خطاب الوداع للمرزوقي

48

نصرالدين السويلمي

هذا أحسن ما قدرنا عليه فمن جاءنا بأحسن منه فهو أولى بالصواب…عن المنصف المرزوقي عن أبي حنيفة النعمان.ليس المشكل في عدم نجاح الرجل النظيف أو المناضل او المثقف في المنافسات الانتخابية، لا ابدا، فالسياسة لا تشدها المثل المجردة فحسب، بل تشدها التوازنات والمرونة في مواضعها والحزم في لحظته ليس قبل ولا بعد، تشدها الاخلاق مثلما تشدها اللباقة والتقاط النصر واتقاء محطات الهبوط الحاد، ليس المشكل في خروج المرزوقي من الحلبة فدولة الثورة لم تفصّل على قياسه ولا قياس غيره، إنما المشكل كل المشكل في هذا العقل التونسي الرخو القابل للاستعمار المتلفز، الجاهز للهزائم النفسية، المشكل في الكثير من العقول المنخفضة التي ركبتها وسائل الإعلام، ومررت لها فرية السمك فابتلعت بحمق الطُعم الفضيحة، المشكل في هذا اللحم الاحمق الأجوف الذي يستقبل قيء نخب الفتن والغرائز، ثم تراه يهرف في المقاهي وعلى الارصفة وفي الفضاءات، يردد عبارة “الطرطور” المشكل في طوابير الروبوات التي يتحكم فيها ريموت الفهري والقروي وتستعبدها ذبذبات صاحب موزاييك ووكيل شمس وشوليقة الكراي، المشكل في ذلك اللحم الابله الذي يكرر أوراد اعلام العار، حين يأتي لرجل مثقف مناضل مفكر سياسي رئيس ، ويطالب بعرضه على طبيب أمراض نفسية، يغمز ويطلق ضحكة فاجرة بين بين! اقرب الى ضحكات الجنس الثالث، ثم يفتح فمه الأبخر ويشير إلى أول رئيس في تاريخ تونس الحرة “مجنون”، المشكل في هذا الذكر المخنث والانثى الصلعاء البلهاء الذين يأمرهم اعلام العار بالمنكر وينهاهم عن المعروف فيستجيبون بلا مقاومة، بل بلذة الفاجر الذليل.

سيذكر التاريخ أن في تونس من أشادوا بالقصاص فقط لأنه نزع تبانه في قاعة البرلمان وزمجر وأزبد، ثم شنّعوا بمن وقف لبورقيبة ولبن علي ولأزلام بن علي وللثورة المضادة التونسية والأخرى العربية، سيذكر التاريخ ان الرئيس المرزوقي لم يضع يده في يد السيسي رغم كل البروتوكولات الملزمة، سيذكر التاريخ ايضا ان الرئيس العلماني المنصف المرزوقي هو الرئيس الوحيد في العالم بل قد يكون الشخصية السياسية الوحيدة التي بكت الرئيس الشهيد محمد مرسي بحرقة، لقد بكاه كما تبكي الام فقيدها، سيذكر التاريخ ان الرئيس المنصف المرزوقي من دُون قطيع الــ 20 كارثة من محيطها الى خليجها، وحده من اشار إلى عصابة الإمارات، بل سماها بل وصفها بما تستحق..

سيفتقد الطيف الإسلامي كثيرا شخصية علمانية كانت تسبق كل الاسلاميين في ادانة مشانق سفاح القاهرة، في تأبين خبيب مصر الذي لم يمهله مجرم رابعة ليصلي ركعتين كما أمهلت قريش خبيب مكة، في إدانة الانقلاب الأوروامريكي في تركيا، في مناقب كثير اكثر من ان تعد..

لقد خرج المرزوقي بالكثير من الذنوب السياسية، لكنه لم يجترح الكبائر، فلا هو رضخ لابتزاز ثلاثي التشبيح اليساري القومي التجمعي، وهادن لهم سفاح البراميل المتفجرة، ولا ردعته عصابات غلمان زايد الدولية فأمسك عنهم لسانه، ولا لان بين يدي الثورة المضادة في تونس حين اسرجت حميرها وأعلنت النفير العام.أيها الرجل لا تذهب بعيدا! قد نستدعيك للحرب إذا تجمعت الضباع من جديد، ابق على أهبة الاستعداد…

ثم ان الذين ارتكبوا الكبائر آنفة الذكر، يكونون قد خلعوا ربقة الوطنية، وخرجوا من ملة سبعطاش ديسمبر، فلا تقبل توبتهم الثورية ولو صبوا على جلودهم ماء وادي مجردة.. إن رائحة البراميل المتفجرة وانفاس غلام ابو ظبي المخنث، لا تغسلها محيطات العالم..

سيأكل الدود شحومكم وتتحلل اجسادكم في قبورها وتبقى رائحة البراميل تشوبها رائحة المال المنفط، تطوف على رفاتكم تذكرها بالعقيدة الثورية الفاسدة، اما انت ايها الرجل الشجاع، فذنوبك السياسية يجبّها برنصك حين اقتحم عليهم قصورهم، وتواريها رمال الصحراء حين اتيت بها تجرها الى الضاحية الشمالية.. أغدا ترتع إبلنا حول القصر المنيف.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here