المعارضة بكل أطيافها تكتّلت لدعمه: العيّاشي زمال “ظاهرة” انتخابات 2024

52
المعارضة بكل أطيافها تكتّلت لدعمه: العيّاشي زمال
المعارضة بكل أطيافها تكتّلت لدعمه: العيّاشي زمال "ظاهرة" انتخابات 2024

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. أعلنت هيئة الانتخابات في تونس الاثنين فوز قيس سعيّد بولاية ثانية بعد نيله 90.7% من الأصوات، بينما نال منافسه المسجون العياشي زمال 197 ألف صوت (7.35%)، والنائب السابق زهير المغزاوي 52 ألفا (1.97%).

كان فوز الرئيس قيس متوقّعا لكن المفاجأة كانت في النسبة التي حصل عليها العياشي زمّال الذي يمكن اعتباره “ظاهرة” هذه الانتخابات. قبيل انطلاق حملة الانتخابات الرئاسية لم يكن من التونسيين إلاّ قليل ربما سمع باسم العياشي زمال رغم أنه كان نائبا في مجلس نواب الشعب عن حزب “حركة عازمون” الذي تأسس سنة 2022.

وحتى خلال إعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن قائمة المرشّحين المقبولين لم يتوقّف الكثيرون عند هذا الاسم. لكن تغير التوجه بعد إيداعه السجن في خضم الحملة الانتخابية “بتهم ترتبط بافتعال تزكيات شعبية من الناخبين”، وعشية يوم الانتخابات تم الحكم على زمال، وهو في الأصل مهندس ومستثمر في المجال الزراعي، بالسجن 12 عاما في 4 قضايا.

سعى أنصار العياشي بين ما حققه من نتائج وسجنه حيث قدموه في صورة المعارض الذي يتعرّض لـ”مظلمة”، وقالوا إنه يتعرض “لقيود وترهيب” لأنه منافس جدي لقيس سعيّد ولذلك تعاملت معه السلطة بحدة. لكن وبغضّ النظر عن خلفيات سجن زمّال وما بين سطور توقيته فإن ما حققه من نتيجة متقدّمة مقارنة بالسياسي المخضرم زهير المغزاوي يحتاج إلى قراءة تتجاوز شعار “المظلومية” وإلا لكان فاز نبيل القروي في انتخابات 2019 حين نافس قيس سعيّد في السباق الانتخابي من خلف أسوار السجن.

نقطتان رئيسيتان يمكن الوقوف عندهما لفهم؛ لماذا مثّل المرشّح العياشي زمّال ظاهرة في هذه الانتخابات. النقطة الأولى هي الأماكن التي فاز بها العيّاشي بأعلى نسب تصويت (داخل تونس)، والنقطة الثانية علاقة الإسلاميين بدعمه الخفيّ، وما سبق أن صرّح به لـ”أفريقيا برس” النائب عبد السلام الدحماني، حين قال إن “التحفيز على المشاركة كان شديدا ليس فقط بالنسبة للمرشحين بل وبشكل غير مباشر بالنسبة لأنصار الذين تم إقصاء ترشّحهم.. هؤلاء سيصوتون للأقرب أو لنقل سيتكتّلون ضد العدو المشترك.. لازالت الممارسة السياسية تقوم على تحالفات لا علاقة لها بالقرابة الفكرية أو بوحدة المشاريع”.

من بين المناطق التي فاز فيها العياشي زمال، أصيل مدينة سليانة في الشمال الغربي، بنسبة لافتة من الأصوات كانت مدينة صفاقس، عاصمة الجنوب، أي أن التصويت، الذي حل في أغلبه العياشي زمال في المرتبة الثانية بعد قيس سعيد، لم يبنى على فكرة المناطقية بل هناك دوافع أخرى. فمحافظة صفاقس تعتبر من أبرز معاقل الإسلاميين، ومن جهة أخرى يكشف ذلك عن “غضب” بين أهالي المنطقة من تعامل الحكومات في عهد قيّس سعيّد مع ملفين حارقين: ملف مصب النفايات في منطقة عقارب، والأهم ملف الأفارقة الذين يتواجدون بكثرة في المنطقة وصاروا مصدر قلق لدى أهالي محافظة صفاقس.

وكان مكتب الحملة الانتخابية للمرشح العياشي زمال أصدر بيانا عقب إعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية، توجه فيه بالشكر “للتونسيين على مشاركتهم في العملية الانتخابية”، معتبرا أن هذه المشاركة “تعكس طموح الشعب التونسي لبناء دولة ديمقراطية تقوم على مبادئ التداول السلمي على السلطة والحرية وحقوق الإنسان”.

ويرى القيادي بحركة البعث صهيب المرزيقي أن “ما تحصل عليه العياشي من نتائج يعد حالة عادية خاصة بعد ما توحدت وراءه الأحزاب المعارضة على غرار النهضة والعائلة الدستورية وبعض السياسيين المناهضين لسياسة قيس سعيد. وهذا وفق منطق ليس حبا في “علي” إنما نكاية في “معاوية” وبالتالي حل الزمال في المرتبة الثانية”.

واستبعدت الهيئة الانتخابية عبد اللطيف المكي، القيادي السابق في حركة النهضة، ومنذر الزنايدي، الوزير السابق في نظام بن علي وعماد الدايمي، مستشار الرئيس السابق المنصف المرزوقي والمقرب أيضا من النهضة.

وفي غياب مرشّح واضح لهم، فضّل الإسلاميون، الذين يقبع قادتهم في السجن، دعم العياشي زمال على زهير المغزاوي. وقد استنسخوا في هذه المحاولة تجربتهم مع قيس سعيّد في انتخابات 2019 حيث وصفوه حينها بـ”العصفور النادر”، وفي ذات الانتخابات التي شكّلت معركتهم الأخيرة أبدوا انفتاحا للتحالف مع نبيل القروي رغم أنهم أكّدوا قبل ذلك أن لا مجال للتوافق بين قلب تونس وحركة النهضة. لم يختلف الوضع كثيرا مع العياشي زمّال الذي كان من النواب الذين دعوا إلى “سحب الثقة من رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي” وقال في تصريح صحفي له: “الإسلام السياسي لا يمكن أن يكون الحل في تونس”.

كتب الصحفي صبري الزغيدي في تدوينة على صفحته على فايسبوك: “أعتقد أن التشنج الكبير من طرف السلطة في التعامل مع العياشي زمال مرده القلق والغضب الكبيرين من اعتزام جزء مهم من قواعد حركة النهضة وجبهة الخلاص، ووارد جدا الحر الدستوري وأنصار من المرشحين المرفوضين للتصويت لفائدته”، مع ذلك ورغم تكتل المعارضة لم ينجح العياشي زمال في تجاوز سفق الـ10 بالمئة من الأصوات، وإن حلّ في المرتبة الثانية، ورغم كل ما قيل عن التضييق وعن التلاعب في الانتخابات وكل “الاتهامات” التي تبرر بها المعارضة خسارتها، فإن الثابت في هذه الانتخابات أن الشارع قال كلمته الفصل وأنه متمسّك لفكرة “المرشح المستقل” وأن القطيعة مستمرة مع عهد الأحزاب، وإن لم تظهر في الصورة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here