بقلم : توفيق الزعفوري
تسونامي غضب يجتاح شوارع العرب من اليمن إلى بغداد إلى لبنان مرورا بالجزائر، و ليبيا وصولا إلى السودان، كلها تحت شعار واحد، محاسبة الفساد و المفسدين، أغلب الشعارات المرفوعة في شوارع لبنان و بغداد، و الجزائر و السودان و اليمن، تطالب بالحد الادنى من الكرامة و الحد الأدنى من الحق و من الشرعية و العدالة الاجتماعية، الشعوب العربية تتقدم على حكامها و حالة الوعي الجماهيري تجاوزت صالات، و قصور الساسة، و لعلها تُداسُ تحت ضربات الشباب الثائر…
الحكومات العربية، إستوعبت الدرس، و جرس الانذار الأخير، و هو السقوط في فخاخ العنف، و العنف المضاد، لأنه ببساطة سيسرّع من وتيرة السقوط، و تُسمع أصداؤه بين أروقة قصورهم الفاخرة، لهذا سارع الحريري بإقرار مهلة ال 72 ساعة في محاولة للإستجابة لمطالب المحتجين، قبل أن يرتفع سقفها مع كل موجة غضب أخرى، و الواضح أن الشعوب لم تعد تثق في حكامها، لاستفحال حالة العجز عن حلحلة الأوضاع من ناحية، و حالة الثراء الفاحش البادية للعيان، على حساب قوت الشعوب المغضوبة على أمرها و المسحوقة تحت وطأة الحياة اليومية، من ناحية أخرى، لهذا كان مطلب إسقاط النظام هو الرد الطبيعي على ما آلت اليه الأوضاع، في أغلب البلدان العربية التى إستنشقت رائحة الربيع العربي..
في بغداد يثور العراقيون من جديد، من أجل محاربة الفساد و المفسدين في بلد يعتبر النفط اكبر مصدر من مصادر الدخل و الثراء، و تخلف انتفاظة شباب العراق أكثر من 21 قتيلا، و آلاف الجرحى، و يعد رئيس وزراءها بحماية المتظاهرين، و بحقهم في التظاهر!!و في الجزائر تتواصل الإحتجاجات للأسبوع السادس و الثلاثين، تحت عنوان واحد، رحيل النظام، و لازال الاحرار في الشوارع و الساحات..
الطريف في المظاهرات، التي تملأ شوارع العرب، من اليمن إلى ليبيا ، أن الشعوب تعرف جيدا ماذا تريد، تعرف أوكار الفساد، و تعبر عن وصفات منطقية لمحاربته و تعطي حتى تفاصيل الخروج من الأزمة…
يستدرك النظام نفسه دائما بعد فوات الأوان، و يتحسس، رجة الثورة فقط عندما ترتجف قدميه، عندها، و عندها فقط يصبح الخروج من الأزمة أكثر كُلفة ،و أكثر عنفا ،و أكثر دموية…
تستلهم الشعوب المجاورة تجاربها، و تتحسس طريقها إلى الحرية و الإنعتاق، و تحلم أن تكون الوصفة التونسية صالحة لكل أوجاع العرب بلا إستثناء، غير أن الإبن الشرعي الوحيد للربيع العربي يحمل وسمًا تونسيا خالصا، ثورة الياسمين لم تكن يوما للتصدير، بل للتصوير، و التصور، ما كان ممكنا أن نصدّر ثورة الأحرار للأحرار ببساطة لأنها إكتست بالشرعية الدولية، و بسياسة تونس الخارجية، خشينا على جيراننا من آثارها الجانبية، و كان ذلك خطأ فادحا، و هاهي الشعوب تستلهم حراكها و تجربها إسوة بما حدث هنا ذات ديسمبر، و هاهي تونس مرة أخرى إستثناءو و مضرب أمثال، في الداخل و الخارج..نتمنى لكل الشعوب التواقة إلى الحرية و النور أن ندرك غاياتها، و مرادها…