آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. كشف النائب الطاهر بن منصور في حواره مع “أفريقيا برس” إلى “وجود محاولات مستميتة لتدجين البرلمان وسلبه دوره الرقابي بهدف تحويله إلى مجرد جهة موالاة، وهو ما يبرر فقدان الرأي العام ثقته في هذه المؤسسة التشريعية وتقلص مستوى الآمال المعقودة عليها” وفق تقديره.
وبين أن “موقف حركة الشعب بعد الانتخابات واضح للجميع وموقعها الذي اختارته بوعي وبديمقراطية داخل هياكلها هو معارضة النهج الذي إختاره رئيس الجمهورية، والذي رأت فيه الحركة انحرافا عن روح 25 جويلية”، مشيرا إلى أن “المسؤولية الوطنية هي التي حتمت على زهير المغزاوي الترشح في مواجهة قيس سعيد”، وأن “نتائج الانتخابات لم تكن مفاجئة حيث أن المناخ العام لا يوحي بوجود انتخابات حقيقية في البلاد”.
وفيما يخص موقف الحركة من التطورات في سوريا، رأى بن منصور أن “العدو الصهيوني هو المستفيد الرئيسي من سقوط نظام الأسد”.
والطاهر بن منصور هو عضو مجلس نواب الشعب عن دائرة “قبلي-سوق الأحد”، وكذلك عضو لجنة الزراعة داخل المجلس، وهو قيادي بحركة الشعب.
ما هي تصورات حركة الشعب للمرحلة القادمة بعد الانتخابات، هل ستقوم الحركة بمراجعة وتقييم لأدائها بهدف إعادة التموقع في المشهد السياسي؟
لا أعتقد أن هناك ما يدعو حركة الشعب إلى مراجعة تصوراتها أو قراءتها للمشهد السياسي الوطني. الحركة اختارت موقعها وهو ما عبرت عنه بوضوح من خلال ترشيح أمينها العام للانتخابات الرئاسية، وكذلك من خلال حملتها الانتخابية وخطابها السياسي وبياناتها المتتالية.
موقف الحركة واضح للجميع وموقعها الذي اختارته بوعي وبديمقراطية داخل هياكلها هو معارضة النهج الذي إختاره رئيس الجمهورية، والذي رأت فيه الحركة إنحرافا عن روح 25 جويلية، وإمعانا في رفض منطق التشارك في إدارة الشأن الوطني، فضلا عن التضييقات المتزايدة التي تستهدف الحريات الفردية والعامة، خاصة في ظل إصرار رئاسة الجمهورية على تجاهل الدعوات المتكررة لمراجعة المرسوم 54.
هذا في خصوص الموقف والموقع السياسي لحركة الشعب بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة.أما في خصوص الأداء فمن البديهي أن يخضع لمراجعة عميقة بعد النتائج المخيبة التي أفرزتها الإنتخابات، وهي مراجعة بدأت بالفعل داخل هياكل الحركة وستجد ترجمتها شيئا فشيئا في السلوك السياسي لحركة الشعب.
حسب تقديرك، ما هي أسباب هزيمة المغزاوي في الانتخابات الرئاسية، هل كان ترشيحه غير موفق وكان على الحركة ترشيح أحد الوجوه من داخلها المعروفة بمعارضتها لمسار 25 جويلية؟
نتائج الانتخابات الرئاسية لم تكن مفاجئة لنا من حيث المبدأ. ربما تكون النسبة التي تحصل عليها مرشح حركة الشعب مخيبة للآمال، لكن في العموم المناخ العام لم يكن يوحي بوجود انتخابات حقيقية، فالساحة السياسية الوطنية تعرضت على امتداد السنوات الثلاث الماضية لنوع من التجريف والتصحر ما أنهى بشكل كلي ثقة المجتمع في العملية السياسية برمتها.
الترذيل الذي تعرضت له العملية السياسية ستتواصل آثاره السلبية ولن يتوقف عند الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وبغض النظر عن النتيجة، لا أعتقد أن مبدأ الترشح كان في غير محله أو أن ترشح زهير المغزاوي بالذات لم يكن موفقا.
نحن في حركة الشعب لا نعتمد أسلوب المناورة أو تقاسم الأدوار. زهير المغزاوي الذي أعلن دعمه للرئيس قيس سعيد قبل وبعد 25 جويلية في مواجهة تحالف الفساد الذي هيمن على المشهد السياسي الوطني على إمتداد السنوات العشر اللاحقة للثورة، هو نفسه زهير المغزاوي الذي كانت لديه الشجاعة الكافية لإعلان تحفظه على المنحى الذي اتخذه رئيس الجمهورية ومعارضته للخيارات التي ثبت فشلها في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. المسؤولية الوطنية هي التي حتمت عليه الترشح في مواجهة الرئيس قيس سعيد.
ما هي أهم المقترحات التي تراها حركة الشعب في البرلمان، ولماذا تتعطل المبادرات التشريعية رغم أن هذا الحق يكفله الدستور؟
حركة الشعب كانت ولا تزال حريصة على تقديم مبادرات تشريعية ترى فيها خدمة للصالح العام وهو ما لمسه الجميع في أداء نواب الحركة بمناسبة مناقشة ميزانية 2025، فضلا عن المبادرات السابقة التي قدمتها في مختلف المجالات.
