بقلم : خالصة حمروني
أفريقيا برس – تونس. في ظل صمت مريب للدولة التونسية وشقيقتها الجزائرية تتواتر في كلتا الدولتين اخبار مفادها “أن تونس سلمت الناشط السياسي اللاجئ على أراضيها سليمان أبو حفص إلى الجزائر”.
الخبر كشفه الصحفي الجزائري عثمان ليحاني الذي قال “أن تونس قامت بتسليم الناشط السياسي اللاجئ على أراضيها سليمان أبو حفص إلى الجزائر” مضيفا أن توجيه تهمة الانتماء إلى حركة إرهابية لسليمان أبو حفص وراء تسليمه إلى بلاده.
الخبر ايضا نشرته صحيفة “أفانت غارد الجزائر” الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية في مقال نشرته نهاية الأسبوع الماضي وكتبت في هذا الصدد ” تونس سلمت اللاجئ السياسي سليمان أبو حفص إلى الجزائر مقابل رجل الأعمال التونسي نبيل القروي الموقوف في الجزائر”.
وجاء في المقال الذي نشرته الصحيفة المذكورة ما يلي: “أكدت مصادر مطلعة لـ “أفانت جارد الجزائر” أن سليمان أبو حفص كان ضحية اتفاق تبادل أبرمته تونس مع الجزائر لإعادة رجل الأعمال التونسي ومدير قناة “نسمة” ورئيس حزب “قلب تونس نبيل القروي” الذي القت عليه مصالح الأمن الجزائري القبض معية شقيقه النائب المجمد غازي بمدينة تبسة الحدودية مع تونس.
ونبيل القروي ملاحق في تونس في قضايا تبييض أموال وفساد منذ العام 2017 ومنذ تاريخ 25 جويلية المنقضي الذي أعلن فيه الرئيس التونسي قيس سعيّد قرارات استثنائية بتجميد أعمال البرلمان ورفع الحصانة عن النواب اختفا الشقيقين ليتبين لاحقا أنهما هربا إلى الجزائر.
وأوضح المصدر ذاته أن الجزائر لم تتردد في الرد على الطلب التونسي بالمطالبة بالمقابل بتسليم الجزائر للاجئين السياسي سليمان أبو حفص.
قرار تسليم بوحفص لم تصدر بشانه إلى حد الآن اية معلومة: لا تونس ونخص بالذكر رئاسة الجمهورية تحدثت عن تسليمه ولا الحكومة الجزائرية تحدثت عن تسلمه.
المنظمات الحقوقية “تستنكر”
رغم كل هذه الضبابية حول مصير بوفحص فسرعان ما تحركت المنظمات الحقوقية واصدرت بيانات متتالية للغرض تستنكر فيها ما صدر عن رئاسة الجمهورية مطالبة بضرورة تقديم توضيحات للرأي العام.
وقد ادانت 34 منظمة حقوقية وثقافية في بيان مشترك هذه العملية مشددة على أن الحماية الدولية التي تحصل عليها بوحفص تفرض على السلطات التونسية الموقعة على معاهدة جينيف لسنة 1951 وبروتوكولها لسنة 1967 واتفاقية مناهضة التعذيب عام 1984،عدم إعادته القسرية.
المنظمات الحقوقية التي امضت البيان والبالغ عددها 34 – لا يسعنا لا المكان ولا الزمان ذكرها كلها – أكدت “ان شهود عيان أفادوا بان سيارات بلوحات منجمية غير معروفة قدمت يوم 25 أوت الجاري إلى المنزل الذي يقيم فيه الناشط الجزائري واقتادته إلى جهة غير معلومة” .
ودعت في هذا السياق رئاسة الجمهورية إلى “احترام تعهداتها الدولية في هذا الظرف الدقيق وضمان حماية حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين”.
أحزاب ” على الخط”
ولان الحقيقة لم تكشف بعد ولم تتحدث السلط الرسمية عن مصير بوحفص فقد طالب حزب ” الإتحاد الشعبي الجمهوري” السلطات التونسية، بإطلاع الرأي العام على حيثيات الخبر المتداول حول تسليم هذا الناشط السياسي وكذلك الأطراف الضالعة فيها.
ولاحظ الحزب في بيان صادر عنه أن على “السلطات التونسية، في صورة ضلوعها في تسليم اللاجئ الجزائري، إثبات مؤيدات احترامها للإجراءات المعمول بها في هذه الحالات وبيان حدود التزامها بها”، مشيرا إلى تضارب الأخبار حول ما إذا تم تسليمه من قبل السلط التونسية أو إن كان قد اختُطِف من التراب التونسي وسٌلِّم للسلطات الجزائرية.
وانتقد الاتحاد الشعبي الجمهوري ما أسماه “سياسة الصمت والتعتيم التي أصبحت سُنّة التواصل للسلطات التونسية في الفترة الأخيرة”.
حزب “المسار الديمقراطي الاجتماعي” دعا هو الاخر إلى ضرورة التزام تونس بالمواثيق والمعاهدات الدولية التي تحمي اللاجئين السياسيين وتمنع تسليمهم أو ترحيلهم بشكل قسري”.
وطالب المسار في بيان أصدره السلط التونسية المعنية بتوضيح ينير الرأي العام الوطني والدولي حول ملابسات هذه القضية ومصير هذا اللاّجئ السياسي تقطع مع الأخبار المضللة والزائفة ،وذلك إثر تداول وسائل إعلام لخبر تسليم السلطات التونسية لنظيرتها الجزائرية اللاّجئ السياسي سليمان بوحفص وغياب أي توضيح رسمي من الجهتين” .
وأكد الحزب على أن الوضع الاستثنائي الذي تعيشه تونس والعلاقة الوطيدة التي تجمعها بالشقيقة الجزائر، لا يجب أن يؤثر على التزاماتها الدولية واحترام الحقوق والحريات العامة والفردية وفي مقدمتها حماية حقوق اللاجئين.
من جهته استنكر حزب ” العمال” تسليم اللاجئ الجزائري سليمان بوحفص إلى سلطات بلاده، رغم حصوله رسميا على اللجوء السياسي في تونس، ووصف عملية التسليم تلك بـالخطيرة والمدانة أخلاقيا وقانونيا وسياسيا.
وحمّل الحزب في بيان له مسؤولية تسليم اللاجئ بوحفص، إلى رئيس الجمهورية الذي اتهمه الحزب بالاستلاء حاليا على كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، التي يتصرف فيها دون رقابة من أي جهة كانت.
وأكد حزب العمال أن هذه العملية والتي أكدتها مصادر حقوقية وإعلامية، ينضاف إلى سلسلة الانتهاكات الأخرى التي يتعرض لها آلاف التونسيات والتونسيين خارج إطار القانون والقضاء، وهو ما اعتبره الحزب في بيانه، شاهدا على أنّ الرئيس قيس سعيد يمثل خطرا حقيقيا على الحقوق والحريات.
ودعا الحزب كل القوى الديمقراطية والتقدمية إلى التصدي لهذه الانتهاكات التي قال إنها تؤشر للاستبداد والتعسف، والتي إذا استمرت واتسعت، لن يفلت منها أحد، بمن فيهم الذين يؤيّدون اليوم انقلاب 25 جويلية ويتغاضون عما يحصل من اعتداءات على الحقوق والحريات.
من هو سليمان بو حفص؟
القارئ لمقالنا اليوم يدرك اننا نتسائل حول مصير سليمان بوفحص لكن في حقيقة البعض منا ان لم نقل الكثير لا يعرف من هو الجزائري سليمان بو حفص وما علاقته بتونس؟
إجابة لهذه التساؤلات يمكننا القول انه أمني جزائري سابق تم إيقافه يوم 31 جويلية سنة 2016، ومحاكمته بتهمة ازدراء الاسلام والنبي محمد (ص) والمجاهرة بديانته المسيحية وحكم عليه بالسجن لمدة 5 سنوات في المحكمة الابتدائية قبل أن يتم الحط من العقوبة إلى 3 سنوات في الاستئناف ليغادر السجن بعد 20 شهرا، إثر انتفاعه بعفو رئاسي بمناسبة عيد الاستقلال.
وبعد خروجه من السجن انتقل إلى تونس واتصل بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ليطالب بالحصول على وضعية لاجىء سياسي التي منحته صفة اللاجئ في تونس صالحة الى سبتمبر 2022.
وحسب المعطيات المتوفرة فإن سليمان بوحفص، الذي اعتنق المسيحية منذ 20 سنة ينحدر من ولاية سطيف ويبلغ من العمر 53 سنة وعرف عنه خوضه في المسائل الدينية عبر عدة صفحات يديرها على “فيسبوك”.
وينتمي بوحفص إلى حركة تقرير المصير لمنظمة القبائل الجزائرية (الماك) والتي تصنّفها السلطات الجزائرية في قائمة التنظيمات الإرهابية.
ويعتبر بوحفص من القادة البارزين في حركة استقلال منطقة القبائل المحظورة، وهو رئيس تنسيقية سان أوغسطين للمسيحيين في دولة الجزائر.
وتتهم السلطات الجزائرية سليمان بوحفص بالقيام بحملات تبشيرية في المنطقة الشمالية لمدينة سطيف التي يتحدر منها.