”النهضة” و”قلب تونس”.. هل يتحالف الأضداد؟

60

بقلم : عادل الثابتي 

يترقب التونسيون بكثير من الفضول، نتائج الانتخابات البرلمانية المقررة الأحد المقبل، في اقتراع يجزم خبراء أنه سيحدد خارطة التحالفات والتوازنات السياسية في البلاد.

في الانتظار، تتباين القراءات بين من يرى أن نتائج الاقتراع قد تقود نحو تحالف بين حزب “قلب تونس” (ليبرالي) الذي يقوده المرشح الرئاسي الموقوف نبيل القروي، وبين حركة “النهضة” الإسلامية.

فيما يستبعد آخرون ذلك، في ظل تأكيد الحزب الليبرالي على أنه لن يتحالف مع الحركة الإسلامية، مع أن هذا الطرح يظل قابلا للتعديل استنادا إلى تجارب سابقة أكد خلالها حزب “نداء تونس”، في أكثر من مرة، عدم تحالفه مع “النهضة” قبل أن تفنّد حسابات السياسة الأمر ويتحالف الحزبان المتضادان إيديولوجيا.

وإجمالا، يُجمع مراقبون على أن نتائج الانتخابات البرلمانية للعام 2019 لن تكون مثل نتائج العام 2014 بفوز حزبين كبيرين بأغلبية الأصوات، حيث تصدر “نداء تونس” (ليبرالي)، بقيادة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، بـ86 نائبًا، وتبعته حركة “النهضة” بـ 69 نائبًا.

ويعتقد هؤلاء أن الانتخابات التشريعية المقبلة ستعكس نسبيًا النتائج التي أفرزها الدور الأول من الانتخابات الرئاسية المبكرة، في 15 سبتمبر/ أيلول الماضي، ما يؤشر أن التنافس في التشريعية سيكون بالأساس بين حزبي “قلب تونس” المؤسس في يونيو/ حزيران الماضي، و”النهضة”.

وبالدور الأول لانتخابات الرئاسة، حصد المرشح المستقل قيس سعيد، المركز الأول بـ 18.4 بالمئة من الأصوات، تبعه القروي بـ 15.58 بالمئة، وبعده مرشح “النهضة”، عبد الفتاح مورو، بنحو 12.9 بالمائة.

وخاض “القروي” الاقتراع من وراء القضبان، وذلك منذ توقيفه من قبل سلطات الأمن في 23 أغسطس/ آب الماضي، على خلفية اتهامات بالفساد، ينفيها الرجل.

** “النهضة” و”قلب تونس”

وفق نصر الدين بن حديد، إعلامي تونسي، فإن “التحالفات في البرلمان القادم ستكون وفق مفاجآت القوائم المستقلة”، معتبرًا أن القوائم الحزبية أصبحت واضحة الآن من حيث أن “النهضة” و”قلب تونس” سيكونان حزبان متضادان.

ومن بين 1592 قائمة انتخابية متنافسة، توجد 707 قوائم مستقلة.ويقول “بن حديد” في حديثه للأناضول، إن “القوائم المستقلة ستكشف عن هويتها الحقيقية بعد الانتخابات”.

ويرى أنه من الصعب أن تتحالف “النهضة” مع “قلب تونس” بعد الانتخابات، إذ اختارت الأولى، قيس سعيد (للدور الثاني للرئاسيات)، في مواجهة القروي، رئيس “قلب تونس”.ويعتبر أن “تونس فيها مشروعان، هما مشروع قيس سعيّد، ومشروع نبيل القروي”.

ويعزز هذ الطرح تأكيد متحدث “قلب تونس”، حاتم المليكي، الأربعاء، أن الحزب لن يتحالف مع النهضة، محملًا إياها “مسؤولية استمرار وجود القروي في السجن، والوقوف وراء إقصائه من المشهد السياسي”.

** خطاب تكتيكي

لكن المحلل السياسي شكيب درويش، يقول إن “خطاب النهضة الحالي بعدم التحالف مع قلب تونس، كحزب مرشح أن يكون من أهم الأحزاب التي ستفرزها انتخابات الأحد، خطاب تكتيكي قد لا يصمد أمام النتائج”.

ويتوقع درويش، في حديثه للأناضول، أن “يصير تحالف بين النهضة وقلب تونس ونداء تونس (..) النهضة ترى وجودها في الحكم أمر استراتيجي، ولا ترغب في المعارضة”.

ويرى أن “هذا التحالف قد يحظى بدعم الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية) والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (اتحاد أرباب العمل)، الذي يقف بجانب القروي”.

ويعتبر أن “الاتحاد العام التونسي للشغل لا يمكن أن يكون مع الثوريين، الذين يطرحون حلولًا راديكالية”، في إشارة إلى قوى عبرت عن دعمها لقيس سعيد، مثل ائتلاف الكرامة (ثوري)، بقيادة سيف الدين مخلوف.

ويعتقد درويش أن خطاب رئيس النهضة، راشد الغنوشي، جنوبي تونس نهاية الأسبوع الماضي، المصطف بجانب الطرح الثوري، هو “خطاب لاسترجاع الخزان الانتخابي، الذي خطفه الخطاب الثوري خلال الحملة الانتخابية الرئاسية”.

من ناحيته أعلن حزب “قلب تونس” بزعامة “القروي”، رفضه التحالف مع حركة “النهضة” إثر الانتخابات التشريعية.وجاء في رسالة طويلة وجهها “القروي” من محبسه إلى “الغنوشي” حصلت الأناضول على نسخة منها: “أرفض التحالف معكم ومع حزبكم حركة النهضة، لِما تعلقت بكم من شبهات قوية معززة بملفات جدية يعلمها العام والخاص”.

وأضاف القروي: “بسبب جرائم خطيرة في حق الوطن والشعب التونسي جراء الاغتيالات وذهب ضحيتها الشهيد شكري بلعيد والشهيد محمد البراهمي (معارضان يساريان اغتيلا عام 2013) والشهيد لطفي نقض (منتسب لحركة نداء تونس توفي عام 2012) وخيرة من أمنيين وجنود ومدنيين عزّل”، وهي تهم ترفضها النهضة.

** القوى “الحداثية”

وحتى الآن لا يوجد بوادر على تجميع “القوى الحداثية” في مواجهة استحقاق الانتخابات التشريعية وما بعدها.

وتُطلِق قوى سياسية دستورية (نسبة إلى حزب الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة) وليبرالية وقوى وسط اليسار، على نفسها صفة “القوى الحداثية الديمقراطية”.

وإثر إعلان نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، دعا رئيس الحكومة زعيم “تحيا تونس”، يوسف الشاهد، إلى وحدة كل القوى “الحداثية”.

وشدد الشاهد، في كلمة توجه بها إلى أنصاره، على ضرورة التوحّد خلال الانتخابات التشريعية، واصفًا إياها بـ”المحطة الوطنية المصيرية”.

وفي نداء ثانٍ لتوحيد “القوى الحداثية”، دعا الشاهد، وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، الذي خاض الانتخابات الرئاسية مستقًلا، إلى “الجلوس على طاولة الحوار، وتوحيد الجهود بهدف إنقاذ البلاد”.

وتابع: “رغم الكلام الخطير الذي قيل في حقي من قبل الزبيدي، إلا أني سأتجاوز ذلك بهدف توحيد الصفوف، والدخول إلى الانتخابات القادمة موحّدين، حتى لا تتشتت الأصوات، وذلك حتى تتمكن العائلة الديمقراطية من تشكيل كتلة برلمانية وازنة”.

لكن الزبيدي رفض طلب الشاهد، بقوله، في فيديو يوم 24 سبتمبر/ أيلول الماضي: “من تسبب في تأزيم الوضع الاقتصادي، وفي تدهور الوضع المعيشي للمواطنين، وفي تدمير الحياة السياسية والحزبية هو (يقصد الشاهد) جزء من المشكل، ولا يمكن أن يكون جزءا من الحلّ”.

ورأى أن “مبادئ الديمقراطية تقتضي منه (الشاهد) أن يعترف بفشله وبمسؤوليته، ويستقيل من منصبه”.

وبشأن الانتخابات التشريعية، دعا الزبيدي إلى مساندة ما أسماه “كل القوى الديمقراطية والوسطية والحداثية والقائمات (القوائم) المستقلة، التي ساندتني في حملتي الانتخابية، ومنها أفاق تونس (ليبرالي)، ونداء تونس (ليبرالي)، ومشروع تونس (ليبرالي)”.

ومن المرجح، بحسب مراقبين، أن تسعى هذه الأحزاب، بجانب “قلب تونس”، إلى تشكيل حكومة من دون حركة النهضة، إذا حققت تلك الأحزاب نتائج تسمح لها بذلك.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here