.. حكومة ”دخّلني نخرّجك”

55

حياة بن يادم

و أنت تتابع مسار تشكيل حكومة الفخفاخ تستوقفك المحطات التالية:
المحطة الأولى، يوم 20 جانفي 2020، يقرر رئيس الجمهورية تكليف الفخفاخ بتكوين الحكومة في أجل لا يتجاوز مدة شهر ابتداء من يوم الثلاثاء 21 من نفس الشهر. تكليف العائد من الموت السياسي بعد تحصله على صفر فاصل في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، و خروج حزبه “الفرنكفوني” التكتل، بصفر اليدين، في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

المحطة الثانية، في 26 جانفي 2020، مجلس شورى حركة النهضة، الحزب الأول الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة، يدعو في توصية، الفخفاخ الى توسيع المشاورات.

المحطة الثالثة، الفخفاخ في 31 جانفي 2020، يتحدث بنبرة الواثق من نفسه، دون الأخذ بعين الاعتبار توصية شورى النهضة المذكورة سابقا. حيث أعرب عن أمله في أن تحظى الوثيقة التعاقدية لبرنامج العمل الحكومي بمصادقة اغلب الكتل البرلمانية والاحزاب. و الذي حدد تاريخ 01 فيفري 2020 لإمضاءها.

المحطة الرابعة، في 01 فيفري 2020، تم تأجيل الإجتماع بيومين، و الذي كان سيجمع رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، مع الأحزاب المشكّلة للائتلاف الحكومي، و المخصص للتداول في الوثيقة التعاقديّة، بتعلة تعذّر حضور رئيس حركة النهضة، نظرا لعودته المتأخرة من السفر. و الحال و أن الغنوشي في ذلك اليوم في اجتماع مغلق مع مكتبه التنفيذي.

المحطة الخامسة، في 03 فيفري 2020، تغيب عن الاجتماع رئيس حركة النهضة، الذي كان سببا في تأجيله سابقا، ليعوضه رئيس الكتلة في البرلمان نورالدين البحيري، متسلحا ببيان الحركة، و الذي أشار في افتتاحيته على ان لقاء الغنوشي بالفخفاخ “لم يفض إلى توافق حول خيار حكومة الوحدة الوطنية”. دون إمضاء وثيقة التعاقد. مما أوصل المفاوضات إلى “بلوكاج”.

المحطة السادسة، في 06 فيفري 2020 ، تم اللقاء الشهير بين الفخفاخ و نبيل بمنزل الشيخ، و وصف اللقاء بالبناء. و اعتبرنا أنها خطوة إيجايبة نحو تكسير “البلوكاج”، الحاصل في مسار تشكيل الحكومة. مما فهم من هذا اللقاء، أنه إعلان عن رؤية هلال الحكومة من منزل الشيخ المفتي.

المحطة السابعة، هذا التفاؤل لم يدم طويلا حيث في 12 فيفري 2020، يعلن الفخفاخ انه سيقدم الحصيلة النهائية لتشكيل الحكومة إلى رئيس الجمهورية، يوم الجمعة 14 من نفس الشهر، بدون قلب تونس. على الرغم من لقاءات أخرى عقدت في هذا الشأن مع قلب تونس و مع زعيم حركة النهضة في تاريخ 11 فيفري من نفس السنة. و كأني بالفخفاخ عبارة عن “جهاز التحكم عن بعد”.

المحطة الثامنة، في 13 فيفري 2020، لقاءات ثنائية بين كل من رئيس الجمهورية و المكلف بتشكيل الحكومة و رئيس مجلس النواب، كلها تؤكد على أن مخاض ولادة الحكومة صعب جدا.

المحطة التاسعة، و ليست الأخيرة، يوم 14 فيفري تاريخ الاعلان عن الحكومة المرتقبة، يتلقى الفخفاخ الدعم من التيار و الشعب، في حين ترفض النهضة منحه الثقة . ليتأجل الإعلان، و يلتقي الفخفاخ برئيس حركة النهضة دون الوصول إلى نتيجة. حيث أعلن عن تشكيلة حكومته في 15 فيفري 2020. في ظل انسحاب حركة النهضة من التشكيلة و الاعلان عن عدم منحه الثقة. كما أن قلب تونس أكد في ذلك اليوم عدم منحه الثقة للحكومة المرتقبة.

هذه التشكيلة تشبه كل شيء الا ان تشبه التمثيلية البرلمانية حيث طغت عليها ظاهرة “المستقلين” و باطنهم التحزب الأعمى.ففي قراءة اولية لمكونات التشكيلة الحكومية، نجد التكتل بصفر نواب مع البديل و آفاق ب 5 نواب تحصلوا على 13 وزارة. وتحيا تونس ب 15 نائب في البرلمان تحصل على 5 وزارات. من مجمل 28 وزارة و وزارة معتمدة لدى رئيس الحكومة و عدد 02 كتابات دولة.

يعني ب 20 نائب فقط، تحصلوا على 18 وزارة.. يعني قرابة 9 بالمائة من اصوات الشعب يتحصلون على قرابة 65 بالمائة من السلطة التنفيذية . في حين قرابة نصف ممثلي الشعب ليسوا ممثلين في هذه الحكومة أصلا. كما أن الأدهى و الأمر أن الوزارات المتحصلين عليها تدخل في إطار خدمة لوبيات و تخضع لتعليمات و مصالح من تحوم حولهم شبهات فساد. مثلما هو الحال لوزارة التعاون الدولي و وزارة تكنولوجيا الاتصال حيث هناك تضارب مصالح. كما ان فصل البيئة على الشؤون المحلية و اسنادها لخريج اكاديمية التجمع ليست بالبريئة.

في حين من انقلبوا على الصندوق، و تآمروا على حكومة الجملي، و جرّوا النهضة لحكومة “الرئيس”، بالاستقواء بالرصيد الشعبي للرئيس، بقيت لهم وزارات “دقان الحنك”. و الفارس الممتطي لصهوة جواد “فضح الفساد و المفسدين” تعطلت لغة الكلام المباح لديه.

ليشجع الفخفاخ على المضي قدما في سياسة الأمر الواقع قصد المرور بقوة إلى القصبة. مما جعله في ظل اصرار النهضة على تغيير منهجية تشكيل الحكومة، الاستنجاد بالمنظمات الوطنية قصد اثناءها عن قرارها بعدم منح الثقة لتشكيلته. حيث صرح رئيس منظمة الأعراف بعد مقابلته لرئيس حركة النهضة، “كل واحد ينقص من روحو شوية”. كأنّ الفخفاخ ترك ل 91 بالمائة من اصوات الشعب ما يستطيع انقاصه، اللهم و أنّ ماجول يعتبر الشعب “سروال عبد الرحمان”.

صدحت صناديق الإقتراع عن إرادة الشعب التونسي العظيم، لنرى تشكيلة حكومية تعبر عن إرادة لوبيات الاستثمار القذر و عصابات الاسترزاق النجس. وقاحة ما بعدها وقاحة !!!.. حكومة “دخّلني نخرّجك”.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here