أفريقيا برس – تونس. أكد القيادي بحركة النهضة التونسية نزار حبوبي في حواره مع “أفريقيا برس”، أن مؤتمر النهضة المرتقب سيشكل فرصة لمراجعة وتقييم أداء الحركة في العشر السنوات الأخيرة، كما يعد فرصة لاستخلاص دروس تجربة الحركة.
وجدد حبوبي موقف الحركة من الانتخابات التشريعية المرتقبة التي ترى هذا المسار عبثيا، معتبرا أنه في غياب التشاركية وإصرار الرئاسة على النهج لن يقدم البرلمان الجديد أي حل لأزمات البلاد بل سيعمقها أكثر.
آمنة جبران
ماهي نظرتكم للانتخابات التشريعية والمرحلة السياسية المقبلة؟ هل تعتقدون أن تحظى الانتخابات بمشاركة أم ستشهد عزوفا؟
أحد أهم مؤشرات الديمقراطية الحقيقة تكمن في ضمان انتخابات حرة شفافة ونزيهة يُحدد فيها مسبقا قانون وشروط اللعبة بالتشارك بين مختلف القوى السياسية في البلاد لضمان حظوظ متكافئة بين المتنافسين وتجنّب أي تشكيك في أي طور من أطوارها. وهذا ليس حالنا في تونس ما بعد انقلاب 25 جويلية 2021 الذي ألغى العمل بدستور 2014 وحلّ أغلب المؤسسات الدستورية المنبثقة عنه ومنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي غير قانونها وعين أعضاءها بنفسه. حيث قام قيس سعيد انفراديا بصياغة دستور ونظام انتخابي على القياس لم تشارك في مناقشته أي قوة سياسية ومجتمعية أو حتى شخصيات كفئة مشهود لها بالكفاءة والحياد.
وبناءا على موقف الحركة المبدئي الرافض للانقلاب واعتبار أن كل ما تبعه من إجراءات في حكم البطلان وهذا ما أقره البرلمان التونسي في جلسته العامة بتاريخ 30 مارس 2022 والمصادقة القانون عدد 1 لسنة 2022 المتعلق بإلغاء الأوامر الرئاسية وكل المراسيم الصادرة بداية من 25 جويلية 2022. وعلى قرار المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب رقم 017/2022 بإلغاء الأمر الرئاسي 117 معتبرة أن السلطة القائمة خالفت المادة 13 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. ودون الغوص في تفاصيل المرسوم الانتخابي المنظم للعملية الانتخابية والاخلالات الكثيرة التي ارتكبتها الهيئة. نعتبر أن المسار الانتخابي الحالي مسار عبثي فاقد للمصداقية والشرعية وأن البرلمان المزعوم لن يكون جزءا من الحل بل سيعمق أزمة البلاد ، كما انه لن يحقق استقرارا مؤسساتيا للدولة وليست له الصلاحيات التشريعية والرقابية لأداء دوره كتلك التي كان يتمتع بها في دستور 2014 .بينما منح قيس لنفسه صلاحيات لا حد لها . بسبب كل ذلك أعلنا مقاطعتنا لما يسمى الانتخابات التشريعية التي هي في حقيقتها انتخابات قيس لبرلمان قيس.
دعوتم أعضائكم ومنخرطي الحزب لمقاطعة الانتخابات، هل تعتقدون أن النهضة مازال لها وزن لدى الشارع؟
المسألة نسبية بالطبع ولكن لازلنا نعتقد أن لحركة النهضة تأثير أكثر من أي حزب في البلاد وهي اليوم أهم طرف بين المعارضين للانقلاب، ونجحت بالتعاون مع عدد من الشركاء داخل جبهة الخلاص في تعبئة الشارع وحماية الحريات. أيضا حركة النهضة حزب منظم هيكليا يتفاعل مع مجريات الساحة السياسية وكذلك مع قاعدته الانتخابية والحزبية حول الخيارات العامة المنبثقة عن مؤسساتها. والحقيقة أن ما نراه هو عزوف المواطنين والمواطنات عن انتخابات لا تمثلهم ولا ينتظرون منها شيئا بخصوص معاناتهم من الغلاء والبطالة وفقدان مواد حيوية للعيش.
لماذا لا تبحث النهضة عن مصالحة مع قيس سعيد لحماية البلد من مزيد من التأزم السياسي؟
توخت حركة النهضة منذ 2011 سياسة الحوار والتوافق كآلية فعّالة لتجاوز الأزمات بما يحقق نجاح مسار الانتقال الديمقراطي في تونس، وقدمت في سبيل ذلك كثير التنازلات من اجل المصلحة الوطنية العليا. ولا زلنا نعتبر الحوار هو السبيل الأمثل لحل المعضلات وهذا المنهج يتفق عليه الجميع في البلاد ما عدا قيس سعيد،الذي لم يتحاور حتى مع من يقدمون أنفسهم أنهم شركاء له ولا يمارس إلا الحكم الفردي.
ستعقدون مؤتمركم قريبا، هل سيشكل فرصة لمراجعة وتقييم الحركة التي يحملها كثير من التونسيين مسؤولية تردي الوضع السياسي والاقتصادي؟
سيكون المؤتمر فرصة للتفكير في المستقبل و لكن أيضا فرصة لاستخلاص الدروس من كامل مرحلة ما بعد الثورة . نحن لم ننتظر المؤتمر للاعتراف بأخطائنا وبنصيبنا من المسؤولية في النجاح وفي الإخفاق الذي حصل بالبلاد ، لكننا نرفض الحملات المنظمة التي تريد تشويه الحقيقة وتحميل النهضة وحدها كل شيء . ورش العمل على قدم وساق للاشتغال على كل هذه المسائل.
هل تعتقدون أن الحركة ستتجاوز ما تعيشه من انقسامات خلال مؤتمرها القادم بسبب رفض كثير من القيادات تولي راشد الغنوشي رئاسة الحركة مرة أخرى؟ هل سينحني الغنوشي للعاصفة ويتنحى عن رئاسة الحركة؟
تحدث الاستقالات في الأحزاب ونحن نأسف لحصولها في حزبنا. ونأمل ونعمل على عودة المستقيلين، وفي موضوع التداول القيادي المسألة محسومة قانونيا كما صرح الأستاذ راشد الغنوشي أكثر من مرة أنه غير معني بالترشح لرئاسة الحركة في المؤتمر القادم . وسنستثمر المدة التي تفصلنا عن موعد المؤتمر لإعداد لوائح وترتيب الانتقال القيادي ليكون سلسا وتكون نسبة التجديد كبيرة . نحن نريد للنهضة آن تعبر عن انتظارات التونسيين وتمثلهم أفضل تمثيل.
ماهي توقعاتكم لمستقبل الغنوشي والنهضة السياسي؟
راشد الغنوشي شخصية سياسية لها وزنها داخل الحركة وكذلك في الساحة السياسية التونسية والإسلامية . مازالت له أدوار هامة في النهضة وفي تونس وحتى أوسع من ذلك سياسيا وفكريا . أما النهضة فستواصل بشجاعة شق طريقها وتطوير نفسها مستفيدة من رصيد تجربتها للدفاع عن أهداف ثورة الحرية والكرامة ومنها بالخصوص :الحرية واستعادة الديمقراطية التي نسفها الانقلاب وإيجاد حلول للتحديات الاقتصادية والاجتماعية والمالية التي يعيشها التونسيون والتونسيات.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس