أفريقيا برس – تونس. شكّل احتفال حركة النهضة التونسية بالذكرى الثالثة والأربعين لتأسيسها مؤخرًا، فرصة لتقييم تجربتها كحزب سياسي ذي مرجعية إسلامية، ومدى إسهاماتها والبدائل التي طرحتها منذ نشأتها لإقناع التونسيين بمشروعها.
وفي معرض تقييمه لدور الحركة وما قدمته لتونس على مدى أكثر من أربعة عقود، أشار العجمي الوريمي، الأمين العام لحركة النهضة، في حوار خاص مع “أفريقيا برس” إلى أن “الحركة أولت أهمية كبيرة للنضال الفكري والسياسي والميداني، وأن ما تميزت به في مراحل نشأتها وتطورها هو دفاعها عن مشروع حضاري، وليس فقط برنامج حكم أو مسعى للوصول إلى الحكم، كما شهدت تطورات نوعية خاصة بانتقالها من المرحلة الدعوية إلى المرحلة السياسية”. وأضاف أن “استهداف الحركة يأتي من مسعى أقلية إيديولوجية معروفة بعدائها للرأي المخالف، والتي تخشى حكم الصندوق ولا تتمدد إلا في حالة التصحر السياسي”.
وفيما يخص علاقة الحركة بالسلطة بعد 25 يوليو 2021، حيث اختارت التموقع في المعارضة رفضاً لإجراءات الرئيس قيس سعيد عقب حلّه للبرلمان، واعتبرت ذلك انقلاباً على الشرعية والديمقراطية، أكد الوريمي أن “النهضة ستحافظ على الوجود القانوني للحزب، حيث ترفض أن تكون حالة أمنية وأن تتقهقر إلى العمل السري وهي متمسكة بمسار التطبيع مع الدولة، وقد خيّبت أمل من كان يريد أن يرانا في مربع الصدام معها.”
وأضاف الوريمي أن حركة النهضة “حزب سياسي يرى نفسه جزءًا من الحل لا جزءًا من الأزمة”، لكنها كحزب معارض “تقيس قواعد اللعبة على ما تحقق من منجز ثوري وديمقراطي قطع مع الانتخابات المزورة، ويخشى أن يصبح اليوم متواطئًا في تزكية مسار منفرد”.
وأكد أن الحركة تدعم “فكرة ميثاق بين المترشحين يلتزمون فيه بجملة من المبادئ، منها المنافسة الشريفة ورفض التأثيرات الأجنبية والالتزام بعدم الاستقواء بالخارج”.
ولد العجمي الوريمي في عام 1962 والتحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في تونس في عام 1981، حيث بدأ نشاطه الطلابي في صفوف حركة الاتجاه الإسلامي. واستطاع مع آخرين تأسيس الاتحاد العام التونسي للطلبة في عام 1984، وعلى إثره طُرد من الجامعة. في عام 1985، التحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة محمد الخامس بالرباط، حيث حصل على شهادة الإجازة في الفلسفة.
عاد في عام 1988 ليستأنف دوره في قيادة الاتجاه الإسلامي بالجامعة، حيث أصبح رئيسًا لمكتبه السياسي وناطقًا باسمه. ومن جهة أخرى، أصبح مسؤولًا عن تحرير جريدته الأسبوعية “الحدث الطلابي”، مما أهّله ليصبح عضوًا في المكتب السياسي لحركة النهضة. وعند صدور “جريدة الفجر”، التحق بهيئة تحريرها مسؤولًا عن القسم الجامعي الشبابي والشؤون الدولية.
إثر اعتقال علي العريض، الناطق باسم الحركة، وحمادي الجبالي، المدير المسؤول عن جريدة الفجر، تم تعيين الوريمي في 1991 عضوًا في المكتب التنفيذي لحركة النهضة ورئيسًا لمكتبها السياسي. اعتقل في عام 1991، ثم حوكم ضمن قيادة النهضة في عام 1992 أمام القضاء العسكري وصدر في حقه حكم بالسجن مدى الحياة.
بعد الثورة في عام 2011، عاد الوريمي لقيادة الحركة، وعُين في منصب نائب رئيس الحركة ومسؤول مركب الثقافة والتعليم والشباب، ثم أصبح عضوًا في المكتب التنفيذي مسؤولًا عن مكتب الإعلام والاتصال، كما انتُخب نائبًا بمجلس نواب الشعب ممثلًا للحركة منذ عام 2014 حتى عام 2019. في نوفمبر 2023، أعلنت حركة النهضة اختيار العجمي الوريمي لتولي منصب الأمانة العامة للحزب، بعد شغور المنصب منذ عام 2019.
حوار آمنة جبران
مرت مؤخرا الذكرى الـ43 لتأسيس حركة النهضة، في تقييم مختصر؛ ماذا قدمت الحركة لتونس خلال أكثر من أربعة عقود؟
ماذا قدمت النهضة لتونس منذ تأسيسها هذا سؤال يحيلنا على سؤال آخر وهو ما هي النهضة؟ النهضة حركة سياسية ذات مرجعية إسلامية تتوفر فيها جميع مقومات الحزب السياسي من إيديولوجيا وهيكلة وتنظيم وقيادة وبرنامج، وكأي حزب سياسي تنشد التغيير باعتماد الأدوات المشروعة التي يضبطها القانون كالإنتخابات والبرلمان والحكومة، وللتذكير فإن الفترة التي نشأت فيها الحركة كانت مرحلة إيديولوجية بامتياز، أي أن الأحزاب والتيارات والحركات كانت تتمايز عن بعضها البعض بإيديولوجيتها، فكانت الإيديولوجيا هي المرجعية والهوية الفكرية للتنظيم السياسي وعلى أساسها يتم الإنتماء، لذلك نجد الماركسية وصفة الماركسي تشمل عديد التيارات والتنظيمات رغم اختلافاتها في التفسير والفهم والتأويل والتجربة التنظيمية والسياسية ومنهج التغيير، لذلك يمكن أن نعتبر أن أول إسهامات التيارات السياسية هو صياغة بدائل وتحالفات سياسية إنطلاقا من الفكر وليس فقط إنطلاقا من الواقع، ولأجل ذلك يتم قبول طرف سياسي أو رفضه إعتبارا لإيديولوجيته قبل التمعن في برنامجه السياسي، فالجانب المعياري (الإسلام أو الماركسية)؛ هو ما كان يحاكم على أساسه الواقع وليس العكس قياسا إلى مرحلة تأسيسية هي مرحلة الوحي أو ثورة من الثورات، ولأن الدين يحتل مكانة محورية في مجتمعاتنا فقد كان مدار الصراع والتنافس قبولا ورفضا وقد كانت العلاقة بالإيديولوجيا من معتنقيها منتجة للإلتزام، وهذا معنى الإنتماء الحركي أو النضال من أجل القيم وضد الواقع أو من أجل تغيير الواقع، ويمكن على هذا الأساس أن نقول إن النهضة ومنافسيها وخصومها كانت حركات نضالية تعطي أهمية كبيرة للنضال الفكري والسياسي والميداني كأثر للوعي ومنتج للوعي.
