المعارضة التونسية تجدد دعواتها لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين

57
المعارضة التونسية تجدد دعواتها لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين
المعارضة التونسية تجدد دعواتها لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. جددت المعارضة التونسية دعواتها لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي وذلك تزامنا مع الجلسة المخصصة للنظر في ملف المعتقلين فيما يعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة”.

وأدانت شبكة الحقوق والحريات وجبهة الخلاص الوطني، الثلاثاء، خلال وقفة احتجاجية أمام كل من المحكمة الابتدائية ومحكمة التعقيب بالعاصمة، استمرار الاحتجاز التعسفي والقسري للمعتقلين السياسيين وفي ظل ما وصفوه بـ”غياب معايير المحاكمة العادلة”.

وأوضح حسام الحامي منسق ائتلاف صمود، وأبرز مؤسسي شبكة الحقوق والحريات في حديثه لـ”أفريقيا برس” إلى أن “هذه الوقفة الاحتجاجية تأتي بعد 22 شهرا من الاعتقال السياسي فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، رأينا إلى حد الآن أنه لم يقع تقديم ما يفيد أن هؤلاء قاموا بما يجرمه القانون، وبالتالي نطالب بإطلاق سراحهم ومحاكمتهم في حالة سراح”.

واستدرك “لكن فيما يخص بقية المعتقلين مثل الصحفيين والمدونين وسجناء الرأي ورجال أعمال، فإننا نلاحظ ضبابية كبيرة بشأن محاكماتهم التي تحدث وسط شكوك في مدى استقلالية للقضاء وفي مدى توفير وضمان شروط المحاكمة العادلة، وعلى العكس من ذلك، فقد أخذت السلطة القائمة منحى استبدادي بمعنى تطويقها لكل من له رأي مخالف ومن له رأي ناقد”.

وتابع “هذا كله يجعلنا كأعضاء بشبكة الحقوق والحريات أن نطالب بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي وضمان شروط المحاكمة العادلة لهم”.

واستبعد الحامي “أي تجاوب للسلطة مع هذه الدعوات أو تحقيق أي انفراج سياسي في هذا الملف، حيث أن نظرة السلطة لكل من يخالفها في الرأي هي نظرة انتقامية، حيث تعتبر أنها تمتلك الحقيقة المطلقة في حين أن ذلك غير صحيح، بل هي ترفض حتى نقد نفسها”، وفق تعبيره.

وتشهد البلاد منذ فبراير 2023 حملة توقيفات شملت إعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال وسياسيين، فيما اتهم الرئيس قيس سعيد، بعض الموقوفين بـ”التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار”.

وأبرز السجناء المتهمين في قضية التآمر هم؛ جوهر بن مبارك (عضو جبهة الخلاص الوطني)، وعصام الشابي (أمين عام الحزب الجمهوري)، وعبد الحميد الجلاصي (قيادي سابق في حركة النهضة)، وغازي الشّوّاشي (وزير سابق)، وخيّام التّركي (قيادي سابق في حزب التكتل)، ورضا بلحاج (رئيس الديوان الرئاسي السابق).

وتنفي المعارضة التونسية صحة هذه الاتهامات، وترى أن الرئاسة استخدمت القضاء لتصفية حساباتها السياسية، حيث وظفت مثل هذه القضايا لاستبعاد منافسيها وخصومها البارزين من المشهد السياسي بهدف فرض مشروعها السياسي والاستفراد بالحكم.

وأشار هشام العجبوني القيادي بحزب التيار الديمقراطي، في حديثه لـ”أفريقيا برس” إلى أن “القضاء غير مستقل، لذلك من الصعب التجاوب مع دعوات المعارضين ونشطاء المجتمع المدني لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين”.

وأضاف “منذ انطلاق مسار 25 جويلية، ليس لنا مجلس أعلى للقضاء أو محكمة دستورية، وهو ما يتنافى مع معايير العدالة والقضاء المستقل، بالتالي لا نأمل تحقيق أي تجاوب”.

واعتبر أن “الضغط عبر الشارع والحركات الاحتجاجية هو تسجيل موقف، لكن لا نتوقع في المقابل أن ينتفض الشارع ضد الظلم الذي يتعرض له هؤلاء المعتقلين”.

