إلهام اليمامة
أفريقيا برس – تونس. شهدت الحدود بين ليبيا تونس، عبر معبر ذهبية-وازن الحدودي، عودة للتوتر استوجب استنفارا أمنيا من الجانبين، وتوتراً عقب إيقاف السلطات الليبية لعدد من التونسيين خلال الأيام الماضية بتهم تتعلق بالتهريب، وبالمثل أوقف الجانب التونسي عددا من الليبيين بذات التهمة، الأمر الذي يعيد إلى السطح الحديث عن اضطرابات الحدود بين تونس وليبيا والتي تحمل عنوانا رئيسيا هو “التهريب وخطره”، فيما تخفي بين طياتها ما هو أخطر خاصة باعتبار أن المنطقة مازالت تمثل بؤرة أمنية رخوة نظرا لوجود الجماعات التكفيرية المسلحة في الجانب الآخر من التراب الليبي.
وقال الخبير الأمني التونسي، علي زرمديني، في تصريحات لـ”أفريقيا برس”، إن “الوضع في الجهة الغربية في ليبيا مضطرب لعدة اعتبارات أولا غياب الدولة المركزية أمام سلطة الميليشيات المتنفذة، وهيمنة الجماعات التكفيرية على المناطق والمعابر الحدودية من كل النواحي”.
وأشار الخبير الأمني التونسي إلى أن “الوضع مقلق إلى درجة كبيرة”، خاصة بعد ما شهدته المنطقة في الأيام الأخيرة من اضطرابات بعد إيقاف السلطات الليبية لعدد من التونسيين وحجز سياراتهم، كما احتجزت السلطات التونسية بدورها عددا من الليبيين وتم ضبط مركبات آلية مُعدة للتهريب عبر منفذ رأس جدير من قبل دوريات إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية، وفق ما نقلته صفحة “مدينة بن قردان الحدودية”.
وردّا على إيقاف أبنائهم، (49 تونسيا)، نفّذ عدد من أهالي التونسيين الموقوفين في ليبيا وقفة احتجاجية، في مدينة بن قردان للمطالبة بالإفراج عنهم. فيما ذهب متابعون تونسيون إلى اعتبار عملية الإيقاف الأخيرة جاءت ردّا على “الحكم بالسجن خمس سنوات بتهمة التهريب، لحيازته 150 كيلوغراما من مادة الكسكسي، وهي العقوبة التي اعتبرت قاسية”.
وفي محاولة لامتصاص الأزمة وتفادي أي توتر بين البلدين مع استمرار غياب الاستقرار الأمني في ليبيا وأيضا الاضطرابات التي تشتعل تحت الرماد، في تونس، بسبب أزمة الأفارقة ومحاكمات المعارضين ووضع اجتماعي واقتصادي معقدّ، سارع الجانبان إلى حلّ الأزمة.
وقال رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان مصطفى عبد الكبير، إن السلطات أفرجت على 18 مواطنا تونسيا كانوا محتجزين في العاصمة طرابلس، ومن جانبها أفرجت-السلطات التونسية على 3 من الموقوفين الليبيين ولا زال هناك 3 آخرين ينتظرون محاكمتهم.
وأضاف عبد الكبير لـ”أفريقيا برس”، أن “المرصد التونسي لحقوق الإنسان هو منظمة وطنية تونسية تشتغل على مسألة الرصد والتوثيق وخاصة المتعلقة بالفئات الهشة، وبما أن العمالة التونسية في ليبيا هي من الفئات الهشة فهي محلّ اهتمام ومتابعة”.
ونوه عبدالكببر بالمجهود الذي يقوم به المرصد على مستوى “توظيف كل العلاقات التي تربطه بالمنظمات الوطنية الليبية والمنظمات الدولية الإنسانية وكل وجهاء وعمداء البلديات في الجانب الليبي، وما تربطه من علاقات متطورة مع المنظمات الوطنية في تونس وما يحظى به من ثقة من السلطات التونسية، في إطار العمل على التوثيق والرصد وتقديم المساعدة… هذا دورنا نحن قوة رصد وقوة اقتراح وقوة مساعدة، كما يمكن توظيف علاقاتنا وإمكانياتنا من أجل تقريب وجهات النظر وتوظيف البيئة الملائمة لأجل حوار من أجل حل المشاكل”.
وقد أحيا التونسيون يوم 7 مارس الماضي الذكرى التاسعة لـ”ملحمة بن قردان” عندما هاجمت جماعات تكفيرية مسلحة انطلقت من التراب الليبي للسيطرة على بعض المناطق الحدودية. وفي تصريح لــ”أفريقيا برس”، يؤكّد الكاتب والمؤرخ محمد ذويب، مؤلف كتاب “، “ملحمة بن قردان: أسرار وخفايا معركة مارس 2016″، أن “يعتبر إجهاض مخطط البتار في 7 مارس 2016 أهم حدث في تونس خلال الفترة المتراوحة بين 14 جانفي 2011 و25 جويلية 2021 لأنه شكل حلقة مهمة وحاسمة في الصراع مع الإرهاب في تونس والمنطقة والعالم”.
ويضيف ذويب: “المجموعة كانت تنوي تركيز إمارة إرهابية في مدينة بن قردان… وقاد الهجوم كتيبة البتار أو كتيبة الحفاة والعراة وهي أخطر كتائب داعش وأكثرها دموية أسسها في سوريا أواخر 2012 مجموعة من الليبيين أشهرهم وليد الجيلاني بدعم مالي من “جمعية شهداء مصراطة” و”جمعية شهداء حمزة “الليبيتين وقد خاضت عدة معارك في سوريا والعراق قبل أن تقرر العودة إلى ليبيا بعد تضييق الخناق عليها”.
لكن، رغم ما تحقق يبقى الخطر قائما وفق المراقبين والخبراء الأمنيين، ولولا انشغال هذه الجماعات بالصراع مع خليفة حفتر وضرورة المحافظة على أمن العاصمة طرابلس لكانت قد أعادت الكرة بمهاجمة المناطق الحدودية التونسية، خاصة وأن أنصار الشريعة والجماعات المسلحة المحسوبة على الإخوان مازالت تنشط في ليبيا.
ويؤكّد زرمديني لـ”أفريقيا برس”: أن “المنطقة الحدودية بين تونس وليبيا منطقة سيطرة نفوذ ميليشيات وخصوصا معبر رأس الجدير لأنه أهم معبر على المستوى الاقتصادي ويحرك كامل المنطقة الغربية وأجزاء من الجنوب الليبي”.
ويضيف زرمديني أن “هذا المعبر مركز صراع كبير بين الجماعات المتنافرة بالقرب من المنطقة الحدودية كل يسعى إلى الهيمنة عليه لأنه مورد اقتصادي هام وبالتالي ما يحصل من اضطرابات عنونها معارك داخلية محتدة بين الأطراف التي تسعى إلى الهيمنة المالية بالأساس في ليبيا. وبطبيعة الحال التونسيين ضحية لهذه المعارك الداخلية الليبية، التي تسعى الجماعات التكفيرية إلى تصديرها إلى تونس، التي تكن، لها عداءا وتستغل كل فرصة لإثارة القلاقل بيننا وبين الليبيين”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس