طارق عمراني
تشير عديد الدراسات الاجتماعية و النفسية بأن الاشاعة تزدهر خلال الحروب و الكوارث و الانقلابات العسكرية و الثورات الشعبية، فنحن اليوم في تونس و بعد سنوات من الثورة مازلنا نعيش تحت سطوة الاشاعات خاصة تلك التي تكتسي شرعية إعلامية كالتي تبثها أعتى المؤسسات الإعلامية .
و الاشاعة تكون أكثر خطرا و تدميرا إذا كانت محكومة بمحركات “نظرية المؤامرة”
قبل سنوات تناقل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بسخرية قولا مأثورا للاعلامي لطفي لعماري عندما تخمر في أحد تحاليله و انفلتت قريحته بالتأكيد على أن حركة حماس في غزة قامت بحفر أنفاق من فلسطين المحتلة مرورا بمعبر رفح ثم السلّوم و تقطع الاف الكيلومترات من صحراء ليبيا الشاسعة و لا نعلم ان كانت مرت عبر معبر ذهيبة وازن أو راس جدير لتنتهي في مرتفعات جبال الشعانبي على الحدود التونسية الجزائرية لتمكن الارهابيين من المؤونة و العتاد ، طبعا رواية هيتشكوكية مثيرة للسخرية كانت تجليا خرافيا من تجليات نظرية المؤامرة، غير أنه لم يكلف نفسه عناء الاعتذار عن هذه السردية التي ضربت عرض الحائط بكل الحقائق الجغرافية و الفيزيائية في تحد صارخ للعقل البشري….
طرائف لعماري لم تنته عند هذا الحد فقبل يومين تخمر في أحد تحاليله الخالدة مؤكدا ان الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين قد صرح قبل شهرين بأن تركيا الاردوغانية تقوم بترحيل الدواعش من سوريا الى الحدود التونسية الليبية، و حتى نقطع الشك باليقين عدنا للشيخ غوغل لنستفسر عن حالة بوريس يلتسين الصحية بعد ان بلغ من العمر عتيا، فأخبرنا بأن يلتسين قد انتقل الى جوار ربه قبل 12 سنة…
اشاعات لطفي لعماري ليست جميعها طريفة فبعضها مسمومة ترقي الى مرتبة السميات التي تمس من الأمن القومي فخلال الوعكة الصحية التي تعرض لها الراحل الباجي قايد السبسي في بداية صيف 2019، أكد السيد لعماري بأن سفيان طوبال قد أعلمه بأن عبد الفتاح مورو يعد العدة للانقلاب على الحكم بتغييب رئيس البرلمان محمد الناصر و الاستيلاء على منصب رئيس الجمهورية بمقتضى الفصل الدستوري المتعلق بالشغور الوقتي لرئاسة الجمهورية…
اخر هذه الاشاعات كانت صباح امس الاحد على امواج إذاعة راديو ماد حيث اكد لعماري بأنه و حسب مصادره الموثوقة من داخل قصر قرطاج فإن رئيس الجمهورية قيس سعيد انتقم رمزيا من الزعيم الحبيب بورقيبة بنزع صوره و تماثيله من أروقة قصر قرطاج، إشاعة انتشرت في هشيم فضاء مارك الأزرق و تفاعلت معها النخبة تنديدا و شجبا، لتخرج علينا المستشارة الاعلامية لرئاسة الجمهورية مساء الامس نافية هذه الاشاعة بعد أن شبعنا تحاليل مازوشية اخرها تلك التي حبرها مدير مؤسسة سيغما كونساي حسن الزرقوني …
الاعلام التونسي لم يستوعب بعد درس “لطخة انتخابات 2019″حيث فشلت كل محاولات الدمغجة و التحكم في المزاج الشعبي بعد ان سحبت فضاءات التواصل الاجتماعي البساط من تحته، و لازال مصرا على إستبلاه العقول…
الأخطر من ذلك أن فضاءات التواصل الاجتماعي هي الأخرى أصبحت مصنعا عملاقا للشائعات….
