمشاركة ماديا و معنويا.

و منذ حدوث ثورتنا العظيمة، رافقت هذه المناسبة التشويش و التشويه لرمزية هذا الحدث، جاعلين منه مناسبة لطرد رموز السلطة الذين وصلوا في مناخ الحرية عبر صناديق الاقتراع.

هذا التشويه كان ممنهجا لاغتيال الرمزية لهذا الحدث العظيم، الذي امتد صداه من المحيط الى الخليج، في نفسية الشعب التونسي. حيث انخرط فيه إعلام العار و المتواطئين مع عرّابي الثورات المضادة، ليعنونوا الثورة بالفشل، و يقوموا بترذيل الانجازات العظمى التي أتت بها و من أهمها ترسيخ مناخ الحريات. و تزييفا للمعطيات قصد تهويل الإزمة الاقتصادية، التي ليست حكرا على تونس فقط بل هي ازمة عالمية.

و نحن في حضرة هذا الشهر العظيم، و اعلامنا تعاقد مع الرّداءة و التفاهة و القذارة و الكراهية. منتدبين أشباه إعلاميين نكرة و غرباء على الميدان، و معادين لروح الثورة. و الاستعانة “بكرونيكيرات” الفضائح و الابتذال، ليدخلوا بيوتنا بدون استئذان للقيام ببثّ سمومهم و انحطاطهم، دون خجل لحرمة زمن و مكان الثورة.

في حين عائلات شهداء الثورة، من أيتام و أرامل و أمهات ثكالى و آباء مكلومين، لم يتحصّلوا إلى الآن على ردّ الاعتبار و على التكريم اللائق للتضحيات الجسام لذويهم.

في غفلة من الشعب التونسي، يصبح عيد الهالوين لتكريم القديسيين، و عيد الحب الذي يقام على شرف القديس الروماني saint valentine، أهم بكثير من عيد ثورة 17 ديسمبر العظيمة، التي يجب أن تقام على شرف شهداءنا العظام. و إنها و الله كنز عظيم لم ندرك بعد قيمتها. في حين عندما لا يجد العرب إجابة لسؤال ما، عوض الاستسلام يكون الرّد “الإجابة تونس”.

الجملة الساحرة “الاجابة تونس”، و التي كانت تقال في مصر على سبيل المرح، و المستنبطنة من كون التونسيين هم وحدهم لهم القدرة على الخوض في مغامرة تصحيح “مفاهيم دينية” و مصالحتها مع الحداثة. لتصبح حقيقة في يوم من أيام ديسمبر 2010 العظيمة، عندما قام محمد البوعزيزي رحمه الله بإحراق جسده، احتجاجا على الظلم. لتكون استفاقة الشعب التونسي العظيم من غيبوبة الاستبداد، و يبرهن للعالم قدرته على الخوض في مقارعة الديكتاتورية.

تشتعل بعدها ثورات الربيع العربي، لتنتقل الى مصر حيث وجد المصريين أن حقيقة الإجابة على سؤالهم هي فعلا “الإجابة تونس”. و عليها وجب القيام بثورة مثلها للتخلص من نظام ظالم.

لكل أعداء الوطن، و لكل الأعداء الذين تسللوا إليه عبر من خانوا الأمانات، و عرضوا أنفسهم سلعة رخيصة، للقيام بالمهمات القذرة، من ترذيل ثورتنا العظيمة، نصرخ في وجوهكم أن خسأتم. و مهما تركتم من ندوب شوّهت كل جميل داخلنا، فإن وطننا لن يموت و لن يركع و هو حي، لأنه مسقي بدم الشهيد و الشهيد عند الله حي يرزق. نقول لكم بأعلى صوتنا و بكل اعتزاز “الإجابة تونس”.

لكل محبي و أصدقاء الوطن، نهمس في أذانكم أننا نحب هذه الثورة و نحب هذا الوطن و نحب من يحبهما.. و نحب كذلك النادي الإفريقي فريق الشعب.. علّموا أبناءكم حب الأوطان و حب الحياة.. ففاقد الحب لا يعطيه.. إنها كالرحم فمن عاش بلا وطن فهو لقيط.. وطني شمس الحب التي لا تغيب فأمّنوه، و اغرسوا فيه الأمان، إنه أجمل و أروع كل الأوطان.. نقول لكم بمحبة و إذلال “الإجابة تونس”.

كم من خريف مرّ على هذه الثورة العظيمة، إلّا أنها مازالت تزهر، حيث نشهد موجة ثانية من الربيع العربي، ليس فقط بالوطن العربي، بل في كل أنحاء المعمورة، لتتكلم الأرض “الإجابة تونس” .

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here