الكل يدرك مواقف الاتحاد قبل الثورة، وكيف بايع جراد بن علي وابد ملكه ودفع الأحرار عصارة أعمارهم مقابل جرائم بن علي وجرائم جراد ومكتب جراد، ايضا الكل وقف على 30 ألف إضراب التي أراد من خلالها العباسي ومكتبه اجهاض اول انتخابات تشريعية “التأسيسي” حرة ونزيهة في تاريخ تونس، ثم ان الكل يقف منذ مدة على محاولة الطبوبي ومكتبه تحويل وجهة الانتخابات الرئاسية والتشريعية، مرة بالإعلان عن المشاركة الواسعة ومرة عن المساندة الواسعة ومرة عن الإضرابات الواسعة، ونحسب أن القليل وليس الكل على علم بالخطة التي استهدفت البلديات بُعيدة أول انتخابات بلدية حرة ونزيهة عرفتها البلاد، الكل يعلم ان نسبة كبيرة من العمال البلديات و بتحريض من الاتحاد دخلوا في إضرابات عشوائية لتقديم رؤية سلبية حول مفهوم الانتخابات وجدواها، في حين كان المسؤول النقابي في عهد بن علي يغشى عليه من الفرح لما يلتقط صورة مع رئيس البلدية…
ليس ذلك كل شيء، فالاتحاد نشر على صفحته الرئيسية الخبر التالي “تنعقد غدا الجمعة 16 أوت على الساعة التاسعة صباحا بمقر الاتحاد جلسة عمل مع الكتاب العامين للبلديات تحت إشراف قيادة الاتحاد و الجامعة العامة للبلديات وذلك للنظر في بعض المواضيع التي تهمهم وتهم القطاع بصفة عامة تحضيرا للهيئة الإدارية القطاعية بتاريخ 21 أوت 2019. وتعد هذه الجلسة مهمة وتأكيد على دفاع المنظمة على كل الأصناف وسيتم الإستماع إلى آراء الكتاب العامين للبلديات حول وضعيتهم المهنية وغيرها من الملفات الأخرى.”
إذا نحن لسنا بصدد “مجلس تأسيسي موازي” كالذي انشاه مرزوق، بل بصدد رؤساء بلديات موازين، ومكاتب موازية وسلطة محلية موازية، وعلى خلاف السلطة المنتخبة، السلطة الموازية ستكون مدعومة بأذرع مسلحة في شكل ميليشيات نقابية!!! لقد اخذ الاتحاد على نفسه منذ الثورة أن لا يترك فسيلة منتخبة على وجه الأرض إلا اقتلعها.
ثم ماذا ؟ ثم ها هو الطبوبي وبعد ان تبجح اعضاء مكتبه بالانتصار الباهر الذي حققوه على المرضى خلال الإضراب الأخير الذي شهده قطاع الصحة ، ونجاحهم المنقطع النظير في حرمان مرضى الكلى من التصفية ومرضى السرطان جرعاتهم والحامل من الولادة والمحروق والمجروح والمكسور والمطعون و الملسوع من تلقي الإسعافات، ها هو الطبوبي يعلن ” أن الاتحاد مستعد للانتخابات الرئاسية و التشريعية القادمة عبر إعداد 101 سؤال للمترشحين و تقديم مواصفات الاضطلاع بمهمة رئيس الجمهورية.. أكد الأمين العام حرص المنظمة على توفير مراقبين للانتخابات وضمان نزاهتها وشفافيتها”.
ما يعني أن الطبوبي ومكتبه المشكّل من الوطد وغيره، سيختبرون المترشحين، سيقدمون المواصفات التي يجب أن تتوفر في الرئيس المقبل وسيراقبون الانتخابات!!! مهام دولة واحزاب ومؤسسات مجتمع مدني وهيئة انتخابات وهايكا.. كلها سيقوم عليها الاتحاد، واذا ما جوبه بالرفض سيدخل في إضرابات شاملة تشل حركة تونس برا وبحرا وجوا كما قال كبيرهم وهو يصف نجاح الاتحاد في تعطيل الخدمات في تونس، انهم يتلذذون بانهيار الاقتصاد كما يتلذذون بمعاناة الناس! إنهم يهاتفون بعضهم البعض”والله منظر رائع الناس مكدسة على بعضها في المطار.. لو كان شفت في برشلونة الناس تغلي والحمد لله ما ثماش حتى طريقة للتنقل المواصلات الكل واقفة.. الو بشر الرفاق المستشفيات الكل تحت سيطرة النقابيين حد ما يدخل جونا المرضى من الجريصة ورجعناهم.. شوفلي شوفلي حلق الواد مازالوا المسافرين ملوحين كيما خليناهم الصباح؟”
تجتهد الثورة في التقدم فيعترضون سبيلها، يجتهد الانتقال الديمقراطي في التدرج فيعيقونه، يجتهد الاقتصاد في التعافي فيشدونه الى الأسفل، يجتهد الاستثمار في التقدم تجاه تونس فيقومون بإجلائه، تجتهد المؤسسات العمومية في إصلاح نفسها فيصرّون على ابقائها كالبقرة الحلوب خالصة لهم من دون تونس..لا شيء في جراب هؤلاء غير الدمار والخراب وسياسة الأرض المحروقة!
