آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أشار الناطق الرسمي السابق لحزب الوطد الاشتراكي رشيد العثماني وأحد أبرز الوجوه اليسارية في تونس إلى أن “المرتزقة والعملاء قدموا سوريا على طبق من ذهب للكيان الصهيوني الذي باشر منذ إعلان انهيار نظام الأسد في عملية قضم الأراضي السورية”، لافتا في حواره مع “أفريقيا برس” أن “الضربات التي تلقتها المقاومة وانشغال روسيا في الحرب الأوكرانية أبرز أسباب سقوط النظام”.
ورغم المخاوف الأمنية من عودة عناصر من الجماعات المسلحة المتواجدة بالسجون السورية إلى تونس أعقاب سقوط النظام، إلا أنه اعتبر أن “عدم وجود حاضنة شعبية للإرهاب في تونس يطمئن نسبيا”، مستبعدا في ذات السياق “تعامل الدولة التونسية مع مجاميع إرهابية مسلحة، وأن التعامل مع سوريا سيكون وفق الأعراف الدبلوماسية”.
لماذا انهار النظام السوري في عشرة أيام رغم صموده 13 عاما؟
تعدّدت الأسباب التي أدّت إلى انهيار نظام الأسد، ومن أهمّها “قانون قيصر” الظالم منذ ديسمبر 2019، بما يحمله من عقوبات اقتصادية وحصار على سوريا وشعبها، رغم ادعاء الإمبريالية الأمريكية أنّه موجّه ضد بشار الأسد. إضافةً إلى ذلك، لم تُبدِ روسيا والصين وإيران، باعتبارهم حلفاء لسوريا، اهتماماً بموضوع إعادة الإعمار والاستثمار، ما زاد من خنق الاقتصاد السوري وتعميق التناقضات الداخلية.
فضلاً عن ذلك، تلقّت قوى المقاومة، وخاصة حزب الله في لبنان، ضربات موجعة، بينما انشغلت روسيا في حرب أوكرانيا، وتراجعت الحاضنة الشعبية للنظام نتيجة سخط شرائح واسعة من السوريين على حكم الأسد وفريقه، وضعف الجيش وقلة عتاده. في المقابل، تدفّق السلاح والمال التركي والخليجي والصهيوأمريكي على الجماعات الإرهابية المسلحة.
كل هذه العوامل مجتمعة أدّت إلى انهيار نظام الأسد، حيث بسطت مجموعات المرتزقة والعملاء سيطرتها على سوريا، وقدّمتها على طبق من ذهب للكيان الصهيوني الذي بدأ منذ ذلك الحين عملية قضم للأراضي السورية، مستهدفاً المنشآت والآليات العسكرية والعلماء والكفاءات، بالإضافة إلى قصف المعالم التاريخية التي تشهد على عراقة الشام وشموخها.
كيف تقرأ ردود الفعل السياسية والشعبية التونسية بعد سقوط نظام بشار الأسد؟
من الطبيعي أن تكون ردود الفعل السياسية في تونس على سقوط نظام الأسد مختلفة حسب المرجعيات الفكرية والسياسية، فهناك من يرى في ذلك انتصار “ثورة” على الاستبداد، وهناك من يرى ذلك انتصار للمشروع الصهيوأمريكي ولنظام أردوغان في تركيا وعديد الأنظمة العربية، أما على المستوى الشعبي فالمهم هو اتفاق الشعب التونسي على خطورة المجاميع الوظيفية التكفيرية وضرورة التصدي لها.
كيف تنظر الدولة التونسية للتغيرات التي حدثت في سوريا؟
ما عدى البيان الذي أصدرته الخارجية التونسية والذي شددت فيه على ضرورة تلاحم الشعب السّوري والتأكيد على حقه دون سواه في تقرير مصيره في إطار وحدة واستقلال أراضيه، لم أطلع على أي موقف آخر لممثلي الدولة التونسية.
ما هي المخاوف المرتبطة بتداعيات سقوط النظام السوري على الأمن التونسي؟
من طبيعي أن تكون هناك مخاوف في الداخل التونسي لأن هناك عددا كبيرا من الشباب قد تم تجنيدهم وإرسالهم خلال حكم النهضة، ومن المفروض أن تكون أجهزة الدولة قد اتخذت احتياطاتها خاصة وأن اجتماع لمجلس الأمن القومي قد انعقد في تونس عشية سقوط نظام الأسد.
كيف يمكن أن يؤثر إطلاق سراح آلاف المقاتلين من الجماعات المسلحة على الأمن والاستقرار في تونس؟
رغم ما يمثله عودة آلاف من الذين كانوا في صفوف المجاميع الإرهابية من خطر على البلاد والشعب إلا أن عدم وجود حاضنة شعبية للإرهاب في تونس والإستعداد الأمني الجيد يطمئننا نسبيا.
ما هي التدابير التي يمكن أن تتخذها تونس لتقليل التهديدات الناشئة عن وصول الجماعات المسلحة للحكم في سورية؟
رغم أني لست مختصا في الجانب الأمني إلا أني أعتقد أن سياسة تونس الأمنية في مواجهة هذا الخطر الممكن يجب أن تكون غير تقليدية دفاعية بل يجب أن تكون خارجية خاصة وأن بُؤر ومسالك التسفير معلومة، أما استراتيجيا فالنهوض بالوضع الإقتصادي والاجتماعي للطبقات والفئات الشعبية وإرساء ثقافة وطنية محلية وعربية تقدمية منفتحة على الإنسانية ومناصرة لقضايا الحرية و العدالة سيكون الحصن المنيع.
هل يمكن أن نشهد نوع من العفو عن سجناء حركة النهضة لاحتواء التداعيات المستقبلية لبقاءهم في السجون؟
أنا مبدئيا ضد سجن أي إنسان على خلفية أفكاره وآرائه السياسية بما في ذلك النهضويين، أنا من الذين جرّبوا السجون النوفمبرية على خلفية العمل السياسي، ولكن في ذات الحين أنا مع المحاسبة لكل من أجرم في حق الوطن والشعب، ولا يجب أن ننسى فقدنا خيرة المناضلين الوطنيين من أمثال شكري بلعيد و محمد البراهمي وكوكبة من الجنود والأمنيين جراء التساهل والتواطؤ مع التكفير وتبييض الإرهاب والتحريض.
هل ستتواصل تونس الرسمية مع الجماعات المسلحة التي سيطرت على الحكم في سوريا؟
رغم أنني لا أمثلها إلا أني استبعد أن تتعامل الدولة التونسية مع مجاميع إرهابية مسلحة، أما التعامل مع سوريا فمن المفترض أن يكون وفق الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها والتي تحتكم “لميثاق الأمم المتحدة”، فالعلاقة بين تونس وسوريا عريقة وضاربة في عمق التاريخ ومثلما فشل جماعة “مؤتمر أصدقاء سوريا” في تشويه صورة تونس وموقف شعبها العربي المنحاز دائما للمقاومة، فإن مساعي مجاميع الإرهاب ستفشل أيضاً.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس