باحث في علم الاجتماع: العزوف السياسي للشباب في تونس يعكس إحباطًا وغياب ثقة في مؤسسات الدولة

68
باحث في علم الاجتماع: العزوف السياسي للشباب في تونس يعكس إحباطًا وغياب ثقة في مؤسسات الدولة
باحث في علم الاجتماع: العزوف السياسي للشباب في تونس يعكس إحباطًا وغياب ثقة في مؤسسات الدولة

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. أكد الباحث التونسي في علم الاجتماع الطيب الطويلي، أن شباب الجيل الحالي في تونس يختلف عن جيل الشباب الذين أشعلوا الثورة، فقد نشأ في بيئة سياسية مشحونة بالصراعات السياسية والحزبية، وتفتقر للإنجازات الحقيقية، مما جعلهم يفقدون الثقة في العملية السياسية برمتها.

وأضاف في حوار مع “أفريقيا برس” أن ارتفاع البطالة وغياب فرص التشغيل والتهميش الاجتماعي يزيد من الشعور بالإحباط، حيث جعل الشباب يوجهون اهتمامهم نحو الهجرة إلى الخارج بحثًا عن فرص عمل أكثر استقرارًا وعدلاً.

وشدد على أن الدولة لم تنجح في إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلات، مما يعمق الأزمات ويبعد الشباب عن المسارات السياسية. وأكد أن عزوف الشباب عن الانتخابات بنسبة 6% يعكس خيبة أملهم، ويجب العمل على إعادة بناء الثقة من خلال تحسين ظروفهم المعيشية ومحاربة الفساد في مؤسسات الدولة.

الطيب الطويلي، باحث تونسي في علم الاجتماع

ما هي الأسباب التي جعلت الشباب يفقدون الثقة في العملية السياسية بعد مشاركة متدنية للشباب في الانتخابات الرئاسية؟

شباب هذا الجيل مختلف عن الجيل الذي كان له الدور الرئيسي في إشعال الثورة في تونس. هناك اختلاف على مستوى التنشئة الاجتماعية والوعي السياسي، فالشباب الحالي كان عند اندلاع الثورة في مرحلة الطفولة، وعاش كل المراحل السياسية التي تلتها بما فيها من مناكفات وصراعات سياسية كثيرة مقترنة بإنجازات قليلة، مع بروز شخصيات سياسية في فترات معينة ثم اختفائها عن الساحة، مما خلّف لدى الشباب فقدانا للثقة في العملية السياسية برمتها، باعتبار أن المسارات الديمقراطية والحكومات المتعاقبة لم تنجح في إحداث التغيير الذي كانت تنتظره التوقعات والآمال التي نشأت بعد الثورة.

هل أدى التهميش الاجتماعي والاقتصادي، واتهامات المحسوبية في مناظرات التشغيل إلى تفاقم أزمة البطالة وفقدان الثقة بين الشباب، وخاصة الخريجين؟

كما نلاحظ ارتفاع مشاعر التهميش الاجتماعي والاقتصادي عبر عدم إيجاد حلول جذرية للحدّ من البطالة التي تمثل تهديدا أساسيا للشباب وخاصة الخرّيجين منهم، مع وجود اتهامات بالمحسوبية والزبونية في مناظرات التشغيل إن وٌجدت، باعتبار أن إشكاليات التشغيل والانتداب متشعبة وقد لا تتحمل الدولة وزرها لوحدها.

ما تأثير عدم شفافية لجان الانتداب في توظيف الشباب وما دور التشغيل الهش في تفاقم أزمة البطالة؟

يُمكن للدولة التونسية على سبيل المثال أن تجتهد حتى تفتح بابا تشغيليا وتفتح معه اعتمادات مالية لــ17 وظيفة شاغرة ثمّ يتقدّم إليها أكثر من خمسين شابا مؤهلا، ولكن يمكن للجنة الانتداب الاكتفاء باستخدام 12، تاركة الخمس أماكن المفتوحة لتشغيل خمسة من الشباب المؤهلين قانونيا للعمل خاوية، دون الاضطرار لتقديم أي تفسير أو تبرير عن التسبب في بطالة خمسة مؤهلين أو عن ترك خمس وظائف شاغرة سوف تضطر المؤسسات المعنية إلى الاستمرار في تعبئتها عبر آليات التشغيل الهش.

هل أسهمت إشكالات التشغيل في تونس في زيادة رغبة الشباب في مغادرة البلاد؟

الحالة التي ذكرتها تقدّم مثالا معبّرا عن إشكالات التشغيل والانتداب في تونس التي خلفت لدى الشباب رغبة متزايدة في مغادرة البلاد والبحث عن أفق تشغيلية أكثر عدالة وأكثر صدقيّة، حيث أصبحت بوصلة الشاب التونسي متجهة نحو الخارج، إما عن طريق الارتماء بين أمواج “الحرقة”، أو مكاتب التشغيل بالخارج أو غيرها من مسارب التشغيل للهروب من واقع اجتماعي واقتصادي صعب، ويرى أنه تتحكم فيه سوى بارونات للفساد والرشوة الذين تمسّكوا بتلابيب الإدارات والجامعات وغيرها من المرافق العمومية إلى درجة أن الرئيس قيس سعيّد وعد أن تكون أولى أولويّاته للخروج من المأزق الاجتماعي، محاربة الفساد والإفساد الذي هتّك التونسيين.

كيف انعكس توجه الشباب التونسي نحو الهجرة على مستوى مشاركتهم في العملية السياسية، وما هي الحلول المطلوبة لتعزيز ثقتهم بمؤسسات الدولة؟

تفكير الشباب التونسي أصبح يتوجّه إلى الخارج، وهو ما ترك لديه شعورا باللامبالاة بالواقع السياسي التونسي تمّت ترجمته بالنسبة الضعيفة التي لم تتجاوز 6 بالمئة من إجمالي عدد الشباب المسجلين للانتخابات.

وهذا العزوف يعكس مزيجا معقدا من العوامل السياسية الاقتصادية والاجتماعية والتي تحتاج إلى إيجاد حلول لتعزيز ثقة الشباب بمؤسسات الدولة وإعادة جذبه إلى المسارات السياسية والانتخابية يتمثل في تحسين ظروف عيشه وتوفير فرص للعمل له، ومحاربة الفاسدين الذين يحولون دون ذلك ويغلّقون أبوابا للتشغيل خطّطت الدولة مطوّلا لفتحها فيعمّقون الأزمات الاجتماعية ويوجّهون الشباب لمزيد فقدانه الثقة في مؤسسات بلاده ويصبح فكره موجها للهروب من الواقع بأي شكل ممكن.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here