وما تميزت به حركة النهضة في مراحل نشأتها وتطورها أنها كانت تدافع عن مشروع حضاري وليس فقط برنامج حكم أو مسعى للوصول إلى الحكم، ورغم أنها لم تتخلى عن مرجعيتها وعن مشروعها فقط شهدت تطورات نوعية نقدر أن أثرها الإجتماعي والثقافي كان أثرا طيبا وإيجابيا ولئن انتقلت من مرحلة يمكن تسميتها بالمرحلة الدعوية إلى مرحلة أخرى هي المرحلة السياسية، فذلك لم يكن حيادا عن الهدف الأسمى وإنما إستنفاذ مرحلة والإنتقال إلى مرحلة هي خلاصتها الطبيعية والتاريخية، وقد كانت خلال هذا التاريخ الطويل نسبيا في طليعة المدافعين عن الهوية العربية الإسلامية للشعب التونسي ضد محاولات تشويه الشخصية الإسلامية وتذويب الهوية في مشاريع هيمنة حضارية لم تكن النخب العصرية تمتلك إرادة صدها ولا أدوات مجابهتها خاصة وقد كان همها سد الفجوة الحضارية بين واقع الإنحطاط الذي عليه الأمة الإسلامية وشروط التقدم التي امتلكتها البلدان الغربية، فكان شعار اللحاق بالغرب يفهم على أنه قطيعة مع الجذور وإتباع المغلوب للغالب حذو النعل للنعل أي النسج على منوال الغرب قيما وأخلاقا وسلوكا ومؤسسات، وقد فهمت النخب التي قادت حركات التحرر وفازت بأخذ مقود وزمام الأمور بعد تسلم المفاتيح من المستعمر أن أقوم المسالك لتعزيز الذاتية والسيادة الوطنية هي محاربة الإستعمار بأسلحته ومنها اللغة والثقافة والتعليم والإدارة والفنون والتقنيات وجعل الدولة الجديدة أداة هيكلة المجتمع وهندسة تطوره، وقد أفضى ذلك إلى إعادة إنتاج الهيمنة والسيطرة الغربية على أوضاعنا بقيادة نخبة تتكلم بلساننا وتنتسب إلينا وتنكر أنها منتدبة لدور الوكيل عن المستعمر الذي عرف كيف يرتب خروجه الآمن ولو في عجلة من أمره وتحت ضربات المقاومة المسلحة والشعبية.
قبل الثورة تركزت جهود النهضة على مقاومة الإستبداد باعتباره مكبلا لطاقات البلاد ولفعالية المجتمع المدني وللقوى الحية، وباعتباره عقبة حقيقية أمام تطلعات الشعب التونسي في الحرية والتنمية والكرامة، وكانت النهضة تعتبر أن حل مشكلة السلطة في تاريخنا وثقافتنا سيدخل البلاد الحداثة السياسية أي عصر المواطنة والاختيار الحر والتداول السلمي على السلطة، وكما ساهمت قبل الثورة في جهود تحصين المجتمع ضد التحلل والإختراق ودعمت جهود التعريب ودعم ركائز الهوية رغم تعرضها للقمع والتضييق والمحاصرة، فقد واصلت بعد الثورة دعم جهود المصالحة بين الدولة والمجتمع وعززت مناعة الدولة وحالت دون إنهيارها من موقع المشاركة في الحياة السياسية والمشاركة في الحكم، وقد ساهمت في صياغة الدستور الجديد (2014) الذي أرسى منظومة حكم ديمقراطية وعززت المكاسب الإجتماعية للمرأة وحقوقها السياسية وصالحت تونس مع تاريخها وذاكرتها وساهمت في تدشين مسار للعدالة الإنتقالية كما كان لها دور متقدم في إحتواء التطرف العنيف والتوقي من مخاطر الإرهاب في محيط متقلب وغير مستقر عبر إستراتيجيات وتشريعات وسياسات وطنية، وقادت مع شركاء سياسيين خيار الحوار الوطني والتوافق الوطني، ولاتزال تعمل على بناء تحالف المعتدلين وتشكيل كتلة تاريخية تقود الإصلاحات الكبرى وتحديث الدولة وإحداث النقلة التنموية والتكنولوجية، ولا شك أن مساهمة أي طرف تكون بمقدار ما تتيحه المنظومة السياسية والقانونية من فرص المشاركة والمنافسة والتداول، ففي غياب الشروط كنا نناضل من أجل توفيرها وعند توفرها كنا نسهم من موقع متقدم في إنجاح الأهداف الوطنية.
تمر الحركة حاليا بوضع استثنائي بعد إغلاق مقرات الحركة واعتقال أبرز قياداتها، كيف بوسع الحركة الخروج من هذه الأزمة، وهل تواجه ما يهدد وجودها السياسي وما قامت من أجله قبل 43 عاما؟
حركة النهضة حزب سياسي علني وقانوني يتموقع حاليا في المعارضة وهو ضمن جبهة الخلاص الوطني يناضل من أجل عودة الديمقراطية باعتبارها خيار شعبنا وباعتبارها مكسبا تحقق بتضحيات الأجيال، وهو مطلب النخب والشباب قبل الإستقلال وبعده وقبل الثورة وبعدها، وترفض حركة النهضة أن تكون حالة أمنية أو ملفا حقوقيا أو أن تتقهقر إلى العمل السري وهي متمسكة بمواصلة مسار التطبيع مع الدولة والعمل ضمن القوى الديمقراطية والوطنية لإصلاحها وتحديثها وتعزيز مناعتها ونحن نعارض سلطة خرقت الدستور، واختارت العمل بتنظيم مؤقت خارج مقتضياته قبل أن تفرض دستورا جديدا لم يحظى بقبول غالبية الناخبين عبر إستفتاء لم يقبل عليه إلا ثلثهم، إن غلق مقراتنا مخالف للقانون وللدستور وهو قرار إداري إستنادا لمرسوم حالة الطوارئ غير الدستوري وغير الديمقراطي، إن شرعية وجودنا لا غبار عليها وسنحافظ على الوجود القانوني للحزب وندافع على حقنا وحق غيرنا في العمل السياسي والنشاط الحزبي، ولا نشك في أن إستهدافنا لا يمكن أن يكون إلا مسعى أقلية إيديولوجية عرفت بعدائها للرأي المخالف وفهمها الأخرق للديمقراطية إذ هي تنفر من الديمقراطية السياسية وتخشى حكم الصندوق ولا تتمدد إلا في حالة التصحر السياسي، وهي لا تعي أن الزمن تغيّر وأنها تجدف عكس مسار التاريخ وعلى هامش التحولات العالمية والثورات الإجتماعية والإتصالية.
هل تأخير تنظيم انعقاد المؤتمر الحادي عشر للحركة يخدم الجهات الرافضة للإصلاح داخل النهضة؟
إن مهمة الإصلاح هي مطلب أبناء وبنات الحركة، وليس حولها خلاف وهي ليست مرتبطة بعقد المؤتمر ولا يوجد داخل النهضة تيار إصلاحي وتيار يعارض الإصلاح، وقد سبق أن أعلنّا أن الإصلاح ضرورة ومصلحة، وإذا لم نتمكن من عقد المؤتمر الآن وعاجلا فإن الإصلاح الآن ولا ينتظر، غير أن الإصلاح لا ينبغي أن يبقى عند مستوى الشعار أو التعبير عن النوايا الحسنة، لابد أن نعطي لشعار الإصلاح مضمونا سياسيا وأن يتم ذلك بطريقة تشاركية، إن الإصلاح بما هو حوكمة للموارد خاصة الموارد البشرية وبما هو شفافية ومأسسة وإرساء لتقليد التقييم الدوري للأداء وللأهداف وللمساءلة مطلب ومطمح نحشد له الدعم ونبدي الإرادة في الإنجاز، إن إعادة صياغة مشروع الحركة مهمة تتطلب وقتا وانخراطا من الجميع، وإن أي تجديد ينبغي تمليكه لشباب الحركة وتنزيله في سياق التطور التاريخي لهذه الحركة العريقة، الإصلاح الآن حتى لو كان المؤتمر غدا إلا ما كان يدخل ضمن صلاحيات المؤتمر ومشمولاته الحصرية.