وأذكر على سبيل الذكر لا الحصر، مبادرة تجريم التطبيع التي تعرضت لتلاعب أقرب إلى الفضيحة من قبل رئاسة مجلس النواب. كذلك مبادرة تعديل المرسوم 54 التي لا تزال على طاولة رئاسة المجلس و مبادرة تنقيح المجلة التجارية… وغير ذلك الكثير.
المؤسف أننا نشاهد بوضوح محاولة مستميتة لتدجين المؤسسة التشريعية وسلبها دورها الرقابي والتشريعي وتحويلها إلى مجرد جهة موالاة. ربما هذا ما يبرر فقدان الرأي العام ثقته في هذه المؤسسة وتقلص مستوى الآمال المعقودة عليها.
هل تعتقد أن هناك فرصة لتنظيم حوار وطني في تونس يجمع جميع الأطراف من موالاة ومعارضة أم يصعب ذلك في ظل تمسك الرئيس بنهج فردي في الحكم؟
أعتقد أنه فات أوان الحديث عن حوار وطني جامع، لأن أداء وخيارات رئيس الجمهورية نسفت أسس مثل هذا الحوار. القاعدة الأساسية الضامنة لأي حوار هو الاعتراف والثقة المتبادلين بين الموالاة و المعارضة. وهو أمر لا وجود له اليوم في تونس، في ظل خطاب التخوين والتحريض ونفي صفة الوطنية عن كل من يعارض نهج رئيس الجمهورية.
لماذا تراجع دور اتحاد الشغل بعد أن كان قوة اقتراح لكن دوره يتهاوى اليوم، هل بسبب تخوفه من الملاحقات والإيقافات السياسية بحق قياداته وفتح ملفات ضده؟
من حيث المبدأ يجب أن نفرق بين الموقع ودور الوطنيين في الإتحاد وبين أداء قيادته الحالية. القيادة الحالية اختارت قبل 25 جويلية الاصطفاف وراء الجهة المعادية لمؤسسة رئاسة الجمهورية وهي اليوم تدفع ثمن هذا التموقع.
أما على المستوى الهيكلي فقد اختارت نفس هذه القيادة معاداة القاعدة العريضة من النقابيين من خلال الإصرار على المضي في اتجاه تعديل الفصل 20، والذي أدى في نهاية المطاف إلى تحطيم البناء الداخلي للاتحاد وإحداث حالة من الشلل أصبحت تهدد الدور التاريخي لهذه المؤسسة الوطنية.
لا مجال لإنكار أن الاتحاد اليوم يمر بأسوأ مرحلة في تاريخه. ومشكلة القيادة الحالية أنها لا تزال تكابر وترفض النزول من فوق الشجرة، رغم حدة الانقسام الذي بلغ المستوى القيادي نفسه.
القيادة الحالية تعرف جيدا طريق الحل وستضطر عاجلا أو آجلا للمضي فيه. وأنا أخشى أن يكون التأخير في الحل على حساب الشغالين وعموم المواطنين الذين كانوا دائما يراهنون على الاتحاد باعتباره الملاذ الأخير كلما ساءت ظروف الحياة في تونس.
مع احتفال تونس بالذكرى 14 للثورة، لماذا فقدت هذه الذكرى المعنى لدى التونسيين وباتت مجرد حدث باهت؟
التونسيون فقدوا شغفهم بالثورة ولم تعد ذكراها تعنيهم، والسبب هو عدم تحقق أي هدف مما كانوا يحلمون به و يتطلعون إليه. حتى المكسب السياسي البسيط الذي تحقق والمتمثل في التعددية السياسية والإعلامية وحرية التعبير والتنظم، تم نسفه و ترذيله.
على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، الوضع لا يقل سوءا عما كنا نعيشه قبل الثورة.
يكفي أن نقول أن الدولة عجزت خلال هذا الموسم عن التعامل بشكل سليم مع محصول الزيتون، ثقة المواطن في كل ما هو رسمي تقلصت إلى ما دون الحد الأدنى. وذكرى الثورة للأسف، أصبحت تخص السلطة وليس الشعب.
ما هو موقف حركة الشعب من التحولات الجارية في سوريا، كيف تقرأ التغيير الحاصل بعد الإطاحة بنظام الأسد وصعود الجماعات المسلحة إلى الحكم؟
نحن في حركة الشعب نعتبر أن ما حدث في سوريا هو جزء أو امتداد للعدوان الذي استهدف قطاع غزة والضفة الغربية ثم لبنان وإن اختلفت وسائل التنفيذ.
الأمر لا يتعلق بسقوط النظام بل باستهداف المقاومة التي احتضنتها الدولة السورية و وفرت لها كل أشكال الدعم.
يكفي أن ننتبه إلى أن اجتياح الجماعات الإرهابية المسلحة المدعومة من تركيا لمدن الشمال و الوسط السوري تزامن مع اجتياح صهيوني لمناطق الجنوب إلى حدود مدينة دمشق وريفها الجنوبي. فضلا عن الاستهداف السريع والوحشي لكل المقدرات العسكرية والتكنولوجية والعلمية للدولة السورية.
نحن في حركة الشعب كنا ولا نزال مع الدولة السورية ومع الجيش الوطني السوري الذي تبين بما لا يدع مجالا للشك أنه هو المستهدف من كل ما حدث و ليس نظام الرئيس بشار الأسد.
والعدو الصهيوني هو المستفيد الرئيسي مما حدث، أما بقية الأطراف فهي مجرد أدوات سيتم التخلص منها تباعا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس