قال المرشح الرئاسي، إلياس الفخفاخ، إنه يطمح لجعل تونس مركزاً دولياً للسلام وحل النزاعات في العالم، كما أشار إلى أن إنشاء «وكالة وطنية للاستخبارات» بات أولوية لمكافحة الإرهاب الذي يهدد التجربة الديمقراطية في البلاد.
وانتقد، من جهة أخرى، من يشككون بولاء المرشحين مزدوجي الجنسية، مشيراً إلى وجود 10 في المئة من التونسيين يمتلكون جنسية ثانية «وقد ساهموا بخدمة البلاد أكثر من غيرهم»، كما أكد أن تحالف حزبه مع حركة النهضة خلال حكم الترويكا كان «من أجل مصلحة تونس».
وقال إلياس الفخفاخ، في حوار خاص مع «القدس العربي»: «برنامجها الرئاسي ينقسم إلى عدة محاور، يتعلق الأول باستكمال مؤسسات الجمهورية الثانية وتدعيم اللامزكرية بالانتخابات الجهوية وإعادة توزيع الموظفين لتعزيز الحكم المحلي، والعمل على الوحدة الوطنية واحترام الحريات الأساسية وحماية الدستور.
ويتعلق الثاني بتكريس دبلوماسية ذات بُعدين: بعد حضاري إقليمي، فتونس يجب أن تلعب دوراً سلمياً في العالم بفكرها وتاريخها وتنوع الحضارات التي مرت عليها وبانفتاحها وتموقعها الجغرافي وبثورتها وحوارها الوطني، وهذا كله يجب أن نستفيد منه من أجل بعث مركز عالمي للسلام وفض النزاعات في تونس، ويمكن أيضاً جعل تونس مركزاً إعلامياً دولياً باستقطاب وسائل الإعلام ومراكز التفكير في العالم».
وأضاف: «البعد الثاني هو اقتصادي، فلدينا مشاكل اقتصادية ويجب استعمال الدبلوماسية من أجل استقطاب الاستثمار والتعريف بمنتجات تونس في العالم، وجعل تونس نموذجاً يحتذى به في العالم، لأن موقع تونس الجغرافي بين أوروبا والعالم العربي وإفريقيا يؤهلها أن تصبح بوابة لإفريقيا مع أوروبا وآسيا.
المحور الثالث يتعلق بالأمن، فثمة اليوم خطر داهم يحدق بتونس هو الإرهاب وهو أولوية الأولويات، وقد ربحنا شوطاً كبيراً في معركتنا مع هذه الآفة، ولكن ما زال الخطر موجوداً، سواء في دول الجوار كليبيا أو من العائدين من بؤر التوتر الأخرى. ويمكن التصدي لهذه الآفة عبر تأسيس وكالة وطنية للاستخبارات تابعة لمجلس الأمن القومي الذي يترأسه رئيس الجمهورية».
كما قدم الفخفاخ، ضمن برنامجه الرئاسي، بعض الحلول لمشكلة البطالة المتفاقمة في تونس، فضلاً عن بعض الحلول التنموية، من بينها «برنامج للاستثمارات المستقبلية في أربعة محاور كبرى، محورين اجتماعيين أسميتهما العقد الجمهوري الاجتماعي المتمثل بإعادة النظر الشامل بالتربية والتعليم والبحث العلمي من جانب، والصحة العمومية من جانب آخر، ومحورين آخرين يتعلقان في الطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي، حيث تستطيع تونس عبر مواكبة ثورة الطاقة المتجددة من حل مشكلة العجز الطاقي الذي يستنزف الميزانية، كما يمكن استثمار العقل التونسي واستقطاب الكفاءات المهاجرة (ثلاثة آلاف مهندس يغادرون تونس سنوياً) في الثورة الرقمية، التي تشكل حلاً كبيراً لمشاكل البطالة والتنمية في البلاد»
من قيادات التكتل
وإلياس فخفاج هو من القيادات البارزة في حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الذي أسسه مصطفى بن جعفر عام 1994، وشارك في الحكم بعد الثورة ضمن ائتلاف «الترويكا» الذي ضم أيضاً حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، بين عامي 2011 و2014 وهو يعوّل على مؤسسات حزبه، فضلاً عن «ماكينة انتخابية» تضم عدداً من الشخصيات المستقلة والشباب المتحمسين لإيصاله إلى قصر قرطاج.
كما ينتقد الفخفاخ، الذي يمتلك جنسية ثانية فرنسية، من يشكّكون بولاء المرشحين مزدوجي الجنسية، حيث يؤكد أن «هناك 10 في المئة من الشعب التونسي لديه جنسية ثانية، فبعضهم ولد في الخارج وحصل على جنسية ثانية بالولادة)، وهناك من درس في الخارج وتحمل مسؤوليات في شركات كبرى وتم اقتراح إعطائه جنسية ثانية )تقنية) لحل عدد من التعقيدات التي تواجه من لا يحمل جنسية أخرى في الخارج (كما حدث معي). وأود القول إن هناك آلاف التونسيين مزدوجي الجنسية الذين تفخر بهم تونس لأنهم يعملون ليل نهار لتحسين صورتها في الخارج، وأعتقد أن التشكيك بما يقدمه 10 في المئة من التونسيين لبلادهم هو «خيانة» لتونس».
وحول تقييمه لتجربة الترويكا، يقول الفخفاخ: «احترمنا ما أخرجه الصندوق الانتخابي ودخلنا في تحالف من أجل تونس ولإنجاح الثورة، ووضعنا دستوراً مطابقاً لما قدمه حزب التكتل (بنسبة 98 في المئة) في حملته الانتخابية، وحاولنا أن نكون الرابط للوحدة الوطنية بين الإسلاميين والقوى العلمانية والتقدمية.
طبعاً كان هناك أخطاء في الحكم لم نكن موافقين عليها، وحاولنا التصدي لها، كما أن الجانب الأمني لم يكن في المستوى ويتحمل مسؤوليته في الأساس من كان يشرف على الأمن، أقصد هناك وزير الدفاع آنذاك وهو مترشح اليوم لمنصب رئيس الجمهورية، عبد الكريم الزبيدي، ووزير الداخلية آنذاك، علي العريض، ورئيس الجمهورية القائد العام للقوات المسلحة (منصف المرزوقي). عموماً نتحمل مسؤولية أخلاقية وسياسية في تلك الفترة عموماً، ولكن إجمالاً أوصلنا البلاد لانتخابات تعددية، وخرجنا من الحكم عندما صادقنا على الدستور، وللمؤرخين أن يحكموا على تلك التجربة».
دعم «النهضة»
ويستعبد الفخفاخ دعمه في الرئاسة من قبل قواعد النهضة، فـ«حركة النهضة حزب سياسي لديه زعماؤه وقيادته ونوابه ومرشحه لرئاسة الجمهورية، ولا أعتقد أن إلياس فخفاخ لديه التقاء معها. فأنا لدي حزبي وعائلتي وعائلات فكرية مختلفة، ربما تعاملنا مع النهضة في وقت سابق – كشريك في الحكم – من أجل تونس، ومن غير أي تنازل عن مشروعنا السياسي والحضاري والفكري لتونس. ولكن إذا وصلت للدور الثاني فأدعو جميع التونسيين، سواء ممن صوتوا لعبد الفتاح مورو أو غيره، للتصويت لصالحي، فأنا أطرح مشروعي لجميع التونسيين، وسأكون رئيساً للجميع، حتى لمن لم يصوت لي».
من جهة أخرى، اعتبر أن إيقاف المرشح الرئاسي، نبيل القروي، يمثل تدخلاً في عمل القضاء واستعمالاً للدولة وأجهزتها في إقصاء المنافسين في الانتخابات الرئاسية، وخاصة أن عملية الإيقاف تمت قبل أسبوعين من الموعد الانتخابي، «رغم أنه كان يمكن محاسبة هذ الشخص منذ 2016 (عندما تم اكتشافه تجاوزاته). طبعاً نحن في خلاف جوهري مع القروي، وخاصة فيما يتعلق باستعمال الجمعيات والإعلام في السياسة، وهو أمر ممنوع على الأحزاب السياسية، ولكن في الوقت نفسه نرفض العبث بالعملية الانتخابية أو التدخل بالقضاء أو استعمال مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة الأمنية من أجل إقصاء الخصوم أو إرباك العملية الانتخابية».
وكانت وزارة الداخلية التونسية أعلنت، قبل أيام، إيقاف المرشح الرئاسي، نبيل القروي، وإيداعه سجن المرناقية في العاصمة تنفيذاً لأمر قضائي صادر بحقه، ويتعلق باتهامه بغسل الأموال والتهرّب الضريبي. وسارع حزب القروي )قلب تونس) وأطراف سياسية أخرى إلى اتهام رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، بالوقوف وراء عملية الإيقاف، محذرة من توظيف القضاء في خدمة أجندة سياسية وانتخابية.
فيما استغرب حزب الشاهد (تحيا تونس) الزج به وبمرشّحِه للانتخابات الرئاسية (يوسف الشاهد) في قضيّة قال إنه لا علاقة لهما بها بأيّ شكل من الأشكال، كما استنكر»توظيف هذه القضية باستغلال بعض المنابر الإعلامية للقيام بحملات تشويه وافتراء على الحركة ورئيسها»، مديناً «حملات التّشكيك في نزاهة واستقلاليّة القضاء ومحاولات ابتزازه والتأثير على قراراته».