كتبه: توفيق الزعفوري
لا يختلف إثنان في تونس أن ملفات الفساد، تستنزف موارد الدولة المادية و تؤثر على برامجها التنموية، و تعطل إمكانية النمو الاقتصادي، و خاصة فرص الإستثمار، و الفساد قد طال جميع مفاصل الدولة و في جميع المؤسسات العمومية و الخاصة، منذ عقود..
الحرب التي أعلنها يوسف الشاهد على الفساد و المفسدين، كانت ديكورا أكثر من برنامج عمل، لم تحدث التغيير المطلوب، حتى إن نسبة النمو تراجعت من 2.5٪ توقعات إلى 1.4٪ فقط كحاصل سنة 2019 ، أما و قد بدأت بعض المؤشرات على تطهير الأجواء مما علق بها من فساد، كتحجير السفر على سامي الفهري و زوجته على خلفية قضية كاكتوس برود.
إقالة الزبيدي و الجهيناوي من مهامهما ، و الأذن بتدقيق مالي و إداري في وزارة الخارجية، إضافة إلى ما يتردد حول إيقاف رجل الأعمال الوسيط بين نبيل القروي و بن ميناشي، و عودة أمير لواء محمد صالح الحامدي إلى المستشارية، مستشار للأمن القومي( خلفا لكمال العكروت الذي قدم إستقالته)، بعدما عزله الرئيس الأسبق محمد المنصف المرزوقي ، و هو تعيين يأتي لتصحيح الأوضاع، و رد الإعتبار للشخص الذي قدم الكثير لتونس و خدمها بإخلاص.
هذه الملفات و غيرها كانت في أدراج مكتب الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي و كانت طي النسيان، الان و قد نُفض عليها الغبار، و رفع عنها التجميد ، ناهيك أن الشاهد كان على علم بهذه الملفات، وقد لاحظنا نوعا من التناغم و الانسجام بين رأسي السلطة التنفيذية، فإنه من الطبيعي أن نرى رؤوسا كبيرة تتدحرج ، و أخرى ستلحق بها بعد اِستيفاء الأبحاث…
ملفات الفساد تطفو على السطح من جديد، و حتى لا تكون هذه الحرب مجرد ذر رماد على العيون و تصفية حسابات، و عملية تحيل و التفاف على الشعب، و حرب عصابات لا تعنينا في شيء فإنه لابد من فتح ملفات من العيار الثقيل، و تبيان الحقيقة فيها و الإشاعات، حتى لا يتجنى الناس على بعض الاحزاب و الأشخاص المتهمين فيها، و منها ملف الرش في سليانة و ملف الهبة الصينية و ملف الإغتيالات، و الجهاز السري و الغرفة السوداء و تسفير الشباب إلى سوريا و تهريب أبو عياض و ملف القروض و الهبات الأجنبية و ملف ناجم الغرسلي و غيره..
كل هذه الملفات فتحت فيها تحقيقات، دون أن تنتهي إلى شيء، و هو ما عمّق الشكوك حولها، و ضاعت الحقيقة بين أروقة المحاكم من جهة و المزايدات الايديولوجية و المناكفات من ناحية أخرى..
الملفات عديدة و هيئة مكافحة الفساد نشرت قضايا لدى المحاكم، و المطلوب التعجيل في الحسم فيها، تأكيدا للرغبة في مكافحة الظاهرة، و خاصة الإفلات من العقاب، و جعلها بندا أساسيا في برنامج الحكومة و من أولوياتها، حتى تكتسب مصداقية و حزاما سياسيا و شعبيا متينا، إعلاءً لهيبة الدولة، و إنفاذا للقانون…