بقلم : نصرالدين السويلمي
اختار الإعلامي المصري محمد الباز في برنامجه 90 دقيقة على قناة المحور استدعاء شخصية الدكتور المنصف المرزوقي لتقريضها وتشويهها خدمة لأجندات باتت مثيرة للشفقة أكثر من اثارتها للقلق، وبعد أن أكد ان المرزوقي كان مجرد طبيبا وبنبرة استهزاء، وكبداية قال الباز لمشاهديه انه سيعرض اشهر فيديوهات المرزوقي، تلك التي خرج فيها يتكلم عن الاسهال، في محاولة لتحقير مهنة الطب فقط من اجل النيل من الرئيس التونسي السابق، ولو كان بوسعه ووسع المنظومة العسكرية التي يعمل لصالحها لاحتقر العرب والمسلمين والإنسانية وجميع المهن الشريفة من اجل اهداف انقلابية دموية خسيسة. عرض الإعلامي المصري أحد الفيديوهات القديمة للمرزوقي، قدم خلالها الدكتور تفاصيل عن الاسهال، اعتبرها بوق البيادة مثلبة أو منقصة يمكن استعمالها كمدخل للتدليل أن مستوى الرجل لا يتعدى “الدكتور!!”.
افتتح الإعلامي هجومه بتهمة الطب التي وجهها للمرزوقي بغرض الاساءة! ثم عاد الى سنة 2008 ليستخرج الدليل القاطع على جرم الدكتور، حين ذكّر الجميع بالمواجهة الحوارية التي دارت على قناة الجزيرة بين المرزوقي و اللواء رؤوف المناوي مساعد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وبيّن الإعلامي المصري فصول الجريمة مع مسحة من الذهول الصبياني الاستغبائي، قال الباز ” تخيلوا ان المنصف المرزوقي كان يعتبر أجهزة الشرطة في الدول العربية، هي نوعا من الاحتلال الداخلي”ولعل ما أقدم عليه الباز يعتبر اغبى عملية تشويه في العالم، حيث شوه المرزوقي بشرف الطب، ثم شوهه ثانية بوسام المناضل الذي خبر جرائم الشرطة العربية تلك التي فاقت الكثير من جرائم شرطة الاحتلال، جرائم شرطة العرب، لا تشبهها إلا جرائم فرنسا في الجزائر وامريكا في الفيتنام.
أي إعلام هذا الذي يشتم يمدح! يذم يشيد! يهين يكرم!!! لقد فقد اعلام مصر حتى الأبواق الذكية ومنابر التزلف التي تحبك الهجمة الإعلامية.. ثم وحتى يوغل المشهد في الغباء، قارن المدعو الباز بين اقامة المرزوقي في نيويورك وإقامة السيسي، وكأنّ البهرج وتخمة الحرس والبروباغندا أحد أركان منصب رئاسة الدولة.
ليس ذلك فحسب بل عرض البرنامج شريطا لمجموعة من نشطاء الفيسبوك بصدد النيل المرزوقي، واستدل على كلامهم بعدم أهلية الرجل لرئاسة تونس، في حين يؤكد المنطق ان دولة ديمقراطية يجب ان يسود فيها الراي والراي الاخر ويجب ان يعبّر فيها المدون والناشط دون الخوف من دهاليز الداخلية.
ايضا عرض الإعلامي فيديو للمرزوقي بصدد توسيم أحد الضباط وقال انه وضع الوسام بالمقلوب وهذا ليس من صفات رجل الدولة! أي نعم في هذه بعض منطق، بما أن الدول العربية متعودة على رؤساء يتقنون وضع الاوسمة، تدرجوا في العسكر منذ شبابهم او صباهم، وربما ولدوا في بيت عسكري وترعرعوا في حجر العسكر وبين احضان الاب العسكري والجد العسكري، فيما رئيس تونس سليل كليات الطب والحركات الطلابية والحقوقية والأحزاب والحياة المدنية، من أين له بثقافة العسكر والدبابة والدم والجماجم والأشلاء..
ثم نخلص الى اللقطة التي وصفها الباز بالمشهد الذي لا يمكن ان ينساه التاريخ “لسلبيته طبعا” مشهد الرئيس التونسي السابق وهو يبكي الشهيد الدكتور محمد مرسي، تلك اللقطة التي أخرجت ما في صدر الرجل من انسانية ومن هيبة للحظات الموت والفراق، تلك التي أفصحت عن حقيقة وفاء الرئيس المنتخب لزميله وصديقه الرئيس المنتخب، كل هذا الكم من الإنسانية اعتبره الإعلامي سابقة تاريخية ضد المرزوقي، ثم ختم قوله بان هذا الشريط يدل على وجود علاقة ود بين المرزوقي ومرسي!!!
تلك تهمة اخرى مزلزلة، تجود بها هذه البلاعات الغبية.. كل هذا الذي تقيأه إعلامي المحور سيجعلنا نخلص إلى أننا بصدد اغرب عملية تشويه بل أغرب عملية مدح ربما في تاريخ البشرية قاطبة..
اغبياء البيادة يتدخلون في شؤوننا الداخلية ويحاولون التأثير على نتائج الانتخابات بتقديم المرزوقي كقديس بينما هو كغيره من المناضلين لديه الامتيازات كما السلبيات.
لا ليس هو الغباء والحمق فقط، يجب ان يُنهي الدعي الاعلامي برنامج بفرية أو كذبة تجمع بين الغباء والعماء وقلة الحياء، قال بأن المرزوق وعندما استضافة معتز مطر وسأله عن الرئيس الباجي قائد السبسي، رد بتجاهل واكد انه لا يعرفه ولم يلتق به طوال حياته، ثم عرض المقطع كدليل على ذلك!!!
بينما المرزوقي كان يتكلم عن حافظ قائد السبسي، اتضح ذلك حتى في المقطع نفسه!!!! الم نقل رحم الله زمانا كان اعلام فاروق وعبد الناصر والسادات ومبارك يجتهد في تهذيب الكذب ويجمل الافتراء.