لازالت الحركة محل جدل سياسي وايديولوجي مع خصومها، هل هناك تخوف من المشروع السياسي للحركة؟
لقد استخدم نظام بن علي فزاعة الإسلام السياسي ليتخلص من الإصلاحات الديمقراطية ويكبت المطالب الإجتماعية، وتسويق صورة السد المنيع ضد التطرف والإرهاب، وقد إستفاد لترويج أطروحته من الأوضاع المشتعلة والمأساوية في بلد مجاور إنزلق نحو الحرب الأهلية بعد إيقاف مسار إنتخابي خرج منه أنصار النظام بهزيمة نكراء، وبعد رحيل بن علي وثبوت فشل خيار الكل الأمني وسياسة الإقصاء وتجفيف الينابيع، حاولت أطراف أخرى مواصلة سرديته البائسة ولكنها لم تفلح في ذلك لأن الواقع أصدق من أي إدعاء، ورغم ذلك أتفهّم مخاوف بعض النخب في الأشهر الأولى من الثورة إذ سقطت كل مرجعيات السلطة التي قامت ضدها الثورة وترجح خيار القطع مع القديم والبناء على أنقاضه لا مع بقاياه، ولكن بعد أكثر من ستة إنتخابات وبعد تجربة حكم وبعد ممارسة السلطة والعمل في ضوء النهار وفتح الحركة أبوابها للإعلام وللباحثين وهياكلها لمن يرغب في الإنضمام والنضال في صفوفها، وبعد شراكة مع أطراف علمانية ديمقراطية وبعد أن قادت العمل التأسيسي والتشريعي في ثلاث دورات متتالية، كانت فيها مدافعة عن النظام الديمقراطي وعن الدولة المدنية وعن مكتسبات المرأة وعن حرية الإبداع وحرية المبادرة، ذهبت السرديات المشككة، شظايا، وتفككت وتحطمت على صخرة الواقع والحقيقة، وهذا ما يفسر إختراع مقولة العشرية السوداء إذ حلت سردية الفشل محل سردية الخطر الأصولي وتهديد الإسلام السياسي لمدنية الدولة ولحقوق المرأة ونمط المجتمع فلم يعد أحد يصدق تلك الترهات والكليشيات.
منذ توليك الأمانة العامة للحركة، هل حدث اختراق في ترتيب الوضع الداخلي للنهضة وفي علاقتها مع النظام والأحزاب المعارضة؟
الأمين العام حافظ على الخط السياسي للحركة ولم يطرح تغييره على مجلس الشورى، وهو خط المقاومة السلمية المدنية للإنقلاب والنضال من أجل عودة الديمقراطية، كما حافظ على العمل وإدارة الملف السياسي في إطار جبهة الخلاص الوطني، وهي طرف مسؤول منطلقاته وطنية وبوصلته مصلحة البلاد، النهضة اليوم لا تتصدر المشهد وهي لا تنافس على السلطة ولكنها لم تتأخر ولم تنسحب ولا ترى أن في ذلك مصلحة لأحد، نحن نتواجد خارج مربع السلطة وبعد أن أخرجنا منها بحل البرلمان وإنهاء حكومة هشام المشيشي، لم نسع إلا أن نكون ضمن الموالاة ولم نقدم عرضا للسلطة ولا هي انتظرت منا ذلك ولا نحن إنتظرنا منها عرضا يخصنا، ولم يمنعنا ذلك من الدعوة للحوار والبحث عن مساحة مشتركة، كما أننا خيبنا أمل من كان يريد أن يرانا في مربع الصدام مع أجهزة الدولة، نحن اليوم ندافع عن الرأي الآخر وعن مشروعية الرأي الآخر وهذا معنى أن نكون حزبا سياسيا يرى نفسه جزءا من الحل لا جزءا من الأزمة والفشل.