واستنتج بالقول “لم يحضر هذه المظاهرة غير الفاعلين السياسيين والمدنيين، في الواقع نحن لا نعول على ضغط الشارع لكنه تسجيل موقف للتاريخ، ورغم أن الوضع الحقوقي تعيس جدا، لكننا لا نستطيع أن نصمت ونتجاهل الظلم الذي نراه اليوم”.

وفي تقدير زبير الشهودي الناشط السياسي والحقوقي، فـإنه من المهم “أن تبقى المسألة الحقوقية حية لا تموت رغم ما تعيشه من صعوبات وتحديات”.

وأبزر في حديثه لـ”أفريقيا برس” بأن “هذه الحقوق لا يمكن التغاضي عنها خاصة أنه لم يتم الحسم في التهم المنسوبة إلى المعتقلين السياسيين، وبالتالي تعرض قيادات حزبية ووطنية وشخصيات اعتبارية إلى مظلمة حقوقية وسياسية”.

وبرأيه “فقد حان الوقت لطي صفحة هذا الملف، كما يجب الدفاع عن المسار الحقوقي بالبلاد حتى لا يقع محاسبة الناس على آرائهم ومواقفهم”.

وتحذر أوساط حقوقية وسياسية من تراجع كبير لواقع الحريات خاصة بوجود معتقلين في السجون في قضايا وهمية، إضافة إلى استمرار فرض المرسوم 54 الذي يعد بمثابة السيف المسلط على حرية التعبير في تونس.

وتتجاهل السلطات الدعوات المستمرة لتعديل هذا المرسوم، كما اشتكى بعض النواب من تعمد البرلمان تعطيل النظر في التعديلات المقترحة وإرجاء الجلسة الخاصة به بحجة التركيز على قانون المالية وبقية التشريعات الأخرى.

ويبين أحمد النفاتي القيادي بحزب عمل وانجاز في حديثه لـ”أفريقيا برس” أن “المرسوم 54، وخاصة الفصلين 24 و28، يعد انحرافاً خطيراً عن مبادئ الحقوق والحريات الأساسية التي طالما ناضل من أجلها الشعب التونسي. فقد فرض هذا المرسوم عقوبات سجنية مشددة على الأفراد بسبب آرائهم، مما أدى إلى اعتقال وسجن العديد من التونسيين، بما في ذلك صحفيون ومدونون، ليصبح أداة واضحة لتقييد حرية التعبير”.

ولفت إلى أن “هذا الوضع يشكل انتهاكاً صريحاً للدستور التونسي والتزامات البلاد الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وإلى أن استمرار العمل بهذا المرسوم لا يهدد فقط المكتسبات الديمقراطية داخلياً، بل يشوّه أيضاً صورة تونس على المستوى الدولي”.

وتساءل “كيف لدولة، شهدت ثورة منذ 13 عاماً تطالب بالحرية والكرامة، أن تتبنى تشريعات تُعيدها إلى دائرة التضييق على الحريات؟”.

وزاد بالقول “لقد أجمع ممثلو المجتمع المدني وأعضاء البرلمان، إلى جانب الصحفيين والخبراء القانونيين، على أن المرسوم 54 يشكل تهديداً خطيراً لحرية التعبير، التي تعتبر من الركائز الأساسية لأي نظام ديمقراطي، وأن هذا المرسوم يستوجب وقفة حاسمة من جميع القوى الوطنية، وطالبوا جميعا بتعديله أو إلغاءه”.

وأردف “هذا المرسوم يعكس توجهاً قد يثير القلق بشأن الحريات العامة، مما يستدعي مراجعة عميقة لإدارته بما يضمن التوازن بين حفظ الأمن واحترام الحقوق الأساسية. فمن الضروري أن تدرك السلطة أن تعزيز الحريات والحقوق يمثل قاعدة أساسية لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد”.

وخلص بالقول “في هذا الإطار، ندعو إلى إلغاء أو تعديل المرسوم 54 بشكل عاجل بما يضمن التوافق مع معايير حقوق الإنسان، ويصون حرية التعبير، ويعيد لتونس صورتها كدولة ديمقراطية تحترم التزاماتها الدولية”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here