الأناضول – تونس/ يامنة سالمي
– كمال الشارني: الفخفاخ عين مقربين من حزبه على أنهم مستقلين.. و”النهضة” انسحبت خوفًا من تكتل ضدها وليس لقلّة وزاراتها
– عبد الله العبيدي: لم يبق من حلّ إلاّ مراجعة تشكيلة الفخفاخ أو تكليف شخصية أخرى بتشكيل حكومة أو حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة
قال خبيران تونسيان إنه يمكن لرئيس الحكومة المكلّف، إلياس الفخفاخ، الخروج من أزمة تشكيل الحكومة، خلال ما تبقى من المهلة المسموح بها له (تنتهي الخميس)، بإتباع جملة خيارات، أهمّها سحب أسماء من تركيبته الحكومية المقترحة، وإشراك حزب “قلب تونس” (ليبرالي).
وشدد الخبيران، في حديت للأناضول، على أن الفخفاخ لا يمكنه تمرير حكومته في البرلمان بالتركيبة التي أعلنها مساء السبت، في ظلّ انسحاب حركة “النهضة” منها، وقرارها عدم منحها الثقة.
وأعلن الفخفاخ أنه قرّر مع رئيس البلاد، قيس سعيّد، بحث احتمال تعديل التشكيلة الحكومية المقترحة، في ضوء قرار “النهضة” (54 نائبًا من 217) الانسحاب منها، وعدم التصويت لها في البرلمان.
وتضم تركيبة الفخفاخ 30 حقيبة وزارية تم الاتفاق عليها قبل انسحاب “النهضة”، التي تصدرت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، في أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
وأعلنت “النهضة”، قبيل الكشف عن تشكيلة الحكومة، أنها لن تمنح الثقة لحكومة الفخفاخ؛ بسبب إصراره على رفض مطلب الحركة بتشكيل “حكومة وحدة وطنية لا تقصي أحدًا”، في إشارة إلى عدم إشراك حزب “قلب تونس” (38 نائبًا) في الحكومة.
تعديل التركيبة الحكومية
قال كمال الشارني، كاتب ومحلل سياسي، للأناضول، إن “المدّة المتبقية أمام الفخفاخ (تنتهي الخميس) كافية لتكوين تشكيلة حكومية جديدة”.
ورأى أن “الحلّ يكمن في أن يسحب الفخفاخ بعض الأسماء المقترحة، التي قدّمها على أنها مستقلة بينما هي ليست كذلك، ويشرك قلب تونس في الحكومة”.
وأضاف أن “مشكلة النهضة مع الفخفاخ تكمن في أنه عيّن عددًا كبيرًا من الوزراء المنتسبين إلى حزب التكتل وسمّاهم شخصيات مستقلة، ومنهم لبنى الجريبي، وزيرة تكنولوجيا الاتصال”.
ووُجّهت انتقادات إلى الفخفاخ لاختياره أسماء وزراء مُقربين من حزبه “التكتل من أجل العمل والحريات” (لا يمتلك أي مقعد برلماني)، الذي استقال منه بعد تكليفه بتشكيل الحكومة، ومن هذه الأسماء وزير المالية، محمد نزار يعيش، ووزير الصناعة، صالح بن يوسف، ووزيرة تكنولوجيات الاتصال.
وتابع الشارني أنه يوجد “في حدود 10 وزراء مستقلين عيّنهم الفخفاخ ليسوا منتمين إلى أي حزب، ولن يجدوا من يصوّت لهم في البرلمان”.
وزاد بأنه “توجد أسماء أعلن عنها الفخفاخ تحوم حولها شبهات فساد، وهناك من لديهم قضايا تتعلق بشبهات فساد لدى المحاكم (لم يسمّهم)”.
وأردف: “على الفخفاخ أن يقوم بتسمية وزراء قريبين من حزب قلب تونس، وليس بالضرورة من قياداته، مثلما طلب الحزب سابقًا”.
ورأى أن “إدخال حزب قلب تونس في التشكيلة الحكومية سيضمن الأغلبية، إذ يمكن تجميع أغلبية تفوق 140 نائبًا للتصويت لصالح الحكومة ولإرساء الهيئات الدستورية (تتطلب أغلبية 145 نائبًا) مستقبلًا”.
وأرجع الشارني “انسحاب النهضة من حكومة الفخفاخ إلى خوفها من أن يتكتلوا ضدّها داخل البرلمان، وليس لقلّة الوزارات الممنوحة لها (6 وزارات)، وإذا تكتّلوا ضدّها يمكنهم إزاحة (راشد) الغنوشي (رئيس النهضة) من رئاسة البرلمان”.
ويشير الشارني بحديثه عن احتمال التكتل ضد “النهضة” إلى أحزاب التيار الديمقراطي (اجتماعي ديمقراطي- 22 نائبًا)، حركة الشعب (قومي ناصري- 15 نائبًا) و”تحيا تونس” (ليبرالي- 14 نائبًا).
ورأى أنه “لا يمكن تمرير الحكومة دون مشاركة النهضة، فالحركة لا يمكن أن تكون في المعارضة؛ لأنها عدديًا هي الكتلة الأولى بالبرلمان ومعها ائتلاف الكرامة (ثوري- 19 نائبًا)، وستصبح بذلك المعارضة أقوى من الحكومة المقترحة”.
واعتبر أن “الخط المواجه للنهضة (التيار والشعب وتحيا تونس) ليس لهم قدرة على تجميع بعضهم البعض، ولا شيء يجمع بينهم سوى اختلافهم مع النهضة”.
واستطرد أن “دعم أحزاب “التيار” و”الشعب” و”تحيا تونس” لحكومة الفخفاخ لا يكفي لمنحها الثقة، في ظل وجود ثلاث كتل كبيرة انسحبت من المشاورات، وهي “النهضة”، “قلب تونس” و”ائتلاف الكرامة”.وأردف: “نحن في أزمة حقيقية، لكن إبداع التونسيين يكمن في قدرتهم على العثور على حلّ في الساعات الأخيرة”.
وتابع قائلًا: “كما أنه لم يعد هناك إمكانية للمناورات السياسية؛ فلا أحد يريد إعادة الانتخابات التشريعية، خوفًا من حالة عزوف رهيبة (من الناخبين)، فبغض النظر عن كلفة الانتخابات المادية، هناك كلفة اجتماعية وسياسية”.
“انقلاب” ضد “النهضة”
اعتبر عبد الله العبيدي، محلل سياسي، أنه “إذا انسحبت النهضة وقلب تونس ومعهم ائتلاف الكرامة، فلا يمكن تمرير الحكومة؛ فهم يمتلكون 112 مقعدًا، وبالتالي لا يمكن لـ105 نواب تمرير الحكومة (منح الثقة يتطلب 109 نواب).
وأضاف العبيدي، للأناضول، أن “الفخفاخ سيُعيد التفاوض مع هذه الأطراف الثلاثة، ومطلوب منه مراجعة تركيبته الحكومية التي أعلن عنها”.
وتابع أن “الفخفاخ اقترح أسماء على أنها مستقلة بينما هي ليست كذلك، مثل وزير الدفاع، عماد الحزقي، وهو قريب من قيس سعيد، ووزير الداخلية، هشام المشيشي، الذي كان مستشارًا قانونيًا لدى رئيس البلاد (سعيّد)”.
وأردف: “هناك تسريبات تُشير إلى أن الرئيس سعيّد اشترط على الفخفاخ أن يمنحه 5 وزارات تابعة له، أي أن يقوم سعيّد بتسمية 5 وزراء (لم يحددهم)”.
ومضى قائلًا إن “النهضة شعرت بأن هناك انقلابًا يعُد ضدّها، وهناك تسميات وزارية معادية لها، لذلك انسحبت”.
ورأى العبيدي أنه “لم يبق من حلّ إلاّ مراجعة الفخفاخ للتركيبة الحكومية المقترحة أو تكليف شخصية أخرى بتشكيل الحكومة فيما تبقى من مدّة أربعة أشهر التي يقرّها الدستور، أو حلّ البرلمان والذهاب إلى انتخابات تشريعية مبكّرة”.
وتنص أحكام الفصل 89 من الدستور أن “مهلة تشكيل الحكومة تستغرق 4 أشهر، انطلاقًا من موعد التكليف الأول”، أي اعتبارًا من 15 نوفمبر الماضي، تاريخ تكليف الحبيب الجملي، ما يعني أن الآجال الدستورية ستنتهي 14 مارس المقبل، ليصبح من حق رئيس الجمهورية حلّ البرلمان.
وبعد فشل تشكيلة حكومة الجملي، الذي اقترحته “النهضة”، في نيل ثقة البرلمان، في 10 يناير الماضي، كلّف سعيّد، في 20 من ذلك الشهر، الفخفاخ بتشكيل حكومة خلال مهلة لا تتجاوز الشهر، وتنتهي الخميس المقبل، 20 الجاري.