جددتم تمسككم بجبهة الخلاص الوطني، هل ستدعمون أحمد نجيب الشابي للانتخابات الرئاسية المقبلة أو مرشحين آخرين أم أن موقفكم ثابت بعدم المشاركة؟
جبهة الخلاص تعتبر الإنتخابات القادمة إستحقاقا وطنيا ودستوريا، ولكي تكون كذلك ينبغي أن يقوم كل طرف بدوره بما يضمن حرية الترشح وحرية الإختيار بين المترشحين وتكافؤ الفرص وإحترام إرادة الناخبين، واليوم بوجود قادة سياسيين ونشطاء وإعلاميين بالعشرات في السجن وبتواصل الغموض والضغوط؛ من الصعب أن نتحدث عن انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة، كانت المعارضة زمن الإستبداد الذي سبق الثورة تقبل بالمشاركة لفتح ثغرة وإقامة الحجة واكتساب شرعية ولم تكن تنخرط فيها تزكية للنظام أو بطموحات الفوز وإحداث التغيير، ولكن المعارضة اليوم تقيس قواعد اللعبة على ما تحقق من منجز ثوري وديمقراطي قطع من الإنتخابات المزورة والممسرحة، فما كان أملا زمن الإستبداد يجيز المشاركة بطموحات متواضعة يخشى أن يصبح اليوم تواطئا وتزكية لمسار منفرد.
لم يعلن الأستاذ نجيب الشابي زعيم جبهة الخلاص عن نيته الترشح، وهو يميل إلى أن هذه الإنتخابات إن كتب لها أن تجرى لن تكون إنتخابات ديمقراطية، أي لا يرى نفسه ولا الجبهة معنيان بها، ولا يزال النقاش داخل الجبهة متواصلا حول وجاهة خيار المقاطعة وخيار المشاركة، وقد يتطلب الأمر توسيع النقاش إلى باقي مكونات المعارضة من أجل ديناميكية نضالية تحقق في حدها الأدنى هيكلة المشهد والحياة السياسية
هل يمكن أن نشهد دخول أسماء جديدة على الساحة الانتخابية وخاصة تلك المدعومة من جهات خارجية، وهل تعتقد أن هناك قرارا دوليا مدعوما ببعض المؤسسات في الداخل بضرورة تجاوز مرحلة الرئيس قيس سعيد؟
الإنتخابات كما ذكر أعلاه إستحقاق وطني يهم التونسيين والتونسيات ولا يعني غيرهم، لكن كما نهتم نحن بالإنتخابات في بلدان أخرى لتأثيرها على أوضاعنا وانعكاسها على مصالحنا، وعلاقتنا بهم من المنطقي أن يكون هناك إهتمام قد يصل إلى محاولات التأثير دعما لمرشح السلطة أو لأحد منافسيه حتى وإن لم يطلب المترشحون ذلك ولم يسعوا إليه، ودليلي على ذلك؛ ما يكتب من مقالات عن بلادنا وأوضاعها السياسية والإقتصادية والإجتماعية في الصحافة الأجنبية والعربية، وهي صحافة ووسائل إعلام معروفة بعلاقتها بدوائر القرار، وكلما احتدت الأزمة وتعمقت الإنقسامات وغاب الحوار والإجماع الوطني، إرتفع منسوب الإهتمام ومحاولات التأثير، ومما لا شك فيه أن الشرعية يمنحها الصندوق والاختيار الشعبي، وهذا هو الأساس، وأنا أدعم فكرة ميثاق بين المترشحين يلتزمون فيه بجملة من المبادئ منها؛ المنافسة الشريفة، ورفض التأثيرات الأجنبية، والإلتزام بعدم الإستقواء بالخارج، وتبقى الكلمة الفصل لمن يضع الورقة في الصندوق واللوم على من تنكر للصندوق ونتائجه.
ذكرت في تصريحات مؤخرا أن خروج المعتقلين السياسيين سيكون بقرار سياسي، هل سيتم الإفراج عنهم ولماذا؟
نعم من اتخذ قرارا باعتقال معارضين يمكن أن يتخذ قرارا بالإفراج عنهم، والمسار القضائي لا يحول دون ذلك بل قد يكون هناك إخراج قضائي لانفراج سياسي، إن سجن السياسيين والمعارضين يمكن أن يصبح ورطة سياسية، الحق والعدل لا يميلان مع موازين القوة بل ميزان العدل هو الأصل والفصل، ونحن واثقون من عدالة قضية المعتقلين ومن أن لا مصلحة في بقائهم رهن الإعتقال.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس